التهجير القسري للفلسطينيين في ميزان القانون الدولي

التهجير القسري للفلسطينيين في ميزان القانون الدولي
الخميس 17 ماي 2018 - 20:51

يخلد الفلسطينيون ومعهم أصدقاؤهم في العالم، منتصف شهر ماي من كل سنة على مدى سبعين عام منذ 1948 إلى غاية الآن، ذكرى النكبة وأمل العودة إلى موطنهم الأصلي.

وحسب أحدث تقرير صادر عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، فإن الاحتلال قد دمر 531 قرية ومدينة فلسطينية، وارتكب أكثر من 70 مجزرة ومذبحة، ذهب ضحيتها أكثر من خمسة عشرة ألف فلسطيني، وهجر قسرا قرابة من 800 ألف مواطن، من أصل 1.4 مليون فلسطيني كانوا يقيمون في الأراضي المحتلة عام 1948.

وتبعا للتقرير نفسه، فإن حوالي 5.3 ملايين لاجئ من أصل 11.6 مليون نسمة، يتوزعون بين الأردن وسوريا ولبنان والضفة الغربية وقطاع غزة وباقي دول العالم؛ وهو ما يجعل قرابة 66 % من سكان فلسطين في العالم يعيشون ويلات التهجير واللجوء القسري، سواء في الشتات أو في وطنهم التاريخي فلسطين للعام السبعين.

وخلال صيف العام 2014، تعرّض الفلسطينيون في قطاع غزة (75% منهم لاجئون) لخمسين يوماً من القصف الإسرائيلي الجوي والبحري والبري نتج عنه استشهاد 2215 فلسطينيا، من بينهم 556 طفلا و293 سيدة، وتمّ تدمير 31.974 منزلا سكنيا من بينها 8163 عمارة سكنية متعددة الطبقات، وتدمير البنيات التحتية المدنية للقطاع المحاصر؛ الأمر الذي يُضاعف من حجم الكارثة الإنسانية. وقد جرى خلال ذلك الهجوم تهجير 520 ألف فلسطيني داخل القطاع، أي ما يعادل 34% من مجموع سكان قطاع غزة.

وبرجوعنا إلى مفهوم التهجير القسري، نجد القانون الدولي يعرفه في المادة الثانية من اتفاقية الأمم المتحدة بكونه إخلاء غير قانوني لمجموعة من الأفراد والسكان من الأرض التي يقيمون عليها، وبأنه يندرج ضمن جرائم الحرب وجرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية.

وبناء عليه، نصت المادة السابعة من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية على أن إبعاد السكان أو النقل القسري لهم يعتبر في خانة الجرائم ضد الإنسانية.

كما أن المادة الـ49 من اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 حظرت النقل القسري الجماعي أو الفردي للأشخاص، أو نفيهم من مناطق سكناهم إلى أراض أخرى، إلا في حالة أن يكون هذا النقل أو النفي في صالحهم بهدف تجنيبهم مخاطر النزاعات المسلحة.

وبموجب المواد الـ6 والـ7 والـ8 من نظام روما الأساسي، فإن “الإبعاد أو النقل غير المشروعين” يشكلان جريمة حرب، وتعتبر المادة المتعلقة بحظر نقل السكان من مناطقهم جزءا من القانون الدولي الإنساني العرفي.

وتجدر الإشارة إلى أن الفلسطينيين احتكموا إلى القانون الدولي وقدموا شكاية في الموضوع إلى الأمم المتحدة، فأصدرت هاته الأخيرة قرارها الشهير رقم 194 بتاريخ 11 دجنبر 1948، في جلستها العامة رقم 186 بـ 35 صوتاً مع القرار مقابل 15 ضده وامتناع 8 دول، حيث أنشت لجنة توفيق تابعة للأمم المتحدة تسهر على تحقيق السلام بالمنطقة.

وفي هذا السياق، نورد أهم حيثيات هذا القرار الأممي:

أولا- تقرر وجوب منح سكان فلسطين جميعهم أقصى حرية ممكنة للوصول إلى مدينة القدس بطريق البر والسكك الحديدية وبطريق الجو، إلى أن تتفق الحكومات والسلطات المعنية على ترتيبات أكثر تفصيلاً؛

ثانيا- تصدر تعليماتها إلى لجنة التوفيق بأن تعلم مجلس الأمن فوراً بأية محاولة لعرقلة الوصول إلى المدينة من قبل أي من الأطراف، كي يتخذ المجلس التدابير اللازمة؛

