وفَاة غَابْرِيِيل كَارْسْيَا مَارْكِيزْ ... "نهاية فيزيَائيَّة" لرجل شجاع

وفَاة غَابْرِيِيل كَارْسْيَا مَارْكِيزْ ... "نهاية فيزيَائيَّة" لرجل شجاع
الجمعة 18 أبريل 2014 - 16:00

“لم يمت لنا أحدٌ هنا ، ولا ينتسب الإنسان إلى أرض لا موتى له تحت ترابها” هكذا تحدث غابرييل كارسيا ماركيز الملقب بكابري “gabri” عن معنى الموت في أشهر رواياته على الإطلاق “مائة عام من العزلة”، انتشر الخبر أمس الخميس، الروائي الكولومبي العالمي المولود في السادس من مارس 1927، رحل في نهاية المطاف عن عمر ناهز 87 عاما.

رحيل مؤسس الأدب الواقعي العجائبي

في سنة 1947 سيصدر رائد الأدب الواقعي أولى أعماله الأدبية “الإذعان الثالث” في صحيفة الإسبكتادور، القصة التي ستفتح أمامه أبواب الصحافة في ذات الجريدة بعد عام من ذلك، حيث سينشر 15 قصة قصيرة بين عامي 1947 و1952، وفي العام 1955 نشر رواته الأولى “الأوراق الذابلة” وعي الرواية التي قال عنها ماركيبز “من بين كل ما كتبته، تظل الأوراق الذابلة هي المفضلة لدي لأنها تعتبر من أكثر الأعمال صدقًا وتلقائية”، لكن انطلاقته نحو العالمية ستبدأ فعلا مع روايته الأشهر “مائة عام من العزلة” المنشورة في العام 1967، وهي الرواية التي ستؤسس لنمط جديد في الرواية “الواقعية العجائبية”، وصنفته كواحد من أيرز رواد الأدب اللاتيني عبر التاريخ.

تأثر ماركيز كثيرا بكتابات كافكا خاصة روايته الشهيرة “المسخ”، كما كان لبورخيس أثر كبير في نمط كتابة ماركيز، بعد أن تعرف على رواياته أثناء دراسته في جامعة كولومبيا الوطنية التي التحق بها سنة 1947، لكن رهان “كابريتو” كان أكبر من الانخراط في نمط الكتابة الكلاسيكية، فحاول دمج الثقافة اللاتينية الشعبية الموسومة بالأسطورة والخرافة وهو ما يحب أن يسميه ماركيز “نمط جدتي”، لاستلهامه هذا البعد التخيلي من حكايات جدته التي تمتاز “بتداخل الأحداث غير النمطية وغير العادية كما لو كانا مجرد جانب من جوانب الحياة اليومي” حسب وصف ماركيز.

بعد ستين عاما من قصته الأولى (2007) صنفت الأكاديمية الملكية الإسبانية، ورابطة أكاديميات اللغة الإسبانية روايته “مائة عام من العزلة” كواحدة من أعظم كلاسيكيات اللغة الإسبانية عبر كل العصور، وأصدرت بالمناسبة نسخة شعبية من الرواية تكلف ماركيز بتنقيحها شخصيا، وقبلها بـ 35 سنة أي في العام 1982 سيتوج الروائي المولع بالسياسة بجائزة نوبل للأدب، كما حصد جوائز أخرى عديدة نظير أعماله الرائدة، خاصة بعد إصداره لروايته “الحب في زمن الكوليرا” سنة 1985.

