مَغَارِبَةٌ مَعَ الِانْقِلَابِ !

مَغَارِبَةٌ مَعَ الِانْقِلَابِ !
الأحد 24 يوليوز 2016 - 22:15

احتلت مفردة الانقلاب مساحة واسعة في الخطاب السياسي والإعلامي المغربي خلال الايام القليلة التي تلت المحاولة الانقلابية الفاشلة التي عرفتها دولة تركيا. بحيث تحول الخطاب السياسي والإعلامي إلى خطاب يؤسس تحليلاته على تداعيات انقلاب حبس أنفاس العالم لأزيد من أربع ساعات، قبل أن تنجلي الصورة، ويبين مصير حفنة من العساكر جربت حراكا متسرعا لإسقاط رئيس نجح في استتباب نموذجه الناجح في التربة التركية، وكون له أنصارا عُدُّوا بالملايين، ومتعاطفين، في الداخل والخارج ومن كل الحساسيات، فاقوا كل التكهنات، والتقديرات.

لقد تحول خطاب المغرب السياسي، كما الفكري، كما التواصلي؛ الصالوني منه والاجتماعي، إلى خطاب بصيغة “الانقلاب”، وتحولت مواضيع السياسة، والفكر، والاقتصاد، والثقافة حتى،… إلى مواضيع تختار من مفردات الانقلاب/الموضة ما تؤثث به مَتْنَ تحليلاتها، ووجهات نظرها. حتى أصبحنا نسمع، بانقلاب الحكومة على الشعب، وانقلاب الخطاب الرئاسي لفلان أو علان، وانقلاب السوق، وانقلاب القناعات، وانقلاب بنكيران على وعوده ووو… وهو ما يؤشر على الاهتمام المتميز للشعب المغربي بمختلف فئاته، وحساسياته الفكرية والسياسية، والجمعوية، بالشأن التركي، والتجربة التركية التي مثلت الأنموذج الصاعد المثير للاهتمام ضمن النماذج التي ظلت تستهوي فضول المغاربة وانبهارهم في الغرب والشرق سواء.

اهتمام ازداد مع هذا الحدث الذي هز العالم عبر لحظات عصيبة عاشها الشعب التركي، ورئيسه، ما لبث أن انقشع عنها غبار الخيانة، وبانت حقيقة اللعبة التي تابعها الكثير من المغاربة المعارضين للانقلاب، كما الحريصين على نجاح هذه التجربة الإسلامية الفريدة، بالكثير من التوجس أنْ تتحول إلى حقيقة مؤلمة، وبالكثير من الدعاء والضراعة للمولى عز وجل، أن يحفظ الشعب التركي، وحكومته، ورئيسه، من كل سوء. كما فتح، في المقابل، شهية عدد غير قليل من قبيلة بني علمان بالمغرب وسواه من دول العالم العربي، من أذناب العم سام، والصهيونيين العرب، وإعلام الانقلاب السيسوي، والأحزاب القومجية واليساروية، .. ؛ لتحقق أمنية إسقاط هذه التجربة التي ظلت الشوكة في حلوقهم؛ فهللوا للانقلاب، وزغردوا، وطبلوا،… قبل أن تَشِيهَ وجوههم بالخبر الصاعقة، والذي لم يترك لهم أي مساحة للمناورة، أوتبرير المبرر، أو تقديم اعتذار سيكون أقبح من زلة الانسياق نحو تلبية حاجة في نفوسهم المريضة. وهي بالمناسبة ذات الكائنات التي هللت وساندت الانقلاب العسكري الدامي الذي قاده السيسي في مصر قبل الآن!!.

كما شكل هذا الانقلاب كاشفة حقيقية لما تكنه صدور الساسة المغاربة من أدعياء الديمقراطية، وحقوق الإنسان، ودولة المؤسسات؛ حيث أظهرت الساعات الأولى للانقلاب مدى ضبابية مواقفهم حينما لاذوا بالصمت طيلة الفترة التي “تَبَوْرَدَ” فيها الانقلابيون بشوارع تركيا. وفي خلال تصريحاتهم القليلة، فضَّلوا أن يُظهِروا حيادا غير مفهوم مما يجري في تركيا، وكأن تركيا تعيش أجواء انتخابية يتنافس فيها خصوم، وليس انقلابا مجرما ومدانا يوشك أن يحول الحياة الديمقراطية الكريمة التي يعيشها الشعب التركي إلى ديكتاتورية تعيد الأمة التركية إلى ستينيات القرن الماضي!!.

