عن الدار المصرية اللبنانية صدرت حديثا للمفكر والأديب بنسالم حميش رواية بعنوان “الراوي والمتجردة” من الحجم المتوسط (270 صفحة)، وقد قدم لها الكاتب بما يلي:
خطتي تشوقي؟
أن أتفرغ للأجودِ والأجدى، مخلَّصًا من وجوهٍ وأحداث طوقتْ كاهلي حقًّا و أرهقتني جدًّا. والغاية: أن أخلق كائنات تقف من الواقعي والافتراضي موقفَ بينَ بين، أو في هيئة الكيان المتمازجِ المركَّب؛ كائنات تشاركنا في الآدمية والأفعال الاعتيادية، لكنها، كما نحن، تختلف وتتمايز في الأعراض والسلوكيات؛ معها، أنا الحبلُ الناظمُ الممدود إليها، الذي لولاه لا نسجَ ولا سرد، لا وصلَ ولا وصال؛ كائنات أنفثُ فيها الحياة وأحركها في مآويها وفضاءاتها الأخرى، كما طيَّ مساعيها في حلبات الوجودِ المرتج ومصطدمات المنازعِ والأهواء، معرضةً لضربات القدر القاسيات أو لطوالع السعد والاستبشار، إما تناوبًا وإما اطراداً.
مطلقةٌ إذن هي حريتي في رسم منحنيات عيشِ تلكم الكائنات ومصائرها، متقاطعةً متلاقية تارات ومتوازية متجاورة أطوارًا. ومن خلفِ ستار يتراوح نسجُه بين السميك والشفيف، أراها ولا تراني، أدركها ولا تُدركني، أتخيلها متى شئت أو حلا لي، بينما هي لا تحسُّني ولا تحيط بي، وغير ذلك من مقامات الإيجابِ والسلب، ومدارجِ الممكن والمحال. هذا، ولا شيءَ يمنعها من أن تسأل عني وتتمنى لقائي قصد قضاء أغراض وحاجات؛ أما أن تخرج يومًا من تدبيري، أنا الراوي، شاهرةً عليَّ شكاواها وعصيانها، وربما عِصيها وأسلحةً بيضاء أو رصاصية، فهذا وأوغلُ منه لو حدث لكان من صميم المعجزات، وهيهاتَ هيهات! لكني في المقابل لا أستبعدُ بروز بطلةٍ استثنائية أسلمها مقاليد الرواية عن نفسها بنفسها ، أو قُل إنها وقد بغلت من مسلكها ذروته، ومن وعيها أعظمه، باتت تتكلم فيَّ، على غرار ما يقر بإمكانه لسانيون أكفاء، ويشهدُ له مبدعون أفذاذ.