ما لا يعرفه الجميع عن مهنة الأستاذ(ة)

ما لا يعرفه الجميع عن مهنة الأستاذ(ة)
الثلاثاء 21 يونيو 2016 - 18:17

ما لا يعرفه الجميع عن مهنة الأستاذ(ة)، أن عمله لا يقتصر على القسم فقط، فعمله داخل القسم جزء بسيط. و الجزء الأكبر يقوم به خارج القسم. قد تطرح هذه الفكرة تساؤلات كثيرة: ما هي الأعمال التي يقوم بها الأستاذ(ة) خارج القسم؟ و كم يستغرق من الوقت لإنجاز هذه الأعمال؟ و كيف يوفق بين حياته الشخصية و العملية؟ للإجابة عن هذه الأسئلة، يجب معرفة الأعمال التي ينجزها الأستاذ(ة) خارج القسم و التي تنقسم إلى ثلاثة أقسام:

1- التخطيط : وهو مجموعة من الإجراءات والتدابير التي يتخذها المعلم لضمان نجاح العملية التعليمية التعلمية وتحقيق أهدافها. و من الخطأ الظن أنّ التخطيط للدرس هو مجرد عملية كتابة لمجموعة من الأهداف ولمجموعة من الأساليب التعليمية. بل هو منهج وأسلوب وطريقة منظمة للعمل و تصور مسبق للموقف التعليمي التعلمي و يرتكز على: تحديد الأهداف و اختيار أساليب لتحقيقها (وضع خطة العمل)، و تحديد الزمن اللازم لإنجاز التخطيط و تقييم مدى تحقق الأهداف المحددة. يقضي الأستاذ(ة) أوقات لا يستهان بها في هذه المرحلة الهامة، و التي تأخذ طابع الديمومة. فالتخطيط بدوره ينقسم إلى ثلاثة أقسام. تخطيط على المستوى البعيد، و يتمثل في التوازيع السنوية لمختلف المواد، و الذي ينجزه الأستاذ(ة) بداية كل سنة . القسم الثاني هو التخطيط على المستوى المتوسط، و الذي يسطر خلاله الأستاذ(ة) توازيع شهرية و مجالية و يجب إعدادها لمختلف المواد و ذلك بصفة دورية. و القسم الثالث من التخطيط و الذي يستحوذ على الجزء الأكبر من وقت الأستاذ(ة) خارج القسم، و هو التخطيط على المدى القريب، و يتمثل في تسطير المذكرة اليومية أو دفتر النصوص بصفة يومية، و تحديد الدروس المنجزة خلال اليوم الدراسي و المراحل التي وصل إليها الدرس المنجز، و الأهداف المتوخاة من كل درس و المدة الزمنية المطلوبة لكل نشاط دراسي. و يستدعي التخطيط على المدى القريب أيضا، تسطير جذاذات بصفة يومية، فلكل حصة دراسية جذاذة خاصة، و هذا لكل المواد. و إن أخذنا أستاذ(ة) اللغة العربية في التعليم الابتدائي مثالا: فهو يدرس في المستوى الثاني ابتدائي اللغة العربية و مكوناتها مثل القراءة و التعبير الشفوي و الخط والإملاء، و التربية الإسلامية و مكوناتها مثل القرآن الكريم والعقائد و العبادات و الآداب الإسلامية، و المواد الأخرى مثل الرياضيات و النشاط العلمي و التربية التشكيلية و اللغة الفرنسية و اللغة الأمازيغية . يجب عليه تحضير جذاذة لكل حصة دراسية لكل مكون من مكونات المواد المدرسة في اليوم. بمعدل 6 ساعات عمل يوميا، أي 12 حصة دراسية يومية، يجب تحضير 12 جذاذة. لو تطلب الأمر 10 دقائق فقط لكل جذاذة، ستلزم 120 دقيقة من العمل اليومي خارج القسم، أي ما يعادل 10 ساعات أسبوعية إضافية للوقت الذي يعمل فيه الأستاذ(ة).

