في هذه الأيام التي أزهرت فيها الأرض، على غير عادتها، بعد سنوات عجاف، يتجه عدد كبير من الناس إلى حيث توجد المتاحف الأخيرة للطبيعة ، والمستحثات الوحيدة المتبقية للأشجار و النباتات، التي تقاوم الزحف الهمجي للإسمنت و الحديد و الضوضاء.
إلى حيث توجد هذه الاستثناءات الأخيرة ، يحمل الناس عرباتهم و أكياسهم البلاستيكة ومكبرات الصوت المزعجة ، ليستمتعوا بما تبقى من طبيعة، كانت إلى الأمس القريب، تنبت في قلب المنازل والأُصص، “يستمتعون ” بها ، وهم يدوسون زهراتها الصغيرة الضعيفة و قد استعدت للقائهم بعجيب الألوان و الأشكال.
ومن المفارقات الغريبة عند البعض، أنهم لا ينظرون إلى الطبيعة، إلاّ وهم يلوكون الطعام ، إلا والمضغة في أفواههم ، فلا طبيعة و لا غذاءَ روح و لا تأمل ، إلا و الغذاء في معداتهم. عند هذا النوع من الناس المعادلة سهلة و بسيطة : الطبيعة تساوي الطعام، و غذاء الروح يعني أولا وقبل كل شيء غذاء الجسد (تقارب الجذريين ط ب ع و ط ع م مثير للانتباه ).
فتتحول الأرض المعشوشبة إلى فناء خلفي لأحد الأعراس الكبرى، وتنتشر حفر الجمر والأُتون و التنانير، و تنتصب القدور و الطناجر التي يملأ صفيرها المكان،و بعد المغادرة يتحول المكان إلى مطرح نفايات و نباتات ذابلة ، تشهد على المعركة التي دارت رحاها طيلة اليوم.
ومادام الشيء بالشيء يذكر، فإن علاقة بعض الناس بالطبيعة تتجاوز حضور الطعام والأسياخ والفحم ، تتعداها إلى استيهامات من الصعب استيعابها، كما حدث للرجل الذي أراد أن يتوغل بأبنائه قليلا داخل الغابة ، فولى منها مذعورا، و عائلته تسبقه كأن سَبُعا جائعا يطاردهم…
و الحقيقة التي لم يستطع صاحبنا أن يشرحها، إلاّ لأقرب المقربين ، أنه فرّ من منظر مقيت لكائنين يمارسان شيئا آخر غير الرياضة و التأمل، “الشيء” الذي استحال عليه أن يشرحه لابنه الصغير و هو يلح عليه بالسؤال طيلة المساء : لمَ فررت من داخل الغابة يا أبي ؟! و كبُر الطفل و في اعتقاده أن شيئا مخيفا يوجد داخل الغابة .
كما يحلو لنوع آخر من الناس ، أن يدخل بعربته الصدئة، و يتوغل بها إلى وسط الغابة ، و هو يدك نباتات مخملية رهيفة ،جدّت الطبيعة في صنعها عاما كاملا، و يا ليته يكتفي بذلك ، بل يتعداه إلى إفراغ حمولة العربة من قذارة و أوساخ ، جدّ في جمعها من المدينة في الأيام السابقة ، يُلقي بذلك وسط المرج الفسيح المعشوشب، و أبناؤه يتقافزون غير عابئين بالجريرة التي يرتكب وليّ أمرهم ، يفعل جريمته تلك ، متباهيا بالعربة الصدئة أمام الآخرين ، بينما هم يأكلون و يتجشؤون.
مثير للتوقف أن نتأمل التالي: في حوار مع السويدي توماس ترانسترومر الفائز بجائزة نوبل للأدب سنة 2011 ، قال إنه يعجب للذين يصرخون من الفرح قائلين : ” أووه ..! كم هو جميل هذا المنظر” بل الأولى أن يسكتوا ، إنهم في محراب الطبيعة !
طبيعي الخروج الى الطبيعة يجعلنا نحس بالجوع لهذا لابد ان نأخد معنا الاكل
ان تعيب على الناس المضغ و الاكل هذا غير مقبول
كيف ستتمتع بالطبيعة و البطن تتضور جوعا
الاهم ان يكون الشخص مسؤوول على تصرفاته فبعد ان يأكل و يتجشأ عليه ان ينظف المكان
بعض الناس خيالهم واسع جدا جدا جدا……
يعيشون في الاحلام والاوهام……
يتناسون انهم اتوا من تخوم الصحراء…..
حيث القحط والجفاف ….
لا سانح ولا بارح…..
ويتخيلون ان لهم علاقة بالغابة….
حيث الاشجار ومياه الامطار….
يعيشون في خيال….
لانه ليس لهم سوى الخيال…..