اقرأ وربك الأكرم

اقرأ وربك الأكرم
السبت 29 أبريل 2017 - 11:57

تحت شجرة وارفة الظل ٍجلس رجل مسن يحمل بين يديه كتابا، وهو يتأمل سطوره بعينين منهكتين، تحت زجاج نظارات سميكة، ويقلب صفحاته بيدين ترتعشان.

كان المكان يعج بالشباب والنساء والرجال…أغلبهم ينحني “تعبدا” على هاتف ذكي قد سلب عقولهم محتواه الافتراضي، فتجدهم بين مبتسم ومكشر، وذلك ينم عن التفاعل الكلي الحاصل بين الآلة والإنسان.

وياليت التفاعل كانت له نتيجة إيجابية على هذا الإنسان، إنما هو ضياع للوقت في الغالب، وإقحام الأنفس في الترهات التي لا تجدي نفعا.

وشتان بين تفاعل الشيخ مع الكتاب وتفاعل الآخرين مع الآلات، التي في أحايين كثيرة، لا تستعمل إلا فيما لا طائل تحته.

تفاعل الشيخ مبني عن ربط علاقة بين الماضي والحاضر من خلال مؤلف الكتاب، كما أنه تفاعل مؤسس عن تنظيم وحدة الفكرة والموضوع، وصقل الذهن وشحذه…

وتفاعل الشباب فوضوي، عبثي، لا يستطيع المرء أن يلزم نفسه ويضبطها في مقابل المحتويات الكثيرة والمتنوعة، مما يخلق نوعا من الارتباك في توجيه التفكير وتعديل السلوك…

إلا أنه لا يحق لنا أن نستهجن التفاعل الثاني، ولكن لا غرو أن نذكر بأن الاستعمال لا ينبغي أن يتجاوز الحد فيتكرس الإفراط والانحطاط.

إن القراءة “التقليدية” والأصيلة، لها مالها من فوائد قد تأكدت باستقراء جموع غفيرة من الناس، ولا عجب إذا ما نحن تذكرنا أن الإسلام كانت دعوته الأولى تهتم بالقراءة.

ولقد أصبح من المعروف أن المعلومة أو المعرفة، التي تنقلها لك الوسائل الحديثة، غالبا ما تنمحي وتندثر وكأنها أكلة سريعة لا تشبع نهم الجوعى.

في حين أن الكتاب تستأنس به، وتصاحبه فتشعر وكأنه شخص يسكن حبه بدواخلك، ولا يصل القاريء إلى هذه الدرجة إلا إذا تمعن في قوله تعالى:” اقرأ وربك الأكرم”

بمعنى أنه لا تخش فقرا، ولا عوزا، ولا نقص فكر…ما دمت مهووسا بالقراءة، وأولها قراءة كتاب الله الذي دعا إلى هذا الأمر، ثم قراءة ما سواه من الكتب التي ألفها الناس في علوم شتى.

خطوات للإدمان على القراءة:

ــ أنت مطالب باقتناء كتاب إذا ما توجهت إلى السوق، ضع الكتاب بجانب المواد الغذائية التي تقوي الجسد، لأن الروح والفكر يحتاجان إلى غذاء وقوة أيضا.

ــ خصص وقتا للقراءة وإن كان يسيرا كما تخصص وقتا لزيارة أقاربك وأصدقائك، ومؤلفو الكتب هم من جملة إخوانك الذين انصرفوا عن هذا الكون، فحري بك أن تصلهم وتستفيد من فكرهم.

ــ حاول أن تلتزم بأوقات تقرأ فيها شيئا ولو كان يسيرا، ثم تدرج في الاهتمام بالقراءة من استغراق وقت قصير إلى استغراق وقت أطول وهكذا، إلى أن تجد نفسك مدمنا على القراءة.

ــ تذكر أنك تعلمت من أجل تحقيق هدف، وأشرف هدف هو أن تربط علاقة بينك وبين بني جلدتك عبر الكتب والمقالات والمنشورات.

وفي الأخير ينبغي أن نعلم أن القراء ثلاثة:

قاريء يقرأ كل ما صادفه في طريقه وهو الذي بلغ درجة عليا في تصفية وغربلة الأفكار والتوجهات، وقاريء يقرأ كثيرا لكنه يحتاج إلى من يعينه على الفهم والإدراك، وقاريء يقرأ دون أن يميز بين الغث والسمين، والأخيران قد يفتح الله عليهما يوما، بمن يسدد خطاهما ويصوب وجهتهما مادام أنه هو القائل سبحانه:” اقرأ وربك الأكرم”.

‫تعليقات الزوار

1
  • Green lord
    الأربعاء 3 ماي 2017 - 12:01

    Merci beaucoup Monsieur pour ce beau article! Vraiement la lecture est trés importante dans la vie de l'individu,elle develope,ouvre des nouveaux horizons,et enrichie l'experience humain وفي القراءة حياة

صوت وصورة
المخارق والزيادة في الأجور
الأربعاء 27 مارس 2024 - 00:30

المخارق والزيادة في الأجور

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | انتخابات 2011
الثلاثاء 26 مارس 2024 - 23:00

شهادات للتاريخ | انتخابات 2011

صوت وصورة
قصة | الرجل الذهبي
الثلاثاء 26 مارس 2024 - 21:30

قصة | الرجل الذهبي

صوت وصورة
المدينة القديمة | فاس
الثلاثاء 26 مارس 2024 - 20:55

المدينة القديمة | فاس

صوت وصورة
معرض تضامني مع فلسطين
الثلاثاء 26 مارس 2024 - 20:47

معرض تضامني مع فلسطين

صوت وصورة
خلافات في اجتماع لجنة العدل
الثلاثاء 26 مارس 2024 - 18:42

خلافات في اجتماع لجنة العدل