طنجي .. جسد يسكنه المغرب في "بلاد الفايكينغ"

طنجي .. جسد يسكنه المغرب في "بلاد الفايكينغ"
السبت 12 غشت 2017 - 12:32

شاءت الأقدار أن يحل الشاب محمد طنجي سنة 1989 بالدنمارك، البلد الذي لم يغادره منذ أن وطئته قدماه كرئيس للطباخين، في بحث عن وصفات جديدة للطهي.

وقال محمد طنجي في تصريح صحافي: “كنت أبلغ فقط 24 عاما حينما حللت بهذه المنطقة البعيدة، قادما من إسبانيا حيث قضيت ثلاث سنوات في مقهى-مطعم شهير في ماربيا”.

ولم يخرج طنجي خالي الوفاض من عبوره بالمملكة الإيبيرية، التي وصلها قادما من مدرسة الفندقة بمدينة الجديدة، لإجراء تدريب لمدة شهر واحد، ليستمر ثلاث سنوات.

طنجي، وقد شده الحنين إلى فترة كانت فيها الصناعة الفندقية والسياحية الإسبانية مزدهرة، قال: “لقد تشربت جودة الخدمات،والحس التنظيمي واختيار القوائم (…) إنه باختصار فن الطبخ”.

وجاء طنجي إلى كوبنهاغن كسائح لاستكشاف هذا الجزء من العالم، حيث يتوافد سياح يتسمون بسلوك جد متحضر، لينتهي به المطاف إلى الاستسلام للسحر الخفي لمدينة ودولة وشعب.

“هنا التقيت رفيقة الروح، زوجتي وأم أولادي الثلاثة”، يورد طنجي، مقدما شهادة مؤثرة حول أب زوجته الباكستاني أمجد معراج، قائلا: “عرابي ومرشدي، والرجل الذي أعطى معنى لحياتي”.

وأثمر هذا الزواج، المفعم بالحب والارتباط القوي، دانيش (17 عاما) ويونس (12 عاما) وهيلينة التي يناديها بإيزا (7 أعوام)، والذين يتقنون بشكل كبير الدنماركية والانجليزية والأردية، وخاصة العربية بمنطوقها الدارج المغربي.

وذكر طنجي، في سياق تعبيره عن الفخر بانتمائه المغربي، أن “دانيش، وهو اسم يحيل بالأردية إلى الذكاء، عاد هذا الأسبوع من المغرب، حيث أمضى ثلاثة أسابيع من العطلة مع جدته في مدينة سلا”.

ويستحضر طنجي فترات ماضية مع الجدة “يما إيزا”، كما يحب أن يناديها، التي تعلم بالقرب منها أساسيات الطبخ، وانتقاء الفواكه والخضروات الطرية، وجودة اللحوم والأسماك، ونكهة الفلفل، أي اكتساب المقادير المناسبة وحسن الاختيار.

ويتذكر طنجي، الذي ازداد في غشت 1963 في مكناس، بالقرب من الأكاديمية العسكرية، من أب عسكري وأم ربة منزل، بكثير من الشجون طفولته في حي بطانة، والسنوات التي قضاها في الثانوية، ورحلته إلى مدينة الجديدة للتكوين في مجال السياحة والفندقة في أواخر تسعينيات القرن الماضي.

وأضاف طنجي، الذي يرأس جمعية المستثمرين المغاربة في الدنمارك، أن مياها كثيرة مرت، منذ ذلك الحين، تحت الجسر، وشيء واحد مؤكد “لم تكن لدي، مثل والدي، سوى أمنية واحدة فقط: أن أخدم وطني”، وللقيام بذلك، قال أحد معارفه: “طوني استثمر في وقت مبكر في العديد من الأنشطة الخيرية مع إخفاء اسمه، وساعد أبناء بلده وأقرانه، وقدم العطاء دون أن يطلب أي شيء في المقابل”.

