مثقفون بأصيلة يرْثون النخب العربية ويوصون بالتواصل الرقمي

مثقفون بأصيلة يرْثون النخب العربية ويوصون بالتواصل الرقمي
الثلاثاء 26 يوليوز 2016 - 22:45

“العالم الإسلامي محكوم بفكر الفقيه ابن تيمية الذي بفضله نشأت الوهابية في القرن الثامن عشر والإخوان المسلمون في القرن العشرين، ويكفّر ابن رشد، لذلك فإنّ العالم الإسلامي يعيش في القرن الثالث عشر (القرن الذي عاش فيه ابن تيمية)، وليس في القرن الواحد والعشرين”، بهذه العبارة اختار الكاتب المصري مراد وهبة التعبير عن واقع الجمود الذي يطوق النخب العربية في الزمن الراهن.

وهبة قال، في مداخلته ضمن ندوة “النخب العربية والإسلامية: الدين والدولة” بمدينة أصيلة، إن النخبة الثقافية العربية والإسلامية ليست لديها رؤية مستقبلية، لذلك تركّز فقط على نقد السلطة السياسية، ومناقشة قضايا الديمقراطية والحقوق، بينما المطلوب منها أن تركز على النقد الثقافي لأن المجال الثقافي في العالم الإسلامي محكومة بالأصولية الإسلامية.

وأضاف أستاذ الفلسفة المصري أنّ النقد الثقافي في الوقت الراهن يكتسي أهمّية بالغة، في ظل تنامي التطرّف والإرهاب، وهو أعلى مراحل التطرّف الديني، متسائلا: “ماذا يُجدي حقّ حرية التعبير إذا كان الفرد مهدّدا بفقدان حياته؟”، ليخلُص إلى أنّ النخبة الثقافية في العالم الإسلامي “توجد خارج الصراع الديني وخارج الملعب السياسي”.

وقارن عبد اللطيف الميناوي، مدير قناة “الغد العربي”، بين “ما فعل الفكر الجهادي المتشدد وما فعل التنوير”، وقال إن الجهاديين استطاعوا التماهي مع أساليب العصر والوصول إلى الجماهير الكبيرة، وخاصة الشباب، باستعمال أساليب بسيطة وتمرير أفكار في غاية السلاسة والبساطة جعلت المتلقّين يؤمنون بالأفكار “الجهادية، بل تحركوا إلى الفعل لتطبيقها.

وأضاف المتحدث أن “الجهاديين” نجحوا في إيجاد طريق للحديث والتواصل مع الشباب خاصة، وقدموا إنتاجا فكريا غزيرا ومتوفرا بكثافة، لا يبذل الراغب في الوصول إليه جهدا. وواصل المتحدث منتقدا النخبة الثقافية بالقول إن “الجهاديين” لم يكتفوا بالكتاب المطبوع الحامل لتوقيع صاحبه والذي يوزّع في الملتقيات، بل حاولوا الوصول إلى الناس مستعملين كافة الوسائل، وعلى رأسها الإنترنت، وفهموا العقليات الأخرى، وهو ما يسّر لهم النجاح في مهمّتهم.

وفي مقابل استغلال “الجهاديين” لوسائل الاتصال الحديثة للتفاعل مع المتلقّين، يقول عبد اللطيف الميناوي: “ما زالت النخبة الثقافية العربية تعيش في أبراج عاجية، ويصعب التواصل بينها وبين الجماهير”، مضيفا أن هذه الهوّة الفاصلة بين النخبة والجماهير جعلت “الربيع الديمقراطي” يتحوّل إلى كارثة، لغياب مشروع فكري لدى الشباب، وغياب النخبة التي “باعت واقتربت من السلطة والسلطان، فيما كسب المتشدّدون الأرض”.

من جهته قال حسن عبد الله جوهر، رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة الكويت، إن النخب العربية الجديدة لم تقدم ما هو إضافي وجديد للشعوب والأمم، “بل ظللنا نتباكى على الماضي، ونغرق في الخلافات وخلق الأعداء، لافتا إلى أنّ أوروبا، وعلى الرغم من الصراعات التي عاشتها، إلا أن ذلك لم يمنع دولها من التقدم والازدهار وتلبية طموحات شعوبها، وأضاف: “يجب علينا أن نكف عن خلق الأعذار للاستمرار في هذا النهج”.

