الشيخ مطيع يرصد مكامن العلاقة بين فقهاء السلطان والمكيافيلية

الشيخ مطيع يرصد مكامن العلاقة بين فقهاء السلطان والمكيافيلية
الأربعاء 23 يوليوز 2014 - 17:04

أكد الشيخ عبد الكريم مطيع، مؤسس أول تيار إسلامي بالمغرب، أن تصور الفقهاء لسلطة الخليفة أو الملك أو السلطان هو “تصور لا يمت للشريعة الإسلامية إلا بما أُضفي عليه من تأويلات مشتطة لبعض النصوص، أو قياس غير منضبط على بعض الأخبار والأحداث”.

ويشرح مطيع، في مقال خص به هسبريس، فكرة علاقة فقهاء السلطان بمكيافيلي، كون تصور الفقهاء كان مقتصرا على وضع أسس للتحكم والسيطرة، حيث فكرهم السياسي كان في عمق السياسة الوضعية التي تفصل بين الدين والدولة، وهو ما يُعد خطوة ممهدة لمبدأ “الغاية تبرر الوسيلة”، أو “المكيافيلية” في الاصطلاح السياسي المعاصر.

وهذا نص مقال الشيخ مطيع كما ورد إلى الجريدة:

فصل المقال فيما بين فقهاء الأحكام السلطانية ومكيافيلي من اتصال

يكاد الباحث المعاصر في الفكر السياسي الإسلامي منذ تأسيسه على يد الماوردي ومن نهج نهجه، ييأس من احتمال بلوغه مستوى من النضج يضمن الحقوق الضرورية للمواطنين، حرية فكر ورأي وتصرف ومشاركة في اتخاذ قرارات الشأن العام وتسييره وترشيده، أو مساهمة فعالة واعية في الدفاع عن سيادة الأمة ووحدتها وكرامتها. بل إن هذا الفكر حتى عقب بزوغ النهضة الحديثة في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر وقد اصطدم بالفكر الغربي الديمقراطي وحاول التأثر به، لم يستطع أن يتحرر من موروثه الماوردي ذي النزعة الاستبدادية والتسلط الفردي على مقدرات الأمة بشرا وثروة وأرضا وسيادة.

وعلى الرغم من محاولات كتاب الفقه السياسي الإسلامي المعاصرين تحديثه ديمقراطيا بقيت هذه المحاولات محتفظة بخصائص الاستبداد الموروث المنطلق من قاعدته الأساسية للحكم الفردي التي تعتبر سلطة الرئيس أو الإمام ولاية عامة وذاتية.

تعتبرها ولاية عامة لكونها تُلزم الغير ولو لم يوافق، بطاعة أوامر صاحب الولاية، سواء كانت الأوامر لصالح هذا الغير أو لغير صالحه، لكونها في نظر هذا الفقه مستمدة من الله، والإمام “ظل لله”[1] كما وقر في أذهانهم .

وتعتبرها ولاية ذاتية يستمدها الإمام أيضا من قدرته على التغلب والتسلط والتخلص من مناوئيه ، وإنْ كانت شكليا مستمَدَّة من استخلاف من قبله إن لم تكن غلابا واستيلاء.

وبمقتضى هذه الولاية يجب على الكافة ـ كما قال الماوردي[2] : ” تفويض الأمور العامة إليه من غير افتيات عليه ولا معارضة له ، ليقوم بما وُكل إليه من وجوه المصالح وتدبير الأعمال”.

وهذا التفويض يحمِّل الأمة واجبين نحو الإمام ، هما الطاعة للأوامر مهما حادت وانحرفت ، والنصرة على عدوه ولو على باطل.

هذا التفويض المطلق للولاية العامة التي يمثلها الإمام أو الخليفة أو أمير المؤمنين بشخصه وذاته، يشمل المكان والزمان والإنسان وتطبيق الشريعة وتدبير الأمر العام.

من حيث المكان : تشمل سلطته أرض الإسلام كلها . وبما أن وحدة البلاد هي الأصل كتابا وسنة ، وهي المبدأ الذي ورَّثه العهدان النبوي والراشدي لمن بعدهما ، فإن الفقهاء قرروا هذا المبدأ أول الأمر ، وأفتوا بوحدة الإمامة وعدم جواز مبايعة إمامين في عصر واحد ، لقوله  : ” إذا بويع لإمامين فاقتلوا الآخر منهما” وكان في مقدمة من قال بهذا كل من الماوردي والغزالي والتفتازاني وابن حزم.

إلا أن اتساع رقعة دار الإسلام ، وتحول أمر المسلمين إلى التنافس على الملك والسلطة ، وعدم قيام مؤسسات شوروية تحمي سلطة الأمة ووحدتها ، وهيمنة الشفوية وعدم التدوين على الفكر السياسي ، كل ذلك أدى إلى تمزق البلاد وقيام دويلات في أطرافها .

استبد أول الأمر بعض أمراء الأقاليم وانفصلوا عمليا عن الخلافة ، فاخترع الفقهاء لهذه الحالة حفاظا منهم على وحدة الإمامة ، ما سموه ” إمارتي الاستكفاء والاستيلاء ” [3] .

إمارة الاستكفاء عندهم تكون بعقد الإمام عن اختيار وإرادة ، لشخص معين على إقليم خاص . وإمارة الاستيلاء تكون بعقد عن اضطرار ، بعد أن يكون الشخص قد استولى فعلا على الإقليم .

ثم بعد أن قامت دويلات مستقلة عن الخلافة المركزية استقلالا تاما ، أباح الفقهاء من أمثال الإيجي [4] ، تعدد الأئمة ، مبررين ذلك باتساع رقعة دار الإسلام ، وكون كل إمام في بلد ، وضرورة المحافظة على إقامة الشريعة وأداء الحقوق .

