أصمت إنّهم قادمون.. مسرحيّة ريفيّة تُركِب الحكمةَ الجُنون

أصمت إنّهم قادمون.. مسرحيّة ريفيّة تُركِب الحكمةَ الجُنون
الإثنين 27 أكتوبر 2014 - 07:00

حِكم وتأملات في مآلات الحياة ومُفارقاتها، وحرية الإنسان السليبة وضيق حدودها، ينطق بها “بلعيد” الشاب العشريني، بطل مسرحية “اصمت إنهم قادمون” للفرق الأمازيغية “أريف”، الذي تنعته كل الألسنة في قريته الريفية بالحمق والجنون، فيما يستميت في الدفاع عن نفسه، رغم غرابة سلوكه، مبينا أنه أعقل العاقلين، وأن المجانين يملكون من جسارة البوح بالحقائق المرة ما لا يملكه العقلاء.

فـ”بلعيد” الشاب العشريني المُتهم بارتكاب جرائم قتل في حق والده ووالدته وفقيه القرية، وتقول السلطات إن تورُطه فيها عائد إلى مرض نفسي يُعاني منه، تحاول مسرحية “اصمت إنهم قادمون” التي عرضت ضمن فعاليات الدورة الثالثة لمهرجان طنجة الدولي للمسرح، أن تنصبه الضمير الحي المتبقي في وسط قرية، تجوس جنابتها، بالفساد، والظلم، والمحاباة، وينطق بلسان المقهورين، الذين يخافون مُصادرة حريتهم في أوطانهم، وسلب قوت يومهم.

جرائم القتل التي ارتكبها، هذا الشاب، بحسب فصول المسرحية، تجد صداها في طفولته المرتبكة، والعلاقات الأسرية المُلتبسة التي عاش في كنفها، وكتمه علمه بخيانات والدته، وبعد أن اشتد عوده، عقد العزم على الانتقام لكل تلك الفضاعات التي عاشها صغيرا، فبادر إلى قتل والده ووالدته وفقيه القرية دفعة واحدة.

الطابع السيكولوجي الخاص، الذي يؤطر مختلف فصول المسرحية الناطقة بأمازيغية الريف، لا ينحصر في استعادة جزء من المشاكل الأسرية والقبلية التي تشهدها بعض المناطق الريفية المحرومة والمهمشة، بل إن المسرحية تنفتح على عوالم أخرى أكثر رحابة، وتخاطب الوطن على شساعة، فقرية “بلعيد” ليس سوى رقعة جغرافية لا تكاد تذكر، بالمقارنة مع المداشر والقرى والمدن الممتدة على طول الجغرافيا المغربية، والتي ماتزال فيها حرية الفرد سليبة، إما رهنا للأعراف والتقاليد البالية، أو خوفا من سلطة عليا، ولا يخضع الفرد فيها لإرادة الحرة، فتغادر الحقائق والتأملات أفواه العوام، ولا تستقر إلا في ألسنة المجانين.

وفي معتقله، لا يستعيد بلعيد إلا ذكرى حبيبته التي سيكتشف متأخرا أنها أخت له، ليزيده ذلك كرها للواقع، ويلوذ هذه المرة بصمت مطلق لهول صدمته، فلا يجيب وهو سجين في حبسه، لا عن أسئلة المحققين، ولا تساؤلات الفضوليين، ولا استفسارات الأقربين.

* وكالة أنباء الأناضول

‫تعليقات الزوار

8
  • karima casa
    الإثنين 27 أكتوبر 2014 - 07:13

    Bravo shab rif vous etes beaux et serieux bazzz lyamakoum

  • ziani sanhaji
    الإثنين 27 أكتوبر 2014 - 07:49

    الامازيغية همشها اهلها و بنو جلدتها
    المغاربة اغلبية ساحقة تجري فيهم عروق و دم امازيغية
    لنكف من لوم العرب لان تركيا و ايران ……حافضو على لغتهم و اسلامهم لامشكل
    المغاربة مع الوقت سيئلفون سماغ الامازيغية و رؤية تيفناغ سيصبح عادي
    كيف?
    الامازيغية محتاجة للابداع و الاختراع كهذا العمل الجيد
    بالمسرح بالسينما بالمسلسلات بالعلم بالفنون سنحبب للمروك لغتهم ليس بالهرطقة
    تيفناغ ان مشكل للبعض فادعوهم للاطلاع على ابجديات اللغات الاسيوية و سيرى هل فعلا هي حروف غريبة
    الحروف العربية يراها العجم كانها حروف كوكب اخر و فيه كوميديا عالمية تسخر من حروف و حتى سماع عربية
    هنا امريكيا العرب يخجلون من كتابة بالعربية خوفا من الازدراء
    لنكن واقعيين و لنحترم بعضنا
    خروج نواب عروبيون من البرلمان عند سماع لغة الام و الاصل و رسمية الامازغية فهي جريمة عنصرية يعاقب عليها قانون
    شعب بلا لغة الام و الارض لاقيمة له
    العربية هي لغة القران و كذلك لغة السعودية و الخليجيين
    حتى اليمن فشعوبهم الاصلية تتكلم بالحميرية و غيرها فهم عرق اخر نحترم خصوصيته
    و الله لو بحتث في ثقافة و طبخ و معمار و لباس و اتفه الاشياء في مغرب فهي امازيغية

