بنعمرو: هذه سُبُل ملاحقة مرتكبي جرائم الحرب الصهيونية وضد الإنسانية

بنعمرو: هذه سُبُل ملاحقة مرتكبي جرائم الحرب الصهيونية وضد الإنسانية
الجمعة 27 فبراير 2015 - 04:29

قدم النقيب عبد الرحمن بنعمرو، مداخلة حقوقية حول “جرائم “الصهيونية وسبل ملاحقة مرتكبيها قضائيا”، وذلك ضمن مداخلة ألقاها بالعاصمة اللبنانية بيروت في افتتاح “منتدى العدالة الدولي لفلسطين” الذي نظمه المركز العربي الدولي للتواصل والتضامن بالتعاون مع المؤتمرات العربية الثلاث وقوى المقاومة في لبنان وفلسطين وهيئات المجتمع المدني العربية والدولية أيام 22 و 23 فبراير الجاري.

وقد افتتح المنتدى بحضور 450 شخصية عربية ودولية من 40 دولة من قارات العالم الخمس. وقد حضر هذه الندوة سفراء روسيا، فنزويلا، كوبا، فلسطين، الجزائر وعدد من الأقطار العربية الأخرى.

وقد جاءت مداخلة النقيب بنعمرو تحت عنوان: “جرائم الحرب الصهيونية والجرائم ضد الإنسانية وسبل ملاحقة مرتكبيها قضائيا” مرافعة قانونية استعرض فيها الجرائم الخطيرة التي ارتكبها ولا زال يرتكبها الكيان الصهيوني وهي الجرائم التي يعاقب عليها القانون الجنائي الدولي، خاصة منها: جريمة الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب وجريمة العدوان…

كما استعرض سُبل ملاحقة الكيان الإسرائيلي، في شخص مرتكبيها وشركائهم المنتمين لنفس الكيان و المتحالفين معه ، ملاحقتهم قضائيا بتلك الجرائم ومعاقبتهم عليها، معتمدين على النصوص القانونية الدولية والوطنية وهي عقوبات لا تقتصر على السجن وإنها قد ترافقها أو تنتج عنها عقوبات سياسية واقتصادية قد تصيب مرتكبيها وشركائهم، كأفراد، وكمسؤولين، وقد تلحق الكيان الصهيوني”.

إليكم مداخلة النقيب عبد الرحمن بنعمرو كما توصلت بها هسبريس..

تقديـــم:

إن جرائم الكيان الإسرائيلي الصهيوني على الشعب الفلسطيني والشعوب العربية لدول الجوار (سوريا، لبنان، الأردن ومصر) كانت ومازالت مستمرة، وهي جرائم متعددة الأنواع، ماسة بالحق في الحياة (قتل واغتيالات)وبالأمان الشخصي (اختطافات، تعذيب، اعتقالات تعسفية – محاكمات صورية وجائرة… التهجير الجماعي..) واقتصادية (تدمير البنيات التحتية ومختلف المرافق المدنية العمومية المعدة لتغطية مختلف الخدمات الاجتماعية – مصادرة الأراضي وإقامة مستوطنات صهيونية عليها – الحصار الاقتصادي برا وجوا وبحرا.. ) وعنصرية (تقييد حرية التنقل للفلسطينيين داخل فلسطين وخارجها – إقامة جدار الفصل العنصري…) واجتماعية (التضييق على الفلسطينيين في التعليم والثقافة والشغل والسكن والصحة…).

o إن جميع تلك الجرائم تجد مصدرها ومنبعها في جريمة كبرى ذات طبيعة سياسية ارتكبها الكيان الصهيوني سنة 1948، بمساندة ومساعدة، سياسية وعسكرية واقتصادية ، من طرف الامبريالية العالمية، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية… تمكن من احتلال جزء من أرض فلسطين بالقوة العسكرية ضدا على الشرعية الدولية، وضم الجزء الباقي مع أراضي عربية مجاورة تخص مصر وسوريا ولبنان في عدوان يونيو لسنة 1967 …

o ولا زال الاحتلال لفلسطين ولأراضي عربية مجاورة مستمرا حتى الآن… وإذا كان الكيان الإسرائيلي انسحب من بعض الأراضي العربية المجاورة لفلسطين فإنه انسحاب تم مقابل تنازلات سياسية (التطبيع مع الكيان الصهيوني) واقتصادية وثقافية وسياحية…

o وإذا كان الاحتلال الإسرائيلي لا زال مستمرا، فإن مقاومته ، المتعددة الأنواع والأساليب…. من قبل الشعب الفلسطيني وبمساندة من الشعوب العربية وأحرار العالم، دولا ومنظمات، لازالت مستمرة كذلك ، وهي مقاومة كانت وما زالت تحقق انتصارات على عدة مستويات وواجهات…

إن مداخلتنا ستقتصر على:

أ‌- استعراض، بتركيز كبير، على الجرائم الخطيرة التي ارتكبها ولا زال يرتكبها الكيان الصهيوني وهي الجرائم التي يعاقب عليها القانون الجنائي الدولي، ونخص منها بالذات: جريمة الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب وجريمة العدوان…