نعم، لقد فضل “عقلاء” هذه النتوء العلمانوية، الحاقدة على التجربة الإسلامية الناجحة في تركيا، أن يختاروا الصمت كملاذ يقيهم من مغبة السقوط في التناقض بين القناعات التي يعبرون عنها، وحقيقة ما تخبئه صدورهم المريضة، ليكونوا بذلك قد عبروا، ضمنيا، عن موقفهم من الانقلاب، كأحد الآليات الممكنة للتغيير، بعدما كانت تمثل القناعة التي كانوا يعبرون عنها، صراحة، في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، وظلت سائدة في خطابهم الانقلابي، حينما كانوا يؤمنون بالانقلاب كأحد أدوات المواجهة القمينة بإزاحة الاستبداد الذي كان يمثله الملك الحسن الثاني حسب زعمهم.. !. وهي نفس النتوء الشاردة التي تململت لديها هذه “القناعة السبعينية” من جديد، وحركت لديها حنين الماضي “العتيد”، فأحجمت عن التعبير عن موقف صريح وواضح من الانقلاب التركي منذ الدقائق الأولى التي أعلن عنه فيها، وانتظرت نهاية المواجهة لتعبر عن موقف يتماشى مع النتيجة، ويحفظ لها ماء وجهها الديمقراطي، الذي تتقنَّع به في حملاتها الانتخابية، وصراعها السياسي، والأيديولوجي.

وهو ذات الموقف، الذي أخذت تعبر عنه العديد من الأحزاب اليسارية التقليدية والجذرية كما الليبرالية المناوئة للتجربة الإسلامية، بعد انقشاع غيمة هذا الانقلاب الفاشل؛ حيث أصدرت بيانات، وقدمت تصريحات تعلن فيها عن رفضها للانقلابات العسكرية، رغم تحميلها المسؤولية الكاملة لأردوغان، الذي وسمته بالديكتاتوري المستبد، فيما آلت إليه الأوضاع بتركيا !.

والحال، أن القناعة الديمقراطية، التي تتبجح بها هذه الكائنات، تُلْزِمها أن تعبر عن موقف صريح من هذا الانقلاب منذ الإعلان عنه، ودون انتظار لأية نتائج. وهي القناعة التي تمثل الموقف المبدئي الذي يؤمن به أحرار العالم، ويؤمن به كل دعاة الديمقراطية الحقيقيين، ولا يقبلون من أجله بأدنى أنصاف الحلول؛ ألا هو الرفض المطلق للانقلاب أيا كان مقترفه، وأيا كانت ضحيته . تماما كما هو الموقف من الإرهاب؛ سواء بسواء!!.

دمتم على وطن.. !!

‫تعليقات الزوار

8
  • مولاي نم
    الإثنين 25 يوليوز 2016 - 12:17

    أن تجربة تركيا مدينة لدستورها العلماني، وليس لأردوغان وغيره ممن تعاقبوا على سدة الحكم بسلطة هذا الدستور الذي وحد الشعب التركي بكل أطيافه،المتدين والملحد والكردي ووو.
    إلا أن الذي كان السبب في هذه الأزمة أن البعض يشك في مدى المحافظة على العلمانية الناجحة والمتفق عليها وعلى نمطها السياسي. وذلك بعد كثير من التعديلات والميولات والتصرفات. التي لم تستسغها الطبقة النيرة في البلاد.
    وكان عليك أن تتجنب الطعن على(العلمانيين) أينما كانوا.لأنهم استطاعوا أن يجنبوا تركيا من أن تقع موقع (الوهابيين/الأزهريين).لأن تركيا اليوم تدرك المخاطر التي تجاوزتها بفضل رجل تركيا الاول،إذ لو كانت الوهابية صالحة ما وقعت تركيا فريسة الأوروبيين مطلع القرن ١٩،تحت حكم الخلفاء.
    والذين يدعون العكس لم يستوعبوا بعد الحقائق التاريخية.
    السلطة الدينية لم تنجح في أي قطر من الأقطار كلها.وإنما هي وسيلة للحروب والفتن والخنوع والنفاق.ولا تتوفر على الحلول ،بل كل الحلول هي بيد الله، وهم يسيرون السلطة بتوفيق منه ،وبالأموال في أيديهم.

