الحضري: هذه قصة دستور "الحسن الثاني" واستفتاء 1962

الحضري: هذه قصة دستور "الحسن الثاني" واستفتاء 1962
الأحد 29 دجنبر 2013 - 14:25

فرّ على الدوام من عدسات الكاميرا واستجوابات الصحافيين، لدرجة أن اسمه نادرا ما تواجد في صحيفة مغربية حتى وهو من بين المؤسسين للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، النقابة الوطنية للتعليم. الرجل الذي رافق مجموعة من كبار الشخصيات المغربية، وكان بمثابة علبة أسرار الراحلين الفقيه البصري ومحمد عابد الجابري، قبِل أخيرا أن يدلي بشهادته على عدة أحداث مهمة عايشها وكان شاهدا عليها، كي يساهم في إنارة بعض الدروب المظلمة من التاريخ المغربي الحديث، وبالضبط تلك الفترة الحرجة التي استمرت من سنوات الاستقلال إلى تجربة التناوب التوافقي.

عبد القادر الحضري، الأستاذ الجامعي المتقاعد، الذي قرر أخيرا الانزواء في منزله بالحي الحسني الدار البيضاء عوض أن يبقى فاعلا في حزبٍ كثُرت ضده الانتقادات، يتحدث في هذا الحوار الحصري الذي تنشره هسبريس على حلقات، عن الأسباب الذي جعلت الحسن الثاني يسقط حكومة عبد الله إبراهيم، وكيف “خان” الاتحاد المغربي للشغل ثقة المنضوين تحته، عارجا على الخلافات الكبيرة التي وقعت بين قادة الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، ثم على اغتيال المهدي بنبركة، فظروف تشكيل الاتحاد الاشتراكي، وعدة أحداث مهمة أخرى في إطار ما يُعرف بسنوات الرصاص.

(الجزء الرابع)

قبل وفاته، هل كانت هناك محاولة من الملك محمد الخامس لصياغة دستور قبل ذلك الذي سيخرج في عهد الحسن الثاني؟

نعم، فقد كان محمد الخامس واعياً بضرورة وجود دستور يضمن للحياة السياسية رونقها، لذلك نصّب “مجلس الدستور” مباشرة بعد إقالة حكومة عبد الله إبراهيم، وعيّن داخله مجموعة من الشخصيات كعلال الفاسي، أحمد الزغاري، المختار السوسي، رحال الفاروقي، محمد داوود، عبدالله كنون، عبدالرحمان الشفشاوني، وآخرون.

وقد تمّ توجيه الدعوة للاتحاد الوطني للقوات الشعبية من أجل تقديم ثلاثة أسماء يختار من بينها الملك واحداً، إلا أن الجواب أتى في صيغة بيان لتجمّع بالرباط كان يترأسه عبد الله إبراهيم، أكد رفْض الاتحاد المشاركة في أية صياغة لدستور لا يصيغه مجلس دستوري منتخب. كما أن بعض الشخصيات داخل هذا المجلس انسحبت قبل انعقاده، كبلحسن الوزاني الذي اعتبر أن الصيغة لا تتفق مع الأعراف الديموقراطية لصياغة الدستور.

وبانعقاد المجلس، تم الشروع في انتخاب رئيس له، ترشح أحمد الزغاري مقرب للقصر ووالي بنك المغرب، ونافسه في ذلك علال الفاسي الذي فاز بأصوات كبيرة، الأمر الذي أدى لانسحابات متتابعة لم ترغب في تزعّم رجل من الحركة الوطنية لهذا المجلس، الأمر الذي جعل فكرة “مجلس الدستور” تنتهي سريعاً. وأكيد أن ذلك كان له تأثير كبير في محمد الخامس، وكان من أكبر الأسباب التي جعلته يراجع الحسابات ويعقد العزم على الحد من المتاهات بمجرد الشفاء كما تمت الإشارة سابقا ولكن الله اختاره لجواره.

طيب، بعد وفاة محمد الخامس، قرر الحسن الثاني صياغة أوّل دستور في تاريخ المملكة، والذي قرر الاتحاد الوطني للقوات الشعبية مقاطعته، كيف كانت الأجواء الممهدة لهذه المقاطعة؟

توفي محمد الخامس تاركاً المسألة الدستورية قائمة تنتظر الحل، بحيث كانت من المهام الأساسية للحكومة القائمة التي سيصير الحسن الثاني رئيسا لها. وقد كانت الآمال معقودة على تغييرات تطال الحكومة والتوجهات خصوصا وأن الملك الجديد بادر باستدعاء قادة الأحزاب للتعبير عن آرائهم في ما يرون أن الأمور يجب أنه تكون عليه. وقد اتسم رأي المعارضة بالجرأة والصراحة سواء في الجانب المتعلق بالمسألة الدستورية أو بالمشاركة في الحكومة.

