تجار السلاح و دموع "التماسيح"

تجار السلاح و دموع "التماسيح"
الأربعاء 4 مارس 2015 - 01:28

غريب أمر السياسيين “الكبار” وأصحاب الدبلوماسية الدولية المهرة، فهم يقولون نعم في مكان “لا” ويقولون لا في مكان “نعم”، صدقوني لن تفهموا شيء من تصريحاتهم بع انتهاء مؤتمر للسلام، فمثلا إذا قالوا:”..إن المفاوضات كانت ناجحة..أو حققنا تقدما ملموسا..أو نحن على وشك توقيع اتفاق نهائي هناك فقط بعض نقط خلاف”بسيطة”..”، فالواقع أن المفاوضات ستستمر لعقود ، وليس هناك تقدم في المفاوضات ولا تحقق نجاح ولا يحزنون، لقد قال “ونستون تشرشل” وهو رجل دولة إنجليزي:”ـ الحقيقة غالية لذا يجب تغطيتها بشيء من “الكذب”..”، مناسبة هذا المقال هو تباكي الدول الكبرى على السلام، وتحسرها على كثرة النزاعات المسلحة، وما تخلفه من قتل وسفك للدماء وتدمير للبشرية. إننا فعلا نأسف لهول المشاهد الدموية والإبادة الجماعية لسكان الكوكب، لكن هل تساءلنا عن مصدر الأسلحة الفتاكة التي تصب الزيت على نار هذه النزاعات؟ ومن المستفيد الأول من هذه الحروب الظالمة؟ فكما يقول المثل:” إن عرف السبب بطل العجب”.

لقد أصبحت تجارة السلاح في هذا الزمان من أهم روافد ميزانيات الدول الكبرى التي تسيطر على سوقها، والغريب أن تجارة “الموت”هذه لها شركات عملاقة و أدرع في كل أنحاء العالم تشارك في تنصيب رؤساء وخلع آخرين، ولها سوقين الأولى “بيضاء” تبيع في وضح النهار، والثانية سوق “سوداء” تبيع في الظلام أي “تحث الدف”، لكن المستفيد دائما هو نفس الطرف الدول المسماة”عظمى”، فنظرة بسيطة عن تجارة السلاح عبر العالم تعطينا فكرة عن مصداقية الحديث عن”السلام”، حتى كدنا نصدق خطاباتهم عن ضرورة فض النزاعات وإحلال السلام بكل العالم، فالولايات المتحدة الأمريكية تحتل المرتبة الأولى في الإنتاج والتصدير، تليها روسيا وبريطانيا فرنسا ثم ألمانيا والصين..و مع الأسف فهذه الدول لها تمثيلية دائمة في مجلس”الأمن”، فهي تتحكم في قرار الحرب والسلم العالميين، فكما قال الشاعر الكبير أحمد مطر:”..أصبح الوالي هو الكحال فأبشر بالعمى..”، ونحن نقول إذا كان كبار تجار الأسلحة هم دعاة السلام فأبشروا بالخراب. فالأحمق وحده هو من يصدق سعيهم الجدي لفض النزاعات المسلحة عبر العالم، فهذه التجارة تذر عليهم ملايير الدولارات وتشغل آلاف العمال، إنها “الدجاجة التي تبيض ذهبا” في كل حين، وتعد الحروب هي الحافز الأول لزيادة الإنتاج والأرباح كذلك، ففي إبان الأزمة المالية الخانقة والكساد الاقتصادي الذي ضرب العالم، كانت هذه التجارة من بين الخيارات المعول عليها من أجل إخراج هذه الدول من أزماتها الاقتصادية، لهذا فهذه الدول لا تستخدم العواطف في إدارتها للأزمات، فالأزمة الجيدة هي التي تبيع فيها كمية كبيرة من الأسلحة “للطرفين” معارض ومساند، طبعا هذه هي “المساواة” بين أطراف النزاع المسلح،ولتوضيح الأمر لكم هذا المثل:”..أمريكا تبيع طائرة حربية نفاثة للدولة”ق” وتبيع صاروخا مضاد للدولة “س”، فيسقط الصاروخ الطائرة وتتوجه الدولتين لشراء المزيد..” ففي نظري هناك وزارة سرية عند هذه الدول قد يطلق عليها اسم” وزارة إشعال الحروب”، ومن يدري فالسياسة عندهم لا تؤمن بالأخلاق.