– 2الإعداد القبلي: و نقصد به أن يتهيأ الأستاذ(ة) نفسياً وتربوياً ومادياً لتعليم التلميذات و التلاميذ ما تتضمنه الدروس من معارف ومفاهيم ومواقف تعليمية، بصيغ عملية هادفة ومدروسة يحقق معها أهداف التعليم المنشودة. وتتم هذه العملية الهامة بصفة يومية، حيث يجب أن يحقق من خلالها الأستاذ حاجيات التلميذات و التلاميذ، و أن يراعي الفوارق الفردية بينهم، و أن يختار أنشطة تعليمية متنوعة و مشوقة ووسائل تحفيزية، و أنه عليه أن يدرج إرشادات تربوية لها ارتباط بموضوع الدرس. دون إغفال أن يكون ضمن خطة الإعداد اليومي للدروس توزيع زمني تقريبي يحقق الاستفادة المثلى من زمن الحصة. و هذه المرحلة أيضا ينجزها الأستاذ(ة) خارج القسم، حيث عليه أن يحضر أيضا كل ما يلزمه للدروس التي سينجزها مع المتعلمات و المتعلمين، من وسائل و معدات ديداكتيكية، و من أهمها بالنسبة للتعليم الابتدائي مثالا: الدفاتر، و نستطيع تخيل عدد الدفاتر التي يجب أن يقضي الأستاذ(ة) في تحضير نماذج الخط و النقل و الإملاء في اللغة العربية أو اللغة الفرنسية و اللغة الأمازيغية، و إن قمنا بعملية حسابية بسيطة لمثال من المستوى الأول ابتدائي: قسم دراسي بمتوسط 35 تلميذا و تلميذة، يتعلمون كتابة حرفين أسبوعيا في اللغة العربية، حيث يجب على الأستاذ(ة) تحضير نماذج مرتين أسبوعيا بمتوسط صفحة لكل تلميذ و تلميذة، أي يقوم بكتابة 70 نموذجا أسبوعيا. لو فرضنا أن كتابة نموذج واحد يستغرق دقيقتين، فلكتابة النماذج أسبوعيا تلزم 140 دقيقة. تنضاف إلى العمل الذي قوم به الأستاذ(ة) خارج القسم. وزيادة على ذلك يقوم نفس الشيء بالنسبة للغتين الفرنسية والأمازيغية بالنسبة للمستوى الثاني ابتدائي. نستطيع تخيل الوقت الذي يقضيه الأستاذ(ة) في الإعداد القبلي، ناهيك عن إعداد الوسائل للقيام بتجارب بالنسبة لمادة النشاط العلمي.

-3 التقويم : و هو العمليّة الّتي تستهدف الوقوف على مدى تحقيق الأهداف التربويّة ومدى فاعليّة البرنامج التربويّ بأكمله من تخطيط وتنفيذ وأساليب ووسائل تعليميّة. و هو ينقسم إلى قسمين: القسم الأول يتمثل في تقويم بناء المتعلمات و المتعلمين لتعلماتهم و الوقوف على مكامن الخلل للتدخل و معالجتها. تنقسم هذه المرحلة إلى جزأين: الجزء الأول ينجز داخل القسم، و منه إنجاز أنشطة تقويمية مرحلية و تكوينية و إجمالية. و الجزء الثاني ينجز خارج القسم، و هو ما يهمنا في هذا المقال، حيث يجب على الأستاذ(ة) تصحيح كل منتوجات التلاميذ و التلميذات المنجزة داخل القسم، سواء تعلق الأمر بدفاتر الخط (والتي تحدثنا عنها في الفقرة السابقة أي 140 دقيقة أسبوعيا لتصحيح الدفاتر ) أو دفاتر التمارين التقويمية، أو أوراق التقويمات التكوينية و الإجمالية، وكمثال على هذا: أستاذ(ة) مادة علوم الحياة والأرض بالمستوى الثانوي الإعدادي، يدرس 10 أقسام من المستويات الثلاثة للسلك الإعدادي، بمعدل 40 تلميذا و تلميذة في القسم، أي ما مجموعه 400 متعلم و متعلمة. يجد نفسه أمام 400 ورقة لتصحيحها و استثمارها داخل الفصل. ولو فرضنا أن الأستاذ(ة) يقضي 5 دقائق لتصحيح كل ورقة، فستلزمه 2000 دقيقة من العمل لتصحيح كل الأوراق، أي ما يعادل 33 ساعة من العمل. و التي تنضاف أيضا لساعات العمل التي يقوم بها الأستاذ(ة) خارج القسم. نفس المثال يبقى صحيحا بالنسبة لبقية المواد و بالنسبة لأساتذة التعليم الثانوي التأهيلي. والقسم الثاني من التقويم يتجلى في تقويم كلي لإنجاز الدرس من طرف الأستاذ(ة)، والوقوف على مدى نجاعة أو فشل مرحلة التخطيط التي سبق أن قام بها، و ذلك لتغيير المعايير الغير ملائمة في المرحلة السابقة و تفادي ما من شأنه عرقلة سير العملية التعليمية التعلمية. سواء تعلق الأمر بتغيير الوسائل أو المنهجية المتبعة أو تغيير الأساليب التعليمية التي استخدمها الأستاذ(ة) في دروسه.

