مناداة بإحياء "فضاء تومليلين" للحوار في زمن التعصب والتطرف

مناداة بإحياء "فضاء تومليلين" للحوار في زمن التعصب والتطرف
الأحد 11 أكتوبر 2015 - 07:00

كلما حضر الحوار كان هناك إنتاج لأفكار خلاقة، وكلما انتفى حضر التعصب والتطرف، خلاصة أجمع عليها المشاركون في الندوة الدولية “تومليلين: عودة إلى فضاءات الحوار والنقاش”، المنظمة من طرف أرشيف المغرب ومؤسسة ذاكرة من أجل المستقبل، والتي خصصت لإعادة التذكير بفضاء دير تومليلين، قرب مدينة أزرو، الذي كان مكانا للتسامح والانفتاح عقب استقلال المغرب.

وسلطت الندوة، التي تم تنظيمها بالرباط، الضوء على فضاء كان تجسيدا لقيم الحوار وقبول الآخر، حيث أن محيط الدير استقبل لقاءات تجمع بين الفرنسيين الذين ظلوا في المغرب، عقب الاستقلال، وبين شباب الحركة الوطنية. وكان النقاش ينصب على مواضيع ثقافية وسياسية وفنية، ولم يكن يعرف أي صدامات، خصوصا أن المغرب كان خارجا لتوه من تحت نير الاستعمار الفرنسي، لكن شباب الحركة الوطنية كان هاجسهم هو الانفتاح وبناء مشروع مجتمعي لمغرب ما بعد الاستقلال أكثر من اهتمامهم بالانتقام أو الانغلاق.

في هذا الصدد، يقول رئيس أرشيف المغرب، جامع بيضة، إن فضاء تومليلين لعب، خلال السنوات الأخيرة للاستعمار والسنوات الأولى للاستقلال، دور الوسيط والمقرب لوجهات النظر والأفكار بين المناضلين المغاربة والفرنسيين الذين يحملون أفكارا تحررية، وأعطى معنى جديدا لهذا الدير الذي تحول إلى مكان للنقاش وتبادل الأفكار.

وأضاف بيضة أن أول لقاء سيحتضنه فضاء تومليلين، بعد أن حصل المغرب على استقلاله، سيتمحور حول المدينة، أما اللقاء الثاني، الذي حضره الحسن الثاني بصفته وليا للعهد خلال تلك الفترة، فسيكون موضوعه التعليم والتربية، وسيتبادل المغاربة والفرنسيون الأفكار بخصوص كل تلك المواضيع.

وأكد المؤرخ المغربي أن فضاء تومليلين كان “نادرا” في ظل مرحلة التخلص من الاستعمار وبدايات الحرب البادرة بين المعسكر الشرقي والغربي، مردفا أن المغرب كان قادرا على فتح مكان للحوار والنقاش بين أشخاص ينتمون لديانات وثقافات مختلفة، “ونحن الآن في أمس الحاجة لإعادة إحياء هذا الفضاء وقيمه”، وفق تعبير بيضة.

من جهتها، عبرت رئيسة مؤسسة ذاكرة من أجل المستقبل، لمياء الراضي، التي تعتبر طرفا شريكا في الندوة، عن غضبها من صور ذبح الأبرياء المنتشرة اليوم، وأخبار اختطاف النساء واغتصابهن وقتلهن بدم بارد، وإقدام جماعات متطرفة على تدمير مواقع أثرية تعتبر إرثا للإنسانية.

وأعلنت الراضي “الحرب” للدفاع عن المشروع المجتمعي المغربي “المرتبط بالقيم الكونية، حيث يوجد هناك من يريد أن يعيدنا إلى الوراء وإلى الانغلاق”، مبرزة أن الانغلاق لم يكن أبدا من سمات المجتمع المغربي، مقدمة المثال باللقاءات التي كانت تنعقد في تومليلين، “وهذا أكبر تمظهر لثقافتنا المتعددة والمتنوعة”.

وواصلت الفاعلة الجمعوية أن الرهان هو إيصال رسالة إلى الشباب الذين “لا يعرفون بالضرورة كل تفاصيل تاريخ بلدهم ويصبحون ضحية للمستقبل، الأمر الذي يجعلهم عرضة للاستقطاب من الجماعات المتطرفة”، مشددة على أن تحصين الشباب يبدأ أولا بتعريفهم بتاريخ بلدهم.

بدوره شدد جوشن لوباه، المندوب الجهوي لمنطقة الشرق المغرب- موريتانيا بمؤسسة “هانز شييدل”، والتي ساهمت هي الأخرى في تنظيم هذه الندوة الدولية، على ضرورة إعادة الروح لفضاءات الحوار كما هو الحال بالنسبة لفضاء “تومليلين”، خصوصا أن أوروبا هي الأخرى لم تعد بمنأى عن نزعات التطرف والتعصب مع تنامي قوة اليمين المتطرف في العديد دول القارة العجوز.

وأكد المسؤول الأوروبي أن الحروب العنيفة، التي تعيشها منطقة الشرق الأوسط على وجه الخصوص، “أدت إلى غياب القيم الإسلامية والمسيحية واليهودية الحقيقية”، مواصلا أن قيم فضاء “تومليلين” يجب أن تعود لمناقشة العديد من الأفكار المطروحة على ساحة النقاش الدولي، من بينها التغيرات المناخية والفقر والفوارق الاجتماعية.

