الصديقي يكشف عن ستة رهانات أساسية تواجه الاقتصاد المغربي

الصديقي يكشف عن ستة رهانات أساسية تواجه الاقتصاد المغربي
الأربعاء 16 غشت 2017 - 15:00

بعدما تناولنا، في الجزء الأول، نقط قوة الاقتصاد المغربي، سنستعرض في هذا الجزء مكامن الخلل والضعف؛ فمعلوم أن المغرب يطمح إلى الارتقاء الى نادي الدول الصاعدة ابتداء من العشرية المقبلة، وهو طموح في متناولنا إن تمكنا من تجاوز العقبات التي تعرقل مسيرتنا في هذا الاتجاه، وعلينا أن نكسب ستة رهانات أساسية:

أولا: الاستفادة من فرص العولمة

سبقت الإشارة إلى أن المغرب لا يستفيد كثيرا من الفرص المتاحة من قبل اتفاقيات التبادل الحر التي تم التوقيع عليها مع العديد من البلدان، حيث ظهر أكبر “كلاعب خاسر” بدل “لاعب رابح”. وعليه، فمن المفيد أن نقف وقفة تأمل قصد القيام بعملية تقييم موضوعي لهذه الاتفاقيات، إعادة النظر في مضامينها إن اقتضى الحال؛ وهو ما لا يعني، البتة، أننا نناشد نوعا من الحمائية التي من شأنها أن تؤدي إلى عزلتنا عن باقي العالم، حتى ولو افترضنا أن هذا الإجراء ممكنا ! يتعلق الأمر، عكس ذلك، بتقليل المخاطر المترتبة عن الاندماج في السوق الدولية، وترتيب أمورنا في زخم العولمة؛ وذلك بتنويع أوسع لتحالفاتنا الإستراتيجية وتعميق متزايد لعلاقاتنا مع القارة الإفريقية. فمن المعلوم أن الشراكات المثلثاتية تمنح فرصا كبرى للمغرب خلال السنوات المقبلة. إن علاقتنا مع إفريقيا ينبغي أن تسير في اتجاه مضامين الخطاب الملكي لأبيدجان ليوم 14 فبراير 2014، حيث وضع العاهل المغربي خطط طريق للشراكة جنوب / جنوب.

ثانيا: تحسين تنافسيتنا وعرضنا نحو التصدير

تحسين تنافسيتنا وعرضنا نحو التصدير؛ وهو ما يقتضي، بالضرورة، مواصلة الإصلاحات الهيكلية، وخصوصا تلك المتعلقة بمنظومة التكوين والبحث العلمي.

إن الهدف يكمن في الرفع من إنتاجية العمل، من خلال التوفر على منظومة متكاملة في مجال البحث والابتكار. فهل بإمكاننا أن نطمح إلى جعل المغرب بلدا صاعدا بتخصيص 0.7 في المائة من النفقات العمومية للبحث العلمي؟ خصوصا أن مستوى تكوين الأجراء ونسبة تأطير المقاولات لا يسمح لنا أيضا بالإقلاع. إنها إشكالات حقيقية تتطلب معالجة عميقة وقوية؛ لأن المغرب لا يمكنه أن يتحمل، باستمرار، عجز الميزان التجاري الذي يكلفه خسارة يومية تقدر بـ500 مليون درهم وبالتالي ضياع فرص الشغل.

ثالثا: الحد من الفوارق الاجتماعية والمجالية

الحد من الفوارق الاجتماعية والمجالية لضمان التماسك الاجتماعي ومقاومة الهزات، ويمثل هذا الإجراء ضرورة اقتصادية واجتماعية وسياسية وإنسانية. وفي هذا الاتجاه، فالتنمية المنشودة لا معنى لها دون تحسين ظروف عيش السكان واستئصال بؤر الفقر، بما فيه “الفقر الفكري”. ونعرف جيدا اليوم، اعتمادا على دراسات ميدانية، أن البلدان التي تصمد أكثر أمام الأزمات، وتسجل أعلى معدلات النمو، هي بالذات تلك التي لا توجد فيها تفاوتات كبيرة في توزيع الثروات والمداخيل.

فبالطبع، ينبغي الاعتراف بأن المغرب قام بمجهودات لا بأس بها في هذا الاتجاه من خلال تبني سياسات اجتماعية لصالح الفقراء؛ كالمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، ووكالة التنمية الاجتماعية، وصندوق التماسك الاجتماعي، وغيرها من التدابير… إلا أننا نلاحظ أن النتائج المحصل عليها تبقى بعيدة عن الأهداف المسطرة ودون طموحات وآمال السكان المعنيين. ومن ثمّ، نعتبر أنه حان الأوان أيضا للقيام بتقييم هذه السياسات وإخضاعها لبعض المراجعات والتعديلات عند الضرورة.

