الروهينغا وموقف التنديد القديم- الجديد

الروهينغا وموقف التنديد القديم- الجديد
الإثنين 25 شتنبر 2017 - 15:33

انقسم مؤخرا الرأي العام الإسلامي، وخصوصا أصحاب اللسان العربي، حول ما يجري في ميانمار “بورما سابقا” بين الغضب والشجب والتنديد والاستنكار، فهل يعقل أن ترتكب في دولة من دول العالم ثم لا كلام ولا حديث ولا خبر إعلاميا عنها؟ أيعقل أن تتمكن حكومة ميانمار من التعتيم الإعلامي حول هذه المجازر الوحشية وأن تتمكن من منع إعلاميي العالم وجميع القنوات الإخبارية في عصر الفضائيات من نقل وقائعها؟، أجل، لم يكن ذلك أمرا مصدقا إلى أن بدأت هذه الأيام بعض القنوات الإخبارية في تناول تلك المجازر البشعة وبالآلاف من مسلمي الروهينغا من قبل نظام حكومة بورما زادت جرأته وإجرامه وبشاعته ووحشيته على النازية والفاشية.

تساؤلات تطرح نفسها بمرارة يصعب توصيفها ووصفها، ما سبب هذا التغييب والتعتيم على تلك الجرائم الإنسانية وما سبب هذا التواطؤ العالمي على عدم الالتفات إلى ما يجري في تلك البلاد من عنف وتقتيل وإبادة ووحشية؟ أ إلى هذا الحد وصل الضمير الإنساني العالمي؟ إذا كانت منطقة الخليج بكل ثرواتها، وخصوصا النفطية، قد اشترت صمت وسكوت العالم اتجاه ما يجري من قصف ودمار وخراب وقتل وعنف وتشريد للعائلات وتيتيم للأطفال في اليمن وسوريا وقبلها العراق والصومال وفلسطين وليبيا وهلم وجعا وألما، فما الذي قدمته حكومة ميانمار حتى يسكتوا عن وحشيتهم وجرائمهم وجرائرهم أم أنهم يجمعهم بغض وكره قيم الإسلام الحقيقي ومحبتهم لإبادة وفناء المسلمين كلما استطاعوا لذلك سبيلا من وعلى وجه هذه الأرض التي تستحق الحياة، أين الأمم المتحدة ومعها مجلس الأمن الدولي وأين منظمة اليونسكو ومنظمات حقوق الإنسان وأين الإعلام وقنواته الفضائية؟

الأقلية المستضعفة من الروهينغا أصبحت عنوان جامعا للقمع والحرمان وضحية صراع تضرب جذوره في القرن الـ18، يوم احتل الملوك البوذيون إقليم آراكان مخافة انتشار الأقلية المسلمة ذات الأصول من بنغلادش أو الهند أو فارسية وبعضها من باكستان واليمن والسعودية، تلا ذلك موجات من العنف والاضطهاد وبلغ ذروته عام 1982 عندما سنت الحكومة العسكرية الانقلابية قانونين أحدهما يمنع منح الجنسية للروهينغيين بل وتجريدهم منها بدعوى أن أصولهم من بنغلاديش، وآخر يلزم الروهينغا بتحديد النسل في طفلين، والقانون الأول يعني الحرمان من الحقوق المدنية والولوج إلى مؤسسات الدولة كالصحة والتعليم والعمل والتنقل وغيرها.