إلا أن الملك ضرب بعرض الحائط اقتراحات المعارضة، مفاجئاً بالحفاظ على نفس الحكومة التي تشكلت بعد إسقاط حكومة عبد البه إبراهيم من أحزاب ورجال مقربين إلى القصر، بل أضاف إليها الملك قيادات الأحزاب المعادية لقناعات المعارضة. وقد صدر آنذاك ما سمي بالقانون الأساسي، الذي قيل إنه سيقوم مقام الدستور، فكانت الرسالة واضحة لرفاق بنبركة، بأن القصر لا يريدهم في الحكم.

لذلك تعبأ الاتحاد الوطني للقوات الشعبية جماهيرياً وإعلامياً للتصدي لما رآه نزوعاً نحو الحكم الفردي وتنكراً لالتزامات محمد الخامس عندما كان يؤكد أنه سيشكّل حكومة وطنية وسيعمل على الحسم في المسألة الدستورية. كما لم تتردد صحف أحمد اكديرة وأحمد العلوي والإذاعة الوطنية في شن حملة على المعارضة ورجالها متهمة إياها بالتآمر واستهداف النظام وغيرها من الاتهامات التي وتّرت الجو السياسي في البلد وأزّمته.

وكيف تمت مقاطعة الدستور؟

لمّا تم الإعلان عن دستور الحسن الثاني الذي صاغه خبراء أجانب، وتمّ عرضه على الاستفتاء في نونبر 1962، تفجّرت حركية غير مسبوقة من حزب بنبركة لاستنهاض همم الجماهير، من أجل مقاطعة الاستفتاء على دستور تفنن خبراء في تمكين الملك من جميع الصلاحيات التي تكبل المواطنين وتضيق الخناق على تطلعاتهم وطموحهم في السعي لبناء المجتمع الجديد. ورغم أن استجابة الجماهير لدعوة المعارضة كانت واضحة، خرج اكديرة ليقول بطريقة غاية في الاستهزاء: “نتيجة التصويت فاقت 105 في المئة”.

وحري بالذكر أن حزب الاستقلال صوّت بـ”نعم” على ذلك الدستور لوجود عدد من رجاله داخل الحكومة.

‫تعليقات الزوار

17
  • amazighi maghribi
    الأحد 29 دجنبر 2013 - 15:23

    وقد صمم صياغة الدستور السابق (1962) من قبل الأجانب. هذا ينطبق أيضا على الدستور الحالي (2011).

    أيضا هذا التعديل الدستوري من شأنه أن يعزز موقف الملك.
    بينما يضعف موقف اللغة العربية.

  • متقاعد من الجنوب
    الأحد 29 دجنبر 2013 - 15:28

    كنتم اشتراكيين متعصبيين، وكانت الجزائر قبلتكم أفشلتم واحبطتم عزيمة الحسن الثاني في ارجاع الصحراء الشرقية، كنتم طابور خامس يقف في وجه اي تدخل عسكري لسترجاع الصحراء الشرقية.
    اليوم الجزائر تسبح في بترول الصحراء الشرقية، وتستغل ثرواتها في تمزيق المغرب.

  • laksi
    الأحد 29 دجنبر 2013 - 16:03

    MIlle merci encore Docteur pour ces precieuses informations.Ne pensez vous pas des maintenant de rassembler ces entretiens da.s un livre? Ceci dit ce que vous venez de devoiler aujourdhui confirme la conviction que j avais toujours:hassan2,gudira et ahmed zlaoui etaient les architectes de tout le malheur et les annees deplomb qui viendront apres et ce n est qu apres que viendront les bonnes du regime oufkir et basri.Aujiurdhui je me demande pourquoi le peuple marocain a accepte les lois de ces demons.

  • Didouz laid rabat
    الأحد 29 دجنبر 2013 - 16:33

    Il faut le roi mohammed 6 soit très vegilent , si non il va perdre le contrôle , les marocain sont très inteligent tres difficile à bascule . Si la démocratie avance dans ce pays lamonarchi recule !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!

