"مركّب نور" .. ألواح تلاحق أشعّة الشمس الوافدة على ورزازات

"مركّب نور" .. ألواح تلاحق أشعّة الشمس الوافدة على ورزازات
الثلاثاء 1 دجنبر 2015 - 02:05

على مرمى البصر، وحيثما وليت وجهك في “مركب نور” بورزازات، تقف آلاف الالواح الشمسية منتصبة قبالة الشمس تستمد نورا تحوله طاقة نظيفة، مثل أوراق الزهور وندى الصباح يجف عنها مع طلوع يوم جديد كانت الالواح الضخمة المتراصة في الساعات الأولى لهذا اليوم الخريفي.

ومن الداخل، تبدو هذه الحديقة الشمسية الممتدة على 3400 هكتار، أي ما يعادل مدينة من حجم الرباط، سمفونية من زخارف الألواح بديعة الترتيب، بعلو من أكثر من أربعة أمتار، ممتدة على مرمى البصر، ضمن سبع منصات، ذات هندسة متوالية، على طول منطقة تعرف بأرض الشمس الاستثنائية. إننا في حديقة الالواح الشمسية بورزازات أكبر محطة للطاقة الشمسية في العالم.

تقع المحطة عند خاصرة سلسلة الأطلس على بعد نحو 10 كيلومترات الى الشمال الشرقي عند الطريق المؤدي الى الرشيدية، وتقدم لأول وهلة للزائر القادم وسط الكتبان الرملية والتلال الصغيرة المعشوشبة، متوالية غير منتهية من الالواح والأنابيب والأحبال مثل متاهة حقيقية تقود نحو الضوء.

ويشرح أحد التقنيين في عين المكان قائلا: “المبدأ بسيط؛ فهذه الألواح الضخمة يتم التحكم فيها انطلاقا من مركز مراقبة، لتوجه باستمرار حسب حركة الشمس تماما مثل زهرة عباد الشمس، فتحدث الحرارة المستمدة طاقة تدير التوربينات والمولدات، فينتج الكهرباء”.

ومن أجل ذلك يتوقع إقامة منشئات مائية على سد المنصور الذهبي الأضخم بالمنطقة والذي ستصبح له وظائف جديد، كما أن المناطق التي كانت إلى وقت قريب وعرة الولوج تشهد حاليا تحولات، وكذلك السكان في المنطقة.

فأنور المغراوي، المنحدر من تنغير والحاصل على الإجازة في القانون، لا يخفي سروره بالوقع الإيجابي لهذا المشروع من حيث توفير مناصب الشغل، معربا عن الأمل في رؤية منطقته تحتضن مشاريع أخرى من هذا الحجم والأهمية.

أما محمد إيفراسن، رئيس جماعة غسات، التي يقع المشروع ضمن نفوذها، فقد لمس مبكرا أهمية هذه الحديقة الشمسية التي أعطى الملك محمد السادس انطلاقتها في نونبر 2009 ، ضمن مخطط مغربي رائد للطاقات المتجددة تبلغ مجموع استثماراته 72 مليار درهم يطمح لتلبية نحو 42 في المائة من حاجيات المغرب من الكهرباء بحلول العام 2020.

وبالنسبة إليه فإن بلدة غسات ستعرف مستقبلا زاهرا من حيث تحديث تجهيزاتها وتأهيلها سواء في قطاعات التعليم والصحة والطرق والمنشئات السياحية وهي التي عانت بشدة من قساوة الظروف المناخية وتوالي سنوات الجفاف والتهميش والعزلة.

وفي تاسلمانت، الدوار الأقرب للموقع، يستشف بشكل بارز حماسة السكان والتزامهم وكذلك آمالهم وتطلعاتهم. فالكل يولي اهتماما منقطع النظير لمشروع أصبح حقيقة ملموسة على أهبة إطلاق أنواره، فالألسن لا تكف عن الحديث وتتوالى عبارات الإطراء والمديح.

