الدِّبْلُومَاسِيَة وَاخْتِبَار سْتُوكْهُولْم..الحَصِيَلةُ و الآفَاق

الدِّبْلُومَاسِيَة وَاخْتِبَار سْتُوكْهُولْم..الحَصِيَلةُ و الآفَاق
الإثنين 12 أكتوبر 2015 - 08:50

جاءت زيارة وفد أحزاب اليسار المغربي إلى ستوكهولم و الذي ترأسته السيدة نبيلة منيب زعيمة حزب اليسار الاشتراكي الموحد في إطار تفعيل آليات الدبلوماسية الموازية بهدف طرح المقاربة المغربية للنزاع و إزالة اللبس الحاصل و احتواء موقف بعض ممثلي المشهد السياسي السويدي وبعض ممثلي المجتمع المدني من القضية الوطنية، والتصدي لقرار البرلمان الداعي إلى إعادة تقييم الموقف مما أسماه ” قضية الشعب الصحراوي” والتمهيد للاعتراف بجمهورية البوليساريو الوهمية. إذن فالزيارة يمكن تقدير أهميتها على الرغم من كونها جاءت متأخرة، وبالتالي فمن حق السيدة منيب أن تحتفي بنجاح زيارتها والمتمثل أساسا في حصول وفدها على ضمانات من مسؤولي بعض أحزاب المعارضة السويدية أو الحكومة على حد سواء بعدم اعتزامهم الاعتراف ب “جمهورية البوليساريو” وإقرارهم بعدم الفهم الكلي لحيثيات الملف وللدور المغربي في إيجاد حل سلمي و توافقي للنزاع والمتمثل في مقترح الحكم الذاتي الذي أطلقه جلالة الملك سنة 2007 والذي شكل بحسب أعضاء مجلس الأمن الدولي أرضية بناءة لإيجاد حل توافقي ونهائي للنزاع حول الصحراء المغربية باعتباره مقترحا جديا و ذي مصداقية، في حين ظل الطرف الآخر متشبثا برؤيته الأحادية للصراع و المتمحورة حول تقرير المصير حسب الرؤية المتجاوزة و الغير ممكنة بحسب وجهة نظر المبعوث الأممي السابق بيتر فان فالسوم.

لا يمكن أن ننفي أن نجاح زيارة وفد السيدة منيب جاء في نفس سياق تصريحات السيدة فيديريكا موغيريني منسقة السياسة الخارجية في الإتحاد الأوروبي والتي تدعو من خلالها إلى ضرورة إيجاد حل عادل ودائم وتوافقي للنزاع حول الصحراء في إطار الأمم المتحدة وآخذا بالاعتبار مختلف التحديات التي تواجه المنطقة لاسيما الأمنية منها، وهو موقف يجسد بالتأكيد الوعي الأوروبي بالمكانة التي يحضى بها المغرب كشريك فعال للإتحاد الأوربي وتقديرا للدور الذي يلعبه في تحقيق السلم و الأمن بالمنطقة، بل و أصبحت هناك قناعة راسخة لدى العديد من الزعماء الأوروبيين أن أمن المغرب ووحدته و استقراره يعتبر جزءا من الأمن الأوروبي واستقراره، وهي قناعة ترسَّختْ بفضل الموقع الجغرافي للمملكة و بفضل الاستقرار السياسي الذي تنعم به البلاد وطريقة تدبيرها للنزاعات والمشاكل كالهجرة كما أقر بذلك الوفد الهنغاري الذي زار المملكة مؤخرا بالإضافة إلى ما يزخر به من رصيد تاريخي هائل .