ب‌- سبل ملاحقة الكيان الإسرائيلي، في شخص مرتكبيها وشركائهم المنتمين لنفس الكيان و المتحالفين معه ، ملاحقتهم قضائيا بتلك الجرائم ومعاقبتهم عليها، معتمدين على النصوص القانونية الدولية والوطنية وهي عقوبات لا تقتصر على السجن وإنها قد ترافقها أو تنتج عنها عقوبات سياسية واقتصادية قد تصيب مرتكبيها وشركائهم، كأفراد، وكمسؤولين، وقد تلحق الكيان الصهيوني…

ت-الجرائم الخطيرة المرتكبة من طرف الكيان الصهيوني والتي تدخل في نطاق جريمة الإبادة الجماعية، والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب، وجريمة العدوان:

o منذ احتلال الكيان الإسرائيلي للأرض الفلسطينية وهي ترتكب جرائم متفرقة ومستمرة تكاد تكون يومية وذلك على مستوى الاعتقالات الفردية والجماعية، وهي الجرائم المتجلية في قمع المظاهرات والانتفاضات الشعبية والاعتقالات التعسفية لمدد طويلة، بدون محاكمات أو مع محاكمات صورية..

o وبالإضافة إلى الجرائم المتفرقة والمستمرة المشار إليها، فقد ارتكب الكيان الإسرائيلي في حق الشعب الفلسطيني والشعوب العربية لدول الجوار لفلسطين، جرائم خطيرة ومخطط لها استعملت فيها كافة الأسلحة الفتاكة، التقليدية والمحرمة، البرية والجوية و أحيانا البحرية، مستهدفة قتل وإصابة الإنسان كمجموعات بدون تفرقة بين الجنسين وبين فوارق السن، وتدمير المرافق والمؤسسات المدنية، العامة والخاصة، بما في ذلك تلك التي تؤدي خدمات للمواطنين في مجال التعليم والصحة والتغذية والسكن والنقل، ولم تسلم من هذا التدمير حتى دور العبادة، والمؤسسة الدولية لإغاثة اللاجئين الفلسطينيين (أورنوا).

o والأمثلة لتلك الجرائم نجد، كنموذج لها في مجزرة صبرا وشاتيلا، والعدوان على جنوب لبنان سنة 2006، وعلى غزة الفلسطينية لسنة 2014، وهي الجرائم التي استمرت لعدة أسابيع مخلفة آلافا من القتلى والجرحى والمعوقين والمعوقات، ودمارا شاملا على مستوى السكن ومختلف المرافق العامة والمؤسسات الخاصة…

o إن مختلف تلك الانتهاكات والأفعال الخطيرة والجسيمة تكون جريمة الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب، وجريمة العدوان، وهي الجرائم المنصوص عليها، كليا أو جزئيا، في المادة الخامسة من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، المحرر بروما في 17 يوليوز 1998، وفي اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، وهي الاتفاقية التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 9 دجنبر 1948 و في اتفاقية جنيف الرابعة لحماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب و المؤرخة في 12 غشت 1949 ، والكل حسب التفاصيل الآتية:

1) جريمة الإبادة الجماعية:

o حسب المادة السادسة من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، فإن الإبادة الجماعية، “تعني أي فعل من الأفعال التالية يرتكب بقصد إهلاك جماعة قومية أو إثنية أو عرقية أو دينية بصفتها هذه إهلاكا كليا أو جزئيا”.

o ومن بين الأفعال التي أشير إليها في هذه المادة والتي تدخل في نطاق جريمة الإبادة الجماعية قتل أفراد الجماعة، وإلحاق ضرر جسدي أو عقلي جسيم بأفراد الجماعة، وإخضاع الجماعة عمدا لأحوال معيشية يقصد بها إهلاكها الفعلي، كليا أو جزئيا…

o وحسب المادة الثانية من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، فإن الإبادة الجماعية تعني في هذه الاتفاقية، الأفعال التالية، المرتكبة قصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو إثنية أو دينية بصفتها هذه، ويدخل في نطاق هذه الأفعال : قتل أعضاء من الجماعة، وإلحاق أذى جسدي أو روحي خطير بأعضاء الجماعة، وإخضاع الجماعة، عمدا، لظروف معيشية يراد بها تدميرها المادي، كليا أو جزئيا،…

o ويتبين من استعراض الأفعال الخطيرة التي ارتكبها الكيان الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني والشعوب العربية لدول الجوار، أنها تعتبر وتدخل ضمن جريمة الإبادة الجماعية.

2) ارتكاب الكيان الصهيوني لجرائم ضد الإنسانية : ضد الشعب الفلسطيني وشعوب دول الجوار العربية:

o حسب المادة السابعة من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية فإنه: يشكل أي فعل من الأفعال التالية “جريمة ضد الإنسانية” متى ارتكبت في إطار هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد أية مجموعة من السكان المدنيين وعن علم بالهجوم. ومن بين الأفعال المحرمة التي تدخل في نطاق الجرائم ضد الإنسانية، حسب المادة السابعة أعلاه: القتل العمد، والإبادة، وإبعاد السكان أو النقل القسري للسكان، والسجن أو الحرمان الشديد على أي نحو آخر من الحرية البدنية بما يخالف القواعد الأساسية للقانون الدولي، والتعذيب، واضطهاد أية جماعة محددة أو مجموع محدد من السكان لأسباب سياسية أو عرقية أو قومية أو إثنية أو ثقافية أو دينية…، والاختفاء القسري للأشخاص، وجريمة الفصل العنصري، والأفعال اللا إنسانية الأخرى ذات الطابع المماثل التي تتسبب عمدا في معاناة شديدة أو في أذى خطير يلحق بالجسم أو بالصحة العقلية أو البدنية.

o ويتجلى من هذه الأفعال الإجرامية المنصوص عليها في المادة السابعة بأنها تنطبق على الجرائم التي ارتكبها الكيان الصهيوني في حق الشعب الفلسطيني والشعوب العربية المنتمية لدول الجوار مع فلسطين وهي الجرائم التي استعرضناها أعلاه.