ولكن من أين أتى اسم طوني؟ يجيب أحمد، وهو مغربي يتقاسم معه العضوية في تجمع لنحو 15 جمعية باسم المنتدى الدنماركي المغربي، “كان من الصعب أن ينطق اسم طنجي بلكنتهم، وألصق له الزبناء بسرعة هذا اللقب الذي يتكيف تماما مع البقية!”.

من جهته، أكد رافي، وهو إيراني في السبعين من العمر ومن بين مستخدمي طنجي، أن “طوني كان محظوظا”، وزاد: “لقد مرت 25 سنة وأنا أعمل بجانبه.. جميع أعماله ناجحة”.

ويتقن طوني بشكل جيد، مع ربع قرن في كوبنهاغن، الدنماركية والفرنسية والإنجليزية والإسبانية والإيطالية والأردية، والعربية. وطور هذا المغربي، المعروف بمشيته الرياضية والابتسامة التي لا تفارق محياه، فن ضمان التجاوب أولا مع مستخدميه الـ20، في مطعمه الإيطالي، الذي يقع في طريق الراجلين السياحي الشهير “ستروغيت” في العاصمة الدنماركية.

وليس من النادر التقاطع في هذا المبنى، الذي يحمل اسم بلدية أمالفي الإيطالية، الواقعة على ساحل أمالفي والمدرجة سنة 1997 ضمن لائحة اليونسكو للتراث العالمي، مع أحد كتاب الأعمدة الأكثر تأثيرا في بلدان الشمال الأوروبي، ونواب من جميع الاتجاهات، ووزراء حاليين أو متقاعدين.

وقال طوني: “السياسة لا تعنيني. أنا أهتز بشكل أفضل مع إيقاع الطبخ والثقافة، الرافدين اللذين يسقيان جيدا، عبر الزمن، التقارب بين الشعوب”. ولإعطاء مضمون لتعبيره وعد طنجي بتنظيم أمسية موسيقية وفق التراث المغربي ستنشطها، غداة عيد الأضحى، فرقة للمديح والسماع قادمة من الرباط إلى كوبنهاغن خصيصا لهذه المناسبة، وقال: “سأقوم بعد ذلك بزيارة يما إيزا، والالتقاء بأصدقائي ومعارفي، والتنعم باستنشاق بملء رئتي، مثل دانيش، هواء الأرض التي ولدت فيها وكبرت”.

*و.م.ع

‫تعليقات الزوار

9
  • ahmed
    السبت 12 غشت 2017 - 13:39

    SVP l adresse dial جمعية المستثمرين المغاربة في الدنمارك merci

  • المجيب
    السبت 12 غشت 2017 - 13:58

    كم من مرة عندما يريد مهاجر مغربي ان يحكي نبذة من سيرته الذاتية يبدأ بعفوية ويقول: " غادرت الوطن سنة كذا…".فهل هو يعي ويدري انه يستحيل عليه مغادرة الوطن؟؟ انهم كثر من يعتقدون انهم يعيشون في الوطن لكن الحقيقة الصارخة هي ان الوطن يعيش فيهم ويسكنهم ويكون معهم اينما حلوا وارتحلوا.ان الوطن يسافر معنا بثقافته وعاداته واعرافه واماله واحباطاته.فالوطن هو نحن ونحن هم الوطن وحماية الوطن من حماية ذواتنا وانفسنا.

  • MATADOR
    السبت 12 غشت 2017 - 14:07

    حظ سعيد لك ولكل جاليتنا بالخارج…الله المعين

  • تمنيت البقاء بالدنمارك
    السبت 12 غشت 2017 - 20:09

    الدنمارك بلد جميل وتقول الاحصاءيات اسعد انسان بالعالم هو من يولد بالدنمارك شخصيا زرت هذا البلد الراءع لزيارة اقاربي وتمنيت لو عشت فيه بقيت حياتي كل شي منظم والشعب مسالم تكاد تنعدم مستويات الجريمة هناك جميع المواطنين سواسية الوزير يركب البسكليط والملكة تعيش بقصر صغير على شكل عمارة صغيرة اظن لاتتعدى 600 متر مربع يحرسه حارسان فقط لكن للاسف لم يعد هناك مجال للهجرة
    حظا سعيدا اخي متمناتي لك بالتوفيق