ثالثا- تصدر تعليماتها إلى لجنة التوفيق بالعمل لإيجاد ترتيبات بين الحكومات والسلطات المعنية من شأنها تسهيل نمو المنطقة الاقتصادي، بما في ذلك اتفاقيات بشأن الوصول إلى المرافئ والمطارات واستعمال وسائل النقل والمواصلات؛

رابعا- تقرر وجوب السماح بالعودة في أقرب وقت ممكن للاجئين الراغبين في العودة إلى ديارهم والعيش بسلام مع جيرانهم، ووجوب دفع تعويضات عن ممتلكات الذين يقررون عدم العودة إلى ديارهم وعن كل مفقود أو مصاب بضرر، عندما يكون من الواجب وفقاً لمبادئ القانون أن يعوض عن ذلك الفقدان أو الضرر من قبل الحكومات أو السلطات المسؤولة؛

خامسا- تصدر تعليماتها إلى لجنة التوفيق بتسهيل إعادة اللاجئين وتوطينهم من جديد وإعادة تأهيلهم الاقتصادي والاجتماعي، ودفع التعويضات وبالمحافظة على الاتصال الوثيق بمدير إغاثة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين، ومن خلاله بالهيئات والوكالات المتخصصة المناسبة في منظمة الأمم المتحدة.

وبناء على هذا القرار الأممي، نرى بأنه بمثابة اعتراف صريح بحق اللاجئين والمهجرين قسرا في العودة كجزء أساسي وأصيل في القانون الدولي تاركا لهم حرية الاختيار بين البقاء في مكان ترحيلهم وبين العودة إلى فلسطين؛ إلا أنه بالرغم من مرور 70 سنة على هذا القرار فإنه لم يتم تنفيذه إلى جانب 52 قرارا ثم إصداره خلال العشريات السبع المتتالية، بل بقوا حبرا على ورق، أمام الصمت الدولي المكشوف والتواطؤ العربي المفضوح والدعم الأمريكي المنحاز إلى الكيان المحتل، والذي كان من أحدث مخرجاته قرار الإدارة الأمريكية في شخص رئيسها ترامب بنقل سفارة دولته من تل أبيب إلى القدس في إطار متزامنا مع ما اصطلح عليه بصفقة القرن بمباركة ورعاية من قبل دول عربية من بينها المملكة العربية السعودية.

وبمناسبة إحياء الفلسطينيين الذكرى السبعين للنكبة وتنظيمهم لمسيرة مليونية العودة، استشهد في يوم واحد 59 شهيدا وأصيب 2786 محتجا على حدود الأراضي المحتلة؛ وهو ما يؤشر عن حدوث تطورات كبيرة حول القضية الفلسطينية تدفع في اتجاه بزوغ حراك شبابي فلسطيني، متشوف للحرية ومتشوق للشهادة في سبيل استرجاع أرضه ومقدساته.

*محام بهيئة الدار البيضاء

‫تعليقات الزوار

1
  • ابن طنجة
    الجمعة 18 ماي 2018 - 00:41

    يوم النكبة وما تبعها من ايام نحساء أشبهها بعام الحزن الذي أصاب النبي محمد الذي حزن حزنا شديدا عن وفاة عمه وزوجه أمنا خديجة لانهما كان سندا وعونا له في دعوته لتحرير الناس من العبودية والظلم ذكرى النكبة هي حزن شمل الامة المسلمة جمعاء بتهجير وترحيل الفلسطينين عن ارضهم المقدسة يقول عالم التاريخ benny morris ( انه في اليوم الموالي ليوم النكبة 15 ماي 1948 تم تهجير قسرا اكثر من 750.000 فلسطيني من أراضيهم امام تقدم القوات الاسرائيلية فتركو ديارها وممتلكاتهم وأخذو معهم فقط مفاتيح منازلهم في أمل أن يعودو مرة أخرى الى اراضيهم وديارهم) نعم انه أملنا بعد 70 سنة من النكبة و50 سنة من الاحتلال ان يعود الفلسطينيون الى أراضيهم انه الامل في الحرية والعدالة التي تتشوق اليها كل الشعوب العربية

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 4

وزير النقل وامتحان السياقة

صوت وصورة
صحتك النفسانية | الزواج
الخميس 28 مارس 2024 - 16:00 2

صحتك النفسانية | الزواج

صوت وصورة
نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء
الخميس 28 مارس 2024 - 15:40 1

نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء

صوت وصورة
ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال
الخميس 28 مارس 2024 - 15:00 3

ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال

صوت وصورة
الأمطار تنعش الفلاحة
الخميس 28 مارس 2024 - 13:12 3

الأمطار تنعش الفلاحة