3) ما ارتكبه الكيان الإسرائيلي في حق الشعب الفلسطيني والشعوب العربية لدول الجوار مع فلسطين يعتبر جرائم حرب المحددة في المادة الثامنة من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية:

o حسب المادة 8 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية فإن هذه الأخيرة يكون لها الاختصاص فيما يتعلق بجرائم الحرب ولاسيما عندما ترتكب في إطار خطة أو سياسة عامة أو في إطار عملية ارتكاب واسعة النطاق لهذه الجرائم. وتدخل في نطاق هذه الجرائم، حسب نفس المادة:

أ‌- الانتهاكات الجسيمة لاتفاقيات جنيف المؤرخة في 12 غشت 1949، أي فعل من الأفعال التالية ضد الأشخاص أو الممتلكات التي تحميهم أحكام اتفاقية جنيف ذات الصلة.

ومن بين الأفعال المحرمة التي أشار إليها هذا البند (أ):

القتل العميد.

التعذيب أو المعاملة اللا إنسانية ..

تعمد إحداث معاناة شديدة أو إلحاق أذى خطير بالجسم أو بالصحة.

إلحاق تدمير واسع النطاق بالممتلكات والاستيلاء عليها دون أن تكون هناك ضرورة عسكرية تبرر ذلك..

الإبعاد أو النقل غير المشروعين أو الحبس غير المشروع.

ب‌- الانتهاكات الخطيرة الأخرى للقوانين والأعراف السارية على المنازعات الدولية المسلحة، في النطاق الثابت للقانون الدولي، أي فعل من الأفعال التالية التي من بينها:

تعمد توجيه هجمات ضد السكان المدنيين…

تعمد توجيه هجمات ضد مواقع مدنية…

تعمد شن هجمات ضد موظفين مستخدمين.

تعمد شن هجوم مع العلم بأن هذا الهجوم سيسفر عن خسائر تبعية في الأرواح أو عن إصابات بين المدنيين أو عن إلحاق أضرار مدنية أو إحداث ضرر واسع النطاق وطويل الأجل وشديد للبيئة الطبيعية…

مهاجمة أو قصف المدن أو القرى أو المساكن أو المباني العزلاء التي لا تعتبر أهدافا عسكرية بأية وسيلة كانت.

قيام دولة الاحتلال بإبعاد أو نقل كل سكان الأرض المحتلة أو أجزاء منهم داخل هذه الأرض أو خارجها.

تدمير ممتلكات العدو أو الاستيلاء عليها.

استخدام أسلحة أو قذائف أو مواد أو أساليب حربية تسبب بطبيعتها أضرارا زائدة أو آلاما لا لزوم لها.

تعمد توجيه هجمات ضد المباني والمواد والوحدات الطبية ووسائل النقل والأفراد من مستعملي الشعارات المميزة المبينة في اتفاقيات جنيف.

تعمد تجويع المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب بحرمانهم من المواد التي لا غنى عنها لبقائهم…

ويتبين من الانتهاكات المذكورة والتي تندرج ضمن جرائم الحرب بأنها تنطبق على الأفعال المجرمة التي ارتكبها الكيان الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني وضد شعوب دول الجوار التي تعرضت لعدوانه الغاشم.

ت‌- احتلال الكيان الإسرائيلي بالقوة أرض فلسطين واستمرار هذا الاحتلال بكل تداعياته الغير المشروعة يعتبر جريمة العدوان المنصوص عليها في المادة الخامسة من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية وفي المادة 39 من الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة:

حسب البند 2 من المادة الخامسة من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، فقد تم التنصيص على جريمة العدوان. وأحال فيما يخص تحديده على المادتين 121 و122 لتعريف جريمة العدوان ووضع الشروط التي بموجبها تمارس المحكمة اختصاصها، سواء بالنسبة لجريمة العدوان أو غيرها من الجرائم المستجدة طبقا للمادتين 121 و122، والتي قد تصبح المحكمة الجنائية الدولية مختصة بها.

وبالرجوع إلى المادتين المذكورتين (121. 122) نجدهما تنصان على أنه يمكن عقد جمع عام لدول الأطراف بناء على طلب إحداها، لتقرر في تعديل النظام الأساسي للمحكمة. وفي نطاق هذا التعديل تحدد مفهوم العدوان والأفعال المكونة له، كما يمكن لها، في إطار هذا التعديل أن تضيف جرائم جديدة تصبح من اختصاص المحكمة…

وحسب المادة 39 من الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة “فإن مجلس الأمن: “يقرر ما إذا كان قد وقع تهديد للسلم أو إخلال به أو كان ما وقع عملا من أعمال العدوان، ويقرر في ذلك توصياته أو يقرر ما يجب اتخاذه من التدابير طبقا لأحكام المادتين 41 و42 لحفظ السلم والأمن الدولي أو إعادته لنصابه”.