ربما أن جزءا كبيرا من الجواب عن هذه الأسئلة والتساؤلات يكمن في صلب خبر منشور في صحيفتي معاريف وهارتس، ونسب ذلك التقرير إلى مبعوث أممي لم يذكروا اسمه أو رقم العدد ولم يحددوا تاريخ الإصدار والنشر ثم يزيدوا ويزايدوا بنسب تقرير لفريق شبح بجامعة هارفرد، خبر يروجه ويتناقله أولئك وهؤلاء المؤمنين والمعتقدين صدقا والذين ما ينفكوا حسب مخيالهم الواسع وحسب ديدن تعودهم بأن كل ما يجري ويحدث ويقع في ميانمار هو مؤامرة ضد الإسلام والمسلمين، حول استمرار تزويد وتوريد إسرائيل لحكومة بورما بالأسلحة لاستعمالها واستخدامها ضد أقلية الروهينغا بهدف إبادتهم. أو ربما أن بورما متاخمة للحدود مع الصين التي تعمل أمريكا ليس على وقف معدلات نموها الصاروخية في الاقتصاد بل وخلق بؤرة توتر قريبة من الصين لإنهاكها اقتصاديا وإلهائها أمنيا من خلال التأسيس للحركة الجهادية في ميانمار والدعوة إلى النفير العام وتشجيع موجة جديدة لإرهاب دولي في بورما.

العالم لم يبد حراكا يذكر في علاج هذه الفصول الدامية الجادة التي يعود تاريخها إلى أزيد من قرنين من الزمان، والدول الإسلامية خاصة تعتبر الحاضر الغائب كون تدخلها في أزمة الروهينغا لم يتعد كما معهود ومعتاد الشجب والتنديد والإدانة وغيرها من الشعارات الطنانة، ومطالبة المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته اتجاه الوضع في ميانمار بينما يؤكد مراقبون وملاحظون أن المنظمات الإسلامية عبر مرجعياتها ومراجعها الدينية في العالم لم تقم بأي تحرك فعال يمكن أن يشكل ضغطا حقيقيا لوقف اضطهاد مسلمي الروهينغا، كون هذه المنظمات أصبحت تعبر عن سياسات الدول الممولة لها أو الحاضنة لها أو المستضيفة لها أكثر من مما تعنى بهموم المسلمين في العالم.

أخيرا، ليس من الأخلاق ولا الإنسانية أن يتعاطف الإنسان أي إنسان، ذكرا أو أنثى، أبيض أو أسود أو أصفر، موحدا أو مشركا، متحضرا أو مختلفا أو متخلفا، من ضحايا التطهير والتهجير والتركيع والترويع والمهجرين واللاجئين سواء من الروهينغيين أو من السوريين أو العراقيين أو الفلسطينيين أو الأفغانيين أو الصوماليين أو السودانيين أو الليبيين .. الخ. ويتحاشى الكلام عن الضحايا من اليمنيين فهو بذلك ليس يتضامن مع إنسانية الإنسان أي إنسان بل ينتصر ويتعاطف فقط حد التعصب مع المذهب، هذا تضامن مأزوم لأن أكثرهم لن يتضامنوا عن عمد وسيتجاهلون عن قصد مسلمي الروهينغا لو كانت أقلية شيعية وليست سنية، السؤال الذي يجب والمفروض طرحه في الإعلام ليس إن كان الروهينغا مسلمين بل هل أنت حقيقة إنسان، إن فرطت في إنسانيتك دقيقة واحدة فتأكد أنك فاقد إياها للأبد… فلتنظروا يا أيها الإنس في ضمائركم لتروا هل ما زلتم إنسا أم تبدلتم إلى وحوش؟ فلتتذكر أن حب الإنسان أي إنسان هبة إلهية من السماء وليس غنيمة مذهبية من الفقهاء.

الإنسانية هي الحل

صوت وصورة
الأمطار تنعش الفلاحة
الخميس 28 مارس 2024 - 13:12

الأمطار تنعش الفلاحة

صوت وصورة
حاجي ودمج الحضرة بالجاز
الخميس 28 مارس 2024 - 12:03

حاجي ودمج الحضرة بالجاز

صوت وصورة
أجانب يتابعون التراويح بمراكش
الخميس 28 مارس 2024 - 00:30 3

أجانب يتابعون التراويح بمراكش

صوت وصورة
خارجون عن القانون | الفقر والقتل
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:30

خارجون عن القانون | الفقر والقتل

صوت وصورة
مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:00

مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية

صوت وصورة
ريمونتادا | رضى بنيس
الأربعاء 27 مارس 2024 - 22:45 1

ريمونتادا | رضى بنيس