رابعا: إنجاح ورش الجهوية

إنجاح أوراش الجهوية بصفته مشروعا حضاريا كبيرا. إن أجرأة هذا الورش حسب المقتضيات الدستورية ذات الصلة ومضامين القانون التنظيمي المصادق عليه من شأنها أن تفضي إلى تحولات عميقة على المستويات المؤسساتية والسياسية والاجتماعية والثقافية. ويتعلق الأمر بتطبيق الاختصاصات الموكولة لمجالس الجهات وضخ الأموال اللازمة في الصندوقين المنصوص عليهما في الدستور: صندوق إعادة تأهيل الجهات وصندوق التضامن بين الجهات.

فما هو الوضع على أرض الواقع؟ مع كل الأسف، الوضع لا يدعو إلى الارتياح، حيث نرى أن هذا المشروع الحضاري والثوري ما زال يراوح مكانه: إمكانات ضئيلة (2 في المائة من الضريبة على الدخل والضريبة على الشركات لصالح الجهات الاثنتي عشرة)، تأخر مهول في المصادقة على النصوص التنظيمية، بطء في إعداد المخططات الجهوية للتنمية.. كلها إشارات مقلقة على مصير هذا المشروع، وتجعلنا نخاف على تبخر الأحلام التي صاحبته في بدايته.

علينا، إذا، أن نحيي هذه الشعلة؛ لأن مستقبل المغرب يكمن في دينامياته الجهوية والترابية.. وكل المؤشرات تذهب في هذا الاتجاه؛ شساعة المساحة، تنوع التضاريس، تنويع الثقافة.

خامسا: الإدماج الكامل للمرأة في الحياة الاقتصادية والاجتماعية

إن إدماج المرأة شرط لا محيد عنه لضمان الصعود والإقلاع؛ وهو أمر مستحيل في الوضع الراهن، حيث لا يعدو معدل نشاط المرأة 25 في المائة، وهو ما يمثل نصف المعدل الدولي. إنه أمر غير مقبول بالنظر إلى انخراط بلادنا في القيم الكونية للحداثة، وبالنظر إلى ما ورد في الدستور بشان المناصفة.

ويعتبر هذا الضعف لمشاركة النساء في النشاط الاقتصادي مضرا ليس بالنسبة إلى المرأة فحسب، بل للاقتصاد والمجتمع في شموليتهما. فحسب بعض التقديرات، يؤدي هذا الضعف إلى خسارة تقدر بـ25 في المائة من الإنتاج الداخلي الخام، ناهيكم عن الإحباط والحرمان اللذين تعاني منهما النساء المقصيات من الدورة الاقتصادية وهي ظواهر غير قابلة للقياس، وهو ما يدل على ضرورة ربح هذا الرهان خلال السنوات المقبلة ووضعه في لائحة الأولويات الوطنية.

سادسا: اعتبار عامل الزمن، عامل إنتاج وتنافسية

وأخيرا وليس آخرا، إننا مطالبون بإعادة النظر في مقاربتنا لعامل الزمن، واعتباره عامل إنتاج وتنافسية، ينبغي أن نعترف بأن رؤيتنا تجاه الزمن هي رؤية متخلفة ومكلفة للغاية: تأخر في إنجاز المشاريع، عدم احترام المواعيد.

فهذه اللامبالاة تجاه متغير “الزمن ” تكاد تتحول إلى وباء يقضي على كل المجهودات التي يتم بذلها هنا وهناك. فنحن مدعوون إلى ثورة ثقافية وتغيير في سلوكنا لمراجعة بعض الكليشيهات والانسياقات المريحة، فالعالم يتغير من حولنا وبسرعة أكثر مما نتصور، والأرض تدور بوتيرة تفرض على الجميع، ولا يمكن لأي أحد أن يوقف عقارب الساعة. فلا محيد لنا إلا بالتكيف مع الواقع وركوب قاطرة التقدم، ذلكم هو رهان الحداثة.

يتبين إذا، من خلال ما سبق، أن المغرب يتوفر على مؤهلات حقيقية وإمكانات ملموسة… ومع ذلك، فلا ينبغي اعتبار هذه المعركة مربوحة مسبقا، إذ يرتبط ذلك ببعض المتغيرات الداخلية والخارجية. فلنضع على أنفسنا الأسئلة الحقيقية ولنطرح المشاكل مستحضرين في ذلك المقولة التي تعود إلى الفيلسوف ماركس مفادها “أن الإنسانية لا تطرح إلا المشاكل التي تقدر على معالجتها”، وهي بالذات تلك المشاكل التي يشكو منها السكان في الأوضاع الراهنة، فهم متعطشون (لما تحمله الكلمة من معنى) لحياة أفضل.