وإن الكيان الإسرائيلي باحتلاله بالقوة للأرض الفلسطينية، واستمرار احتلاله لها بالقوة؛ وباستمراره، طول مدة الاحتلال المسترسلة في عدوانه على الشعب الفلسطيني وعلى الشعوب العربية لدول الجوار مقترفا كل أنواع الجرائم التي سبق استعراضها؛ وبرفضه الامتثال لقرارات المنتظم الدولي الرامية إلى وضع حد لجرائمه والتحقيق فيها ومساءلته بشأنها، وهي القرارات الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن والأجهزة واللجان التابعة للأمم المتحدة، يكون قد خرج على الشرعية الدولية ومرتكبا أعمال العدوان المتكرر وأصبح مهددا للسلم ومخلا به..

ث‌- من يتحمل المسؤولية الجنائية عن ارتكاب الجرائم التي تعرضنا لها ؟:

o يتحمل المسؤولية الجنائية عن الجرائم المذكورة:

o مرتكبوها المباشرون (الجنود – وربابنة الطائرات والدبابات والسفن الحربية – المليشيات الإسرائيلية المسلحة).

o شركاؤهم، من القادة العسكريين والسياسيين الذين أصدروا لهم الأوامر ومدوهم بالأسلحة الفتاكة وذلك كيفما كان مركزهم القيادي ، وبالتالي لا يتمتعون بأية حصانة أو امتياز يحول دون متابعتهم ومساءلتهم وإدانتهم جنائيا. بل إن الرئيس أو القائد يسأل جنائيا إذا لم يتخذ جميع التدابير اللازمة والمعقولة في حدود سلطته لمنع أو قمع ارتكاب هذه الجرائم أو لعرض المسألة على السلطات المختصة للتحقيق والمقاضاة. هذا مع العلم أن الجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة لا تسقط بالتقادم أيا كانت أحكامه (أنظر تفاصيل ما ذكرناه في المواد 25 و27 و28 و29 و32 و33 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية – وفي المادتين الثالثة والرابعة من اتفاقية سنة 1948 لمنع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها.).

o العقوبات وأنواعها:

o هناك عقوبات ذات طبيعة جنائية وأخرى ذات طبيعة تأديبية ومدنية يمكن إنزالها بمجرمي الكيان الصهيوني، وهناك عقوبات ذات طبيعة تأديبية ومدنية يمكن القضاء بها على الكيان الإسرائيلي:

1) العقوبات الجنائية والإضافية والمدنية التي يمكن إنزالها بمرتكبي الأفعال الإجرامية وشركائهم:

طبقا للمادة 77 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية فإن العقوبات الجنائية الأصلية التي يمكن إنزالها بمرتكبي الجرائم المنصوص عليها في المادة 5 من نفس النظام وشركائهم هي:

السجن لمدد محدد من السنوات لمدة أقصاها 30 سنة.

السجن المؤبد..

ويمكن للمحكمة الجنائية الدولية، بالإضافة إلى العقوبة الأصلية أن تنزل عقوبات إضافية هي:

أ‌- فرض غرامات مالية.

ب‌- مصادرة العائدات والممتلكات والأصول المتأتية بصورة مباشرة أو غير مباشرة من الجريمة..

وبالإضافة إلى العقوبات الجنائية الأصلية والإضافية التي يمكن إنزالها بالمجرمين يمكن الحكم بعقوبات ذات طبيعة مدنية ولفائدة ضحاياهم وتتعلق العقوبات المدنية بجبر الضرر المادي والمعنوي الذي لحق الضحايا نتيجة الجريمة. ويتم جبر الضرر عن طريق التعويضات المالية والمعنوية (رد لاعتبار النشر)، وهذا الجبر وأنواعه مشار إليه في المادة 75 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.

2) العقوبات المدنية والتأديبية التي يمكن تطبيقها على الكيان الإسرائيلي:

تسمح القوانين الوطنية بتحميل الدولة المسؤولية المدنية، بما ينتج عنها من تعويضات عن الأضرار الناتجة عن استعمال القوة العسكرية والعمومية والميليشيات التابعة لها ويجد تطبيق هذه القوانين الوطنية سنده في البند 6 من المادة 75 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، وهو البند الذي ينص على ما يلي: ” ليس في هذه المادة ما يفسر على أنه ينطوي على مساس بحقوق المجني عليهم بمقتضى القانون الوطني أو الدولي “.

وتبعا لما ذكر فإنه يمكن، بل يجب على المحكمة الجنائية الدولية عندما تقضي بتعويضات مالية على مجرمي الكيان الصهيوني وشركائهم، أن تحمل الكيان العبري مسؤولية تسديدها.

3) يمكن لمحكمة العدل الدولية تحميل الكيان الإسرائيلي ، المسؤولية الجنائية والمسؤولية المدنية الناتجتين عن جرائم في حق الشعب الفلسطيني والشعوب العربية لدول الجوار، وأن تحكم بتعويضات مالية عن جبر الضرر:

إذا كان لا يوجد في القانون الدولي ما يسمح لمحكمة العدل الدولية بتوقيع عقوبات جنائية، كما هو الحال بالنسبة للمحكمة الجنائية الدولية، فإن هناك ما يسمح لها بتقرير المسؤولية الجنائية والمسؤولية المدنية للكيان الإسرائيلي عن جرائم جيشه وقواته العمومية والميليشيات المسلحة التابعة له، والقضاء بتعويض عن جبر الأضرار الناتجة عنها.

