تعتبر التربية السياسية للشباب توجها رئيسيا بدأت تعتمده غالبية الدول بغاية تأهيل الشباب وتكوين شخصيتهم وتعليمهم المهارات وتلقينهم التجارب اللازمة للمساهمة في تطوير مجتمعاتهم.
أما في المغرب، فنحن في أمس الحاجة إلى التربية السياسية لأهميتها ودورها الفعال في مجتمعنا. حيث يعتبر العزوف السياسي واللامبالاة في المشاركة في الحياة العامة وانعدام الثقة، الشعار الرسمي الذي يتبناه شبابنا اليوم.
التربية السياسية هي تطوير المعارف والسلوك لدى الشباب وتشجيعهم على المشاركة في الحياة السياسية، والتعرف على الوسائل والآليات التي يمكنهم من خلالها المساهمة وإدارة شؤون مجتمعهم لكي يصبحوا أعضاء فاعلين وشباب منتج و مشارك في تقدم وطنه.
إن ما يواجهه الشباب من مشاكل وتدمر وغزو إيديولوجي أجنبي يسبب في تكوين فراغ فكري وعقائدي والتخلي عن الهوية الوطنية. ويستغل أعداء الوطن والظلاميين حيرة الشباب وقلة خبرتهم للتوهيم بهم والتشويش عليهم.
وفي هذا الإطار، فإن للتربية السياسية عدة منافع على الشباب والمجتمع ونحصي منها:
-تطوير ثقافة الشباب وتكوينهم: بتوعية شبابنا وتكوينهم، فإننا نكسبهم مفاهيم وثقافة في شتى المجالات (اقتصادية، سياسية، اجتماعية) تساهم في نضج الشباب وتطوير شخصيتهم ولعب دور المدرسة الثانية.
-الحد من الكآبة والضغوطات النفسية التي يواجهها الشباب: إعطاء الفرصة للشباب للمشاركة في الحياة السياسية سيسهم في تحميس الشباب للتقدم بمجتمعهم ليكونوا أعضاء فاعلين ومساهمين في التنمية بعلمهم وطاقاتهم ، كما سيتمكنون من معالجة مشاكلهم (البطالة، الفقر، الانقطاع عن الدراسة) والمساهمة في إيجاد حلول لها عوض التذمر وفقدان الأمل.
-نشر قيم التعاون والتسامح: بحث الشباب على استغلال طاقتهم اليافعة لمعالجة مشاكل الآخرين سنمهد لبناء مجتمع متراص وتحقيق تماسك اجتماعي متين مبني على مصلحة الوطن والدفاع عن مقدساته.
-تعزيز روح المواطنة: بتعميق روح الانتماء والافتخار بالهوية الوطنية والدينية نكون شبابا واعيا ومستعدا للدفاع عن وطنه ونساعد على تغيير أفكار شبابنا الخاطئة والواهمة كالهجرة لبلدان أخرى وغيرها وتعويضها بنضج فكري وثقافة تساهم في بناء مغرب الغد، وبكل ثقة.
-تشجيع الشباب على العمل السياسي: يعتبر الشباب آمال المجتمع و قياديي الغد، ولذا وجب عليهم الاهتمام بالشأن السياسي والمشاركة فيه وتغيير نظرتهم السلبية للسياسية لأننا نعيش اليوم في مغرب الانفتاح والعهد الجديد والديمقراطية. فبالمشاركة سيعبر الشباب عن آرائهم ويدافعون عن اهتماماتهم ويساهمون في قضايا الوطن.
-تحصين الشباب من الفكر المتطرف والمنحرف: التربية السياسية تنضج الشباب وتكسبهم خبرة ووعي للدفاع عن أنفسهم وبالتالي عن وطنهم من الأفكار الظلامية والإنحرافية والإرهابية، كما يسهم في تأطير وعقلنة مطالب الشباب وآرائهم وتجنب الانتفاض العفوي والعشوائي الذي يستغله أعداء الوطن.
التربية السياسية اليوم تعتبر من واجبات الأحزاب السياسية التي بتقربها من الشباب وتوعيتهم ومحاورتهم ستصالحهم وستستفيد من أفكارهم وسواعدهم. فالحزب الذي لا يجدد دماءه بعناصر شابة سيصبح حزبا ضعيفا ومتقادما. ولهذا وجب على المسؤولين والمنتخبين تغيير خطاباتهم السياسية لمسايرة المتطلبات الشبابية واحتياجاتها. الأمر الذي يجب على الأحزاب أن تجعله من أولوياتها في الاستحقاقات الانتخابية القادمة وهو كيفية تفعيل طاقات الشباب وجذبها إلى الأحزاب والعمل المجتمعي. كما أن لجمعيات المجتمع المدني دور هام في نشر هذه التربية السياسية بين الشباب اليوم لان هذه المهمة لا تنحصر فقط على الأحزاب السياسية بل هذه التربية قد تبدأ من البيت من خلال تربية الأبناء منذ الطفولة على الثقة بالنفس وعدم الخوف والتعبير عن الرأي بكل حرية والتشجيع على المشاركة وتنمية روح المسؤولية.
وأين هو هذا الشباب الذي تتحدث عنه ؟ إنه في غيبوبة تامة مكبلا بترسانة من المخدرات والموبيلات الرنانة في أعماق الفراغ والضياع ..!!!