اللحية والنقاب لا يصنعان الإرهاب

اللحية والنقاب لا يصنعان الإرهاب
الجمعة 13 يناير 2017 - 22:10

مما لاشك فيه أن الحرية لها منافذ كثيرة، هذه المنافذ قد تكون لها علاقة بالمجتمع وهي الحرية التي تشترك فيها الأمم والشعوب كالاحتفال بالأعياد، واتخاذ طقوس معينة، والتشبث بالأعراف والتقاليد…وهناك منافذ أخرى تتعلق بحرية الأفراد، فكل فرد له الحق في التجوال، وأكل وشرب ما يفضله، كما يتخذ من لباسه ما يراه مناسبا لذوقه وراحة نفسيته…

وعلى المستوى الأخير نريد أن نسلط بعض الأضواء، لنجمل في الأخير أن الإنسان له كامل الحرية في ارتداء ما شاء من الألبسة، دون أن يمس بالمبادئ وأسس الحياء المتعارف عليها والتي تتبناها المجتمعات.

ومن هنا نطرح السؤال، أي عيب في ارتداء المرأة للنقاب؟ وهل استيراده هو السبب في منعه؟ وسيرا على منوال هذه التساؤلات، أليست الألبسة الضيقة واللاصقة، بل والممزقة مستوردة؟

وللتحلي بشيء من الإنصاف، دون اتهام هذه الكلمات بأنها تنافح عن النقاب وما جاوره من لباس، دعونا نقول بلسان الحال، إنه لا فرق بين الألبسة من حيث الاستيراد، سواء كانت ساترة للجسد أو كاشفة له، فإذا منع الأول فينبغي أن يمنع الثاني، ومنه نستنتج أن المقصود هو الدين، هذا الأخير الذي يدعو إلى العفة والحياء… ولا يمكن أن يحصل ذلك إلا بستر الجسد البشري، سواء تعلق الأمر بالمرأة أو الرجل، وإلى عهد قريب والمرأة المغربية ترتدي “الحايك والملحفة والجلباب”…ولا يزال في بلدنا الحبيب وخصوصا في جنوبه وشماله، نساء يلبسن هذه الملابس والتي تستر جسدهن بالكامل، حيث يمكن أن يختبئ فيه من يريد أن ينتحل شخصية ما، شأنه شأن النقاب تماما، فالعلة إذن حاصلة في الملحفة والحايك…فهل يعقل أن نمنع بيعهما، أو ارتداؤهما أيضا؟؟

ومهما يكن، فإن المقصود أصالة هو أن تستر المرأة جسدها، ولا فرق في أن يكون اللباس محليا أو مستوردا، قد نقول إن الأولوية للباس المحلي، ولكن لما لا نعمم هذا على الرجال أيضا، ليلبسوا سروال “قندريسة والبلغة الفاسية”، بدل الأحذية القادمة من الصين الشعبية وأروبا.

ولقد قيل قديما في فرنسا “الملابس لا تصنع الراهب” ونحن نقول الآن “إن اللباس لا يصنع الإرهاب”، بل الذي يصنع الإرهاب هو القهر والإقصاء، والتهميش، وتسلط الدول الغنية على الدول الفقيرة المستضعفة…

ولقد صدق من قال: “إن الضغط يولد الانفجار”، وإن كنا نحن معشر المسلمين لا نساير هذا الطرح على مستوى الأجساد والأرواح، ولكن يكفي أن نعلم أن الصبر على الأذى والضرر، ليس معناه أن استسلام العقول قد حصل، ومن تم ينبغي أن نعالج العقول التي تفكر في مصير أبنائها، وصحة أهلها، وثقافة ذويها وسكن لائق يدفع عنها جحيم الحر والقر.

دعونا نبتعد قليلا عن النساء، لنصاحب من زينهم الله باللحى، والذين صارت النعوت تلاحقهم أينما حلوا وارتحلوا، فهذا يصفهم بالداعشيين وذاك يلقبهم بالخوانجية، والآخر غيروا له اسمه وصاروا ينادونه ب” اللحية” وهناك طائفة كبيرة صارت مع طرح ” ماما أمريكا” حيث تسمي كل صاحب لحية بالإرهابي، إلا ” ميسي” وأتباعه من شباب وكهول، والذين تركوا لحاهم سيرا على خطى هذا اللاعب، فإنهم لا يسمون بالإرهابيين.

والحقيقة تشهد أن كثيرا من الملتحين من المتدينين، ما يريدون إلا أن يسيروا على نهج محمد صلى الله عليه وسلم، مع أن أضعف الأقوال في شأن اللحية هو الاستحباب، تماما كحكم شقيقها النقاب.

ولنعد إلى التأسي بعلمائنا المغاربة الفطاحلة، كأبي بكر بن العربي والقاضي عياض، وابن آجروم، وابن غازي، والإمام الهبطي، وعبدوالوحد بن عاشر… وغيرهم كثير، والذين لا يعقل أنهم كانوا يحلقون لحاهم، بل لو طولب فنان بأن يرسم شخصية لهؤلاء الأفذاذ، لفضل أن يجعل لهم لحى بدون تردد، ولو أراد مخرج لفيلم، أن يقمص أحد الممثلين شخصية لهؤلاء لطلب منه أن يترك لحيته.