ويمكن الاستناد، فيما نقول، على المقتضيات القانونية الدولية الآتية:

فالكيان الإسرائيلي عضو في الأمم المتحدة وبالتالي يعتبر طرفا في النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية (المادة 93 من ميثاق الأمم المتحدة).

إذا افترضنا، في نطاق المادة 36/2 من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية، أن الكيان الإسرائيلي، لم يسبق له التصريح باختصاص المحكمة في تفسير معاهدة من المعاهدات أو أية مسألة من مسائل القانون الدولي، أو التحقيق في واقعة من الوقائع التي قد تكون خرقا لالتزام دولي، وفي نوع التعويض المترتب عن خرق التزام دولي، وذلك على أساس أن ينازعها في كل ذلك، أو في بعضه، دولة طرف في نفس النظام الأساسي للمحكمة وموافقة هذه الأخيرة في نفس النزاعات التي قد تعرض عليها، نقول إذا لم يسبق لها التصريح بذلك، فإنه، مع ذلك، فإن الكيان الإسرائيلي ملزم بالخضوع لاختصاص محكمة العدل الدولية في النزاعات المرفوعة إليها والمتعلقة بجريمة الإبادة وذلك بحكم كونه مصادقا على اتفاقية 1948 المتعلقة بمنع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها : وطبقا للمواد 5 و6 و8 و9 من نفس الاتفاقية فإنه: “يتعهد الأطراف المتعاقدون بأن يتخذوا، كل طبقا لدستوره، التدابير التشريعية اللازمة لضمان إنفاذ أحكام هذه الاتفاقية، وعلى وجه الخصوص التنصيص على عقوبات جنائية ناجعة تنزل بمرتكبي الإبادة الجماعية أي من الأفعال الأخرى المذكورة في المادة الثالثة أمام محكمة مختصة من محاكم الدولة التي ارتكب الفعل على أرضها، أو أمام محكمة جزائية دولية تكون ذات اختصاص إزاء من يكون من الأطراف المتعاقدة قد اعترف بولايتها” و”تعرض على محكمة العدل الدولية بناء على طلب أي من الأطراف المتنازعة، النزاعات التي تنشأ بين الأطراف المتعاقدة بشأن تفسير أو تطبيق أو تنفيذ هذه الاتفاقية، بما في ذلك النزاعات المتعلقة بمسؤولية دولة ما عن إبادة جماعية أو عن أي من الأفعال الأخرى المذكورة في المادة الثالثة…

وبهذه المناسبة نذكر بالعقوبات التي سبق لمحكمة العدل الدولية أن أصدرتها ضد الكيان الإسرائيلي في موضوع ارتكابه لجريمة الجدار العنصري الذي سبق لهذا الكيان أن أقامه داخل القدس الشرقية وحولها، وذلك بناء على طلب فتوى في الموضوع موجهة إليها من قبل الأمم المتحدة.

وقد جاء في قرار المحكمة المؤرخ في 9 يوليوز 2004 ما يلي:

“إن إقامة الجدار من طرف إسرائيل المحتلة للأرض الفلسطينية، بداخل القدس الشرقية وحولها هو خرق للقانون الدولي.

إن إسرائيل ملزمة بـإنـهاء خرقها للقانون الدولي ويجب عليها التوقف الفوري عن أشغال إقامة الجدار … والإلغاء الفوري لكل القرارات التشريعية والتنظيمية المتعلقة بذلك…

إن إسرائيل ملزمة بالتعويض عن جميع الأضرار الناتجة عن إقامة الجدار بالأرض الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك داخل وحول القدس الشرقية.

إن جميع الدول ملزمة بعدم الاعتراف بالوضعية غير الشرعية الناشئة عن بناء الجدار وبعدم تقديم أية مساعدة أو مؤازرة لبقاء الوضعية الناتجة عن إنشاء الجدار.

وجميع أطراف اتفاقية جنيف لسنة 9 غشت 1949 المتعلقة بحماية الأشخاص المدنيين في أوقات الحرب، ملزمة، في نطاق احترام ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي بالعمل على أن تحترم إسرائيل القانون الدولي الإنساني الذي يعتبر جزءا لا يتجزأ في الاتفاقية.

إن منظمة الأمم المتحدة وخاصة الجمعية العامة ومجلس الأمن ملزمة، في نطاق الأخذ بهذا الرأي الاستشاري، بأن تدرس ما يجب أن تتخذه من إجراءات لوضع حد للوضعية غير المشروعة الناتجة عن بناء الجدار والنظام المرتبط به.”

العقوبات التي يمكن أن تلحق الكيان الإسرائيلي من قبل الأمم المتحدة:

o من مقاصد هيئة الأمم المتحدة ومبادئها والمسطرة في المادتين الأولى والثانية من الميثاق:

1)- حفظ السلم والأمن الدولي، وتحقيقا لهذه الغاية تتخذ الهيئة التدابير المشتركة الفعالة لمنع الأسباب التي تهدد السلم ولإزالتها، وتقمع أعمال العدوان وغيرها من أوجه الإخلال بالسلم…

2)- إنماء العلاقات الدولية بين الأمم على أساس المساواة في الحقوق بين الشعوب وبأن يكون لكل منها حق تقرير مصيرها.