وبالنسبة لخالد، البالغ من العمر 28 سنة، والذي يشتغل في مقاولة محلية، فإن انعكاسات المشروع أصبحت ملموسة وتتمثل بالخصوص في عملية بناء الطريق ومشاريع الدعم الزراعي للسكان المحليين (تربية المواشي وتهيئة السقايات وأنظمة الري وتأهيل واحات النخيل).

نفس الرأي يتبناه إمام المسجد محمد الموكل، ولحسن اغنجاي من ساكنة الدوار، والذين اعتبرا أن مشروع نور سيحدث تحولات عميقة على قريتهما، ولم يخف العديد من السكان شيبا وشبابا رغبتهم في المساهمة وتقديم خدماتهم ذلك ان المشروع أحدث ثورة جلية سواء على المجال أو السلوكيات.

ويقول يونس بلحسن، عميد الكلية التقنية بورزازات، إن ذلك مرده كون الساكنة منخرطة في هذا المشروع وتعتبر نفسها جزء منه ،مضيفا أن الكلية أحدثت منذ العام 2009 تخصصات في الطاقات المتجددة والهندسة والتخطيط المعلومياتي وجميعها تعرف إقبالا هاما والنتيجة هي تخرج 147 جامعيا جزء كبير منهم أبرم عقود تشغيل.

وبالنسبة للزبير بوحوت، مدير المجلس الإقليمي للسياحة، فإن الأثر السريع لهذا المشروع الرائد بالغ الأهمية على القطاع السياحي من حيث الاقامة والتغذية وكراء السيارات وغيرها، ولكن أيضا على المدى الطويل لأنه أتاح إشعاعا عالميا جديدا لورزازات التي باتت تعرف بأكبر مركز عالمي لإنتاج الطاقة الشمسية النظيفة. ويقول إن دليل ذلك هو الوتيرة المتزايدة لتنظيم المنتديات الكبرى والمهرجانات المتمحورة حول موضوع الطاقة الشمسية بمشاركة كبار المتخصصين والفاعلين الاقتصاديين والفنانين ذوي الشهرة العالمية.

وبينما تتواصل أشغال التهيئة في أوراش المحطة الشمسية بورزازات يجري الحديث عن تنظيم مسالك سياحية للطاقة الشمسية وزيارات علمية وماراتون وأشياء أخرى.

هي ورزازات التي لم تكشف بعد عن كل سحرها، فقد كانت دوما أرض التاريخ والاساطير ما جعل منها وجهة سياحية بامتياز، ثم أصبحت هوليود إفريقيا باختيارها من قبل كبار المخرجين العالميين لتصوير عشرات الإنتاجات السينمائية الضخمة. وورزازات، الآن، تكشف للعالم أسرار الشمس، وتلقنه درس الحفاظ على كوكب الارض باستخدام الطاقة النظيفة، فما أن يرخي الليل سدوله حتى تستدير الألواح الضخمة لوضعها الطبيعي في انتظار أنوار صباح جديد.

* و.م.ع

‫تعليقات الزوار

10
  • khalid
    الثلاثاء 1 دجنبر 2015 - 06:59

    نتساءل فقط متى يتم فك العزلة عن مدن الجنوب. فالطريق الوحيدة الرابطة بين منطقة ورزازات تمر عبر ممر تيشكا الخطير و الذي ينقطع شتاءا بسبب الثلوج. متى تبدأ الاشغال في نفق تيشكا لانه السبيل الوحيد لربط الجنوب بشمال المغرب بشكل دائم. ام ان سكان الجنوب لا يستحقون ذلك؟ هل منطقة ورزازات تعرفونها فقط عند نهب ثرواتها من معادن و سياحة و… اما عند ذكر نفق تيشكا فانهم يصبحون مواطنين من الدرجة العاشرة

