الصحافة الثقافية بالمغرب: بنيات متهالكة.. ورهانات مبتذلة

الصحافة الثقافية بالمغرب: بنيات متهالكة.. ورهانات مبتذلة
الإثنين 18 يونيو 2012 - 03:12

يتراجع دور الصحافة الثقافية بالمغرب يوميا؛ ويضيق حيزها أمام هيمنة أخبار الإثارة والفرجة والحوادث؛ وما عادت قادرة على تتبع الحراك الثقافي المغربي. وسواء تعلق الأمر بالصحافة المرئية أو المسموعة أو المكتوبة، فإن حضور الثقافي فيها يظل شبه غائب: فالقناتان الفضائيتان الرئيسيتان لا تبرمجان سوى برنامجين ثقافيين يبثان بعد أن ينام الجميع. والأمر نفسه ينسحب على الإذاعات. أما الصحافة المكتوبة فتُزحم صفحاتُها الثقافية بالإشهارات والصور المغرية التي لا علاقة لها بالثقافة؛ في حين يظل الحدث الثقافي خارج الحسبان؛ مما جعل أغلب المثقفين يبحثون خارج الحدود عن منابر جديرة بأعمالهم وأنشطتهم الثقافية والإبداعية؛ خاصة بعد أن أضحت أغلب المنابر الوطنية أبواقا لجهات رسمية أو حزبية لا تمثل فيها الثقافة إلا عناوين خرقاء.

أمية ثقافية:

ويعتبر الشاعر محمد نجيم (الصورة أدناه) أن الثقافة ما تزال في مهدها نظرا لتفشي الأمية التي لم تفلح سياساتنا التعليمية في محاربتها، كما أن الأمية الثقافية متفشية بدرجة مهولة وسط المتعلمين من مختلف أجيال المجتمع المغربي. لذلك؛ ما يزال سؤال الثقافة منحصرا في أوساط ضيقة من المجتمع، ولا يعني سوى من ابتلوا بها كالكتاب والشعراء وأهل الفكر.

ويضيف بأن الصحافة الثقافية تحتاج إلى إمكانيات مادية ولوجوستيكية غير متوفرة في مجتمعنا المغربي، ناهيك عن غياب تقاليد العمل الصحافي في مشهدنا الصحفي؛ مقارنة ببعض بلدن المشرق العربي التي راكمت تجارب وأرست دعائم قوية للعمل الصحافي؛ ومنه الجانب الثقافي. وهذا ما جعل “أدمغة الصحافة الثقافية” تهاجر إلى الخارج. وأصبح الكاتب المغربي يسفّر مقالاته إلى كبريات المنابر الثقافية الخليجية التي تملك إمكانيات هائلة؛ وبنيات ثقافية بمعايير عالمية، فهناك يُحترم الكاتب المغربي وتعطى قيمة إضافية لمادته التي تنشر على نطاق واسع؛ بفضل وصول تلك الصحف إلى عدد كبير من القراء؛ نظرا للتوزيع الجيد. ويختم نجيم كلامه؛ بكون الصحافة الثقافية في المغرب، صحافة من دون ثقافة؛ لأن المجتمع برمته يهمش المشروع الثقافي؛ ويلغيه من حساباته.

تعتيم إعلامي:

أما الروائي هشام بن الشاوي(الصورة أدناه)؛ فقد شكك أصلا؛ في وجود صحافة ثقافية بالمغرب معبرا عن قلقه تجاه غيابها وطرق اشتغالها. يقول: “تخيل بلدًا يتجاوز فيه عدد المنابر الأربعين مطبوعة، ولا توجد صفحة ثقافية واحدة، تغريك بتصفحها. ثمة صفحات ثقافية باهتة، أغلبها يكرس الرداءة والعهر الثقافي.. حضورها وغيابها سيّان! صفحات يحررها مطتفلون؛ بينهم من لم يسبق له أن كتب حتى خاطرة، ويشرف على ما “يشبه صفحة ثقافية” في جريدة سيّارة، جلّ موادها يتم السطو عليها من مواقع إلكترونية عن طريق النسخ واللصق!! وتُحشر فيها أخبار أنشطة غير ثقافية… وأكثر من ذلك؛ بعضها يخصص هذه الصفحات لنشر الإعلانات العقارية بدل أن يواكب أخبار حصد الشباب المغربي لجوائز في الإبداع والنقد. ويرجع بن الشاوي هذا التعتيم إلى الحقد وعدم الاختصاص اللذين يميزان المشرفين على هذه الصفحات.

البديل الرقمي:

وإذا كانت المنابر الورقية والمرئية قد أدارت ظهرها للثقافة والمثقفين المغاربة، فإن الثورة الرقمية وفرت لهم آفاقا رحبة للترويج والنشر والتواصل. وقد بادر هؤلاء إلى تجريب هذا الوسيط الجديد منذ نهاية التسعينيات، غير أن صعوبات جمة وقفت في وجه استمرارية هذه المنابر الشخصية، لما تتطلبه من موارد وبنيات ضخمة، حيث يرجع محمد أسليم صاحب موقع أسليم المبكر الإنشاء (يناير 2002 سبب توقف تحيين الموقع، إلى غزارة المواد المرسلة، ولغة بنائه التي تتطلب وقتا كبيرا في التحيين يتجاوز قدرة فرد واحد، ما يقتضي الحصول على دعم مؤسسي. علما أنه تمَّ إرسال إشارة لوزارة الثقافة المغربية، في ضرورة دعم المواقع الإلكترونية المغربية، عبر منابر ثقافية محلية، لكن النداء لم يصادف أي صدى..”.