ويبدو أنّ المثقفين العرب باتوا مقتنعين بأنّ إيصال أفكارهم إلى الجماهير عبر الوسائل التقليدية لم يَعُد مجديا في عصر التقنية ووسائل الاتصال الحديثة؛ حيث دعا عدد منهم في الندوة المخصصة لموضوع “النخب العربية والإسلامية: الدين والدولة”، بالموسم الثقافي لمدينة أصيلة، إلى استغلال هذه الوسائل للتواصل مع الجماهير.

في هذا السياق، قال حسن عبد الله جوهر إن النخب العربية “ظلّت مغيّبة بين الكتب ولم تأخذ طريقها إلى الواقع”، وفي ظل هذا الفراغ “تفاجأنا بظهور نخبة جديدة عبر غول جديد هو وسائل التواصل الاجتماعي، التي لها تأثير سحري أفضل من عشرات المنظّرين الذين طرحوا أروع النظريات، وهي النخبة التي تتصدر المشهد اليوم”.

وإذا كان تنامي التطرّف الديني والإرهاب واحدا من أبرز التحديات التي تواجه العرب اليوم، فإن حسن عبد الله جوهر يرى أنّ خلق مستقبل جديد يقتضي توجيه النخبة الجديدة، أو “نخبة الديجيتال” كما سمّاها، وتغذية الشباب بمزيد من النصح والتوجيه، وتبني مشروع ديني يحمل رسالة التسامح الديني وأخلاقيات الإسلام الذي انتشر بالمناصحة.

‫تعليقات الزوار

3
  • marocain
    الثلاثاء 26 يوليوز 2016 - 23:57

    كل هولائ الدين يسمون انفسهم نخبة يعرفون الحقيقة لكنهم لا يجرؤن على قولها لاسباب مثعددة حسب طموح كل فرد منهم…

  • سالم
    الأربعاء 27 يوليوز 2016 - 00:06

    أخلاقيات الإسلام الذي انتشر بالمناصحة كما ذهب إلى ذلك حسن عبدالله جوهر : هل سيقتنع الشباب في عالمنا العربي فعلا بهذه الفكرة .وقد تم النبش في التراث الإسلامي الذي ظل طي الكتمان .ليتم الفصح عن الطريقة الحقيقية التي انتشر بها .لماذا لانسمي الأشياء بمسمياتها الحقيقية وتراثنا شاهد علينا .وحتى إن أخفيناه فقد طالت إليه أيادي الباحثين و النقاد واستشهدوا به ضددنا .

  • س.آسفي
    الأربعاء 27 يوليوز 2016 - 01:42

    الثورات العربية أظهرت لنا حقيقة مرة كانت غائبة عنا لسنين نحن كمواطنين مسلمين و عرب، هذه الحقيقة هي انه لا وجود لشئ اسمه " النخب العربية" بل هناك شرذمة متعفنة قذرة مجرمة وقفت إلى جانب الحكام العرب القتلة ضد شعوبهم، واقول لكاتب المقال الذي يتهم العالم "ابن تيمية" وفكره بأنه هو من كان وراء ظهور الاخوان المسلمين، اقول لكاتب المقال لو اجتمعت انت وامثالك في الوطن العربي لما استطعتم تأليف نصف ما ألفه الشيخ ابن تيمية، لذا فلتحترم نفسك و رحم الله شخصا عرف قدر نفسه، ثم ان الاخوان لم يتولوا الحكم في اي بلد عربي، العلمانيون فقط هم الذين يسيطرون على مقاليد السلطة و هاهي النتيجة امامنا، تخلف، فقر و جهل و مرض

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 2

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 3

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 10

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 6

وزير النقل وامتحان السياقة

صوت وصورة
صحتك النفسانية | الزواج
الخميس 28 مارس 2024 - 16:00 3

صحتك النفسانية | الزواج