فما الجدوى، مرة أخرى، من التنمية إذا لم تتمكن من تغطية “تكاليف الإنسان”؟ وما الفائدة من الصعود إذا لم يتم إشراك المواطن في هذه العملية؟

ينبغي القيام بتعبئة شعبية حتى يشعر جميع الفاعلين بأنهم معنيون؛ فالشعب المغربي قادر على كل شيء، وبإمكانه تحقيق المعجزات، فالشعوب لا تقهر أبدا..

* وزير التشغيل والشؤون الاجتماعية سابقا

‫تعليقات الزوار

14
  • بيضاوي
    الأربعاء 16 غشت 2017 - 15:27

    بعد الاستفادة من الاستوزار وتحسن مظهره وترقيه اجتماعيا واقصائه للسعدي صاحب خطة ادماج المرأة في التنمية وهدره للزمن مع حكومة بنكيران وما تلاها، يعود لينظر للتنافس والحد من الفوارق وإدماج المرأة وغيرها من تركيب الجمل !
    البلاد محتاجة لنخبة من طينة أخرى وهي المدخل لتنزيل الدستور وإصلاح الادارة والرقي بالتربية والتعليم ومن بعدها التطور الاقتصادي والرقي الاجتماعي ….

  • حاتم فرنسا
    الأربعاء 16 غشت 2017 - 15:34

    كلها رهانات عامة وشاملة اذن سوف لن تتحقق. لان كل من سبقوك أيها الوزير رفعوا الشعارات نفسها والمغرب مازال على حاله. الرهان الصائب هو تطبيق ما يقال. كفى من الشعارات. 61 سنة من الأقوال بدون تفعيل. واتحداكم أيها الوزير ان نجحت في إحداهن !!!!!

  • المحتار
    الأربعاء 16 غشت 2017 - 15:42

    اتفاقيات التبادل الحر لا يعرفها المغاربة، لأن الحكومة لم تنشرها و لم تشرحها و تبين مزاياها بالنسبة للمواطن اللذي قد يسعى لإنشاء مقاولته من أجل التصدير. هذا هو الخلل الأكبر. ..

  • عبدالله
    الأربعاء 16 غشت 2017 - 15:42

    كلام صحيح ، المغرب يمكنه ان يكون من الدول الصاعدة ادا حاربنا الانانية والفساد والكسل.
    مل المغاربة ان يحبون وطنهم عليهم ان يضحون ويشاركون بيد واحدة لرفع سفينتنا وقيادتها الا الامام والتخلي عن الجهل والفقر.

  • عبد الصمد
    الأربعاء 16 غشت 2017 - 16:00

    يجب العمل على تحقيق دولة المواطنة لكي يسود القانون والعدل والمساواة والديموقراطية والحرية…

  • Omar33
    الأربعاء 16 غشت 2017 - 16:15

    il faut mettre le paquet sur la création d'une filière d'excellence de formations professionnelles de l'artisanat à l'aéronautique

  • driss canada
    الأربعاء 16 غشت 2017 - 16:33

    انا اضحك حتى استقي ارضا حين نسمع أحد ما يتكلم على إقتصاد المغرب أو بعض الحلول الناجعة التي تدفع عجلة الاقتصاد للأمام.أو أحدما يتكلم على الاستتمارت التي تقام في المغرب سواء من طرف لأجانب او من طرف ابناء الوطن أوالقفزة الاقتصادية الوهمية التي يتحدث عنها بعض الظلاليين.يا إخواني كل مايقال هو مجرد أوهام ما ثلبث ان يكدبها الواقع الظاهر على حالة المواطنين المزرية والبئيسة.فعجلة التقدم التي يتحدثون عنها بعض الكدابين تدور عجلتها للوراء بسرعة جنونية وقابلة في كل لحظة أن تنحرف الى حافة الهاوية السحيقة آجلا أو عاجلا.

  • يا سيدي الوزير
    الأربعاء 16 غشت 2017 - 17:43

    اتفاقيات التبادل الحر لا توجد أصلا.. كل ما يوجد هو اتفاقيات تجارية لتخفيض العراقيل الجمركية و الرسوم أما بقية القطاعات الاقتصادية فهي محمية و اهمها االفلاحة.
    لا توجد اتفاقية تبادل حر فيها مئات الصفحات من الاستثناءات و القوانين… هذه ليست الا تسمية للتزيين,

    الدليل الثاني أن المغرب مصنف من اضعف البلدان المشاركة بشكل فعال في الاقتصاد العالمي.. نتساءل أي عولمة و أي نيوليبيرالية يصرخ بها المؤيدون و المعارضون سواء يساريون او ليبيراليون؟

    ثالثا االتغيير الاقتصادي لا يأتي من الدولة على الطريقة الاشتراكية بل من تحول مؤسساتي في المجتمع يجعل من التعليم و الابتكار و المقاولة و الاجتهاد و الصدق و التفاني أمور مقدسة و هو ما نفتقده.