  • citoyen-marocain
    الإثنين 27 أكتوبر 2014 - 08:16

    هرمنا ومللنا من الخردة اللتي تعاد علينا من تلفزاتنا الوطنية بشقها الفاسي او العروبي فقط … متى سنرى الاشكال الاخرى اللتي تزخر بها بلادنا كما هو الحال مع هده الفرقة من الريف الغالي او من الصحراء او الشرق او سوس…

    هل رائيتم كيف تعامل المغاربة مع مسلسل لالة منانة حين " اكتشفوا " هده اللكنة الشمالية و علموا ان 40 مليون مغربي لا يتحدتون ولا يتفاعلون كلهم مع لهجة البصري اللتي فرضت بقوة الداخلية انداك…

    تحيا الجهوية داخل الوحدة

  • رشيد
    الإثنين 27 أكتوبر 2014 - 09:39

    صادفت بإلقاء هذه المسرحية بدار الشباب بميضار اقليم الدريوش واندهشت كثيرا للمستوى الرائع للممثلين بلكنة بني ورياغل،واحسست فعلا وانا اتابع فصول هذه المسرحية بوجود الحس الفني المسرحي الذي يجسد الواقع المر لعائلات تعاني نفس اوضاع المسرحية لكن في صمت رهيب. فشكرا لكل من ساهم في اخراج هذه المسرحية وكل المتمنيات لمزيد من التألق في المجال المسرحي.

  • مغربية
    الإثنين 27 أكتوبر 2014 - 12:04

    هنيءا لهذه الفرقة الريفية الصاعدة علي انجازها المتميز والتي تجتهد رغم الظروف القاسية وعدم التشجيع والدعم ،لتقدم اعمالا راقية وهادفة تعري واقع المجتمع المغربي ،من خلال قرية ريفية ، واقع يعج بالمتناقضات والًطابوهات … وهنيا لاعضاء هذه الفرقة الشابة ، ولبطلها المتمكن من اليات الفن المسرحي ، ومزيدا من التفوق و النجاح !!!!!

  • ريفي بطنجة
    الإثنين 27 أكتوبر 2014 - 13:12

    مسرحية تفرجتلها يوم السبت بطنجة كانت في قمة روعة لا من حيت الاداء الغناء التمثيل الاحساس
    بغينا بحال هاد المسرحيات فالتلفزة كفا تهميش الامازيغ السكان الاصليون للمغرب الكبير

  • Ahmed
    الإثنين 27 أكتوبر 2014 - 13:28

    اصمت انهم قادمونً. عنوان المسرحية مقتبس من مثل أمازيغي شائع: سوسم تورتنيد. لتحذير شخص ما من خطر يتهزده. على العموم بادرة حسنة تستحق التنويه

  • متخصص
    الإثنين 27 أكتوبر 2014 - 16:24

    عمل أكثر من رائع … من منظور فني وجمالي محض.

صوت وصورة
مستفيدة من تأمين الرحمة
الإثنين 15 أبريل 2024 - 16:35

مستفيدة من تأمين الرحمة

صوت وصورة
مع ضحايا أكبر عملية نصب للتهجير
الإثنين 15 أبريل 2024 - 16:28 3

مع ضحايا أكبر عملية نصب للتهجير

صوت وصورة
تألق المدرسة المغربية لعلوم المهندس
الإثنين 15 أبريل 2024 - 15:55

تألق المدرسة المغربية لعلوم المهندس

صوت وصورة
المغرب وبلجيكا والحرب على غزة
الإثنين 15 أبريل 2024 - 15:45

المغرب وبلجيكا والحرب على غزة

صوت وصورة
بلجيكا تدعم الحكم الذاتي بالصحراء
الإثنين 15 أبريل 2024 - 15:20 4

بلجيكا تدعم الحكم الذاتي بالصحراء

صوت وصورة
أخنوش والشراكة البلجيكية
الإثنين 15 أبريل 2024 - 15:14

أخنوش والشراكة البلجيكية