المراهقة في الثرات الإسلامي

المراهقة في الثرات الإسلامي
الإثنين 20 فبراير 2017 - 11:31

من المعلوم أن المراھقة من المراحل العمریة المربكة التي تربك الآباء والمدرسين على حد سواء، ولقد عرفها علم النفس بتعريفات كثيرة، منها أنھا مرحلة من مراحل العمر، التي ینتقل فیھا الفرد من مرحلة الطفولة إلى مرحلة اكتمال الرجولة أو الأنوثة.

ولعل المفكرين الأوائل من المسلمين، عرفوا هذه المرحلة العمرية أيضا، وعرفوا بها، ومما ينبغي الإشارة إليه، هو أن هذه المرحلة اهتم بها القرآن والسنة وكتب العلماء، فهي حاضرة في ثنايا التراث الإسلامي بقوة، إلا أن أغلب التربويين العرب لم ينصفوا تراثهم، بله التربويين الغربيين الذين لم يعيروا اهتماما لما جادت به أمهات الكتب العربية من ذكر لمصطلح المراهقة وتبيين مرحلتها، بل عزوا لأنفسهم اكتشافها بمباركة من بعض المثقفين العرب الذين عجزوا عن البحث والتنقيب.

وخذ كتاب “المدونة” على سبيل المثال، تجد فيه :” إذا كانت مراهقة كما وصفت لم يعرض لها وتركت حتى تحيض فإن اختارت دينها كانت عليه وكان النكاح جائزا”1 وهنا يظهر جليا أن المسلمين اهتموا بهذه المرحلة وعرفوها، وواضح وضوح الشمس في علاها، أن هذه المرحلة تعرفها الأنثى أيضا، بنص هذا الكلام الذي ساقته المدونة وهي أم الكتب الفقهية عند المالكية، ولك مثال آخر في كتاب “الكليات” فلقد جاء فيه:” المراهقة من تسع سنين إلى إلى خمس عشرة سنة”2 وتأمل هذا الكلام تجده ينص على المرحلة العمرية، وإن كان الكفوي (1094هـ) حصره بسن معينة إلا أن علماء المسلمين اختلفوا في تحديدها ، قال الهروي (370هـ): أخبرنا ابن الأعرابي:” يقال للغلام مراهق ثم محتلم، ثم يقال خرج وجهه، ثم أبلقت لحيته، ثم مجتمع ثم كهل وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة”3.

يا سلام… إنه ذكر لمراحل عمرية معينة بأسمائها،عرفت عند العرب والمسلمين، و كان نصيب المراهقة فيها حاضرا، من تم يكون المسلمون قد سبقوا فرويد وجون بياجي بمعرفة المراحل العمرية وأحوالها بقرون، مما يعني أن اكتشاف هذه المرحلة العمرية ليست حكرا على الغرب ورواده، مع أن هذا لا يعني أننا نعرض صفحا، على ما حصل عند الغرب من ريادة على المستوى التربوي بما في ذلك الاهتمام بمرحلة المراهقة المحرجة.

لكن مع ذلك، نطمح إلى إنصاف الأوائل من المسلمين والعرب، لأنهم اكتشفوا هذه المرحلة وعرفوها وذكروها في مؤلفاتهم، بل إن بعض التفاسير تذكر أن لقمان الحكيم، الذي خاطب ابنه بقوله: “يا بني لا تشرك بالله” (سورة لقمان الآية 13)، كان غلاما، ومعنى ذلك أنه كان مراهقا، ولذلك ورد الخطاب القرآني ب “يا بني” تلطفا ومراعاة، لما تعرفه هذه المرحلة من تغيرات على المستوى الهرموني، والوجداني والفكري…ومن السنة، ما ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم زار غلاما يهوديا، وهو يحتضر فأصر عليه أن يتشهد فلما مات الغلام على ذلك، قال النبي صلى الله عليه وسلم:” الحمد لله الذي أخرجه بي من النار”4وهنا يظهر بجلاء أن الاهتمام النبوي شمل حتى الغلمان وهذا المصطلح غالبا ما يوفق زمن المراهقة.، والاهتمام بهذه الفئة حاضر في السنة بشكل كبير.

