المصلوحي يدعو المحافظين والحداثيّين إلى النهوض بحقوق المرأة

قالَ عبد الرحيم المصلوحي، أستاذُ العلوم السياسية والقانون الدستوري بجامعة محمد الخامس بالرباط، إنَّ الاختلافَ الإيديولوجي حولَ قضايا المرأة في المغرب، وما يترتّبُ عنه من تبايُنِ المواقف، ليْس مشكلا، بلْ عاملا مُحفّزا للنهوض بحقوق المرأة.

وأضافَ المصلوحي، الذي كانَ يتحدّث في ندوة نظمتها منظمة “فتيات الانبعاث”، التابعة لحزب الاستقلال، حول موضوع “الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية للنساء: الحصيلة والتحديات”، أنَّ “المغربَ بحاجة إلى محافظيه، وحداثيّيه، لتحقيق هذا المبتغى”.

لكنَّ المتحدث ذاته شدّدَ على أنَّ ذلك “يستوجبُ من الحداثيين أنْ يؤمنوا بأنّ أغلبية المجتمع تدين بالإسلام، وعلى المحافظين أنْ يؤمنوا بأنّ الاجتهاد في الأمور الشرعية فضيلة، ويؤمنوا بمبدأ حقوق الإنسان”، مضيفا: “لا يمكن حَلُّ المعضلات الاجتماعية التي لها علاقة بالمرأة بدون حوار مسؤول مع هذين التيارين”.

وتابع أستاذُ العلوم السياسية والقانون الدستوري أنَّ تعاوُنَ الحداثيين والمحافظين يُمكن أنْ يُبنى على أساسِ ما جاء به دستور 2011، “الذي أعطى الأهمّية نفسها للمرجعيّتين، إذ يجد فيه الحداثيون ما يشفي غليلهم، ويجد فيه ذوو المرجعية المحافظة ما يشفي غليلهم”، يقول المصلوحي.

على أنَّ الدستور -حسب المصلوحي- وضعَ “ألغاما” كثيرة في الفصل التاسع عشر، بربْطه كل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية بضرورة ألّا تخالفَ ثوابت المملكة، موضحا أنَّ ذلك “يطرحُ إشكالا على مستوى التأويل، ويضفي على هذه الحقوق ازدواجية وغموضا، بتأرجحها بين المرجعية الكونية والمرجعية المحلية المحافظة”.

وينصّ الفصل 19 من دستور فاتح يوليوز على أنّ الرجل والمرأة “يتمتعان، على قدم المساواة، بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، الواردة في هذا الباب من الدستور، وفي مقتضياته الأخرى، وكذا في الاتفاقيات والمواثيق الدولية، كما صادق عليها المغرب، وكل ذلك في نطاق أحكام الدستور وثوابت المملكة وقوانينها”.

وعلى الرغم من أنَّ المرأة المغربية حقّقت مكاسب كثيرة في العقديْن الأخيرين، إلا أنَّ المصلوحي يرى أنها ما زالتْ بحاجة إلى حماية المُشرّع، إلى حين الانتقال الكلّي إلى نمط مجتمع يُقرّ بحقوقها ويتملك قيم المساواة، لافتا إلى أنَّ ثمّة بُلدانا متقدّمة في أوربا لم تبُلغ هي أيضا هذا الهدف إلا في السنوات الأخيرة.

وأشار المصلوحي في هذا السياق إلى فرنسا، التي لمْ تُعوّل على إرادة السياسيين لتخويل المرأة حقوقها السياسية، بلْ واكبَ المُشرّع الفرنسيّ هذا التحوّل بوضع ترسانة قانونية أواخرَ القرن الماضي، وهُوَ ما مكّنَ المرأة الفرنسية من بلوغ ما يقارب المناصفة على مستوى توزيع المسؤوليات في المجالس الجماعية والإقليمية المنتخبة.

وفي هذا الإطار قال المصلوحي إنَّه “لا يكفي أنْ تكون المناصفة قائمة بين الجنسين في عدد المقاعد داخلَ المجالس المنتخبة، بلْ لا بدّ أنْ تكونَ على مستوى توزيع المسؤوليات داخل هذه المجالس”، مشيرا في هذا الصدد إلى “حرمان الدستور المغربي المرأة من أي مقعد في المحكمة الدستورية، بسبب غياب أيّ نصّ يجبر المُشرّع على إعمال التمييز الإيجابي”.

لكنَّ المصلوحي، وإنْ أكّدَ على ضرورة استمرار حماية المشرّع للمرأة، إلا أنَّه شدد على أنه لا تكفي المراهنة على إرادته، “فهو يُسرّع فقط وتيرة التغير، ولكنه لا يُعطي يُمهّد واقعا ثقافيا يؤمن بثقافة النوع”، وفق تعبيره، مشيرا إلى أنَّ “اقتناع المجتمع بإعطاء المرأة حقوقها كاملة هو مسألة ثقافية بامتياز”.

وضربَ المتحدث ذاته مثلا بالدول الاسكندينافية، حيث يلجأ الفاعلون الحزبيون إلى إقرار المساواة في اللوائح الانتخابيّة كإستراتيجية لكسب تعاطف الناخبين، وليْس اقتناعا، “لأنَّ منْ يفعل العكس يعاقبه الناخبون عبر صناديق الاقتراع، بداعي أنه يعارض حقوق النساء”، يقول المصلوحي.