  • يونس حيدة
    الأحد 29 دجنبر 2013 - 16:58

    اول دستور زور بطريقة شفافة و ديموقراطية، و نظرا لنقص التجربة فان الحصيلة كانت 105% .

  • أمين
    الأحد 29 دجنبر 2013 - 17:00

    و ها نحن مازلنا دستور يُطبّق بمعنى الكلمة.
    دستور او بدون دستور:فات الأوان و لن نعرف ابدا معنى الدموقراطية و حقوق الإنسان.
    ها نحن لحد الآن نعيش في الفوضى , الرشوة , الزبونية , الريع, و إلخ من الشياء السلبية التي لا يتخلص منها المغربي مهما طال الزمن.
    جاءت فرصة واحدة و هي الربيع العربي(20 فبراير) لم تُستغل, و لكن المغاربة راضون عن ما يعيشون فيه من الذل , الفقر, الجهل,و العبودية و السيادية وإلخ…….

  • عبد المنعم
    الأحد 29 دجنبر 2013 - 17:19

    إذن , السيد بنكيران نحن كنا متقدمين تم تأخرنا واليوم نحاول إختراع العجلة من جديد, مع الفارق أنهم كانوا يعرفون ماذا يريدون, الإتحاد الوطني للقوات الشعبية.
    عليهم ينطبق كلام الشاعر:
    مضى زمن فيه الليوث تهابنا
    وهذا زمن نخشى فيه الأرانب
    فياعجبا حتى الحمام يريد اصطيادنا
    ونحن بزاة شامخات المخالب

    شكرا جزيلا للسيد الحضري ولهسبريس التي أوصلت لنا الشهادة وفي إنتظار المزيد.

  • ISTILAL
    الأحد 29 دجنبر 2013 - 18:27

    لا عجب أن يصوت حزب الإستقلال عن أول دستور مفروض على المغاربة لأن الكل يعلم تاريخ هدا الحزب الأسود، صحيح أن حزب الإستقلال ضم مناضلين ليس لنا إلا أن نرفع لهم القبعة و نشكرهم على دفاعهم عن ضرورة استقلال البلاد، لكن بعد سنة 1956 سيطوي حزب الإستقلال صفحة النظال ليوقع صفقة مع محمد الخامس للقضاء على زعماء جيش التحرير، كانت نتيجة هده الصفقة هي تمكينه من حكم المغرب صوريا، مقابل ضربه لكل مبائده عرض الحائط… ثم تطور هدا الحزب ليلد في الأخير الكائن العجيب السيد شباط… لا أعتقد أن رأيي هدا سينشر و لكن لما لا أحاول.

  • Bassou
    الأحد 29 دجنبر 2013 - 19:50

    كما يقول المثل الشعبي"من الخيمة خرج مايل"هل كان الذهاب الى إكس ليبان من طرف جناح االقوات الشعبية هرولة من عبد الرحيم بو عبيد دون التدقيق في دور الملكية لمغرب ما بعد الاستقلال؟لماذا نأى كل من علال والمهدي عن ألمشاركة في المفاوضات ؟هل تم ابعادهما؟ ام هو سكوت الرضا؟ لماذا تمت تصفية جيش التحرير قبل انهاء مهمته في تحرير كامل التراب الوطني . لماذا لم يتم الحسم مع أعوان فرنسا والمحميين ؟ ما لم يتم الإجابة عن هذه الأسئلة واسئلة اخرى يضيق المجال لطرحها يبقى دستور1962قصة فقط.شكرا هسبريس على النشر مع كامل الامتنان على هده المواضيع.

  • حسن الحسيمة
    الأحد 29 دجنبر 2013 - 20:00

    هذا الدستور الجديد، سوف يعطي للقضاء أكثر قوة. فمن القضاء.

    من الذي قادرا على إصلاح الجهاز القضائي؟

    إذا الدستور الجديد يعطي الصلاحية إلى الملك والقضاء والمسؤولين.