ومن حيث الزمان : برغم كون الشريعة الإسلامية أعطت للأمة حق تحديد فترة حكم الإمام في إطار الشورى ، فإن الفقهاء افتياتا منهم على الشرع ـ أجمعوا على حقه في البقاء في السلطة طيلة حياته ، ما لم يُعتبط أو يُجن أو يفقد القدرة التامة على السمع والنطق والتصرف ؛ وإِنْ اختلفوا في حال فقده بعض الأعضاء أو عجزه عن التصرف باستبداد أعوانه الفسقة عليه ، أو أسره لدى العدو.

أما عزله لفقد شروط العدالة والعلم ، فقد أجمعوا على أن ذلك لا يجوز ، إِنْ خيفت الفتنة أو لم يُقدر عليه أو كان عزله يؤدي إلى الإضرار بالمصالح . وعلى العموم فالرأي السائد هو أن الإمام لا ينعزل بالجهل أو الفسق الاعتقادي والسلوكي ؛ لأن ولايته في نظرهم مبنية على القهر والغلبة.

وفي “حاشية رد المحتار على الدر المختار ” لابن عابدين [5] عن القاضي هل ينعزل إنْ فسق ، ويقاس عليه الإمام : ” وفي الخلاصة عن النوادر: “لوفسق أو ارتد أوعمي ثم صلح أو أبصر فهو على قضائه ” ، وفي الفتح: “اتفقوا في الإمارة والسلطنة على عدم الانعزال بالفسق لأنها مبنية على القهر والغلبة”، لكن في أول دعوى الخانية: “الوالي كالقاضي”، ” وفي الواقعات الحسامية: “لا ينعزل بالردة، فإن الكفر لا ينافي ابتداء القضاء في إحدى الروايتين”. وقيل: “إن فسق الوالي فهو بمنـزلة القاضي يستحق العزل ولا ينعزل”.

كما ذهب أبو بكر الباقلاني، وهو مالكي من كبار متكلمي الأشاعرة ـ في كتابه “التمهيد” [6] ، إلى القول بأن الجمهور من أهل الإثبات وأصحاب الحديث يقولون : “لا ينخلع الإمام بالكفر بعد الإيمان أو ترك الصلاة أو الفسق والظلم، وإنما يجب وعظه وتخويفه وترك طاعته في شيء مما يدعو إليه من معاص”.

أما إِنْ غلب عليه غيره واستولى على ملكه، فلا خلاف في وجوب مبايعة المنتصر دفعا للفتنة وحفاظا على بقاء الشريعة كما يقولون.

ومن حيث الإنسانُ : للخليفة على المسلمين سلطة كاملة مطلقة تقتضي الطاعة والنصرة ، وتعم الذكور والإناث والأصول والفروع ، في أنفسهم وأموالهم وعباداتهم صلاة وزكاة ونسكا ؛ حتى إن من الفقهاء مَنْ لا يجيز صلاة الجمعة والعيدين بدون الإمام أو من يمثله ، ومنهم من يقدم إمامة الخليفة ومن يمثله في صلاة الجنازة ، على أولياء الميت . ولئن حاول بعض المتأخرين ترقيع هذه المذاهب التشريعية ببعض المفاهيم العصرية عن الحرية الشخصية ، ليخففوا من وطأتها التسلطية ؛ فإنها تبقى خارج نطاق الشريعة الإسلامية نصوصا وأحكاما ، روحا ومقاصد.

ومن حيث تطبيقُ الشريعة الإسلامية : فإن الإمام يعد مسؤولا عن ذلك وحده . حتى الحدود التي لا يجوز العفو عنها ، وقد قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم: “والله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها ” ؛ جوَّز الفقهاء للإمام عدم إقامتها ، لا سيما في حق الوجهاء والأعيان وأصحاب الشأن ، بتأويلات منهم لما روي عنه صلى الله عليه وسلّم : “أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم إلا الحدود” ، وهو حديث ضعيف كما قال العزيزي في شرح الجامع الصغير.

وبما أن ولاية الإمام ذاتية ومبنية على الغلبة والقهر ، فلا أحد فكر في إمكانية إقامة الحد عليه إِنْ استحقه ، على رغم أن الشريعة لم تستثنه من حاكميتها . وقد رُوي أن عمر في أيام خلافته رأى رجلا وامرأة على فاحشة ، فجمع الناس وقام فيهم خطيبا، وقال : ” ما قولكم إذا رأى أمير المؤمنين رجلا وامرأة على فاحشة ؟” فقام علي بن أبي طالب وأجابه بقوله : ” يأتي أمير المؤمنين بأربعة شهداء ، أو يُجلد حد القذف ويصبح ساقط الشهادة إذا صرح باسمي من رآهما ، شأنه في ذلك شأن سائر المسلمين ” ، فسكت عمر ولم يعين من رآهما.

كما أطلقوا يد الخليفة في أمر زواجر التعزير ، بالعقوبات البدنية إعداما وجلدا وقطعا وحبسا ونفيا ، والعقوبات المالية مصادرة وتغريما . وما عليه إلا اتخاذ بطانة من الفقهاء “المبرراتية” ، الذين يصطادون من المذاهب الرخص وضروب التأويل التي تفتح الأبواب المغلقة.

فالقتل سياسةً مشروع عند الحنفية ، وعلى ذلك الحنابلة وفي مقدمتهم ابن تيمية وابن القيم ، أما المالكية فالمصالح المرسلة والمقاصد تبيحه مطلقا ، وقد نُسب لمالك إباحة قتل الداعية إلى البدعة لإفساده في الأرض ، وقطع المتهم بالسرقة بدون بينة إن حامت حوله الشبهة بالقرائن والمخايل ، وقتل ثلث الأمة استصلاحا للثلثين. وعلى ما سار عليه المالكية في هذا الباب سار الشافعية.