يبدو واضحا الآن، أن مهنة الأستاذ(ة) ليست بسهلة، و أنه يقوم بعمل جبار و لساعات متواصلة و بصفة يومية، و الفكرة السائدة عن أوقات الفراغ الكبيرة التي يتمتع بها خارج القسم، هي فكرة خاطئة و لا صلة لها بالواقع. أما عن العطل الدراسية، فهي فترات يحتاجها كل من التلميذ(ة) و الأستاذ(ة) لتجديد نشاطه و مراجعة التعلمات السابقة و الاستعداد للفترة المقبلة من السنة الدراسية.

‫تعليقات الزوار

11
  • فرحان بالنبي
    الثلاثاء 21 يونيو 2016 - 22:38

    السلام عليكم.موضوع في محله وكلامك صحيح أستاذتي الفاضلة، وهذا لن يقدره إلا من كان ممارسا للمهنة وواعيا بالرسالة التي يحملها.

  • اسماعيل
    الأربعاء 22 يونيو 2016 - 00:50

    رغم ان المقال كان قصير و لكنه مفيد للغاية، لاننه بصراحة احترمت القاعدة "ماقل و دل" شكرا استاذة الوازي و نترقب مواضيعك الاخرى وفقك الله

  • ابراهيم
    الأربعاء 22 يونيو 2016 - 03:14

    سلام, بالفعل هذا هو المطلوب من الاستاذ خصوصا الابتدائي, تصوروا استاذ القسم المشترك الثالث والرابع والخامس والسادس, شخصيا اقوم باستخراج الجدادات من الحاسوب بمعدل عشر اوراق في اليوم وباستعمال الطابعة يستغرق الامر اكثر من نصف ساعة مع العلم ان هناك نيابات تفرض كتابة الجدادات بخط اليد وهذا سيستغرق ثلاث ساعات تقريبا. ما قمت به كان استنساخ المراجع في اوراق وكانني اعمل في نسخ الكتب بما يتطلب ذلك من اوراق للطباعة وتعبئة المداد. بعد ذلك اضطر للاعداد الذهني ان اردت ان يمر الدرس بسلام وهذا يتطلب ساعة او اكثر علما انني لا اقوم بالانشطة البنائية في الرياضيات لانها تستلزم وسائل تعليمية يجب البحث عنها من قبيل: كرات, موازين الكتلة, خرائط.. بمعنى نصف يوم للاعداد فقط. ناهيك عن تصحيح الدفاتر وانجاز النماذج في الخط, لكن رغم كل هذه المجهودات والتي لا اقتنع شخصيا بجدوى بعضها لكن هذا هو واجبنا من اجل التلاميذ فهم ابناؤنا جميعا. صراحة لا اتفق مع هذه المنهجية في التعليم لان النتيجة هي ان اغلب المتعلمين يحصلون على نقطة او نقطتين على عشرة في الامتحان الموحد؟ في فنلندا يدرسون ساعتين في اليوم فقط.

  • ملاحظ
    الأربعاء 22 يونيو 2016 - 05:04

    انه كلام نفاق تربوي بامتياز،لو كان جل المعلمين ينهجون هذه الخطة في اعداد الدروس والسهر والالتزام بما تقوله الأستاذة لم فرخ لنا التعليم في نهاية القسم السادس ابتدائي جيوشا من الأميين فاقدين لأبسط التعلمات الاساسية التي تعتبر تأشيرة المرور الإعدادي .
    مشكل التعليم وأزمته يرتبط بمجموعة من العوامل ويبقى ضعف جودة التعليم والتكوين في الابتدائي وتقاعس المعلمين وانعدام كفاءاتهم التربوية والبداغوجية و الذين يختبئون تحت جلباب الخريطة المدرسية اهم اسباب تردي وتراجع مستوى التلاميذ،انشري يا هسبري ولتكن لديك الأخلاقيات الاساسية في نشر الرأي والرأي الاخر

  • أيمن
    الأربعاء 22 يونيو 2016 - 06:24

    مقال يمكن وصفه بال "المثالي" وذالك لملامسته للواقع الحالي "
    لاستاذ"

  • من طنجة
    الأربعاء 22 يونيو 2016 - 10:46

    كلام في محله سيفيد هذا المقال من هم مقبلين على الدخول في التعليم.. مهنة الاستاذ ليست بالامر الهين و الذي يقول ان الاساتذة لايقمون بذلك يجب ان لا يعمم لانه لا يمكن للاستاذ التدريس في القسم دون التحضير المسبق خصوصا ان كان في بداية مساره المهني

