بين "الكبت" والتضليل

بين "الكبت" والتضليل
الإثنين 20 مارس 2017 - 18:11

تعيش كل المجتمعات البشرية العديد من الأمراض والظواهر الاجتماعية كسيطرة هاجس الجنس على سلوكيات الأفراد(ذكورا وإناثا)، واستعماله كوسيلة أو سلاح لتحقيق المآرب، وما ارتبط بذلك من زنى وخيانة وتحرش وابتزاز، وكذا السخرية من الآخر ذي الخلقة الغريبة، وأيضا عدم مساعدة أو التلكؤ في مساعدة ذي مظهر البئيس، والمسارعة، مقابل ذلك، إلى مساعدة ذي مظهر المتنعم، وكذللك تعذيب الحيوان بوحشية لا تحتمل… وغيرها.

ولأن ذلك مرتبط بالنفس البشرية التي لا تمكن السيطرة عليها لكل أفراد المجتمع، ولا على كل جوانبها لنفس الفرد الواحد، رغم كل المجهودات التربوية والتوعوية والضبطية،، بسبب ذلك لا تسلم من هذه الآفات والنواقص المجتمعية والسلوكات المعيبة أية دولة ولا أي دين ولا أي عرق، في أي زمان وفي أي مكان..

غير أن المفارقة في نسختها الأولى أن تلك السلوكات الشائنة، وكما تُظهر ذلك -عرضيا، وربما دون أن تقصد- البرامج الوثائقية والإخبارية وبرامج تلفزيون الواقع التي تبثها القنوات الوثائقية الغربية المتخصصة، إضافة إلى المعاينات المباشرة، تلك الممارسات المشينة متفشية في الغرب أكثر بكثير جدا مما هو الأمر عند المسلمين،، مع رجحان ميزان إمكانية تفاديها -نظريا- لصالحهم، نظرا لظروفهم المادية ومنظومتهم القانونية وبيئتهم التربوية والثقافية!!!..

أما النسخة الثانية للمفارقة فهي كون الشائع أن هذه الأمراض منتشرة عندنا نحن(المسلمون) بنسبة تقارب المعايشة والتعود،، ونادرة عندهم(الغرب) حد الغرابة!!!..

والنسخة الثالثة أن مِن وراء هذا التزوير، إضافة إلى الامبراطوريات الإعلامية والنخب الثقافية “الغيرية” المنخرطة في الحرب الحضارية، نجد مِن بينهم -للأسف- مَن يحسبون علينا!!!..

إن أذرع الإعلام المنافق الأفاك المضلل، في إطار كرر الكذبة حتى يُظن أنها الحقيقة، والذيول المغرضين السذج من بني جلدتنا كثيرا ما يشيعون عكس الصورة تماما، وفي كل المجالات والمستويات، ويعمدون إلى التركيز والتعميم والتنكيت والتهكم علينا، فريق انتصارا لقومه، والآخر استلابا وبلهاً، وربما انتصارا لجيبه، وأداء لوظيفته!!!..

وإنا وإن كنا نتفهم منطلق الفريق الأول في إطار الصراع الحضاري الذي لم يبدأ اليوم ولن ينتهي غدا، فإنا، عدا عن الأجر الذي لن يساوي شيئا أمام المساهمة في هدم الأمة، لا ندري لمَ يشتغل “مثقفو”نا”” بأجندات “الغرباء” ليدمروا مجتمعاتنا المفترض أنها مجتمعاتهم أيضا، ويحبطوا أفرادها ويثبطوهم ويفقدوهم الثقة ويضلوهم ويُلبسوا عليهم مفاهيمهم وقيمهم، دون تدقيق أو تمحيص أو تغيّ أصيل؟؟!!!..