وإذا كان القتل سياسة جائزا عند الجمهور ، فمن باب أولى جواز الجلد والسجن والنفي وبتر الأطراف سياسةً ، للعظة والتخويف والإرهاب.

أما العقوبات المالية ، فأبو يوسف من الحنفية يجيزها خلافا لإمامه وصاحبه ، وكذلك الشافعية يجيزونها على خلاف في التفصيل ، وعند أحمد مشروعة باتفاق في مواضع وباختلاف في مواضع أخرى ، وعند المالكية جائزة في المشهور عن مالك .

كما ابتدعوا للتعزير أربع مراتب : تعزير أشراف الأشراف و يكون بالإعلان، مثل أن يقال للمذنب منهم : ” بلغني أنك تفعل كذا ” ؛ وتعزير الأشراف كالدهاقنة من كبار القرى والقبائل ، والتجار ومن لهم مال وعقار ، ويكون بالإعلام والجر إلى باب القاضي أو الوالي ؛ وتعزير الأوساط وهم العامة ، ويكون بالحبس وغيره ؛ وتعزير الخسائس ، وهم المشبوهون ، ويكون بالحبس والضرب أو بما هو أشد من ذلك.

وإذا مات من عُزر ، فدمه هدر عند أبي حنيفة ومالك وأحمد ، ويُضمن من بيت المال عند الشافعية.

وهذه الأحكام كلها لا ضابط لها من شرع واضح مُوَثَّق ، وإنما الهوى والمزاجية الآنية ؛ وكم من مستحق عقوبة أو حدا عُفي عنه وأُغدق عليه المال لإنشاده بيت شعر أعجب الخليفة ، وكم من بريء قُتل لقوله كلمة صدق وحق وعدل .

ولئن كان التعزير قد شُرع بدليل الإجماع للجرائم التي لا حد فيها ، والجرائم التي فيها حد ولم تكتمل أركانها ؛ فقد وُظف في واقع الأمر وغالبه ، للانتقام السياسي وتصفية المخالفين والمعارضين والمحتجين ، والآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر .

ومن حيث التدبيرُ العام : يدخل في اختصاص الإمام وحده كل شؤون الإدارة والمال وتعيين أمراء الأقاليم وولاتها ، والقضاة ومسؤولي مرافق الدولة والأمن، وإعلان الحرب الدفاعية والهجومية ، لأغراض دينية أو دنيوية ، جهادا أو عدوانا ، داخليا أو خارجيا ، لقهر المسلمين أو غير المسلمين .

هذه خلاصة تصور الفقهاء والمتكلمين ، لسلطة الخليفة أو الإمام أو الملك أو السلطان أو الأمير ، على اختلاف في الألقاب وتماثل في التصرف . وهو تصور لا يمت للشريعة الإسلامية إلا بما أُضفي عليه من تأويلات مشتطة لبعض النصوص ، أو قياس غير منضبط على بعض الأخبار والأحداث.

لقد كان تصورهم مقتصرا على ضرورة وضع أسس للتحكم والسيطرة ، في مجتمع يرفض بفطرته ما لم يُقدم إليه في “طبق” إسلامي . وهذا التصور بأدنى تدبر وتمعن يكشف بوضوح ، أن فكرهم السياسي كان في عمق السياسة الوضعية التي تفصل بين الدين والدولة ، وإِنْ عتموا على ذلك بمختلف ضروب التمويه والتعمية.

ولئن كان الفكر السياسي الوضعي فيما قبل مكيافيلي (1469 – 1527 م) ، منذ نشأته اليونانية الأفلاطونية والأرسطية وتطوره الروماني ، قد تبنى الأخلاق والفضيلة والعمل لسعادة الإنسان مع احتفاظه بجوهر الحكم الفردي ، فإن الفقهاء والمتكلمين احتفظوا أيضا بفكرة الحكم الفردي ، ولكنهم جعلوها في خدمة السلطان من أجل رفاهيته وحده ودوام سلطته بمفرده ؛ وأباحوا من أجل ذلك جميع الوسائل الناجعة التي تحقق الهدف ، أخلاقية كانت أو غير أخلاقية . وهو ما يُعد خطوة متقدمة وممهدة لما عُرف بعد ذلك بمبدأ ” الغاية تبرر الوسيلة ” ، أو” السياسة النفعية ” ، أو ” المكيافيلية” في الاصطلاح السياسي المعاصر.

ويكفينا مثلا لذلك ، أن نقارن بين رأي بدر الدين بن جماعة في “تحرير الأحكام” إذ يقول[7] : “إذا خلا الوقت من إمام وتصدى لها من هو أهل لها ، وقهر الناس بشوكته وجنوده بغير بيعة واستخلاف ، انعقدت بيعته ولزمت طاعته ” ؛ وبين قول مكيافيلي حول ضرورة السلطة المطلقة [8]: ” من النادر إن لم يكن من المستحيل أن تقوم حكومة ، سواء كانت جمهورية أو ملكية على شكل منظم منذ مستهل عهدها، أو أن تتحول تحولا جذريا عن تنظيماتها القديمة ، إلا إذا كان المشرف على عملية القيام أو التحول شخصا واحدا ليس إلا … ، وعلى هذا فإن على المنظم العاقل للدولة أن يحزم أمره على أن يكون صاحب السلطان الوحيد . ولن يوجه إليه أي إنسان عاقل اللوم إذا ما قام بأي عمل مهما كان شاذا”.