غير أن محطة السويد حتى لو حقَّ لنا الاستنتاج أن الدبلوماسية المغربية قد نجحت بالفعل في احتواءها وتجاوزت مخرجاتها بسلام ، إلا أن ذلك لا يمثل نهاية للقصة كما أنها تظل غير كافية على الرغم من أهمية الرسائل التي قامت بتوجيهها لأكثر من جهة، بل ينبغي الإشارة إلى أننا لازلنا أمام مسار طويل في حلقة الصراع مع تنظيم البوليساريو و داعميه، ومقبلون من خلاله على منعطف آخر يجب أن تكون فيه الدبلوماسية المغربية بشقيها الموازي و الرسمي صاحبة المبادرة و قاطعة مع المفهوم الكلاسيكي لتدبير الملف وسياسة الكرسي الفارغ التي يستغلها خصوم الوحدة الترابية للترويج لإدعاءاتهم ،والترافع على القضية الوطنية عَبْر تبني مقاربة شمولية استباقية وبعيدة عن منطق ردات الفعل والارتجالية ، وتهدف بالأساس إلى تعرية الوجه القبيح لجبهة البوليساريو وممارساتها اللاإنسانية في حق المحتجزين في مخيمات تندوف وحث المبعوث الأممي الحالي كريستوفر روس على تقييم الموقف من كافة زواياه وفي شموليته لا سيما ما يتعرض له معارضو الرأي و المخالفين من عمليات التعذيب داخل السجون و المعتقلات من انتهاكات جسيمة لحقوقهم في مخيمات تندوف وتقييد حرية التنقل والتلاعب بالمساعدات الإنسانية وتجنيد الأطفال وتجارة الرقيق والموقف المشبوه من الصراع في كل من ليبيا و مالي، وأخذ كل هذه المعطيات بالاعتبار في التقرير المقبل الذي سيرفعه للأمين العام للأمم المتحدة بان كيمون، وهو ما أخفقت في الوقوف عنده أو توثيقه أو إدانته للأسف الشديد هيآت حقوقية دولية كمنظمة العدل الدولية و HUMAN RIGHTS WATCH و هو ما يعتبر في نفس الوقت مدعاةً لطرح العديد من الأسئلة وعلامات الاستفهام حول مغزى هذا التلكؤ في التعاطي مع هذا الملف الحقوقي في الوقت الذي تتم فيه المطالبة بتوسيع صلاحيات المينورسو لتشمل الصحراء المغربية على الرغم من وجود هيئات حقوقية مغربية ناشطة وعلى رأسها المجلس الوطني لحقوق الإنسان.

تأتي هذه التوقعات بشأن المسار الطويل للصراع الدبلوماسي في خضم حالة التخبط و المأزق الذي يعيشه تنظيم البوليساريو و في ظل تراجع تعداد الدول الداعمة له وآخرهم نظام القذافي، وأزمة الصراع على خلافة عبد العزيز المراكشي وهو نفس المأزق الذي يعيشه الراعي الجزائري على مستوى هرمية السلطة ناهيك عن الأزمة الاقتصادية الناجمة عن انهيار أسعار النفط في ظل اقتصاد يعتمد بشكل شبه كامل على عائداته البترولية مما يؤدن بانفجار وشيك للأوضاع ، وبداية اقتناع بعض أجنحة السلطة والساسة الجزائريين بعدم جدوى الاستمرار في دعم تنظيم البوليساريو ومشروع دولته بالنظر إلى كلفته الغالية وعدم واقعيته وإمكانية انعكاس ذلك سلبا على استقرار الجزائر وأمنها مستقبلا وباعتبارها عنصرا مُعَرقلا لحلم الاندماج المغاربي ،بالإضافة إلى الموقف الدولي الذي يتجه ولو ببطء إلى تبني خيار الحكم الذاتي كحل بديل للصراع المفتعل، فضلا عن الإنجازات التي حققها المغرب في الأقاليم الجنوبية على مستوى التنمية و الديمقراطية التشاركية و حقوق الإنسان والقدرة على التعاطي بإيجابية مع مطالب ساكنتها.

على ضوء هذه المعطيات وحالة اليأس، تأتي التهديدات المتكررة بانتهاك اتفاق وقف إطلاق النار الموقع سنة 1991 مع المغرب كمحاولة لخلط الأوراق، وبهدف تحقيق بعض المكاسب السياسية في مواجهة الدبلوماسية المغربية، تأتي حملة الزيارات المكوكية التي يقوم بها بعض قادة البوليساريو للعديد من الدول الأوروبية الوازنة كالنرويج والدانمارك و سويسرا وألمانيا و السويد وعلى رأسهم منسق البوليساريو في الأمم المتحدة محمد خداد واعتزام المنشقَّة ميناتو حيدر على القيام بجولة إلى السويد هي الأخرى بهدف حثها على تبني الطرح الانفصالي و الحصول على دعم ما يسمى ” حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير” ،كما تأتي هذه الزيارات المتسارعة في إطار عملية التشويش على مجهودات الدبلوماسية المغربية الرامية إلى احتواء الموقف السويدي و التسويق لمقترح الحكم الذاتي دوليا.

