شيوخ السلفية بالمغرب: لماذا تخلوا عن أتباعهم لداعش والنصرة؟

شيوخ السلفية بالمغرب: لماذا تخلوا عن أتباعهم لداعش والنصرة؟
الجمعة 1 غشت 2014 - 22:54

بتاريخ 4 فبراير 2012 غادر شيوخ ما سمي بملف “السلفية الجهادية” أسوار السجون بالمملكة المغربية بموجب عفو ملكي تزامن مع احتفال المغاربة بذكرى المولد النبوي، وتعلق الأمر بكل من الشيخ حسن الكتاني، والشيخ عبد الوهاب رفيقي الملقب بأبي حفص، والشيخ عمر الحدوشي، وسبقهم قبل ذلك الشيخ محمد الفزازي قبل بضعة أشهر بعفو ملكي أيضا. وكان شيوخ السلفية بالمغرب في ملف ما سمي بـ “السلفية الجهادية” الأربعة قد اعتقلوا عقب الأحداث التفجيرية الإرهابية التي استهدفت مدينة الدار البيضاء في 16 ماي 2003 والتي خلفت عدة ضحايا من المغاربة والأجانب ما بين قتلى وجرحى.

وقد وجد شيوخ السلفية الأربعة بالمغرب أنفسهم بعد العفو الملكي أمام ملف ضخم يتمثل في الدفاع عن طلب إطلاق سراح باقي المعتقلين السلفيين في السجون المغربية، وتحديات جمة تكمن في التكيف مع الوضع الجديد من خلال جس نبضهم من طرف الجهات الرسمية حول مدى المراجعات التي قاموا بها في مواقفهم السابقة التي وصفت بـ”المتشددة”.

بالإضافة إلى ذلك، كان هناك تحدي آخر، حيث كانت مجموعة من أتباع شيوخ السلفية الأربع الذين كانوا معجبين بخطاباتهم ومواقفهم ينتظرون خروجهم من السجن من أجل إكمال المسيرة التي بدؤوها معهم قصد توجيههم “لإقامة شرع الله في الأرض”.

التكيف مع الوضع الجديد:

انتظرت الجهات الرسمية وكذلك الإعلام المغربي والدولي بتعدد روافده المراجعات التي قد يكون شيوخ السلفية قاموا بها خلال فترتهم التي قضوها في السجن، خصوصا أنهم قد استفادوا من عفو ملكي بعد قضائهم أقل من 8 سنوات من مدة حكم تراوحت ما بين 20 إلى 30 سنة، والمبادرة التي ألقاها آنذاك الشيخ أبو حفص في رسالة بعثها إلى السلطات الرسمية بعنوان “أنصفونا” اشتملت على مجموعة من المراجعات النظرية. التكيف مع الوضع الجديد لم يكن سهلا أبدا، خصوصا الانتقادات الواسعة التي تعرض لها الشيوخ الأربعة من قبل محسوبين على التيار “الحداثي” بالمغرب إضافة إلى اصطياد بعض الزلات في التصريحات الصحفية من قبل بعض الجهات الإعلامية غير الرسمية. حيث توزعت أدوار الشيوخ الأربعة ما بين العمل السياسي والوعظي الرسمي وغير الرسمي والجمعوي.

الدفاع عن المعتقلين السلفيين المتبقين في السجون

بمجرد إطلاق سراح شيوخ السلفيين الأربعة كانت خطاباتهم موحدة بشأن إكمال المسيرة في الدفاع عن باقي السلفيين القابعين في السجون المغربية، إلا أن ذلك -رغم كل المجهودات التي كانت تلوح في الأفق والمبادرات التي قام بها بعض شيوخ السلفية وعلى رأسهم أبو حفص والكتاني بمعية جمعيات حقوقية يسارية وإسلامية وشخصيات وطنية – بدأ يخفت مع التطورات التي عرفها النسق السياسي الوطني والدولي، خصوصا مع تنامي التيارات الجهادية في سوريا والعراق وليبيا واتجاه مجموعة من المغاربة المتشددين إلى هذه البلدان، مما جعل الشيوخ يتوجسون من هذا الملف ويبرؤون أنفسهم منه، خصوصا مع “اللجنة الوطنية للدفاع عن المعتقلين السلفيين” التي كانت ولازالت تتبنى هذا الملف وتضم مجموعة كبيرة من التيار السلفي بالمغرب، حيث وجدت هذه اللجنة تخاذلا كبيرا من لدن بعض الشيوخ، الشيء الذي جعل مجموعة من أفراد هذه اللجنة يتجهون إلى سوريا قصد القتال مع الجماعات الجهادية المتطرفة هناك أبرزهم ناطقهم الرسمي أنس الحلوي الذي قتل مؤخرا هناك.