إن الفقهاء جعلوا الإمام هو الدولة وهو الحكومة ، وهو الممثل الوحيد للشريعة والقانون والأمة ؛ وهذا بالضبط هو فكر مكيافيلي الذي يعد الأمير هو الدولة ولا دولة في غياب الأمير.

والفقهاء برروا كل تصرف يقوم به الأمير من أجل الوصول إلى السلطة والاستدامة فيها ، وأباحوا له كل ضروب الخداع والمكر والقتل والاغتيال ، وهو عين ما ذهب إليه مكيافيلي الذي قال[9] : ” فمن القواعد الصحيحة والسليمة أن النتائج قد تبرر الأعمال التي تستحق اللوم في ظاهرها “.

وقال[10] : ” على الأمير أن يتخذ التدابير اللازمة لارتكاب فظائعه فورا … ومن الواجب اقتراف الإساءات مرة واحدة وبصورة جماعية”.

والسيادة عند مكيافيلي هي سيادة الأمير ، لأن من السخف لديه أن يشاركه فيها غيره أو أن يمارسها الشعب . وهي عند الفقهاء على نفس الوتيرة والنهج ؛ لأن العامة في نظرهم مجرد غوغاء يحكمهم السيف . والخاصة إما موالون وأدوات فمقربون ، وإما معارضون فتحت قائم السيف وفي غياهب السجون.

وأعوان الأمير وزراء وقضاة وقادة للجيوش ، يجب أن ينكروا ذواتهم في الخدمة، ولا يكون لهم أي طموح للمجد والرفعة ، وهو ما عبَّر عنه نجم الدين الطرسوسي[11] بقوله : ” أما تولية نيابة السلطنة فينبغي للسلطان أن يختار لها من يوثق بعقله وعفته وديانته وفطنته وقلة طمعه وكلامه ، فإنه في البلد التي يتولاها السلطان الحاضر . ويُشترط ألا يكون متطلعا إلى السلطنة ولا تطالبه نفسه بالمرتبة الكبيرة “. وفي نفس الاتجاه يقول مكيافيلي[12]: ” إذا كان قادة الجيوش من الأكفاء فعلا فليس في وسعك الاعتماد عليهم ؛ لأنهم سيتطلعون دائما إلى تحقيق أمجادهم الشخصية ، إما عن طريق اضطهادك أنت سيدهم ، أو اضطهاد الآخرين عاصين في ذلك أوامرك ” ، ويزيد [13] : ” عندما يفكر الوزير بنفسه أكثر من تفكيره بك ، وعندما يستهدف في جميع أعماله مصالحه الخاصة ومنافعه ، فإن مثل هذا الرجل لا يصلح لأن يكون وزيرا نافعا ، ولن يكون بإمكانك الاعتماد عليه”.

ولئن عومل مكيافيلي بجفاء وأحرقت محاكم التفتيش مؤلفاته ، ووُضع كتاب “الأمير” ضمن الكتب الممنوعة سنة 1559م ، وعُدَّ لدى الغرب ملعونا وحاملا لمصباح الشيطان ؛ فإن وضوح أسلوبه وعدم إخفائه حقيقة أفكاره ، وعزوفه عن التمويه على معتقداته ، واستفزازه العنيف لما تواضع عليه الفكر السياسي قبله ، كان سببا رئيسيا لما حل به من مشقة ومحنة.

أما الفقهاء والمتكلمون ، فقد موهوا على ما ذهبوا إليه بأسلوبهم الرصين وتعابيرهم الفقهية ، وتقديمهم مصنفاتهم إلى الحكام والسلاطين ، فلم يثيروا بذلك لدى العامة والخاصة أي حساسية أو عداء . بل ما زالت كتاباتهم مقبولة ومرغوبا في نشرها ومُعتمَدَة إيديولوجيا لدى كثير من الفئات والنخب السياسية.

لقد تطور الفكر السياسي لدى الفقهاء والمتكلمين عبر منهجية ” الغاية تبرر الوسيلة ” ، قبل مكيافيلي بأكثر من خمسة قرون تقريبا . وتدرج عبر مراحل ، من مدرسة الماوردي ذات الصباغ الإسلامي المكثف ، إلى ما دُعي ” الآداب الملوكية ومرايا الأمراء ” ذي النـزعة الأخلاقية ، إلى المدرسة النفعية الواضحة البينة التي مهدت لظهور الفكر السياسي المعاصر، الذي أسسه مكيافيلي في أوائل القرن الميلادي السادس عشر.

وقد بلغت هذه المدرسة الفقهية أوْجَ وضوحها لدى محمد بن عبد الله الخطيب الإسكافي (ت 431 هـ/1039م) ، في كتابه ” لُطف التدبير في سياسات الملوك ” ، الذي يُعد بحق خطوة تأسيسية جريئة ومهمة نحو علم السياسة الحديث ، مما يدحض ما ذهب إليه مفكرو الغرب من نسبة ذلك إلى مكيافيلي.

وإنه بأدنى مقارنة بين كتاب الخطيب الإسكافي “لطف التدبير” ، وبين كتابي “الأمير” و”المطارحات” لمكيافيلي ؛ يتضح التقارب الذي يكاد يكون تطابقا بين منهجي الرجلين وتفكيرهما ، خاصة عند استعراض عناوين الأبواب والفصول في الكتب الثلاثة؛ وهي عناوين يحتاج إليها كل من ساس الناس وولي أمرهم أو كان له طموح لذلك ؛ سواء في تدبير الملك وإدارة شؤون الدولة ، أو في معالجة الفتن والشغب والمناورات والحروب وصد الأعداء والمكر بهم وخداعهم ومكايدتهم ، أو في الانتقام والثأر وكشف الأسرار وحفظ العهود وفسخها .