3)- تحقيق التعاون الدولي على حل المسائل الدولية ذات الصبغة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والإنسانية وعلى تعزيز احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للناس جميعا بلا أي تمييز…

4) جعل هذه الهيئة مرجعا لتنسيق أعمال الأمم وتوجيهها نحو إدراك هذه الغايات المشتركة..

5) تقوم الهيئة على مبدأ المساواة بين جميع أعضائها..

6) يقوم كل أعضاء الهيئة، عن حسن نية، بالالتزامات التي أخذوها على عاتقهم بمقتضى هذا الميثاق..

7) يفض جميع أعضاء الهيئة منازعاتهم الدولية بالوسائل السلمية…

8) يمتنع أعضاء الهيئة جميعا، في علاقاتهم الدولية، عن التهديد باستعمال القوة واستخدامها ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأية دولة أو على أي وجه آخر لا يتفق ومقاصد “الأمم المتحدة”

9) يقدم جميع الأعضاء كل ما في وسعهم من عون إلى “الأمم المتحدة” في أي عمل تتخذ الأمم المتحدة إزاءها عملا من أعمال المنع أو القمع…

o إن جميع تلك المبادئ والمقاصد تم انتهاكها من قبل الكيان الصهيوني عبر الجرائم الفظيعة التي ارتكبها في مواجهة الشعب الفلسطيني والشعوب العربية القاطنة بدول الجوار…

o وحسب ميثاق الأمم المتحدة، فإن خرق مبادئ وأهداف ميثاق الأمم المتحدة “كليا أو جزئيا، يعرض العضو الخارق إلى عدة عقوبات من بينها :

أ‌- إيقاف العضو الخارق، الذي صدر في مواجهته عملا من أعمال المنع أو القمع، عن مباشرة حقوق العضوية ومزاياها وذلك بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة وبناء على توصية من مجلس الأمن.

ب‌- فصل العضو، الذي أمعن في انتهاك مبادئ ميثاق الأمم المتحدة من العضوية بها بقرار من الجمعية العامة وبناء على وصية من مجلس الأمن.

ت‌- طبقا للمواد 39 و41 و42 من ميثاق الأمم المتحدة، فإنه في حالة تهديد السلم أو الإخلال به أو كان ما وقع عملا من أعمال العدوان، فإن مجلس الأمن يقرر ما يجب اتخاذه من التدابير طبقا لأحكام المادتين 41 و42 من الميثاق:

o وحسب المادة 41 فإن لمجلس الأمن أن يقرر ما يجب اتخاذه من التدابير التي لا تتطلب استخدام القوات المسلحة لتنفيذ قراراته، وله أن يطلب إلى أعضاء” الأمم المتحدة” تطبيق هذه التدابير، ويجوز أن يكون من بينها : وقف الصلات الاقتصادية والمواصلات الحديدية والبحرية والجوية والبريدية والبرقية واللاسلكية وغيرها من وسائل المواصلات وقفا جزئيا أو كليا وقطع العلاقات الدبلوماسية….

o ووفقا للمادة 42 من الميثاق، فإن لمجلس الأمن ، إذا ارتأى بأن التدابير المنصوص عليها في المادة 41 لا تفي بالغرض أو أنها لم تف به، جاز له أن يتخذ بطريق القوات الجوية والبحرية والبرية من الأعمال ما يلزم لحفظ السلم والأمن الدولي أو لإعادته لنصابه…

ملاحقة ومحاكمة مجرمي الكيان الصهيوني وشركائهم والكيان ذاته:أمام القضاء الدولي، وأمام الجهات المختصة، وأمام القضاء الوطني:

إن الجرائم التي ارتكبها ويرتكبها الكيان الصهيوني، كأفراد وككيان، توجب كليا أو جزئيا، بإنزال العقوبات المناسبة بشأنها عن طريق :

o القضاء الدولي (المحكمة الجنائية الدولية، ومحكمة العدل الخاصة)

o الأمم المتحدة.

o القضاء الوطني.

o ونستعرض بتركيز كبير، حدود اختصاص كل جهة، وطرق الإحالة عليها والعراقيل القانونية والواقعية التي قد تعترض الإحالة عليها والبت فيما هو محال عليها:

o وقبل الاستعراض، يجب التأكيد بأنه يجب أن تكون الشكايات المرفوعة إلى الجهات المختصة بإنزال العقوبات معززة بوسائل الإثبات القانونية والواقعية.

o وبدون شك فإن الجرائم الإسرائيلية المرتكبة من الأفراد والكيان الصهيوني، موثقة: بالصوت والصورة والكتابة عبر وسائل الإعلام الرسمية وغير الرسمية والتي تبين وتثبت حجم القتلى والجرحى الذي لحق الشعب الفلسطيني وشعوب المنطقة لدول الجوار (لبنان – سوريا ومصر)، وحجم الدمار الكبير والشامل الذي لحق المرافق والمؤسسات العمومية والخاصة، بالإضافة إلى المساكن ودور العبادة والخدمات الاجتماعية.

