اَلْمَسْؤُولِيَّةُ وَالْأَهْلِيَّةُ الْمَفقُودَةُ

اَلْمَسْؤُولِيَّةُ وَالْأَهْلِيَّةُ الْمَفقُودَةُ
الإثنين 24 نونبر 2014 - 22:50

الأحزاب، والنقابات، والجمعيات، والهيئات المدنية، والتنظيمات النسوية، والشبابية، والمهنية، وهَلُمَّ هياكل وأشكالا، وتلوينات وأطيافا من “القيادات” المتحكمة في رقاب العباد. هذا الطابور الجاثم بكلكله الثقيل على ربوع هذا البلد المغلوب على أمره، تتولى شؤونه كائنات انقضت على “تمثيله” بتحكُّمٍ في مصائره، واستغلالٍ للثقة التي وضعها فيه هذا الشعب الكادح ، ولصوته الذي أعلاه به منصة الدفاع عنه، والمنافحة دون مطالبه، لتحقيق مآربها الخاصة على حساب حقوقه المشروعة، ومطالبه المستعجلة.

لقد ظلت شعوب الربيع الديمقراطي تعيش، ردحا من الزمن، تحت نير “الإنابة الدفاعية” للهيئات والتنظيمات الحزبية والنقابية والجمعوية المختلفة، قبل أن تستفيق ، وتنوب عن نفسها بنفسها، و تقلب ظهر المِجن على هذه “الكراطين” المغلفة برداء الأنظمة المستبدة، المحتمية خلف “وسام” الثقة الذي وشحتها به الجماهير المغفلة في “الجموع العامة”، وتنطلق حرة طليقة تهز أركان الطواغيت، وتشعل الأرض تحت أقدامهم، بدون أجندة مفبركة، أو برامج مطيلة لعمر الاستبداد، مشتتة لتركيز الجماهير الهابَّة إلى ميادين التغيير .

لن نذهب أخي القارئ الفاضل أكثر من هذا، فليس مقصودنا من هذا المقال سوى تنبيهٍ لطيفٍ، إلى ما بدأ يعِج في دنيا الناس من كائنات أعلتها العامة شؤونها، وصوتت عليها “الجموع العامة” لتمثلها عند من يهمهم الأمر؛ فأكلت الثوم بأفواهها، وركبت ظهرها، و”ناضلت” من أجل مصالحها، على حساب رعاع هذه الأمة ومستضعفيها.

لقد أصبحت حواراتنا مع من يهمهم الأمر حوارات مجاملات، تبتدئ كما تنتهي، لا مطالب تُحَقَّق، ولاوعود يُلتزَم بها، ولا محاضر تُوقَّع؛ خلا قهقهات، ومجاملات، ووعودا زاهياتٍ من قبل المستحوذين على القرار، في منأًى عمَّن أعلى هذه “الكائنات” الكراسي الوثيرة؛ لتتكلم عنه، وتدافع عن حقوقه، وتحسن تمثيله وعرض مشاكله..

وليس غرضي ودافعي من إثارة هذا الموضوع، سوى ما عشته وعايشته وأعيشه ضمن تنظيمات وهيئات ليس لها من حظ تمثيل “الأمة” التي صوتت عليها إلا تلك الوريقات التي “خربش” فيها المصوتون أسماءها “الصَّنَمِية”، فاعتلت بها منصات التتويج بوجه ظاهره الرحمة ، وباطنه من قِبَلِه العذاب !.

إن الذي ينوب عن الناس في حضرة من يهمهم الأمر، ولا يشعر بجسامة المسؤولية التي حُمِّلَها، ويعتقد أن هذا “الإعلاء” تشريف من الناس، و”إمضاء على بياض” لصولانه وجولانه في الدهاليز المظلمة، لتحقيق مآربه، ومآرب من يعولهم من “رعيته الخاصة”على حساب مطالب “الأمة” التي صوتت عليه؛ فتراه يستغل ثقة الناس فيه، وحماية “الجموع العامة” التي أعلته منبر الحديث عنها، في المجاملات، والأعطيات، والتنازلات المدفوعة سلفا؛ ليس يجوز لمن كان في قلبه ذرة من صدق، وغيرة على حقوق الناس، ومطالبها، إلا أن يفضحه ويسحب منه الثقة التي لوثها بخبيث تحركاته المشبوهة بين المصالح والمكاتب والإدارات و “الدهاليز” المظلمة، وسواها من “أقبية” المقابلات المتواطِئة !.

كنت دائما أتعجب من “فِطرية” حب المناصب والكراسي والمنصات، حينما كنت في حجرة الدرس أشرف على انتخاب مسؤول ضمن التلاميذ، وأطرح السؤال التالي:”من منكم يريد أن يترشح لمنصب كذا..؟. فكان عدد المترشحين بعدد التلاميذ إلا قليلا منهم !. فكنت أقول مع نفسي: “إذا كانت هذه البراءة بهذا الحب المتدفق للمنصب، فليس يجوز لنا- البتة- أن نلوم سواهم مِمَّن عقِل فكرُه عمَّا حواليْه، ورؤيته عن مبتغاه، وسعى إلى المنصب عن سبق إصرار وترصد” !!.

لكننا، في المقابل، لن نكون عَدَمِيِّين فندعوَ الناس إلى ترك المناصب حتى لا يُتَّهموا بحبها. فلسنا من دعاة “الكراسي الفارغة”، لاعتقادنا أن ترك النزهاء و المخلصين للكراسي والمسؤوليات فرصة لعديمي الضمير أن يقتعدوها؛ فتضيعَ الحقوق، ويُتاجرَ في المطالب.

لذلك ندعو الأكفاء والنزهاء والعقلاء ومن لم تثبت في “صحيفتهم” ثلمة تضعهم موضع التهمة، ومجال الشك في حسن اضطلاعهم بالمسؤوليات، ألا يترددوا في ملء المقاعد، وتقَدُّم الناس. حتى إذا عجزوا عن الإصلاح، وحال بينهم وبين تحقيق المطالب حائل؛ صارحوا من أعلاهم منصة الإنابة عنه بالعقابيل المانعة لهم عن المضي في درب الحوار المؤدَّب المسؤول، لا المجاملات المسقِطَة للحجج، والمُفقدة لجرأة عرض مطالب الناس…و”للجموع العامة”- آنئذ- واسع النظر في الوسائل القمينة بتحقيق المطالب، و النظر في المآلات والنتائج المترتبة عنها.

فنفوسنا نُذكِّر أولا، وإخواننا ثانيا، بأن المسؤولية أمانة أبت السماوات والأرض أن يحملنها وأشفقن منها، وتهافت عليها سواهما من ضعاف خلق الله من غير أهلها، وارتهنوا إليها، حتى امتلكتهم فلم يجدوا عنها مناصاً. والعاقبة – لا محالة – خزي في الدنيا، وندامة يوم يقوم الأشهاد

دمتم على وطن.. !!.

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 2

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 3

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 10

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 6

وزير النقل وامتحان السياقة

صوت وصورة
صحتك النفسانية | الزواج
الخميس 28 مارس 2024 - 16:00 3

صحتك النفسانية | الزواج