اليساري العنيد

ليس لكارسيا ماركيز حدود في الحياة مثلما ليس للمخيلة حدود في أعماله الأدبية، حيث اشتغل في الصحافة وعمل محاميا، وظل طيلة حياته حاملا لحلم العدالة، لكنه تعرض لكثير من النقد بسبب علاقته القوية بالزعيم الكوبي “فيديل كاسترو” الذي تعرف عليه في يناير 1959، وتوطدت علاقة الاثنين بعد انتقال ماركيز للاستقرار في هافانا العاصمة الكوبية، وكان يبدي إعجابا غير محدود بكاسترو وكانا مقتنعا حسب معارفه، بأن “هذا القائد الكوبي يختلف كليًا عن الزعماء الآخرين والأبطال والطغاة والأوغاد الذين ذكروا في تاريخ أمريكا اللاتينية بدءًا من القرن التاسع عشر”، علاقة ستجلب الكثير من المتاعب للروائي الحالم بالاشتراكية، رغم أنه أنكر في بعض المناسبات أن يكون شيوعيا إلا أنه صرح لصديقه بلينيو أبوليو ميندوسا في إحدى المرات: “أريد أن يصبح العالم كله اشتراكيا، وأعتقد أنه عاجلا أم آجلا سيكون كذلك”، وبعد زياراته لعدد من دول الاتحاد السوفياتي وخاصة ألمانيا الشرقية أعلن لأصدقائه أنه غير متفق مع ما يحدث هناك انسجاما مع المقولة التي اتفق فيها مع ميندوسا “إذا كانت المعرفة لا تشير إلى الحق، فمن المؤكد أنها تشير إلى الباطل”، لكنه لم ينفي أبدا ميولاته الاشتراكية عندما صرح لمجلة “ليبري” في حوار العام 1971 “ما زلت أعتقد أن الاشتراكية هي الإمكانية الحقيقية، والحل المناسب لأمريكا اللاتينية، وأنها بحاجة إلى التشدد بفاعلية أكثر”.

الإعجاب غير المحدود الذي أبداه ماركيز بزعيم الثورة الكوبية ورفيق تشي غيافارا، فسره الكثيرون بأنه نابع من انبهار الروائي الشهر في تاريخ الأدب اللاتيني بالسلطة وبريق السياسة، وقال عنه الروائي الكوبي سيزار ليانتي “لديه بعض الولع بالتودد إلى زعماء أمريكا اللاتينية… الدعم غير المشروط من غارثيا ماركيث إلى كاسترو يندرج إلى حد كبير تحت مجال التحليل النفسي … حيث الإعجاب الذي أحسه مربي البطريك، دائمًا وعلى نحو غير مناسب بزعماء أمريكا اللاتينية”، بينما اعتبر الدبلوماسي والصحفي وكاتب السير الذاتية والأب الروحي للكاتب الحائز على جائزة نوبل، بلينيو أبوليو ميندوثا أن “غارثيا ماركيث هو صديق كاسترو، ولكن لا أعتقد أنه من المؤيدين لنظامه، لأننا كنا نزور العالم الشيوعي وكنا نشعر بخيبة أمل كبيرة”.

إلا أن أكثر الأشياء التي صنعت قناعات ماركيز السياسية ما كانت تشهده بلاده كولومبيا من موجات عنف ذهب ضحيتها مئات الآلاف من الضحايا، حال كان يسري على جل بلدان أمريكا اللاتينية، ما جعله يغادر بلاده ويعيش بعدها إلى حين وفاته متنقلا بين كوبا والمكسيك وفرنسا.

رحل ماركيز لكنه لم يرحل رمزيا وأدبيا ضخما، حيث خلف وراءه خزانة من الكتابات الأدبية والنقدية، فقط وصل زمن “العزلة” النهائي لكاتب خلق الجدل والمجد بكتاباته ومواقفه السياسية.

‫تعليقات الزوار

23
  • soussi
    الجمعة 18 أبريل 2014 - 16:15

    "الحب في زمن الكوليرا" le meilleur livre que je ai pas lu et je ai compris aurevoir au gabriel

  • معتدر
    الجمعة 18 أبريل 2014 - 16:16

    انه احد الكتاب اللدين لا يمكن مقاومة القراءة لاعمالهم الادبية المبدعة .كم هو رائع ان يقرا الانسان كتبا تحول العقل من حالة جمود الى حالة التفكير والحكمة.
    لقد استلهمت كتيرا من هدت الرجل وكدالك الكاتب الخالد كافكا ايها الناس ابحتو عن كافكا وستعرفون ما معنى ان تكون انسانا .