ولئن كان الإسكافي قد أورد آراءه بطريقة غير مباشرة ، عبر أخبار وحكايات وأحداث تاريخية يتفق مغزاها وعنوان الباب ؛ فإنه ترك أمر التعليق عليها واستخلاص العبر منها للقارئ وحده ، فلم يستطرد أو يتبسط في رواياته ، ولم يقحم تجاربه وخبراته ومشاهداته ، ولم ينتقد أو يعلق بما يُعد وجهة نظر له . وإنما استهدف أن يضع لحكام عصره حلولا عملية لما يجابههم من مشاكل واجهت غيرهم في أمم أخرى ، لعلهم يستفيدون من ذلك ويعتبرون.

أما مكيافيلي فقد كان في كتابيه يعرض آراءه وخبرته السياسية ونصائحه المباشرة مؤيَّدَةً بأحداث التاريخ والتجارب الشخصية . ولكن محتوى كتابات الرجلين يسير على نحو متوازٍ ومتقارب ؛ إلى حد أن ما رواه الإسكافي في كتابه يصلح بكل دقة لأن يُستشهد به في كثير من فصول كتابي “الأمير” و “المطارحات” لمكيافيلي .

ونسوق فيما يلي مقابلة لبعض الفصول والأبواب لدى الرجلين:

أ – الباب الثاني من ” لطف التدبير ” : بعنوان ” لطف التدبير في الحروب” .

الباب الثالث من ” لطف التدبير ” بعنوان ” في فتح القلاع ” .

الباب الرابع من ” لطف التدبير” بعنوان : ” في فتح البلاد” .

ويقابلها عند مكيافيلي :

ـ الممالك التي تم احتلالها بقوة السلاح ، من كتاب “الأمير 79 “.

ـ الممالك التي تم احتلالها بمساعدة الآخرين أو بمساعدة الحظ . ” الأمير 85 “.

ب – الباب (22 ) من ” لطف التدبير” بعنوان ” في الفتك والأمر به والاحتراز منه”.

ويقابله عند مكيافيلي :

ـ الرأفة والقسوة من كتاب”الأمير 142 “.

ـ الاغتيال غير العمد من كتاب “المطارحات 612 “.

ج – الباب ( 27 ) من ” لطف التدبير” بعنوان “فسخ العزائم ” :

ويقابله عند مكيافيلي :

ـ كيف يتوجب على الأمير أن يحافظ على عهوده “الأمير 147 “.

ـ لا حفظ لوعود الإكراه “المطارحات 749 “.

د – الباب التاسع من ” لطف التدبير” بعنوان :” في تسكين شغب وإصلاح نفار أو ذات بين “.

ويقابله عند مكيافيلي :

ـ الوقور يكبح جماح الجماهير “المطارحات 393 “.

هـ – الباب (19) من ” لطف التدبير” بعنوان ” مداراة السلطان ” :

ويقابله عند مكيافيلي :

ـ كيفية الإعراض عن المنافقين “الأمير 183 “.

و – الباب (26) من ” لطف التدبير” بعنوان ” في درك ثأر وطائلة ” :

ويقابله عند مكيافيلي :

ـ أهمية الثأر للإساءة “المطارحات” (554) .

ز – الباب (6) من ” لطف التدبير” بعنوان ” كسر الجيوش بقوة الرأي” .

والباب (10) من ” لطف التدبير” بعنوان ” في التضريب بين الأعداء “

والباب (13) من ” لطف التدبير” بعنوان ” في المكائد على الأعداء” .

ويقابلها عند مكيافيلي :

ـ القضاء على الحاسدين “المطارحات 708 “.

ـ الخدعة لا تنافي المجد “المطارحات 749 “.

ـ اصطناع الخطأ للخدعة “المطارحات 760 “.

ـ الحيلة وسيلة الارتقاء “المطارحات 481 “.

هذه بعض الأبواب التي تكاد تتطابق لدى الرجلين ، وغيرها من مثلها كثير . والفرق بينهما أن الإسكافي اقتصر على التوجيه غير المباشر ، فلم يتدخل بشرح أو تعليق على ما أورد من أحداث وأخبار ومرويات ؛ أما مكيافيلي فقد زاد عليه ما استخلص من الأحداث والتجارب والأخبار . وهو ما يشير بوضوح إلى أن فكر الفقهاء والمتكلمين يُعد أول لبنات السياسة النفعية المعاصرة ، التي أسفرت عن وجهها بما كتبه هذا الفلورنسي الداهية، بعد أن تجرع مرارة الفشل السياسي ، وكان المنفى مصيره ومآله.

****

1 – حديث “السلطان ظل الله في الأرض ” منكر.

2 – الأحكام السلطانية للماوردي ص17

3 – الأحكام السلطانية للماوردي ص 35

4 – المواقف في علم الكلام للإيجي ص 400

5- حاشية رد المحتار على الدر المختار لاين عابدين ج 5 ص364

6- نصوص الفكر السياسي الإسلامي ليوسف أيبش ص57

7 – الصفحة 55

8 – المطارحات لمكيافيللي ص 249

9 – نفس المصدر ص 250

10 – الأمير ص 101

11 – تحفة الترك فيما يجب أن يعمل في الملك لنجم الدين الطرسوسي ص 130

12- الأمير لمكيافيللي ص 119

13- نفس المصدر ص 182

‫تعليقات الزوار

13
  • Moh
    الأربعاء 23 يوليوز 2014 - 17:30

    عبد الكريم مطيع الحمدوي مفتش التعليم الابتدائي في السبعينيات من القرن الماضي ;كفاءة عالية ومستوى راق ;اين التعليم من هولاء الرجال حاليا?