    ليس الأمر متعلقا بالموارد الطبيعية او الموقع الجغرافي او النظام السياسي أو البنية التحتية أو الانفاق الحكومي.. كل هذا ليس الا نتيجة و ليس سبب للتقدم.

  • كارهة الضلال
    الأربعاء 16 غشت 2017 - 17:59

    ويــبقــــــى
    الـــعـــائق الأســـــاس للإستـــــثمــــار نـــــفــــسه مــنــذ عـــقــــود
    ألا وهــــو ثــــقـــة "المـــستـــثــمر " فـــي المــؤسســــات :
    الــتـنـــافــس الـــشريـــــف ( بـدون اللجـــوء إلى بـــــاك صـــاحبـــي )
    انتـــظـــار مـــا لم يــأتـــي بعـــد ( عـــدالـــة مـــستـقلة ، و نــزيهـــة :
    تـضع القـانون و مــصلحـة الوطنفـوق كل إعتبــــار )
    والـــقـضـاء عـــلى كل أشكـــــال " الرشـــــوة وأنـــواعـــهــــا "
    حـــنــذاك ســنرى المستــطـمريــن (من الداخلو الخــارج يتنـــافسون
    عــلى بـــلادنــــا بشغف و تلقــائيــة

    كارهة الضلال

  • marroqui
    الأربعاء 16 غشت 2017 - 18:16

    أو من حيث أنت فاهم هاد الشي كلو اسي الصديقي و رجعتي منظر عفريت فين كنت أيام الوزارة ما درتي والو. كتقتلونا بالهدرة والبلابلا ما يقد عليكم حد.

  • العكاري
    الأربعاء 16 غشت 2017 - 18:40

    كل ما تقوله جميل لو كان في بلد لا يعاقب اللصوص ناهبي المال العام بل يحميهم و يكافؤهم.خلاصة الكلام انه لا توجد موارد كافية للسرقة و النهب بهذا الشكل في العالم لذا فمصيرنا معروف وواضح وضوح الشمس في كبذ السماء.

  • طنسيون
    الأربعاء 16 غشت 2017 - 19:09

    شعارات مستقات من برامج الحكومات والأحزاب التي أوهموا بها تنمية الشعب وزادوا بها من تعاسته. كيف ستكون هذه التنمية بتعليم متخلف وصحة مهترئة وتشغيل عبودي وفساد مستشري في كل القطاعات ؟

  • محمد البيضاء
    الخميس 17 غشت 2017 - 06:29

    لايمكن بتاتا تطور اي امة الا بالتعليم وتكوين موارد بشرية قادرة على النهوض بالبلد ثم العدل فالعدل هو الاساس لضمان حقوق وواجبات كل مواطن .
    عند دلك ستظهر ملامح النمو المضطرد وانا على يقين أننا سنخطو خطوات هائلة نحو التقدم والتطور وهناك امثلة لعدد من الدول التي دهبت بعيدا في مجال تنميتها بفضل التعليم والعدل.

  • L autre
    الجمعة 18 غشت 2017 - 01:13

    انا اتفق مع التعليق رقم 13 … أصلحوا منظومة التربية والتعليم فيصلح كل شيء من تلقاء نفسه … تعليمنا متخلف الى حد يثير الاشمئزاز …مخرجاته جد فاسدة بل وسامة … هو تعليم بوصفة لا تصلح الا للإجهاز على الشعوب …

صوت وصورة
المعرض المغاربي للكتاب بوجدة
الخميس 18 أبريل 2024 - 01:29

المعرض المغاربي للكتاب بوجدة

صوت وصورة
بعثة أسترالية تزور مركز "تيبو"
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 21:45

بعثة أسترالية تزور مركز "تيبو"

صوت وصورة
أكاديمية المملكة تنصّب أعضاء جدد
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 18:24

أكاديمية المملكة تنصّب أعضاء جدد

صوت وصورة
احتجاج أرباب محلات لافاج
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 17:32 7

احتجاج أرباب محلات لافاج

صوت وصورة
"كتاب الضبط" يحتجون بالبيضاء
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 15:07

"كتاب الضبط" يحتجون بالبيضاء

صوت وصورة
“أش كاين” تغني للأولمبيين
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 13:52 1

“أش كاين” تغني للأولمبيين