o وبالصوت والصورة لمختلف أنواع الأسلحة الفتاكة والمحرمة…

o وبالأسماء والصفات والعناوين للقادة والمسؤولين السياسيين والعسكريين الذين خططوا وبرمجوا وأمروا وقادوا مختلف أنواع القتل والتعذيب والعدوان…

o وبالأسماء والصفات والعناوين لضحايا الاحتلال والعدوان الإسرائيلي في مختلف مراحله.

o وبالأسماء والصفات والعناوين لشهود المجازر التي ارتكبها الكيان الصهيوني في حق الشعب الفلسطيني والشعوب العربية لدول الجوار.

o إن جميع ما ذكر وغيره من المفروض أن يكون موثقا لدى دولة فلسطين ومنظمات المقاومة، ولدى مختلف وسائل الإعلام الرسمية وغير الرسمية…

o وبعد التوفر على الوثائق المثبتة لمختلف جرائم الكيان الإسرائيلي فإن الشكايات المتعلقة بها ترفع إلى الجهات المختصة دوليا أو وطنيا قصد التحقيق والبت فيها، وهي:

المحكمة الجنائية الدولية:

إن الجرائم التي تختص المحكمة الجنائية الدولية بالبت فيها توجه إلى المدعي العام بها وذلك عن طريق:

1- الدولة الطرف في النظام الأساسي للمحكمة أي الدولة التي صادقت على هذا النظام أو انضمت إليه وذلك طبقا للمادة 13 بند “أ” والمادة 14 من النظام الأساسي للمحكمة، والمفروض طبقا للمادة 14، أن تكون الشكاية محددة، قدر المستطاع، الظروف ذات الصلة وتكون مشفوعة بما هو في متناول الدولة المحلية من مستندات مؤيدة.

ومن المعلوم أنه لغاية تاريخه فإن عدد الدول المصادقة أو المنضمة إلى النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية هو 123 دولة ضمنها ثلاثة دول عربية فقط (الأردن وتونس ودولة فلسطين).

2- كما يمكن الإحالة على المحكمة الجنائية من قبل دولة غير طرف في النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية شرط أن تصرح بموجب إعلان يودع لدى سجل المحكمة بأنها تقبل باختصاص المحكمة (المادة 12 الفقرة 3).

3- كما يمكن الإحالة على المحكمة، من طرف مجلس الأمن، في نطاق الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، وبالنسبة لجريمة أو أكثر من الجرائم المنصوص عليها في المادة 5 من النظام الأساسي للمحكمة (البند “ب” من المادة 13 من النظام الأساسي للمحكمة).

4- كما يمكن للمدعي العام أن يباشر التحقيقات على أساس المعلومات المتعلقة بجرائم تدخل في اختصاص المحكمة وذلك بعد حصوله على إذن من الدائرة التمهيدية للمحكمة يسمح له بمباشرة التحقيق.

5- ولا تكفي الإحالة ( باستثناء الإحالة الصادرة عن مجلس الأمن ) على المحكمة ولا لكون الجرائم المحالة عليها تدخل في اختصاصها، بل يجب، بالإضافة إلى ذلك أن تكون الجرائم مرتكبة، أو مشارك في ارتكابها، من قبل أفراد يحملون جنسية دولة مصادقة على النظام الأساسي للمحكمة أو منضمة إليه، فالمصادقة أو الانضمام يعني الموافقة على اختصاص المحكمة (المادة 12 البند 1).

ومن الثابت أن الكيان الإسرائيلي لم يصادق، لغاية تاريخه، على النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية ولذلك سيدفع دائما بعدم اختصاصها …

الإحالة على محكمة العدل الخاصة:

كما أسلفنا فطبقا للمادة التاسعة من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، فإن محكمة العدل الدولية تختص بالبت في النزاعات المتصلة بمسؤولية دولة طرف في الاتفاقية عن إبادة جماعية أو عن أي من الأفعال الأخرى المذكورة في المادة 3 من الاتفاقية.

وبما أن الكيان الإسرائيلي عضو في الأمم المتحدة، فهو بالتالي يعتبر طرفا في النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية.

وبما أن الكيان الصهيوني مصادق على اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، فإن محكمة العدل الدولية تكون مختصة لمساءلته عن جرائم الإبادة الجماعية التي ارتكبها جيشه في حق الشعب الفلسطيني والشعوب العربية المجاورة له وذلك بأمر وتحريض من قيادييه السياسيين والعسكريين الذين يعتبرون بهذه الصفة شركاء في الجريمة..

ولأية دولة ، طرف في النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية وطرف في الاتفاقية المشار إليها مقاضاة الكيان الإسرائيلي أمام هذه المحكمة لتحكم بمسؤوليته عن جريمة الإبادة الجماعية وجبر جميع الأضرار الناتجة عنها (المادتان 35 و36 من النظام الأساسي للمحكمة).

وطبقا للبند 2 – المادة 93 من ميثاق الأمم المتحدة، فإن امتناع الكيان الإسرائيلي عن تنفيذ أي حكم يصدر ضدها من قبل محكمة العدل الدولية، يسمح للطرف الآخر برفع الأمر للمجلس الأمن الذي له أن يقدم توصياته أو يصدر قرارا بالتدابير التي يجب اتخاذها لتنفيذ هذا الحكم.