هذه المحطة إذن تعتبر فرصة لإجراء تقييم استعجالي للوضع في ظل التقلبات التي تعرفها الساحة الدولية وصعود بعض التيارات السياسية التي تدعم الطرح الانفصالي كزعيم حزب العمال البريطاني جريمي كوربن المثير للجدل حتى في الأوساط السياسية للمملكة المتحدة ، مما يستدعي عملا دبلوماسيا متواصلا ومرنا بالإضافة إلى العمل على تحقيق بعض الاختراقات الممكنة على الرغم من الصعوبة التي قد تعتريها والمتمثلة أساسا في محاولة فتح بعض قنوات الاتصال مع ما تبقى من الدول التي تعترف ب “الجمهورية الصحراوية الوهمية” سواء في أمريكا اللاتينية كفنزويلا حيث يمكن لدبلوماسية الأحزاب اليسارية المغربية لاسيما المنضوية تحت لواء الأممية الاشتراكية أن تضطلع بدور مهم في محاولة تذويب الجليد على غرار ما قام به الأستاذ عبد الرحمان اليوسفي، أو القارة الإفريقية كجنوب إفريقيا بهدف طرح وجهة النظر المغربية للموضوع وإزالة الملابسات التي تكتنف الملف، حيث بات من الواضح أن هناك سوء فهم للموضوع ولحيثيات النزاع المفتعل لدى المسؤولين في العديد من الدول على غرار الحالة السويدية، كما باتت هناك قناعة راسخة لدى العديد من المتتبعين أنه و بخلاف الأنظمة الشمولية و العسكرية حيث تلعب الإديولوجيا عنصرا مُحَدٍّداً في عملية صنع القرار ولو على حساب المصالح الحيوية لبلدانهم، ففي الدول التي تُسَيَّرُ بأنظمة ديمقراطية ومنفتحة تكون مهمة تبادل وجهات النظر وتليين المواقف أكثر سهولة حيث يمكن أن تلعب الدبلوماسية الموازية دورا محوريا في هذا السياق خصوصا وأن المغرب يمتلك العديد من نقاط القوة التي ينبغي استثمارها بفعالية كمبادرة الحكم الذاتي وتجربته الديمقراطية ومناخه الاستثماري الآمن واستقراره في محيط إقليمي ودولي متوتر ودوره الإيجابي في صنع السلام في العديد من الدول كمالي وليبيا وبعض دول غرب إفريقيا و توفره على أزيد من 4 ملايين من المهاجرين عبر العالم حيث يمكن أن يقوموا بدور سفراء السلام لوطنهم الأم والترويج للطرح المغربي عبر مختلف الوسائل والمنابر المتاحة وكشف زيف ادعاءات الانفصاليين مرتكزين في ذلك على عدالة قضيتهم الوطنية و قدسيتها.

‫تعليقات الزوار

1
  • Roukia
    الإثنين 12 أكتوبر 2015 - 22:39

    Si on a une diplomatie ou une ministre des affaires étrangères femme comme Mme Nabila Mounib, Sans doute on peut atteindre des résultats positifs face à la société internationale dans l'affaire du Sahara, et ça peut être bénéfique pour l'image de notre pays à l’échelle internationale à mon avis

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 2

وزير النقل وامتحان السياقة

صوت وصورة
صحتك النفسانية | الزواج
الخميس 28 مارس 2024 - 16:00 1

صحتك النفسانية | الزواج

صوت وصورة
نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء
الخميس 28 مارس 2024 - 15:40 1

نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء

صوت وصورة
ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال
الخميس 28 مارس 2024 - 15:00 2

ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال

صوت وصورة
الأمطار تنعش الفلاحة
الخميس 28 مارس 2024 - 13:12 3

الأمطار تنعش الفلاحة

صوت وصورة
حاجي ودمج الحضرة بالجاز
الخميس 28 مارس 2024 - 12:03

حاجي ودمج الحضرة بالجاز