  • المختار السوسي
    الأربعاء 23 يوليوز 2014 - 17:35

    من ينظر الى الى احوال الامة الاسلامية يصاب بالذهول و يقطر فؤاده عجبا لما يجري و لما سيجري مستقبلا .

    العرب يحفرون قبورهم بايديهم و هم لا يعلمون .لكن (( ستبدي لك الايام ما كان خافيا" و يأتيك بالاخبار من لم تزود ))

    اصبحت الخلافة الاسلامية علكة و مسكة لدى الاخوان تارة و لدى العدل و الاحسان تارة اخرى . و لدى داعش و لدى التكفيريين .

    و هم لا يعلمون انهم يمزقون الاسلام الى فرق و فتن .

    بالله عليكم هل سمعتم سيدنا عمر يدعو للخلافة او احد من الصحابة ؟؟؟كان همهم الوحيد هو نشر الاسلام و الدعوة و نشر العدل .

    اما مشروع الاخوان و العدل و الاحسان فهو مشروع سياسي . يشبه في تنظيمه المسيحية و الشيعة و الماسونية .

    فالشيعة لهم مرشد . و للمسحيين لهم راس البابا . و الماسونية لهم راس .
    كذالك الاتباع فلا يجوز لهم الخروج عن المرشد .

    كما ان هناك اختلاف كبير بين الاحزاب الاسلامية . فالسلفيون يسمون العدل و الاحسان القبوريين و اصحاب البدع . و السلفيون مختلفون مع الاخوان .

    هذه الاحزاب ما هي الا تمزيق للامة الاسلامية .

    صدق ابن خلدون اذا عربت خربت.

    ماليزيا -اندونيسا -تركيا دول عجمية اسلامية يجب الاستفادة

  • حق ولاة الأمر
    الأربعاء 23 يوليوز 2014 - 19:23

    أهل السنة ليس عندهم إلا قال الله و قال الرسول و قال الصحابة " وإن شئت فقل:-
    فقه الكتاب والسنة على وفق سيرة السلف الصالح. كما قال ابن القيم رحمه الله-
    العلم قال الله قال رسولُه … قال الصحابةُ ليس بالتمويه
    ما العلم نصبك للخلاف سفاهة … بين الرسول وبين رأى فقيه
    كلا ولا جحْد الصفات ونفيها … حذرا من التمثيل والتشبيه ( والان جائنا قوم قال مكيافيللي وسمو عدو الاسلام امير _ حق ولاة الأمر حقٌ عظيم والواجب على كلَّ مسلم عند سماعه للأدلة الشرعية المبينة لهذا الحق والمقرِّرة لهذا الواجب أن يتعامل معها نظير تعامله مع النصوص الأخرى المشتملة على الأمر بالصلاة أو الصيام أو الصدق ونحو ذلك ، لأنَّ الآمِر بذلك واحد والطاعة واجبة في ذلك كله ، ولا يجوز لمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر أن يجد في نفسه حرجاً أو حزازة من الأحاديث الثابتة في بيان حق ولي الأمر ووجوب السمع والطاعة له ، بل عليه أن يتلقى هذه الأحاديث بالقبول وانشراح الصدر نظير تلقيه للأحاديث التي جاءت في سائر الأحكام وأن لا يجد في نفسه وحشة أو حرجاً منها قال الله تعالى :فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ

  • يونس أيت ملول
    الأربعاء 23 يوليوز 2014 - 22:38

    يجب مراجعة اجتهادات الفقهاء في مسائل السياسة و الحكم فقد اجتهدوا و اخطأوا. وكما يقولون فمن اجتهدوا رجال و نحن رجال.

  • عبيزة
    الأربعاء 23 يوليوز 2014 - 23:43

    هل في هدا الزمان زمان التكنولوجية والاتصال الدي اخترعه اولاءك الدين يؤمنون بالمكيفيلية ،تنتضر من الاستاد المحترم ان يلقننا متل هده الدروس المتجاوزة .الكلام تم الكلام و بعد الكلام الى أين بيع الملام الفارغ العاقم لم ولن يجدي بعد ،نخن في زمن الأفعال و الماديات و الصح اما البلبلة فلن يبقى لها اي مكان الى في الحلقة و شوف تشوف الى ضبرتي على شي صريف يا استادنا الجليل .
    الناس في عدا الزمان تحتاج الى ما تتقوت به اما الكلام على machiavel و كتابه الشهير il principe بالإيطالية و تفسير الغاية تبرر الوسيلة la fin justifie les moyens فلا داعي لتعريفها االاغلبية في هدا لزمان يستعملها و حتى دون معرفته بمكيفيل او غيره و العلاقة بالدين مهما حاولت تفسيره فيبقى داءما subjectif بمعنى لكل شخص تءويله و كيفية اقتناعه . انت يا أستاذ في بلد الغربة بإمكانيات مادية تجعل منك بوق لنشر ما يريده الممول و…………………………

  • حق ولاة الأمر
    الخميس 24 يوليوز 2014 - 00:20

    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله

    ميكافيلي ,, هو اليهودي صاحب نظرية ( الغاية تبرر الوسيلة )

    ولا شك أن هذا المبدأ هو مبدأ هدام ,, لكنه لا يستغرب إذ صدر عن يهودي ,, والشيء من معدنه لا يستغرب