ويضيف أسليم (الصورة أعلاه) أنه بالموازاة مع الموقع، تمَّ بناء مجلة ميدوزا ومنتدياتها، اللذين صادفا الترحاب نفسه، لكن تمَّ إغلاق المجلة مؤقتا لسببين: الأول تقني يتمثل في غياب فريق يتولى الترقية والحماية، وهو ما لا نملك إمكانياته المادية، والثاني الحاجة إلى فريق تحرير، وما كل الناس تريد التطوع في الحقل الثقافي الرقمي لغايات ثقافية بحثة. ناهيك عن خاصية ميَّزت حضور مجموعة من الأدباء المغاربة في الأنترنت، وهي التشرذم والتنافس، لأسباب غير ثقافية… ومع أن المنتديات ما تزال موجودة وتشتغل بإصرار، لكنها ليست بالتفاعل المطلوب، لصرامة معايير التسجيل والتفاعل، ما لا يقبله سائر مرتادي الأنترنت المغاربة والعرب. وبذلك تحولت إلى أرشيف ومنبر للنشر الحر لأعضائها المسجلين…

*[email protected]

‫تعليقات الزوار

4
  • presse
    الإثنين 18 يونيو 2012 - 11:28

    أغلب الجرائد المغربية رذيئة.لا أقول جميع الجرائد. تجدها لا تتوقف عن إنتقاد 2m و rtm و كتنسا راسها .ينطبق عليها المثل الشعبي ( الشبكة كتضحك على الغربال، كتقوليه عينيك كبار). والله أمر يحيرني. والذي لا أفهمه كثيرا هو ما تنشره جريدة الصباح و جرائد أخرى, التي تنشر دائما في الصفحة الأخيرة نجمة من النجوم وهي شبه عارية او لابسة غير لبكيني . لا أفهم إلى حد الأن ملفاإذة ومالهدف من نشر تلك الصور في الصفحة الأخيرة . رسالة إلى العقل البطن للقارء من أجل إثارة شهوته الغريزية وإشاعة الإنحلال الخلقي ( des message subliminaux)

  • صحافتنا اليوم
    الإثنين 18 يونيو 2012 - 14:20

    غريب أمركم ! لا توجد ردود وتعاليق تنتقد صحافتنا؟!!!!!!!!
    صحافة الأمس ليست هي صحافة اليوم.
    – انتاج صحافة اليوم رديئ.
    – صحافة اليوم لا تنقل المعلومة بمضوعية.
    – هناك من يزاول هذه المهنة لأجل الإرتزاق ،ليس الا: بعض الصحافة ، سامحهم الله، ينشرون ما يروق بعض المسؤولين بمقابل مادي.أو ينشرون معلومات خاطئة و مغلوطة نزولا عند رغبة أصحابهم من مراكز المسؤولية، كما سجلناه مرارا و تكرارا خلال مقالات تهم قطاع التعليم أي ما يهم هذا "الصحفي" هو 3Dh. لكنه نسي شهادة الزور التي يدلي بها و ظلمه لفئة عريضة.
    – هناك من يمارس هذه المهنة دون أن تكون له أية صلة به، خاصة الصحافة الإلكترونية.
    – صحافة اليوم ساهمت في تردي المستوى الخلقي للناشئة ، و تضرب بذلك دور المدرسة.
    – صحافة اليوم لا تساهم في التنمية الثقافية و الفكرية و التنمية البشرية بشكل عام.
    – بطريقة تناولها لبعض الظواهر، تشع على الغش،التزوير،الجريمة…هل هذا مقصود؟!الله أعلم.
    و أظن أن من أسباب ما سبق:
    – غياب الضمير المهني.
    – ردائة التكوين
    – غياب التخصص، فبعض الصحفيين يتناو لون جميع المواضيع ، كأنهم ملمون بجميع مجالات المعرف.
    – انعدام الجرأة .

  • حاميد
    الإثنين 18 يونيو 2012 - 21:19

    مع إحترامي لكل الصحافيين بكل تخصصاتهم و تكوينهم و مستوياتهم المهنية ، البعض لا يرقى للعمل الصحفي و المنوط به سوى التسلط والتطفل ، محسوبية و زبونية و و في كل مجال و كل مكان…مقنعين يلهثون وراء المادة الخبيثة. للقارء و المستمع و المتفرج منتوج مسموم لا أكثر

  • باسم الهور
    الثلاثاء 19 يونيو 2012 - 16:32

    السادة الكتاب و الأدباء الكرام هل سبق و ان شاهد تم ما تقدمه قناة الرابعة سابقا و الثقافية حاليا من منتوج إعلامي عمومي تطرح من خلاله أبعاد الثقافة المغربية بروادها ومبادراتها ومكتسباتهم الحالية؟ اسمحوا لي أيضاً ان اغتنم هذه المناسبة لأسأل كم عن مفهوم الثقافة كما ترونها انتم ، هل هي الادب و الفكر والنقد وباقي اشكال الكتابات؟ ام ان لكم تعريفا اخر للثقافة .

صوت وصورة
شراكة "تيبو أفريقيا“ وLG
الجمعة 29 مارس 2024 - 11:43

شراكة "تيبو أفريقيا“ وLG

صوت وصورة
احتفاء برابحة الحيمر في طنجة
الجمعة 29 مارس 2024 - 10:03

احتفاء برابحة الحيمر في طنجة

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55

تقنين التنقل بالتطبيقات