ولقد رأينا الملك محمد السادس يترك من لحيته ليقتدي بذلك من يقتدي، وليزاوج بين ظاهر الحال وباطنه من أراد أن يسلك السبيل على أحسن حال.

إن تهمة الملتحين والمنتقبات بالإرهاب تهمة باتت متقادمة، وليعلنوها صريحة بأنهم يستهدفون الدين الإسلامي لا غير، وأما متابعة من يريد الكيد والترهيب والغدر…فإنها أصبحت غير متعذرة في ضل الصرخة العارمة التي يشنها التقدم التكنولوجي، مع الاستخبارات التي صارت تتبع أدق تفاصيل الأشخاص في عقر دورهم، بغية حصول الأمن والاستقرار.

‫تعليقات الزوار

4
  • saccco
    السبت 14 يناير 2017 - 12:33

    هل الدولة المغربية والتي تسعى الى منع النقاب او "اللباس الاسلامي " تسعى الى إستهداف الدين الاسلامي فكما لو ان الدين الاسلامي له إرتباط بلباس ذو شكل خاص؟ لوكانت الدولة تستهدف الدين الاسلامي لمنعت كل رموز هذا الدين بما فيها دور التعبد وأشياء اخرى بما فيها اللحي
    كيف لهذه الدولة ان تستهدف الدين الاسلامي ورئيسها امير المؤمنين والاسلام دينها دستوريا وتخصص ميزانية هامة من اموال دافعي الضرائب لخدمة هذا الدين داخليا وخارجيا
    فدافع منع الدولة "للباس الاسلامي" هو بالضرورة امني ضمن الترسانة التي تتخدها الدولة لحماية ارواح المواطنين في ظروف خطر الارهاب واكيد ان إستعمال لباس كيفما كان يخفي هوية الشخص في الاماكن العمومية هو بمثابة عائق قد يخل بضمان تسهيل سير العملية الامنية لما فيها من الصالح العام .
    فكيف سيكون عليه الحال الامني إذا تخفى جمهور كبير من المواطنين بهذا اللباس

    من كان يسعى الى شرع الله فاللباس المغربي فيه ما يستر لما يجب ستره ومن كان يكفّر الدولة ويكفر الناس بكونهم يستهدفون الدين الاسلامي فهو يسعى الى إثارة نعرات التفرقة وهدم اسس العيش سويا في ظل الامن والاستقرار

  • ابن فاس
    السبت 14 يناير 2017 - 20:48

    ينبغي القراءة بتدبر جيد، إنما الكليات المعنوية كفيلة بأن يفهمها من يتملك أصول المعاني اللغوية، ولقد كان واضحا من أن المقال يدافع عن الحرية بما فيها حرية المرأة في اتخاذ اللباس، أما فيما يخص أمير المؤمنين، فبيعته واجبة وهي من توابث المذهب المالكي الذي يتمذهب به صاحب المقال، ولو أعدت النظر لوجدت أنه كانت هناك التفاتة إلى التأسي بشخص جلالة الملك، ثم قضية البلبلة فالمقال منها براء، كما هو براء من تكفير الناس وعياذا بالله أن يكون توجه صاحب المقال، آمل ألا تتسرع في إصدار الأحكام الجاهزة، ودعك من الانطباع.

  • عبد الرحمان بنويس
    الأحد 15 يناير 2017 - 07:52

    تحلية للأستاذ محمد الخوجة، في الحقيقة إن أمر النقاب هو حرية شخصية كما أن الميني حرية شخصية كذلك، والمغرب إذا كان قد دخل في احترام حرية الأفراد، فهذه واحدة من المخالفات القانونية التي تبين خرق هذا القانون، وقد تؤول أيضا إلى أن الداعين على الحرية لا يؤمنون بمبادئها

  • تلميذ
    الإثنين 16 يناير 2017 - 18:19

    اللحية والنقاب لا تصنع الإرهاب لأن لا طاقة ولا عقل لها فهي أشياء. ولكن تلك الأشياء هي العلامة التي اختارها الإرهابيون لمنتوجهم. والتخفي هو من سلوك المجرمين والمجرمات. أما عن إثارة مبدأ الحرية الفردية في هذا السياق وتشويهه كعادة مجتمعاتنا التي لا تفقه سوى التشويه لكل ما هو جميل، فأبسط ما يمكن قوله هي أن حرية الفرد تنتهي حيث تمس سلامة وأمن الآخر.

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 4

وزير النقل وامتحان السياقة

صوت وصورة
صحتك النفسانية | الزواج
الخميس 28 مارس 2024 - 16:00 1

صحتك النفسانية | الزواج

صوت وصورة
نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء
الخميس 28 مارس 2024 - 15:40 1

نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء

صوت وصورة
ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال
الخميس 28 مارس 2024 - 15:00 2

ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال

صوت وصورة
الأمطار تنعش الفلاحة
الخميس 28 مارس 2024 - 13:12 3

الأمطار تنعش الفلاحة