  • التهليل للسلطان العثماني
    الإثنين 25 يوليوز 2016 - 14:03

    للاشارة فقط من اهم عقائد لخوانجية الانتماء الاخواني اولا اما الانتماء للوطن فهدا في ادبياتهم تبجيل للطاغوت وهدا ما اكده انقلاب الديكتاتور التركي على نفسه بمساعدة جهاز مخابراته للتنكيل بالمعارضة ذات التوجه الصوفي الاسلامي .قطعان من المريدين المغاربةجفت اقلامهم وبحت اصواتهم من كثرة التهليل للسلطان العثماني رغم موقفه العدائي لقضية المغرب الاولى الصحراء.لقد فضحت الاف االوثائق التي سربها ويكيليس ردا على ذبح الخوانجية لمدنيين وصحفيين ان ما يسمونه انقلاب هو مسرحية مفضوحة وراءها الذئاب الملتحية للسيطرة واخونة مفاصل الدولة المغربي الحر ولاؤه للوطن اما الخوانجي فولاؤه لعشيرته الدولية.تحياتي للمغاربة الاحرار

  • مولاي نم
    الإثنين 25 يوليوز 2016 - 19:52

    أريد أن أضيف توضيحا لايفقهه (المستلبين بالتخونج) ولا يدركون دلالة العلمانية: فهي تعني أساسا الاعتراف بكل العقائد والفرق الدينية المختلفة مهما تعددت وتنوعت ،ولها أن تُمارس ما تعتقده دون خوف ممن يمنعها. شريطة أن لا تتدخل في ممارسة الآخرين لعقائدهم. ومن هذا المنطلق فالسلطة لا تتلون بأي عقيدة من العقائد.
    أما أنتم لخوفكم من أن تزعزع عقيدتكم، تحرصون على أن تتسلطوا على السلطة، وتمنعوا غيركم من مزاولة عقيدته. وكأنكم ترغبون أن تلبسوا الناس جميعا حذاء واحدا وبمقاس واحد. والله يرفض دعواكم لقوله تعالى : وإن في اختلاف ألوانكم وألسنتكم ووولآية. ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة، وقوله : إن الدين آمنوا والذين هادوا والنصارى وو ،في سورتين مختلفتين دليل على أنكم تريدون ممارسة الظلم والتجبر بواسطة الدين. والدين لله،والله لايحتاج لمن يعينه على تطبيق دينه ونصره. ولو شاء لفعل.
    وأنتم بعملكم تحرمون الناس من حريتهم . وكل من ترك لحية قصيرة ولبس بياضا و تسمى بالإضافة إلى الدين طغى وتجبر.

  • مغاربة مع الارهاب
    الإثنين 25 يوليوز 2016 - 21:39

    كعادة الكائنات الملتحية حينما يضرب الارهاب في مناطق من العالم يختبؤون في جحورهم ولسان حالهم يقول :مع الارهاب من تحت الجلباب.وهكذا فالارهاب حينما ضرب بفضاعة في نيس وقبلها في باريس وبروكسيل وتونس وتركيا وسوريا وغيرها اختفوا ولم يظهروا الا اثناء الحديت عن قضاياالحريات الفردية او المساواة بين الجنسين في الارث…فرغم فضاعة مجزرة نيس لم يتحدت منظرو الارهاب الاعمى عن الحادث ولم يدينوه هربا من الحرج خاصة وان اسطوانةنظرية المؤامرة المشروخة التي يعتمدون عليها في مرافعتهم عن الارهاب لم تعد تقنع احدا فتلقفوا بفرح حادث الانقلاب للتهجم على العلمانية البعيدة كل البعد عن الحادث بشهادة حتى خليفتهم المبجل اردوغان الذي اتهم جناح اسلاميي كولن ولم يوجه ولو اشارة الى حزب علماني.والاغرب والمضحك ان المنظرين يصرون بعماهم على ان نظام تركيا اسلامي وليس علمانيا ومتناسين ان تركيا عضو في الحلف الاطلسي واردوغان لم يتوقف لحظةعن اللهات منذ زمن بعيد وراء الانضمام الى الاتحاد وفي تحالف استراتيجي وثيق مع اسرائيل وليس بينه وبين الاسلام سوى الفيزا المسلمة لداعش والنصرة

  • كبار المسؤولين الأتراك
    الثلاثاء 26 يوليوز 2016 - 13:06

    حصلت المخابرات البريطانية على المكالمات الهاتفية والبريدية المشفرة لمسؤولى الحكومة التركية أثناء أحداث محاولة الانقلاب الفاشلة.