  • مغربية حتى النخاع
    الثلاثاء 1 دجنبر 2015 - 07:56

    اللهم وفق بلدنا الحبيب لكل ما فيه خير البلاد والعباد

  • tarik
    الثلاثاء 1 دجنبر 2015 - 08:16

    Pourquoi on fait pas de recherche pour placer ces panneaux solaire verticalement au lieu du horizontale pour gagner du terrains ,bien que pour l'entretien c'est plus facile horizontalement mais ils doit y avoir des solution est ça vaut le coup de faire des recherche pour remédier a ce seule problème

  • ابن ورززات من الدار البيضاء
    الثلاثاء 1 دجنبر 2015 - 10:14

    تعليق رائع . في قراءتي للنص أحسست بالحنين لبلاد. أدعو الجميع إلى الدهاب إلى درعة تافيلالت. للاستمتاع بالهدوء والسكينة. وروح التعايش بين السكان.

  • محمد
    الثلاثاء 1 دجنبر 2015 - 10:19

    السلام عليكم اشتغلت مع العديد من الشركات لكن هناك العنصرية وأبناء المنطقة( ورزازات )لم ولن يستفيدوا اشتغلت 3 أشهر فقط إذا كنت من أحد المقربين فحضك وافر فأغلب المسؤولين من مدينة وجدة والمستفيدين هم أبناء هذه المدينة صراحة ندمت عندما اشتغلت بالطاقة الشمسية

  • mouslih said
    الثلاثاء 1 دجنبر 2015 - 11:46

    حفظ الله المغرب شعبا و ملكا من حسد الحاسدين و مكر الماكرين
    الشفاء العاجل لملكنا العزيز
    والله بكيت يوم سمعت انه لم يكمل تدشين المشاريع في صحراءنا الغلية وراح للعلاج

  • mohammed
    الثلاثاء 1 دجنبر 2015 - 12:02

    vus les risques de pénurie de l'eau potable et d'irrigation. il faut penser à multiplier la construction des stations de désalification de l'eau de mer dans ces zones et utiliser cette source d'énérgie pour les faire marcher dans le but de minimiser les coûts qui restent encore élevés par comparaison avec l'eau provenant des barrages

  • انسان من وجدة
    الثلاثاء 1 دجنبر 2015 - 12:48

    نعم بالفعل تعد بمعجزة وقد اختار لها العاهل المغربي الموقع المناسب والدي يزيد مدينة ورزازات مكانة الشهرة بعد تمثيل الافلام العالمية وتصبح دائعة الصيت ومستقطبة للزوار زيادة على تحرك اليد العاملة والقضاء على الفقر

  • teer
    الثلاثاء 1 دجنبر 2015 - 14:44

    هم يضحكون علينا
    جل المستخدمين في المشروع ليسوا بأبناء المدينة
    مع العلم أن هناك أكتر من 200 طالب تخرجوا من كلية ورزازات شعبة إستغلال الطاقات المتجددة TEER
    ولا واحد منهم يشتغل في المشروع

  • 2015
    الثلاثاء 1 دجنبر 2015 - 21:00

    Vive le roi. Vive le Maroc. Vive le peuple marocain.

صوت وصورة
المعرض المغاربي للكتاب بوجدة
الخميس 18 أبريل 2024 - 01:29

المعرض المغاربي للكتاب بوجدة

صوت وصورة
بعثة أسترالية تزور مركز "تيبو"
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 21:45

بعثة أسترالية تزور مركز "تيبو"

صوت وصورة
أكاديمية المملكة تنصّب أعضاء جدد
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 18:24

أكاديمية المملكة تنصّب أعضاء جدد

صوت وصورة
احتجاج أرباب محلات لافاج
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 17:32 7

احتجاج أرباب محلات لافاج

صوت وصورة
"كتاب الضبط" يحتجون بالبيضاء
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 15:07

"كتاب الضبط" يحتجون بالبيضاء

صوت وصورة
“أش كاين” تغني للأولمبيين
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 13:52 1

“أش كاين” تغني للأولمبيين