تجديد الخطاب الإعلامي

تجديد الخطاب الإعلامي
الثلاثاء 18 أبريل 2017 - 14:49

بنظرة خاطفة واحدة على مجمل المشهد المغربي الإعلامي، تجد ناقوسا ينذر بخطر كبير، ليس فقط على الصعيد السياسي أو الوطني‏ بل وعلى الصعيد المهني والأخلاقي‏. ‏

بداية لم أكن مقتنعا ولا متحمسا إلى تقبل أو قبول أو بدرجة أقل الموافقة على تقسيم المجال الإعلامي بوجود إعلام عمومي وإعلام خصوصي وجرائد وصحف خاصة بينهما. أو تقسيمه إلى إعلام حكومي وإعلام خصوصي متحزب، على النقيض فأنا أدعو وأشجع على تأسيس وتحرير وسائل الإعلام حتى تدعم المجال الإعلامي المغربي في شموليته، لأنه سيرفع من المنافسة التي بدورها سترفع وتطور الإعلام، بعد عقود من العزلة والجمود عن مواكبة التطورات المهنية وعن عدم القدرة في مسايرة ومجاراة الأحداث الكونية، وأُذَكِرُ هنا بأن الترقي مهنيا ليس فقط استخدام تكنولوجيا متطورة بل جعل هاته التكنولوجيا حمالة وحاملة لرسالة وفكرة ومحتوى ومضمون لائق وراقي ومتقدم.

وفي هذا السياق لا يهم أعداد الحواسيب في بهو صحيفة، أو جلوس صحافيين طيلة اليوم أمام الشاشات “مخرجين عينيهم” أو منشغلين في غرف دردشات الشات على الواتساب أو منخرطين في صفحات فيسبوكية لمناقشة وتحليل مضامين الأخبار والمقالات، أو رصد قياس للتفاعلات مع الكتابات على جداريات مواقع الانفصال وليس الاتصال الاجتماعي. يمكن اعتبار ما سبق بأنه ظاهرة صحية باستخدام التقنية الذي لا علاقة له بالمضمون الذي يغلب عليه طابع الربح التجاري واختلال في تنظيم وترتيب الأولويات مع مخالفة القوانين المُؤَطِرة والتنظيمية.

أصبحنا نلاحظ في بعض المنابر الإعلامية تغليب المحلي على حساب تغييب الدولي والعكس صحيح، فيغذو خبر وقفة أو إضراب إنذاري أكثر أهمية من تفجير محطة روسية أو ضرب قرية سورية وفلسطينية، لينقص الاهتمام بالقضايا الدولية وتتآكل العواطف والأحاسيس العربية، ليتم تمديد وتمطيط تغطيات مختلفة بالمبالغة طورا وتارة باختلاق الكذب وتجييش العقول وحشد القلوب، ليكون الإعلام سيفا مسلطا ومستهدفا العباد والبلاد. ليست مشكلة أن تقدم أخبارا أو تنقلها، تلجأ بعض وسائل الإعلام للمواقع أو بعض مصادر الأحزاب المعترضة، وليست المعارضة، على كل شيء وأي شيء، شريطة أن توثقها بذكر المصدر الذي أخذت منه تلكم الوسائل الإعلامية مادتها، فإخفاء المصادر هو سند سياسي غير أخلاقي وغير مشروع مهنيا. أيضا بدأت تتردد بكثرة مقولة أن المواطنين يتجهون عكس كل ما يرد في الإعلام العمومي وجرائده، يقولها أحد بارونات الإشهار الذي امتهن واتخذ حرفة النميمة الاجتماعية ضد الإعلام العمومي وجرائده، وهو ينفي عنه كل ذلك مخادعا تارة وأخرى مناورة في أي لقاء إعلامي أو حديث صحفي.