  • sidikadour
    الجمعة 18 أبريل 2014 - 16:32

    و داعاايقونة الادب اللاثني الامريكي

  • bohemien
    الجمعة 18 أبريل 2014 - 16:33

    adieu gabrito et merci pour le plaisir que vous m avez donne en lisant CENT ANS DE SOLITUDE en francais et en arabe

  • zakaria chadballah
    الجمعة 18 أبريل 2014 - 16:57

    أروع . لا يمكن مقاومة قراءة روايته الشهيرة "مائة عام من العزلة .يحسك وكأنك تعيش ما تقرأه يجعلك تعيش مع المكان و الزمان مع الشخصيات الرائعة اللتي نسجها من خياله كأوريليانو وخوزيه أركاديو في قرية ماكوندو الجميلة . إن ل الله وإنا إليه راجعون

  • The Observer
    الجمعة 18 أبريل 2014 - 17:05

    Goodbye Gabo. You shall be immensely missed. . "One Hundred Years of Solitude and sadness for the death of the greatest Colombian of all time"

  • zizo
    الجمعة 18 أبريل 2014 - 17:09

    An other leaf fell from the tree of knowledge and thought. He is unreplacabe. May God bless him.

  • Adlal
    الجمعة 18 أبريل 2014 - 17:26

    Qué lástima, para mí Gabi es uno de los mejores escritores, guionistas,periodistas y novelistas latinoamericanos, una escritura única de un gran hombre y humano. Considero todas sus nevelas y cuentos como patrimonio que debemos todos conservar . que descanses en paz mi gran señor

  • Khaid
    الجمعة 18 أبريل 2014 - 17:46

    En paz descance el mejor escritor hispanoamericano de todos los tiempos . Leer Cien anos de soledad es navegar en un mundo maravilloso pero real . Leer sus obras es un gran placer . Gracias Gabri por todo

  • mastreste
    الجمعة 18 أبريل 2014 - 18:39

    رحمك الله يا "غابري" . إسمك لن ينسى أبدا على مر السنين سيظل متداولا بين الألسن و يضرب بك المثل.

  • Tiz'yorker
    الجمعة 18 أبريل 2014 - 18:40

    Thanks for the interesting article . He is one of the greatest writer of our century & an icon of literature….

  • متابع
    الجمعة 18 أبريل 2014 - 18:50

    تعتبر رواية مائة عام من العزلة من أهم الروايات التي أبدعها الكاتب الراحل ويمكن القول عنها وبدون مبالغة أنها من أفضل 10 روايات عالمية، أنصح من يريد قراءة ترجمتها العربية أن يقرأ النسخة التي ترجمها الكاتب الفلسطيني/السوري صالح علماني لأن هناك عدة ترجمات عربية لكنها شوهت النص الأصلي.

  • hafida
    الجمعة 18 أبريل 2014 - 19:12

    CENT ANS DE SOLITUDEf الحب في زمن الكولير……………..ooof

  • yass
    الجمعة 18 أبريل 2014 - 20:03

    ADIOS gabriel garcia el colonel no tendra quien le escriba , era un placer leer sus obras y su literatura realista y humana

  • erjali
    الجمعة 18 أبريل 2014 - 20:07

    أود تصحيح لقب ماركيز فهو Gabo وليس كابري وشكرا

  • ردا على صاحب التعليق رقم-"
    الجمعة 18 أبريل 2014 - 20:39

    لاتحاول ان تجعل كل مايمت للاسلام بصلة شماعة تعلق عليها احساسك بالفشل وبالتخلف فالمساجد التي تشمئز منها هي منارات وجامعات لو سمح لها باداء دورها الحقيقي لرأيت مغربا آخر لان لديها حرمة في قلوب المسلمين فما بالك بالطلاب والعلماء اما جامعات اليوم فانت تعلم ماذا اصبحت عليه وكذلك الثانويات
    كلها اصبحت قبلة لكل من يريد ان ….
    لاتنبهر يا أخي بهذا الكاتب او غيره فانه الآن في قبره يقول يا ليتني قدمت لحياتي ….
    لاتقل ياصاحبي ان بلادنا لم تنجب عظيما من العظماء اوكاتبا موهوبا مثل الذي تتأسف على وفاته انهم كثر لكن لايعترف بهم احد ولا يهتم بهم الاعلام
    لانهم لايستوفون المعايير التي وضعها الغرب لانه هو الذي الميزان في هذا العصر وهو ميزان مختل لايوازن بين الحياة في الدنيا ومابعد الممات
    أعتقد يا صديقي انه يجب عليك الا تنتقذ الاسلام وانت جاهل به انظرمن حولك انظرالى نظامنا التعليمي المتخلف الى اعلامنا الفاسد المسلط علينا ربما فهمت