لقد تحدث الكثير من الزعماء في الذكرى الخمسين للإنشاء الأمم المتحدة، ودبجوا خطاباتهم بأقوال تفيد رغبتهم الحقيقية في رؤية عالم بلا حروب، لكن عند انتهاء الخطب أبرموا صفقات أسلحة من أجل “السلام”. فتخيلوا معي عالم خالي من النزاعات أو شبه خالي منها، إنه الخراب بعينه للأصحاب الشركات الكبرى لصناعة الأسلحة، وسينعكس ذلك كسادا وبطالة على دولها، لهذا فمن المستحيل أن تتخلى هذه الدول عن زبائنها و تتمنى “طول” العمر لهذه النزاعات المسلحة”المباركة” على صناعاتها الحربية، لقد سعى الرئيس الأمريكي السابق”بيل كلينتون”، الذي كان حزبه الديمقراطي يتمتع بالأغلبية في مجلس النواب، إلى محاولة تقنين بيع الأسلحة في الولايات المتحدة الأمريكية، وطرح مشروع قانون يمنع المراهقين و الأطفال الصغار من شراء الأسلحة، لكنه فشل في تمرير هذا القانون، فرغم أن الرئيس “كلينتون” لم يمنعها كليا على الشعب لكنه طالب فقط سنا قانونية “18”سنة للتمتع بحق شرائها، لقد تصدى له لوبي تجار الأسلحة وأرغموه على التراجع بدعوى”حرية”التجارة. لهذا أعتبر بكاء هذه الدول على ضحايا الحروب مجرد “بكاء التماسيح”، فهذا الأخير عندما يلتهم الفريسة تنهمر دموعه، بسبب الضغط الحاصل على غدده من جراء المضغ فيعتقد البعض أنه متأثر بالحدث، لكن الواقع لا يغدو عن كونه مشكل”تقني” فقط.

أبالمعطي أش ظهرليك فهاد المنافقين؟ أولدي هادو ياكلو مع الذيب أويبكيو مع السارح.

[email protected]

‫تعليقات الزوار

1
  • احمد الدريوش
    الأربعاء 4 مارس 2015 - 08:38

    بالفعل حينما نطرح السؤال على انفسنا هل يعقل ان هذه الدول التي تتبجح برغبتها الحفاظ على السلام هي فعلا راغبة في ذلك ؟ نجد ان تلك شعارات فقط وان ذلك لا يخدم لا سياساتها ولا اقتصادها

صوت وصورة
عريضة من أجل نظافة الجديدة
الخميس 18 أبريل 2024 - 12:17 2

عريضة من أجل نظافة الجديدة

صوت وصورة
"ليديك" تثير غضب العمال
الخميس 18 أبريل 2024 - 11:55

"ليديك" تثير غضب العمال

صوت وصورة
المعرض المغاربي للكتاب بوجدة
الخميس 18 أبريل 2024 - 01:29

المعرض المغاربي للكتاب بوجدة

صوت وصورة
بعثة أسترالية تزور مركز "تيبو"
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 21:45

بعثة أسترالية تزور مركز "تيبو"

صوت وصورة
أكاديمية المملكة تنصّب أعضاء جدد
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 18:24

أكاديمية المملكة تنصّب أعضاء جدد

صوت وصورة
احتجاج أرباب محلات لافاج
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 17:32 9

احتجاج أرباب محلات لافاج