  • Green lord
    الأربعاء 22 يونيو 2016 - 12:01

    هذه فقط بروبغندا عن المهنة لحصد المزيد من التقدير،أما الواقع فشيءٌ آخر،التعليم العمومي ضعيف،والسبب الأول هم القائمون عليه.من الاستحالة بمكان القيام بمقارنة بين تلميذ في القطاع الخاص،وتلميذ في القطاع العام،هناك من لديهم الإنجليزية والفرنسية،والتي أراهن أن بعض الأطفال أفضل من بعض الأساتذة في القطاع العام،على مستوى اللغة،ومهارات التعبير،زد على ذلك ما يتمتع به بعض الأطفال من مواهب رائعة..أفكر يوما أستاذ(ة) في القطاع العام في المواهب التي يحملها أطفال صفه؟ هذا مع شبه غياب تام للتحفيز،ما يفعله أساتذة القطاع العام هو إفراغ ما حملوه كما وجدوه،دون أدنى إضافة أو محاولة لتحفيز الطاقات..سيخجل أستاذ القطاع العام إذا تحدث يوما مع طفل يدرس في إحدى المدارس الخصوصية المعروفة بجودتها..يلزمنا تجديد النفس و بدل الجهد الصحيح في الطريق الصحيح لنحدث التغيير المطلوب

  • احمد
    الأربعاء 22 يونيو 2016 - 14:57

    ما لا يعرفه الجميع كدلك هو ان المعاناة الكبيرة هي "فشوش" التلاميد من طرف الاباء و تدهور الوضع بالمؤسسات التعليمية بسبب سلوك التلاميد "المفششين" و صمت الادارة على "الضصارة" الجديدة للتلاميد –
    و في الاخير مستوى ضعيف و نقط مرتفعة جدا- انظروا نتائج البكالوريا-
    شكرا

  • Ahmed allilouch
    الأربعاء 22 يونيو 2016 - 15:34

    صاحبة هذا المقال السيق كانت تعمل في مجموعة مدرسية هي و زميلتها . حيت اصبحت وزيرة في الظل وحازت على الماستر على حساب التلامبذ الابرياء ولم تكن تحضر الا قليلا. وتخرج لنا بمقال حول رجل التعليم والمجهودات التي بقوم بها من إعدادات خارج القسم .ولهذا ما اطلبه من هذا النمط من الموظفين القيام بالواجب داخل العمل اولا تم نتحدت عن الاعدادات الاخرى من دراسة و بحت و …. لا حول ولا قوة الا بالله . والفاهم بفهم.

  • أستاذ
    الجمعة 24 يونيو 2016 - 09:57

    و ما لا يعلمه الكثير من الناس عن مهنة التدريس، أن الأستاذ ـ في غالب الأحيان – يقوم أيضاَ بمهام أخرى، مثل:

    – التربية على الأخلاق الفاضلة.

    – إصلاح بعض المنحرفين.

    – إرشاد أولياء الأمور إلى الانتباه إلى سلوكيات أبنائهم، ومتابعتهم أثناء السنة الدراسية، والاهتمام بصحتهم الجسدية والنفسية.

    – فتح أبواب الأمل، وتشجيع التلاميذ على الدراسة والتفوق.

    – توجيه التلاميذ لاختيار المسالك المناسبة لميولهم وقدراتهم.

    وهذا يتطلب من الأستاذ أن يكون محباَ لتلامذته، صبوراَ على مهنته، وواعياَ بدوره.

  • مصطفى
    الأحد 26 يونيو 2016 - 04:26

    المقال رغم قصره هادف. لوصف دقيق لمام الاستاد ومعاناته يتطلب الامر عشرات المقالات و اكثر. فهو رد على دوي النفوس التبخيسية للأعمال النبيلة. فلا مستقبل لامة دون تعليم. ولا تعليم دون أستاذد(ة).

صوت وصورة
حماية التراث الثقافي
الإثنين 15 أبريل 2024 - 14:52

حماية التراث الثقافي

صوت وصورة
أجواء صيفية بمدينة سلا
الإثنين 15 أبريل 2024 - 12:06

أجواء صيفية بمدينة سلا

صوت وصورة
دعم الفلاحة التضامنية
الإثنين 15 أبريل 2024 - 10:51

دعم الفلاحة التضامنية

صوت وصورة
مع الصديق معنينو | تحرير طنجة
الأحد 14 أبريل 2024 - 23:00

مع الصديق معنينو | تحرير طنجة

صوت وصورة
الأمطار تفرح الفلاحين
الأحد 14 أبريل 2024 - 18:16

الأمطار تفرح الفلاحين

صوت وصورة
أممية أحزاب الوسط في مراكش
الأحد 14 أبريل 2024 - 14:04

أممية أحزاب الوسط في مراكش