    وكشفت المخابرات البريطانية عن تخطيط كبار المسؤولين الأتراك لإلصاق هذه المحاولة بحركة الخدمة، من أجل اختلاق ذريعة لإطلاق حملة تصفية موسعة ضد المتعاطفين معها فى أجهزة الدولة.

    وكتبت مجلة فوكس الألمانية فى خبر تحت عنوان "القوة والجنون وأردوغان" أن المخابرات البريطانية تابعت المكالمات المشفرة للحكومة التركية منذ اللحظة الأولى من بدء محاولة الانقلاب، وأظهرت أنها تأمر فيها بتقديم فتح الله جولن كرقم أول يقف وراء هذه المحاولة من أجل تنفيذ حملة تصفية شاملة ضد أفراد حركة الخدمة.

  • Preposterous
    الثلاثاء 26 يوليوز 2016 - 14:10

    Un des leurs vient d’égorger un prête dans une église en France…. ainsi les boucheries au nom d’une idéologie malsaine et fascisante se suivent et se ressemblent, mais notre plumitif ose encore ouvrir son sinistre gueule pour vanter « la belle expérience islamiste » de la Turquie, profitant de l’occasion pour déverser toute sa hargne sur tous ceux qui ne partagent pas le délire de son secte et l’adoration malsaine autour de leur Sultan bien-aimé (laïcs, gauchistes, nationalistes…). Comble de l’ironie, dans son délire, ces derniers et leurs « maîtres occidentaux » deviennent les ennemis de la démocratie et les islamistes ses défenseurs !!!

  • تذكير
    الأربعاء 27 يوليوز 2016 - 01:58

    في السودان تمت الإطاحة بنظام الديكتاتور جعفر النميري من طرف الجيش بقيادة سوار الدهب.
    الجيش يسلم السلطة لحكومة مدنية منتخبة دمقراطيا برآسة الصادق المهدي.
    الجيش بزعامة الجنرال عمر البشير ينقلب على الحكومة المنتخبة والذي لا زال يسيطر على البلاد مند 1989.
    ترى ماذا كان موقف الخوانجية من الانقلاب.
    الخوانجية في السودان بزعامة الترابي ساندوا الانقلاب.
    كل الاخوانجية عبر العالم ساندوا الانقلاب.
    وفي المغرب . من ساند الانقلاب؟
    الخوانجية هم الوحيدين في المغرب الذين ساندوا الانقلاب على الشرعية في السودان.
    لماذا؟
    طبعا لأن الجنرال عمر البشير خوانجي .
    النتيجة 1 : الخوانجية يساندون من يصل إلى السلطة منهم وكيفما كانت الطريقة.
    النتيجة 2 : المغاربة الذين هم مع الانقلاب هم الخوانجية.

  • turquie, au désastre
    الأربعاء 27 يوليوز 2016 - 13:18

    ravi,d'une part de la tentative de coup d'état en turquie , et de son échec d'autre part
    car cet état va conduire à des purges incalculables et des futures vengeances de la part des uns et des autres,
    la turquie, toutes tendances confondues,a détruit la syrie et son peuple,
    le peuple syrien devenu mendiant ,réfugié partout dans le monde, ses enfants qui souffrent de maladies et de faim,et il le restera dans ce désastre encore longtemps,
    qu'a fait le peuple syrien pour le déraciner de son pays ,
    la turquie a permis à des centaines de milliers de jihadistes étrangers pour aller aider daesh qui sème la haine, la mort ,
    la turquie sera arrosée par une guerre civile comme en syrie,car cette turquie mérite ce qu'elle a fait au peuple syrien
    libre, sap

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 6

وزير النقل وامتحان السياقة

صوت وصورة
صحتك النفسانية | الزواج
الخميس 28 مارس 2024 - 16:00 3

صحتك النفسانية | الزواج

صوت وصورة
نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء
الخميس 28 مارس 2024 - 15:40 1

نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء

صوت وصورة
ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال
الخميس 28 مارس 2024 - 15:00 3

ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال

صوت وصورة
الأمطار تنعش الفلاحة
الخميس 28 مارس 2024 - 13:12 3

الأمطار تنعش الفلاحة

صوت وصورة
حاجي ودمج الحضرة بالجاز
الخميس 28 مارس 2024 - 12:03

حاجي ودمج الحضرة بالجاز