ومنه لا نعجب البتة إذا ما قلنا: بأن مصطلح المراهقة هو من المصطلحات العربية القديمة الضاربة في عمق التاريخ الإسلامي، وليس ذاك المصطلح دخيلا على اللغة العربية، ولا نعجب كذلك إذا قررنا أن هذه المرحلة العمرية عُرفت عند المسلمين، بل إن اعتبار هذه المرحلة وما يشوبها من طواريء على النمو الجسدي والنفسي، قد تعرضت لها المؤلفات الإسلامية القديمة، وما ينبغي على الباحثين إلا التنقيب والتقصي.

أما ما توصل إليه علماء الغرب على مستوى الاهتمام بمرحلة المراهقة وخصوصا على مستوى التربية والتعليم، فلا ننكره، بل هو جزء من الثقافة الإنسانية تولد بالتراكم العلمي، والذي لا شك فيه، أن العرب والمسلمين هم أول اللبنات في قيام صرح ذاك البنيان التربوي.

هوامش:

1ــ كتاب المدونة للإمام مالك ج 2ص 220 دار الكتب العلمية طبعة:1415هـ – 1994م

2 ــ كتاب الكليات للكفوي ج 1ص 871 المحقق: عدنان درويش – محمد المصري مؤسسة الرسالة – بيروت بدون سنة النشر

3ـ كتاب تهذيب اللغة لأبي منصور الهروي ج1 ص 14 تحقيق: محمد عوض مرعب دار إحياء التراث العربي – بيروت سنة 2001م

4 ــ تفسير الٌقرآن العظيم لابن كثير تحقيق سامي بن محمد سلامة الباب 18ج 2 ص26 دار طيبة للنشر والتوزيع طبعة: الثانية 1420هـ – 1999 م

‫تعليقات الزوار

6
  • karim de Paris
    الثلاثاء 21 فبراير 2017 - 09:19

    المجتمع العربي قبل الاسلام كان اطهر وانقى مجتمع رغم وثنيته.
    مقارنة بكل المجتمعات انذاك.
    وجنس العرب هو اصفى واقوى واكرم وانقى جنس بني آدم انذاك Hitler version bolhiaboyz

  • سؤال
    الثلاثاء 21 فبراير 2017 - 10:39

    سؤال:ما هي معايير شراء ملكات اليمين?اليست الطراوةوسنان الحليب هل كانوا يتاجرون في العجوز الشمطاء ام في الطفلات الطريات ?ماذا كان الصحابة يفعلون بغنائمهم من المراهقات?كم كان عمر زينب بنت جحش عندما زوجت وطلقت وزوجت ?وكم كان عمر كلثوم وعائشة……..تاريخ اسود ومخجل بدل شتم الاراء المختلفة نظفوه من العفن .

  • siham
    الثلاثاء 21 فبراير 2017 - 18:23

    السلفيون يتزاحمون ويترنحون من اجل الزواج بالصغيرة نتذكر جيدا فتوى المغراوي طفلة 9سنين افضل في الفراش من البالغة ذات 20 وجذور هذا الفكر المريض تعود الى فترة بن تيمية الذي كتب مجلذات عن نكاح الصغيرة بل يعتبر من حاضت ولم تنكح لا خير فيها اقرؤا كتب جهابدة السلف الصالح اقرؤا لابن عثيمين والطبري افكار مرضية سيكوباتية تهين الطفلة منذ ولادتها حتى في عصرنا الحالي عبدة الموروث الديني يعتبرون المراهقة عاهرة تجدهم يحاربون تعليم الطفلات وينشرون الفكر البرقعي لان في عقلياتهم الشاذة المراة طفلة مراهقة هي وعاء نكاح قاصرة وليست مواطنة لها حقوق