  • رد على الاخ احمد
    السبت 12 غشت 2017 - 20:10

    ابحث في كوكل وستجد عنوان وهاتف الجمعية

  • شيف الداودي
    السبت 12 غشت 2017 - 22:19

    استمتعت بالمقال.وكاني ابحر مع ابن بطوطة في اصقاع العالم.والتاريخ. من طنجة إلى بلاد الفايكينغ. اتمنى ان تكون لنا إلا طباق والنشرات بتوابل ها. .تجربة تستحق التدوين.ولو كانت وزارة السياحة تهتم بهذه التجارب الإنسانية. وتقدم لك وسام ابن بطوطة للطبخ والأطعمة الدولية. أرجو أن تدون تجربتك لأبناء تراث الطبخ العالمي والمغربي بالخصوص.

  • نوفل
    الأحد 13 غشت 2017 - 00:21

    اشتغلت معه في Copenhagen restaurant amalfi ونعم الرجال الله اعمر ليه الدار …

  • ابراهيم الصخيرات
    الأحد 13 غشت 2017 - 06:17

    سمحمد من اطيب خلق الله رجل كريم و خلوق الله يوفقه في حياته ويحفظه

  • احمد الصغير
    الإثنين 14 غشت 2017 - 01:11

    اعادة الاعتبار لابناء الجالية المغربية من خلال كتابة السيرة الداتية للنماذج التي ناظلت بمفهوم النظال الإيجابي وليس نظال الكلام الديماخوحي من اجل الوصول الى الريع والقفز على ظهور أبناء الجالية احيي الاخ محمد الطنجي هل تفاعله مع كاتب المقال حيث أعطى الواقع حقه واستفاض في إبراز مجهود السنين والتي لا تكن بالسهلة في ظلمات الغرب حان الوقت لإخراج النماذج الناجح من خجلها لانها فعلا تخل امام وجوه ملت منها الجالية خاصة في الدنمارك والدين لم يحملوا سوى البئس والسلبية الممنهجة من ركوب امواج المصالح الشخصية حيث مل الشباب من اسلوبها واختلطت لديهم المفاهيم من سلوك الفيئة السالفة الذكر النجاح لن يتحقق سوى بإعادة الاعتبار لمثل هده النماذج التي تثلج الصدور وتجعلنا نتفائل ان المرحلة القادمة هي تصحيحية ستحمي حب أبناء الجالية لوطنهم الام وملكهم متجاوزين الماضي الدي عفن بايدي استغلت الفراغ ونسجة اخطبوطات الفساد بمسميات أوهموا بها المتلقي انها الحقيقة اليوم الجالية تثق في ملكها الدي شمل عطفه في كل الخطب رعاياه في الخارج وتثق في الغد الافظل بأيادي نظيفة مترفعة عن اُسلوب المكائد والحيل المكشوفة .

صوت وصورة
حاجي ودمج الحضرة بالجاز
الخميس 28 مارس 2024 - 12:03

حاجي ودمج الحضرة بالجاز

صوت وصورة
أجانب يتابعون التراويح بمراكش
الخميس 28 مارس 2024 - 00:30

أجانب يتابعون التراويح بمراكش

صوت وصورة
خارجون عن القانون | الفقر والقتل
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:30

خارجون عن القانون | الفقر والقتل

صوت وصورة
مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:00

مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية

صوت وصورة
ريمونتادا | رضى بنيس
الأربعاء 27 مارس 2024 - 22:45

ريمونتادا | رضى بنيس

صوت وصورة
الحومة | بشرى أهريش
الأربعاء 27 مارس 2024 - 21:30

الحومة | بشرى أهريش