ودور هؤلاء الأبواق الأذناب في التلبيس خدمة للأجندة المذكورة لا يقف -للأسف- عند هذه المهمة، بل له وجه آخر وصيف، وهو الترويج لمفاهيم مبهمة عن طريق اللعب بمصطلحات ذات دلالات هلامية فضفاضة مشبوهة أصلا، واستعمال ألفاظ دون تحديد معانيها، بل ربما استعمالها بمعان نقيضة للتسويق لـ”مناقب” أو “مثالب” خيالية، قصد تتويه الناس وترغيبهم في المآثم وترهيبهم من المحامد،، كما هو الشأن بالنسبة لدالة “الكبت”، والتي وقع فيها الكثير من التجاوز، وخضعت لفائض من التوظيف، ليس منه شيء بريء..

فإذا كان الكبت لغة يفيد الغيظ والذل والخزي والحزن والإهانة والتضييق والقهر، من وجه، ويفيد الحبس والكتم والإخفاء والإمساك، من وجه آخر، فإن معاني هذا الوجه الآخر جميعها(وهو مجال استعمال الاصطلاح)، خاصة ما تعلق منها بإمساك الشهوة وإخفاء الرغبة فيما تحدث به النفس من الممنوعات أو المحرمات، لهي قوة شكيمة، وقدرة على التحكم في نوازع النفس وميول الفؤاد..

فلمَ يصرون على تعميم “الاتهام” علينا بـ”الكبت”؟ لماذا يمعنون في ذلك بطريقة مبالغ فيها؟ لماذا يحاولون إبراز هذا “العيب” في أية مناسبة سانحة؟ أين العيب فيه أصلا؟ هل هو في تلك الرغبة الباطنة والميل النفسي الذي يعترى الإنسان، كل إنسان، والذي لا يمتلك بشر التحكم في نشوئه، ولا ضير فيه ما بقي “مكبوتا” بين الجوانح(ولا يعاقب على حديث النفس شرع ولا عرف ولا قانون)؟ أم أن العيب في لجم النفس وكتم أنفاسها فيما تعلق منها بالتطلع إلى ما لا يجوز(شرعا أو قانونا أو عرفا أو حسب هذه الضوابط والمرجعيات كلها)؟!!..

هل الحكمة تقتضي مثلا البوح بكل ما تحدث به النفس، وإنفاذ كل ما تتوق إليه؟؟..

بالمقابل، وإعمالا لقاعدة “بضدها تتميز الأشياء”، ما هو النقيض المقبول الجيد المطلوب لـ”الكبت”؟؟!!!..

إن كتم النزعات “غير القانونية” شيء محمود، وهو على كل حال سلوك أغلبية غالبية البشر.. فليس في الوجود مَن كل ما حدثته نفسه بشيء أفشاه، أو طلبت منه طلبا حققه، والامتناع عن تلبية هوى النفس المتاح واقعا، الممنوع قانونا أو عرفا أو أخلاقا أو دينا لهو قمة القوة.. بل إن الستر حتى بعد الخطيئة(عوض التبجح بها) مطلوب مرغوب موصى به، لأنه مما يمنع تفشي الرذيلة، ويعصم المجتمع من شيوع الفاحشة والتطبيع معها، كما يقي الأطراف شرور ردود أفعال قد لا تحمد عقباها، وهو أيضا يترك للمخطئ بابا للندم والتوبة والإقلاع، وهو فوق هذا يستر الأعراض.. ولن يكون بالضرورة عنوانا للنفاق أو دليلا عليه.. فعند تحقق وقوع الخطأ، يجب التعامل معه بكونه خطأ، دون تبجح أو تطبيع، بما يقتضي ذلك من ستر، إلا ما اقتضته ضرورة إجرائية، والضرورة تقدر بقدرها..

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 4

وزير النقل وامتحان السياقة

صوت وصورة
صحتك النفسانية | الزواج
الخميس 28 مارس 2024 - 16:00 1

صحتك النفسانية | الزواج

صوت وصورة
نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء
الخميس 28 مارس 2024 - 15:40 1

نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء

صوت وصورة
ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال
الخميس 28 مارس 2024 - 15:00 2

ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال

صوت وصورة
الأمطار تنعش الفلاحة
الخميس 28 مارس 2024 - 13:12 3

الأمطار تنعش الفلاحة