    أما أن يأتي مسلم فضلا عن كونه داعية أو ينسب للدعوة , ويجعل من الوسيلة مبررا للغاية ,, فهذه هي الطامة , ( فمن المعلوم أن المسلمين لا يستقيم أمرهم إلا بولاية تقيم فيهم شرع الله وتحكمهم بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم يحصل لهم بها الأمن على أنفسهم وأموالهم وأعراضهم ويتمكنون فيها من إقامة شعائر دينهم بأمن وراحة واطمئنان، وقد جاء في الكتاب العزيز والسنة المطهرة بيان حقوق ولاة أمورهم عليهم، وذلك بالنصح والدعاء لهم وأن يُسمع ويطاع لهم في المعروف، قال الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ}، وقد جاء عن جماعة من السلف الحث على السمع والطاعة ولزوم الجماعة والتحذير من الفرقة والخروج على الأئمة، ففي سنن الدارمي (257) عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: ((إنه لا إسلام إلا بجماعة، ولا جماعة إلا بإمارة، ولا إمارة إلا بطاعة)

  • ابن الخطاب وحقوق الانسان
    الخميس 24 يوليوز 2014 - 00:31

    الفتنة أشد من القتل حجة السلطان ،والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حجة رجال الدين وباسم الأمة السياسية يتكلمون فبمجرد الحديث عن الأمة الكل يصبح ما ورديا ، وهتين الحجتين تلخص تلك العلاقة التاريخية بين السياسة والدين ،تحالفا او حربا ،فقهاء السلطان يفعلون الاولى ،وفقهاء المعارضة من اجل الأمة اي كلمتهم وأيديولوجياتهم عن النظم السياسية وليس العدل والحق يفعلون التانية متلا هل نسي الحسين بان الفتنة أشد من القتل ولمادا دهب الى العراق لينهى عن المنكر?يكفيه ان يلزم بيته في مكة ولا يبايع اليزيد ويأمر بالمعروف فقط?لنعد الى الأمة ،حروب محمد والصديق عربية ،حروب عمر أممية ،لمادا على عمر محاربة النصارى وهو يعلم انه لا يستطيع إكراههم على الاسلام ?ادن حربه سياسية وليست دينية،انهزمت بزنطة في الشام وفلسطين ،فهل كانت قواعدها في مصر وشمال افريقيا تشكل تهديدا لعمر ?ام هل كان عمر يطالب بالحق في نشر الدعوة الاسلامية في فارس وبلاد بزنطة باسم حرية المعتقد ويحارب من اجله?وهدا جد مستبعد ،ام كانت حروبه دفاعية ?هدا غير صحيح ،مصر متلا ?انها أسئلة معاصرة وفق منطق حقوق الانسان ،عن حروب عمر بن الخطاب ،وكدلك حروب النبي،

  • أحمد البوعمراني
    الخميس 24 يوليوز 2014 - 02:11

    غفر الله لك يا شيخنا العزيز… و هل ينشر مقال بهذه الأمية في هسبرس لكي يعلق عليه من لا ولن يفهمه؟ أطروحتكم هذه صائبة و جديدة وتفضح أسس الإستبداد في في نظام الحكم سياسة وتطبيقا منذ إنتهاء الخلافة الراشدة بتنازل سبط رسول الله صلى الله عليه و آله سيدنا الحسن رضي الله عنه عن الخلافة لمعاوية… منذ ذلك الحين و المسلمون يعانون من ردة سياسية آلت بالأمة إلى الإستبداد القائم الآن و الذي نعاني منه بدون أن يتجرأ أحد من الفقهاء على تحدييه أو الرجوع إلى الأصل النبوي و التشريعات المنزلة.
    أبارك لكم هذه الخطوة الموفقة و المباركة و أدعو لكم بالتوفيق و السداد و طول العمر. كما أدعو القراء إلى التمعن في المقال و فهمه قبل محاولة التعليق.

  • فقهاء القرآن وليس السلطان
    الخميس 24 يوليوز 2014 - 03:13

    جاء في المقال 🙁 وهو عين ما ذهب إليه مكيافيلي الذي قال : " فمن القواعد الصحيحة والسليمة أن النتائج قد تبررالأعمال التي تستحق اللوم في ظاهرها")
    لقد أقر القرآن الكريم هذه القاعدة في قصة موسى عليه السلام مع العبد الذي أتاه الله علما (الخضر).
    القرآن الكريم اقر أشكال الحكم المتعارف عليها عند البشر ومنها الملك ووراثته.
    قال تعالى:" فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما "
    وقال:" تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ"
    وفال :"وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ".
    أمرنا الله بطاعة أولي الأمر وأعتبر العصيان إستكبارا من أفعال إبليس الذي رفض السجود لآدم. المؤمن إما أن يكون طائعا مشاركا ناصرا أو معتزلا ناصحا.قال تعالى: "اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى ، فَقُولَا لَهُ قَوْلاً لَّيِّناً".
    وفي قصة يوسف إجازة للمشاركة قصد الإصلاح ولو مع الطغاة.
    "قَالَ اجْعَلْنِي عَلَىٰ خَزَائِنِ الْأَرْضِ ۖ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ".
    إن إجتهادات فقهاء القرآن مستمدة من أحكامه. أما فقهاء العصيان فهم محرضون ودعاة فتنة و فقهاء البهتان هم المحرفون حسب الطنون و الأهواء.