هل احتضن الشيوخ الأربعة أتباعهم؟

على ما يبدو أن المراجعات التي قام بها الشيوخ الأربعة بدون سابق إنذار عكرت صفو أتباعهم الذين أعجبوا بهم قبل أحداث 16 ماي 2003 وطيلة مدة السجن التي قضوها، وهذا ما بدا جليا على صفحات الشيوخ الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي والندوات التي كانوا يؤطرونها والخرجات الإعلامية التي كانوا يسطرون فيها مواقفهم ومراجعاتهم، ومع هذا التسارع في الأحداث والمواقف، لم يكن على الأقل علنا نية مسبقة بإجراء حوار داخلي للشيوخ الأربعة مع أتباعهم أو على الأقل مريديهم، من أجل ثنيهم عن الأفكار السابقة ومراجعتها عبر النقاش الفكري الهادئ وأخذ الوقت الكافي من أجل ذلك، فأغلب ما انشغل به الشيوخ الأربعة هو رد الفعل على الانتقادات وإعادة التموقع في المجتمع وفق الوضعية الجديدة، وبالتالي كان من الصعب القول أن هناك احتضان كلي وحوار رسمي على اعتبار أن هذا التحدي في الأصل كان من المفترض أن يكون أولى الأولويات التي على الشيوخ الأربعة وضرورة إعطاءها الوقت الكافي لتنضج.

خيبة أمل تلاها تدعش أو تنصر

مع خيبة أمل بعض مريدي الشيوخ السلفيين الأربعة، لم يعد لبعض “السلفيين الجهاديين” في المغرب شيخ، مما جعل الفرصة سانحة لهم من أجل التشدد أكثر فأكثر، والاتجاه نحو البؤر المتوترة في العالم العربي بعد التطورات التي عرفها موجة الربيع في الدول العربية، فكانت سوريا والعراق مركزين أساسيين لهجرة الجهاديين المتشددين المغاربة حيث رصد تقرير كشف عنه معهد «غولف ميلتري انلايسيس» أن عدد المغاربة الذين يقاتلون في سوريا يبلغ ثمانية آلاف مغربي ينحدرون من مناطق مختلفة من المغرب، إضافة إلى عدد من الحاملين لجنسيات بعض الدول الأوربية خاصة فرنسا وبلجيكا، وذلك خلافا لرقم 1500 مقاتل مغربي الذي تداوله الإعلام سابقا، وذلك استناد إلى معلومات حصل عليها المعهد من مصادر مغربية رسمية، وقد انضم هؤلاء المقاتلون المتشددون المغاربة إما إلى تنظيم “الدولة الإسلامية في العراق والشام” داعش، أو جبهة النصرة المحسوبة على تنظيم القاعدة، مما يثير أكثر من علامات استفهام حول الدور الذي كان من الممكن أن يلعبه شيوخ السلفية الأربعة في ثني هؤلاء السلفيين عن السفر للقتال في هذه البلدان عبر حوار فكري حجاجي يأخذ بعين الاعتبار الخصوصية السلفية.

‫تعليقات الزوار

7
  • saccco
    السبت 2 غشت 2014 - 03:44

    يقول الكاتب
    " لم يعد لبعض “السلفيين الجهاديين” في المغرب شيخ، مما جعل الفرصة سانحة لهم من أجل التشدد أكثر فأكثر
    هذا ضحك على الدقون وقلب للحقيقة
    الحقيقة هي ان تطرف بعض الشباب المغربي جاء بفعل تاثير تطرف هؤلاء الشيوخ الذين نفتوا سمومهم وأحقادهم في عروق أتباعهم وجعلهم يساهمون لا فقط في الارهاب الداخلي بل ايضا في الارهاب الدولي
    فعملية التعبئة والشحن وغسل الادمغة للشباب لزرع التطرف والحقد الاعمى هي فعل مارسه هؤلاء الشيوخ وغيرهم وفق أجندات زمنية وخطط ممنهجة وفعالة وناجعة أعطت نتائجها في تفجيرات البيضاء وغيرها بحيث اصبح المغرب يحتل المراتب الاولى في تصدير الارهابيين الى بؤر التوتر الذين هم من صنع تطرف هؤلاء الشيوخ