  • طقوس الاراميين
    الثلاثاء 21 فبراير 2017 - 19:43

    اللغة الآرامية، وهي أصل اللغة السريانية، كانت لغة التخاطب في القرن الرابع تزامنًا مع انتشار المسيحية في بلاد الشام.من بين طقوس الاراميين هو الاحتفال بعلامات المراهقة كشعر الوجه عند الذكور العرب كانوا يتنقلون بقوافلهم للتجارة والكثير منهم تعلم السريالية من اليهود والمسيحيين بل ان الرسول كان يمكث في اسواق الشام من اجل التبضع لتجارة خديجة .المراهقة ليس اختراع عربي بل سمعوها من اختلاطهم بالديانات والحضارات الاخرى اثناء ترحالهم في القوافل التجارية العديد من الكلمات العربية هي اصلا ارامية

  • الصراعات المذهبية
    الثلاثاء 21 فبراير 2017 - 23:10

    الوهابية تفرغ الإسلام من كل جوهر وتجعل منه ديناً قشورياً مظهرياً لا همّ له سوى التوافه، وتجعل من المسلم الوهابي شخصاً منغلقاً على ذاته بقوقعة تكفير الآخر، مرتبطاً بموجهيه إلى درجة الاستلاب. الأمر الذي يعني سهولة السيطرة على المنطقة حين يرتبط هؤلاء الموجهون بالقوى الراغبة في تلك السيطرة مباشرة.
    الوهابية تلهي بسخافاتها الناس عن ارتباطات القادة الوهابيين ونهبهم – وساداتهم – ثروات المنطقة وفضائحهم السياسية والمادية وحتى الأخلاقية التي تملأ يومياً أعمدة الصحف في الشرق والغرب.
    نقل الصراع الخارجي نحو الداخل. فمن يطالع أدبيات الوهابيين عموماً لا يجد أدنى إشارة أو تركيز على معركتنا الحضارية مع إسرائيل والغرب بل الإلحاح المتواصل العنيف على الصراعات المذهبية الداخلية التي تفتت المنطقة من الداخل وتتيح لإسرائيل والغرب بالتالي فرصة نادرة ذهبية لترسيخ الأقدام فيها.

  • با بو بي
    الأربعاء 22 فبراير 2017 - 19:08

    الفلاسفة منذ عصر افلاطون عرفوا الانسان حيوان مفكر ناطق باللهجات العالمية . ومما لا يخفى علينا أننا لازلنا نتطور بتشغيل عقولنا وحرق الطاقة التي نعيش وسطها ولا نستطيع العيش من دونها .

    الانسان قلد الغراب (محاكمة بعضه بعضا) وقلد غيره من الكائنات ولن يصل الى كيفية خلق نفسه أو حتى جعل نفسه كائنا أبديا خالدا على وجه الأرض ؟

    مجرد الحديث عن ثراث هو تشغيل للعقل أما أن يطغى عليه عدائية النمور ممن كانوا السبب أو شفقة الام أو ما شابهه . هه شكرا هسبريس شغلت عقلي كثيرا .

صوت وصورة
أجانب يتابعون التراويح بمراكش
الخميس 28 مارس 2024 - 00:30 1

أجانب يتابعون التراويح بمراكش

صوت وصورة
خارجون عن القانون | الفقر والقتل
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:30

خارجون عن القانون | الفقر والقتل

صوت وصورة
مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:00

مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية

صوت وصورة
ريمونتادا | رضى بنيس
الأربعاء 27 مارس 2024 - 22:45 1

ريمونتادا | رضى بنيس

صوت وصورة
الحومة | بشرى أهريش
الأربعاء 27 مارس 2024 - 21:30

الحومة | بشرى أهريش

صوت وصورة
احتجاج أساتذة موقوفين
الأربعاء 27 مارس 2024 - 20:30 5

احتجاج أساتذة موقوفين