  • الكتاب والحكمة
    الخميس 24 يوليوز 2014 - 05:30

    القرآن الكريم أقرن "الكتاب بالحكمة" مما يعني إقتران "العقيدة بالعقل". وما اساليب السياسة إلا من الحكمة. القرآن الكريم لم يشترط نظاما خاصا للحكم وإنما وضع له قواعد اساسية لا يقوم إلا بها أهمها العدل والشورى والطاعة.
    الوقائع تثبت أن النبي(ص) لم يوصي لأحد بخلافته لان "أمرهم شورى بينهم" ويبدو أن الاحاديث الواردة في هذا الشأن موضوعة.
    طريقة مبايعة أبي بكر سياسة، قال عنها عمر:" إنما كانت بيعة أبي بكر فلتة وتمتّ". لم يشمل التشاور قبلها كل الصحابة.
    فاطمة الزهراء بنت الرسول عارضت ولم تبايع ، علي زوجها تأخر حتى توفيت تطييبا لخاطرها.
    قرار محاربة أهل الردة إجتهاد سياسي إنفرد به ابوبكر لإنقاذ دولة المدينة.
    رفض عثمان التفاوض مع الغوغاء موقف بعيد عن السياسة.
    سياسة معاوية غلبت عقيدة علي كرم الله وجهه.
    الخلافة الراشدة على منهاج النبوة وهم تكذبه الوقائع، النبي (ص) لا يعلم الغيب ولو علم أن ثلاثة من الخلفاء ومن خيرة أصحابه سيقتلون لأوصى بما
    يجنب المسلمين الإقتتال فيما بينهم.
    لا يمكن أن يكون الإسلام صالحا لكل زمان ومكان إذا لم تتطور أحكام الشريعة لتساير المستجدات فالعدل ضالة المؤمن حتى عند النجاشي.

  • الإنسان المغربي
    الخميس 24 يوليوز 2014 - 05:54

    شكرا لجهودك في رصد العلاقة بين ميكيافيلي وفقهاء السلطان، إلا أن فضيلتك لم تٌقدم تفصيلا لوجهة نظرك حول الموقف الذي ينبغي تبنيه من هذه "النظريات السياسية" في ظل أنماط ونظم الحكم السائدة في الدول الإسلامية حاليا؟ وكيف ينبغي التعامل معها؟ ومع من يعتمدونها؟ وسبل الرد عليهم؟ حتى نكون جميعا على بينة؟

  • ahmed arawendi
    الخميس 24 يوليوز 2014 - 10:54

    تبرير الاسلام اصبح الموضوع الاكثر الحاحا في الثقافة الاسلامية.فرغم ان المجال الاسلامي هو مجال فقر و مرض و فوضى وهضم حقوق فلا يتم معالجة هذه الاشكالات الا من باب تبرير الاسلام بدل معالجتها كمحاور حقيقية و ملحة للمجتمع.
    في تقريرلسنة 2004 عن مركز الدراسات العربية تم التاكد بان 90 منما يُقرؤ في العالم العربي كتب دينية.
    هناك هاجس مرضي يشُل الثقافة العربية حيث يكتسح المقدس كل شئ.
    و رغم وضوح استناد الاستبداد على الاسلام, حتى ولم يكن هذا قد تطرق لسبل الحكم, لا من بعيد و لا من قريب, لا في القرآن و لا في السنة,فسمة التشريع و الاخلاقيات الاسلاميين المبنيان اساسا على القمع و محو الاختلاف و سلوك النبي نفسه بقتله للمعارضين, لا يمكن الاَّ ان يمهد الطريق للاستبداد السياسي.
    فبدل كل هذا الجهد لتصوير الاسلام ديموقراطيا مع الحفاظ على المضامين اللاديموقراطية فيه لماذا لا نصبح ديموقراطيين,ببساطة,شكلاومضمونا,دون المرور عبر عملية تكرير اسلامية.
    عندما طُلب من عثمان التنحي عن الحكم قال
    والله لا أخلع ثوبا سربلنيه الله
    وما زال بعضهم, اليوم ,يبحث عن الديموقراطية في الاسلام و يفرق بين العهد الراشدي و غيره

  • إنسان2013
    الخميس 24 يوليوز 2014 - 11:45

    التحريف لحق التورات ثم الإنجيل و لكن القرآن بقي محفوظا من التشويهات ؛ و ذلك ما دفع أعداءه بأن يحاولوا تزوير التفاسير و استصدار فتاواى المتدخلين من أجل مصالح شخصية بحتة سواءا لهم او لتعزرز سلطانهم إلا أن ذلكم الإفك يفتضح أمره بمجرد مقانته و قياس معالجاته مقارنة لنهج القرآن فنجد الاختلاف شاسع و منه تبرهن على زور الفتاوى السلطانية مطلقها لكونها تتجه نحو عدم العدل و عدم الأمان و عدم التطور الآمن. فلسان الفتاوى المذكورة و هي مقحمة تقول أن السلطن وفقط و هذا أمر نفسه شرك بالل و الطعن في أحقية الخالق فيه التشريع. من حيث يقع تقديم رغبات الحكام عن أحكام دين الله.

    أحيي الأستاذ لعمله و جهده في كشف مصادر التوجهات السلطانية و كشف مصدر فساد الحاكم و زمرته و جازاكم الله بكل الخير و البركة.

صوت وصورة
سكان مدينة مراكش بدون ماء
الثلاثاء 19 مارس 2024 - 01:05 3

سكان مدينة مراكش بدون ماء

صوت وصورة
خارجون عن القانون | عواقب عقوق الوالدين
الإثنين 18 مارس 2024 - 23:30

خارجون عن القانون | عواقب عقوق الوالدين

صوت وصورة
كاريزما | حمزة الفيلالي
الإثنين 18 مارس 2024 - 22:30 1

كاريزما | حمزة الفيلالي

صوت وصورة
خيوط البالون | المقلب الأخير لري تشيكوني
الإثنين 18 مارس 2024 - 22:00

خيوط البالون | المقلب الأخير لري تشيكوني

صوت وصورة
رمضانهم | أجواء رمضان في روسيا
الإثنين 18 مارس 2024 - 21:30

رمضانهم | أجواء رمضان في روسيا

صوت وصورة
ابراهيم دياز يصل إلى المغرب
الإثنين 18 مارس 2024 - 18:09 17

ابراهيم دياز يصل إلى المغرب