  • ديـــــما راجـــــــــــــــا
    السبت 2 غشت 2014 - 11:34

    بين السلفية وبين التاريخ قطيعة وعداء مزمنان،ولو كلفوا أنفسهم قليل عناء وقرأوا التاريخ الإسلامي خاصة مرحلة الفتنة الكبرى،وما قبلها وما بعدها،وحللوا الأحداث بدون تعصب لفئة أو أشخاص بعينهم،…لما وقعوا في كل تلك الأخطاء المنهجية،والإنحرافات العقائدية،والجرائم السياسية.
    بكلمة واحدة،إن مثل السلفية بكل أطيافها(إذ ليس في القنافذ أملس)"كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر فلما كفر قال إني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين فكان عاقبتهما أنهما في النار خالدين فيها وذلك جزاء الظالمين"
    عندما تحرض شخصا على فعل،فيجب أن تكون في المقدمة،لا أن تتوجه صوب الشمال للإستجمام رفقة أبنائك،أو شطر الجنوب لتجديد نشاط أعضائك،"أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب،أفلا تعقلون"
    كان السيد حسن نصرالله وهو يجاهد العدو الصهيوني يحس بالأسى حين يرى آباء وأمهات الشهداء،ولم يستشعر الرضى إلا بعد أن استشهد ولده،وظل جثمانه أسيرا لسنوات عند العدو،بينما شيوخ السلفية يحرضون أولاد الناس،ويحضنون على أولادهم،ويبخلون بهم على الموت،ويسارعون بالقـفـز من سفينة الجهاد تماما كالجرذان التي تكون أول المغادرين للسفينة الغارقة.

  • جمال
    السبت 2 غشت 2014 - 21:14

    الفشل واحد ويؤدي الجميع :فشل الدولة المغربية في التنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية كانت له تداعيات على الجيران الأقربين والأبعدين فاهم يقتلون ويخربون ويشوهون صورة الاسلام في كل من العراق وسوريا .ليسوا سفراء الخير والجمال والحق بل سفراء الشر والقبح والباطل. من السبب؟ السبب نحن دولة ومجتمع إنهم نتاجنا مرآتنا التي نرى فيها صورتنا البشعة.

  • ابومعاوية الطنجي
    الأحد 3 غشت 2014 - 02:10

    الكاتب سلط الضوء على أمر مهم، وإلى حد ما ناقشه بجدية قريبة من ارض الواقع رغم خلفيته التي ينطلق منها, لا كبعض الكتاب الفقراء الذين يتنكرون لما هم اليه منتموون ويهرفوون بما لا يعرفون.
    مصطلح ( السلفية الجهادية) (كيغلفني) لأنني كشاب مسلم مغربي عندما كنت أبحث على طريق توصلني الى الاسلام الصحيح,كانت هذه المطلحات تشوش علي.اما في يتعلق بهؤلاء وتراجعاتهم فعند من يتدين بالسنة على فهم الاصحاب لا يعتد بها، فمنهج السلف واضح والرجوع من التكفير الى الحق له ضوابط وشروط. والسلفية مهما قيل فيها ومهما شوش عليها فهي ولله الحمد المفهوم الصحيح للاسلام رغم انوف: الطرقيين والتكفريين والعلمانيين.

  • arsad
    الأحد 3 غشت 2014 - 05:34

    8 آﻻف مغربي يقاتلون في سوريا ارى ان هذا الرقم مبالغ فيه فالسلفيين المتشددين في المغرب بكامله لن يبلغوا هذا الرقم مع العلم ان عدد كبير ممن لايزالون في السجون لا علاقة لهم بالارهاب وانما وجهت لهم التهم بعد تسييس الارهاب .

  • محب السلف
    الأحد 3 غشت 2014 - 14:19

    اولا يجب التفريق بين السلفية وما سمي زورا بالسلفية الجهادية فإنه لا يوجد شيئ اسمه السلفية الجهادية وانما التسمية الصحيحة لهم الخوارج والسلفية براء منهم فالسلفية تنسب الى السلف الصالح وهم اتباع سنة الرسول صلى الله عليه واله وسلم اما داعش وجبهة النصرة وانصار الشريعة فهم خوارج يقتلون اهل الاسلام ويدعون اهل الاوثان ,قد شوهوا صفاء الدين هم والعلمانيين الخبثاء.

  • البريد
    الثلاثاء 5 غشت 2014 - 11:34

    شيوخ السلفبة يعملون الأن بالتقية حتى يتسنى لهم الوضع ثانية للرجوع إلى ضلالهم. ولكم عبرة في الذين أفرج عنهم من السجن ثم التحقوا بسوريا ومن ثم إلى العراق ـ لبنان ـ اليمن …..

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 1

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 2

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 3

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 6

وزير النقل وامتحان السياقة