المتحدث ذاته كشف أن أوروبا ترى في المغرب نموذجا مناسبا للحوار والانفتاح، خصوصا من خلال اعتماده المذهب المالكي المعروف بالاجتهاد، وهذا أمر يحصن البلد من التطرف، وفق تعبيره ضمن الندوة الدولية حول فضاء “تومليلين” التي تعد ثمرة تعاون بين وزارة الثقافة ومجلس الجالية المغربية بالخارج، والسفارة الفرنسية بالرباط.

‫تعليقات الزوار

9
  • مكاوي الرباط
    الأحد 11 أكتوبر 2015 - 07:48

    سلام الله عليكم وبعد،
    الحوار والنقاش هو السبيل الوحيد لاخراج الامة من العبث والكراهية المصطنعة والسلام نطلب من الله ان ينزل عليكم السكينة حتى تمر هده المبادرة في احسن الظروف ،

  • العلم لله للله لللله
    الأحد 11 أكتوبر 2015 - 08:52

    بدون سفارة ف
    ارشف المغرب هل هو صور ووثائق
    التعصب يسبق الطرف
    التطرف هو الودة والبقاء فيها
    التطرف ليس الارهاب
    العلاج اشراك كل العلماء القادرن على ترحمة التواريح الى خقائق دون انتفائية في الاشخاص

  • حسن
    الأحد 11 أكتوبر 2015 - 10:50

    قبل التفكير في رمزية المكان و الإيحاءات القابلة للإنعكاس راهنا من ماضيه ، أوجه الدعوة لمن يريد إحياء روح تومليلين بالتوجه الى تلك البناية القابعة على حافة منعرج طرقي غابوي في أرذل حالات الإهمال ، يعشش فيها النسيان و التناسي وسط فضاء ظل شامخا في الذاكرة و يأبى الإنحناء كعجوز يصر على الموت بإباء دون أن تتراماه الأيادي .
    رغم هذا الزخم التاريخي ، لا يتوفر المكان و لو على نصب يخلد لماضيه ، منذ مغادرة الفرنسيين لم يخضع لأي ترميم يحيي فيه ما قد يخلد الذاكرة .هذه اذن دعوة للعناية بالمكان . شكرا .

  • Ali
    الأحد 11 أكتوبر 2015 - 11:22

    La cohabitation,la tolérance, la solidarité . Ces 3 mots sont au dessus de ttes idéologies et de ttes croyances.
    C la clé pour résoudre ts les problèmes de l'humanité. La tenue de cette conférence sur Toumliline n'est qu'un début pour d'autres conférences sur ce site historique et sa région.

  • عبد الله
    الأحد 11 أكتوبر 2015 - 11:24

    تومليلين. هذه المناطق تكون مرادفا للتهميش و الهشاشة و الفقر. ..ام لأن ابها ديرا أصبحت فضاء. ثم ما هذا الحوار بوجود فرنسيين بعد الاستقلال مباشرة؟؟؟

  • سعيد
    الأحد 11 أكتوبر 2015 - 13:28

    ا لحوار لايعني ان نردد مايقوله ويريده الاخر

    فرنسا ذهبت تنبش في التاريخ وينعقد برلمانها ليجرم ماحدث بين الاتراك الارمن
    اما مافعلته فرنسا الدمقراطية وراعية حقوق الانسان في الجزائر وما فعلته في المغرب فيعقد له ندوات للتسامح والانفتاح
    نريد ان نعرف كل مافعلته فرنسا بالمغاربة العزل من تقتيل وتعذيب واغتصاب للحرائر لتحاسب عليه ولتفضح امام الخلائق

  • AmAzIGh
    الأحد 11 أكتوبر 2015 - 15:15

    إن في تاريخنا أحداث ادعى للفخر. ففرنسا لم تعتدر لليوم عن (حمايتها) للمغرب, كما أن هذا النوع من اللقاءت لن ينسينا أنه في هاته الأيم هناك أشقة لنا يذبحون في باب المغاربة على يد الصهاينة.

  • حر 44
    الأحد 11 أكتوبر 2015 - 16:30

    مضحكون لأول مرة أرى الضحك على الدقون في قالب من الجدية. التعصب من العصب الذي يجري فيه الدم الأحمر و الذي بدوره ادا وصل الى درجة حرارية مرتفعة يغلي و تغلي معه الأعصاب فيتكون لدينا التعصب.

  • ابومهدي
    الأحد 11 أكتوبر 2015 - 18:38

    تيومليلين خرزوزة بن صميم راس الماء مواقع ساهمت في اعداد جيل اﻻستقلال ..لكن سوء اﻻهتمام جعلها عرضة للاهمال. تيومليلين كانت ديرا للرهبان غير ان المسلمين استفادوا كثيرا من خدمات الدير دون هاجس التبشير الدي استعمله البعض اليوم فزاعة للقضاء على آخر جسور الحوار اﻻنساني في ابهى مظاهره.

صوت وصورة
أجانب يتابعون التراويح بمراكش
الخميس 28 مارس 2024 - 00:30 1

أجانب يتابعون التراويح بمراكش

صوت وصورة
خارجون عن القانون | الفقر والقتل
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:30

خارجون عن القانون | الفقر والقتل

صوت وصورة
مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:00

مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية

صوت وصورة
ريمونتادا | رضى بنيس
الأربعاء 27 مارس 2024 - 22:45 1

ريمونتادا | رضى بنيس

صوت وصورة
الحومة | بشرى أهريش
الأربعاء 27 مارس 2024 - 21:30

الحومة | بشرى أهريش

صوت وصورة
احتجاج أساتذة موقوفين
الأربعاء 27 مارس 2024 - 20:30 5

احتجاج أساتذة موقوفين