  • محمد اسفي
    الأحد 29 دجنبر 2013 - 22:06

    لا يجب ان تستغل هده المعلومات في اثارة الفتنة الكتير منها كا ن معروفا فاالمراحل التارخية يجب ان تستغل في ما قد يمنع هده الاحداث ان تتكرر وفي العبرة التي يجب استخلاصها من الاخطاء التي يرتكبها السياسيون ما دام هناك جهل وامية ومصلحة شخصية يجب ان نقرا هده المعلومات قراءة تحليلية تعطي قيمة مضافة لمن كانت له الجراة ان يدلي بها فاالحكمة هي في ان نتجنب كل ما يمكنه ان يحدث العداوة و اثارة الفتنة ''الفتنة نائمة نعل الله موقضها''

  • ابنادم
    الإثنين 30 دجنبر 2013 - 00:04

    رحم الله الحسن الثاني لانه كان يعرف انكم للحماس الذي كنتم عليه كنتم ستفقدون المغرب مكانته اليس من رحمكم خرج البوليساريو نعم كان ظلم اوفقير لكن الارضية كانت مهياة لبروزه اقدر المناضلين الشرفاء وحلمهم فقط اتساءل هل كان المغرب مهيا فعلا للديموقراطية هل كنتم انتم مؤمنين بها حقا ولقد ادرجت في الحلقة الماضية من حوارك المهم هذا ان الكثيرين من من كانوا في الحزب لم يكونوا مؤمنين بالديموقراطية هو كلامكم ثم الوعي السياسي الم تجعلوا المغرب يخسر الكثير عندما كان الحزبين المعارضين وقفا مع خليلهما صدام وما نتج عن هذا الموقف في علاقاتنا مع دول الخليج اليس نفس ماتقوم به بعض الاحزاب اليسارية الراديكالية بالوقوف مع بشار
    كثيرا ما احمد الله ان البلد رغم مشكل الصحراء لكن جعل لنفسه موطئ قدم بتبصر رجل حكيم رحمه الله

  • pikala
    الإثنين 30 دجنبر 2013 - 00:59

    أنا متأكد أنا 80 في المئة من المسويتين على الدستور لم يقرؤوه حتى .

  • jamal
    الإثنين 30 دجنبر 2013 - 04:40

    Personnelement je comprends rien au maroc ou si qu on voit que la 1re constitution est fabriquée pas des expert occidentaux pour favoriser hassan2 je comprend maintenant pourquoi on est amené à mendier l argent des banques mondiaux des pays de golf et même de l afrique allah yaster ou safi

  • kadour
    الإثنين 30 دجنبر 2013 - 14:13

    tout çà doit-être un histoire que tout le monde doit le lire et le relire pour une conclusion qui doit-être aussi une feuille de route pour toute la classe politique …pour que notre pays aura un constitution démocratique avec des vrais séparations des pouvoirs et des frontières à chaque pouvoir …..en nettoyant l'administration et la justice des corrompus .شكرا للسيد …….merci monsieur militant HADRIالحضري الحضري

  • من بعيد
    الثلاثاء 31 دجنبر 2013 - 19:00

    رد على 3 – متقاعد من الجنوب
    انت لا تعرف العلاقة التى كانت تجمع بين الجزائر و المغرب في عهد الملك محمد الخامس رحمه الله حينما تعاهدا ان يجعلا مغربي امزيغي/عربي كبير و بعد و فاة الملك في 26 فبرايري 1961 دخل الحسن 2 السياسة و تغيرت الامور بعدما تعاهد مع فرنسا و بقي الشعب الجزائري وحده في الساحة يقاتل.
    حتى فوجئ الحسن الثاني باستقلال الجزائر.
    الحقيقة ليست هزيمة يجب ان تتقبلها.

  • استفسار
    الثلاثاء 31 دجنبر 2013 - 21:17

    ما أدرانا أنّ ما قاله السيد الحضري واقع أم أنه ملفق
    حاليا
    أرى أن المغرب محتكراحتكار شديد من طرف الرسماليين والبرلمانيين والوزراء والسادة أعلى الهرم ولحاسة …
    الاقتصاد: المنتوج المحلي ضعييف المستور والمصنع من طرف دول اجنبية يشكل الحيز الكبير في سوق المستهلك…الشركات الاجنبية تستغل اليد العاملة والمواطن المغربي دون مقابل..الفترة الخيرة من العقد تشهد جيل جديد من المعطلين ألا وهو المهندسين و الاطر العليا…
    اذا صادف أن معطل مهندس وأن حالته المادية مزرية ودرايته بالوضع الراهن جيدة وانه اجتنب المخدرات التي يؤول له الكتيير هروبا من هذا الواقع. فلتعلموا انكم تنشؤون جيل جديد من الارهاب الذي سادعوه بارهاب استخدام العنف من اجل المستحقات..زيادة على ذلك الشباب لا يتزوج ليس لديه مال ليكفل به اهله ..إذن ما عندوو ما يخسر.
    أخيراً اللهم لا تجعلنا فتنة للمؤمنين,

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 1

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 2

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 3

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 6

وزير النقل وامتحان السياقة