واللافت أن هذه المحاولات مازالت مستمرة ومتجددة لضرب مصداقية وصدقية الإعلام العمومي وبعض الإعلام الخاص، التي صيغت في جملة خبيثة أن (المواطنين يتجهون عكس كل ما يرد في الإعلام العمومي وجرائده) لم تخص منبرا إعلاميا بذاته، وإلا كنا ذهبنا في فهمنا أنه اعتراض واحتجاج على منهجية ونهج رجل إعلامي بعينه، ولكنها جملة تهدف لضرب منظومة الإعلام الوطني بأكمله. هذا بمثابة ناقوس خطر، لا يريد احترام أخلاق وأخلاقيات وقواعد مهنة الإعلام، لكنه يَعْرِضُ نفسه بديلا إعلاميا لها. ولا شك أنك تتذكر عزيزي القارئ ذلك المستشهر الذي قال لمسؤول كبير بأن شركة الإشهار التي يديرها يجني من ورائها أرباحا تعد بالمليارات لا تستطيع وزرارة مثل الثقافة تحقيقها، وهنا المبتغى الذي يرنو إلى تحقيقه وهو الربح المادي وإزاحة الإعلام عامة وكفى، لينسى أو يتناسى بأنه من بديهيات التخطيطات لحملة إعلانية في الإعلام أن هاجس الربح المادي ورفع أعداد التوزيع لا يكون مهما بقدر أهمية ربح نوعية جمهور جديد وتنويع قارئيهم وربطهم وارتباطهم باسم وسيلة إعلام وتاريخها وخلق صورة نمطية أو ما يصطلح على تسميته بالعلامة التجارية في ذهن القارئ والمعلن.

نحن لا ندين شخصا ولكن الشعور بالحسرة كبير حين يتم هدر إمكانات وإمكانيات الإعلام في حروب كلامية أشعلوها لا طائل منها باستخدام سلاح الترهيب والتخويف وصولا إلى تحقيق مصالح ضيقة لأحزاب بطرق ملتوية، ولأننا نريد بعضا من الشفافية، فمن تربطه وشائج وعلاقات بحزب معين عليه أن يجهر علانية بذلك من دون تنكر، أما محاولة ضرب الإعلام العمومي بالترديد الببغائي والحرفي لما يرد على مواقع الانفصال وليس الاتصال الاجتماعي الافتراضي فذلك أمر يقتضي منا الانتباه.

أخيرا، نحن نشعر بأن ساعة التغيير ربما قد حانتكما يقول باولو كويلهو في روايته (مكتوب)، تمر أمامنا لقطات كفيلم لتماريننا الفاشلة التي نعيشها حتى الآن، ومن الأكيد والواضح أنه عندما تبدأ مرحلة انحطاط الإعلام فإن زمن النفاق والكذب والزور والزيف هو الذي ينتصر، لكن وفي نفس الوقت فإن تجربة إعلامنا تكون قد منحتنا الأفكار والوسائل التي نتغلب بها على تراجعنا وتقهقرنا وبالتالي إيجاد الحلول والسبل التي قد نذهب فيها وبها بعيدا؛ يلزمنا تشغيل فيلم ذاكرتنا الذهنية، أما إذا بقي تركيزنا على فيلم الانحطاط والتأخر والتقهقر في إعلامنا فحتما سنكون عاجزين وسنبقى مشلولي الفعل. أما إذا كانت مشاهدتنا مقتصرة على ومختصرة فقط على بعض التجارب الإعلامية فسننتهي بكوننا نتخيل أننا حكماء لكن في الواقع نحن لسنا كذلك.

لكي يُكتب لنا النجاح في تجديد الخطاب الإعلامي نحن بالحاجة للفيلمين كلاهما.

الإنسانية هي الحل

صوت وصورة
تكافؤ الفرص التربوية بين الجنسين
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 16:12 1

تكافؤ الفرص التربوية بين الجنسين

صوت وصورة
احتجاج بوزارة التشغيل
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 16:02 2

احتجاج بوزارة التشغيل

صوت وصورة
تدشين المجزرة الجهوية ببوقنادل
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 15:15 2

تدشين المجزرة الجهوية ببوقنادل

صوت وصورة
المنافسة في الأسواق والصفقات
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 13:19

المنافسة في الأسواق والصفقات

صوت وصورة
حملة ضد العربات المجرورة
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 11:41 20

حملة ضد العربات المجرورة

صوت وصورة
جدل فيديو “المواعدة العمياء”
الإثنين 15 أبريل 2024 - 23:42 9

جدل فيديو “المواعدة العمياء”