  • abderrahim
    الجمعة 18 أبريل 2014 - 20:43

    ان التعليق رقم 3 يلخص كل شيء ، اشكرك من اعماق قلبي ، فعلا ان شعوب هذه المنطقة وكأنهم بدون عقول ، تحسبهم يعيشون فقط بالنخاع الشوكي ، الرجال يتنافسون في تكرار الالفاظ البدائية وفي طول الذقون والنقاشات المطولة على "مفاتن النساء " و حور عين ، ووديان الحليب والخمر ….حتى الاطفال المساكين ، انظر ما يطلب منهم في السنة الاولى مثلا من الباكالوريا في مادة التربية الاسلامية ، حفظ ثم حفظ ثم حفظ لامور متجاوزة ، فكيف يكون لهم فكر و قدرة على النقد والابتكار ؟

  • c moi
    الجمعة 18 أبريل 2014 - 21:48

    الى صاحب التعليق 3 هناك مجموعة من المتقفين والكتاب البرزين في شمال افريقيا هناك الفيلسوف و المفكر عابد الجبيري وعالم المستقبليات مهدي المنجرة و حميش و في الجزائر محمد اركون في مصر طه حسين و العقاد…..اء ن لم تعرفهم فهده مشكلتك ليس مشكلة شمال افريقية.

  • blainville
    الجمعة 18 أبريل 2014 - 23:18

    Le monde était si récent que beaucoup de choses n avaient pas encore de nom, et pour les mentionner il fallait les indiquer du doigt.''

  • morad
    الجمعة 18 أبريل 2014 - 23:53

    قرأت رواية مائة عام من العزلة التي توصف بأنها احدى أعظم الأعمال الأدبية على مر التاريخ وأرى أن هذا الوصف مبالغ فيه بشكل كبير

  • عبد الفتاح لباردي
    الجمعة 18 أبريل 2014 - 23:57

    لا يمكن ان أدع خبر موتك يمر علي دون أن أقول فيك كلمة حق…. شكرا أيها العبقري.. قرأت "مائة سنة من العزلة" واستمتعت بها كثيرا، ترتبط لدي بذكرى زمن جميل….فوداعا أيها الكاتب العظيم

  • احمد الهاشم
    السبت 19 أبريل 2014 - 00:42

    حين تفقد الانسانية عبقرية ما فإنها تخسرها على المستوى العالمي , فأي عبقري هو ذلك الوهج المانح روحه للعالم , خارج هويته وحنسيته ودينه . واليوم يخسر المجتمع الإنساني عبقريا خالدا , أنه غابرييل كارسيا ماركيز ,بقدر ما كسر حدود التوقف بوجه الادب اللاتيني , كسر خشونة الظالمين وجبروتهم , من خلال الكم الهائل من القصص والروايات والمقالات واليبروجات والاحاديث التي توجه بها للعالم . وعلى قدر التشابه بين الحالة العربية والظروف والمعاناة الاتينية كان صوته هازءا بالعدوان على لبنان من قبل اسرائيل وصادحا بحقوق الفلسطنين بدولة مستقلة , وكثيرا ما صحح وجهات النظر تجاه الزعيم الكوبي فيدل كاستروا , رحلت لكنك ستظل بالقلوب

  • Le justicier
    السبت 19 أبريل 2014 - 01:20

    مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَىٰ

    Je viens tout juste de fracasser sa théorie avec cette magnifique aya qu il est grand l dial qu est grand notre livre alqoran qu il est grand notre Allah voilà ma théorie pour ceux qui
    وَوَصَّىٰ بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ

    veulent gagner

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02

وزير النقل وامتحان السياقة

صوت وصورة
صحتك النفسانية | الزواج
الخميس 28 مارس 2024 - 16:00

صحتك النفسانية | الزواج

صوت وصورة
نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء
الخميس 28 مارس 2024 - 15:40

نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء

صوت وصورة
ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال
الخميس 28 مارس 2024 - 15:00 2

ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال

صوت وصورة
الأمطار تنعش الفلاحة
الخميس 28 مارس 2024 - 13:12 3

الأمطار تنعش الفلاحة

صوت وصورة
حاجي ودمج الحضرة بالجاز
الخميس 28 مارس 2024 - 12:03

حاجي ودمج الحضرة بالجاز