اللجوء إلى الأمم المتحدة (الجمعية العامة ومجلس الأمن):

كما أسلفنا فإن جرائم الكيان الإسرائيلي تعتبر خرقا ومساسا بمبادئ ومقاصد ميثاق الأمم المتحدة، وأن هذا الخرق تترتب عليه عقوبة إيقاف العضوية أو إلغاؤها ويمكن أن يصل الأمر إلى إنزال عقوبات اقتصادية ومواصلاتية وعسكرية وسياسية.

إلا أنه تجب الملاحظة : بأن إيقاف العضوية أو إسقاطها إذا كان يتم بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة، فإن هذا القرار لا يتخذ إلا بناء على توصية من مجلس الأمن، أما العقوبات الاقتصادية والمواصلاتية والعسكرية والسياسية (قطع العلاقات الدبلوماسية)، فإنها تتخذ من طرف مجلس الأمن. ومن المعلوم أن مجلس الأمن يتكون من 15 عضوا ضمنهم خمسة أعضاء دائمين (الصين، الولايات المتحدة الأمريكية، روسيا، انجلترا وفرنسا)، وأن القرارات الغير الإجرائية الصادرة عن مجلس الأمن يجب أن تتخذ بأغلبية سبعة أصوات لأعضاء المحور وعددهم على الأقل 15 عضوا ضمنهم جميع الأعضاء الخمسة الدائمين تحت طائلة عدم نفاد القرار إذا اعترض عليه عضو أو أكثر من الأعضاء الدائمين. وإن الولايات المتحدة الأمريكية ومعها، أحيانا واحد أو أكثر من الأعضاء الدائمين الموالين لها، دأبت على اعتراض كل القرارات الصادرة عن مجلس الأمن والتي تمس بمصالح الكيان الصهيوني، إلا أن ذلك لا يمنع، في إطار الفضح وتحميل المسؤولية من رفع الشكايات بجرائم الكيان الإسرائيلي إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة وإلى مجلس الأمن من أجل المطالبة بإدانتها بها ومعاقبتها عليها، ولا يهم بعد ذلك أن يتحملا مسؤوليتهما في ذلك أم يتخليان عنها…

اختصاص القضاء الوطني بالبت في الجرائم الإسرائيلية المندرجة في المادة 5 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية:

جاء في الفقرة العاشرة من ديباجة النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية بأن المحكمة الجنائية الدولية ستكون مكملة للولايات القضائية الجنائية الوطنية، الأمر الذي يعني أن المحاكم الوطنية تختص أيضا بالبت في الجرائم المنصوص عليها في المادة 5 من النظام الأساسي للمحكمة متى كانت متطابقة مع ما هو منصوص عليه في القوانين الجنائية الوطنية.

ومن المعلوم أن جميع القوانين الوطنية تنص على اختصاص القضاء الوطني بالبت في جميع الجرائم التي ترتكب داخل التراب الوطني، سواء كان مرتكبها يحمل جنسية وطنية أو أجنبية، بل أكثر من ذلك فإن العديد من قوانين الإجراءات الجنائية الوطنية تنص على اختصاص القضاء الوطني بالبت ، في حالات معينة، في جرائم مرتكبة خارج التراب الوطني، وهكذا، على سبيل المثال، فإن قانون المسطرة الجنائية المغربي ينص في المادتين 707 و710 على اختصاص القضاء المغربي بالبت في الجنايات المرتكبة خارج الوطن إذا كان مرتكبها يحمل الجنسية المغربية، وكذلك اختصاصه بالبت في الجنايات المرتكبة خارج الوطن من طرف أجنبي، كفاعل أو مشارك، إذا كان الضحية يحمل الجنسية المغربية.

وتطبيقا للفصل 707 المشار غليه فقد سبق للدفاع ،على إثر العدوان على فلسطين ولبنان، أن رفع شكاية إلى النيابة العامة لدى محكمة الاستئناف بالرباط سجلت تحت رقم 505 س/ 2006، وهي الشكاية الموجهة ضد وزير الدفاع الإسرائيلي “عامير بيريتز” أحد مجرمي الحرب في الكيان الصهيوني والحامل للجنسية المغربية…

كما سبق للدفاع المغربي، عقب العدوان الإسرائيلي على غزة، وهو العدوان الغاشم على الشعب الفلسطيني الذي استمر من بداية يوليوز 2014 إلى 26 منه مخلفا آلافا من القتلى والجرحى، ودمارا شاملا على المستوى المادي، وهي الشكاية المسجلة لدى النيابة العامة لمحكمة الاستئناف تحت رقم 468 /3101/2014 التي وجهت في نطاق المواد 707 و708 و711 من قانون المسطرة الجنائية ضد:

1- المشتكي به المدعو سامي الترجمان المولود بالمغرب والحامل للجنسية المغربية، والقائد العسكري للمنطقة العسكرية للكيان الصهيوني، والمسؤول عن العدوان على قطاع غزة.

2- شركاؤه في العدوان وهم:

بنيامين نتانياهو : رئيس حكومة الاحتلال.

موشي يعلون: وزير الدفاع في حكومة الاحتلال.

تسيفي ليفني: وزيرة العدل في حكومة الاحتلال.

بيني غانش: رئيس أركان جيش الاحتلال.

بيتسحاف أهرونوفيس: وزير الأمن الداخلي في حكومة الاحتلال الإسرائيلي.

بائير لبيد: وزير الاقتصاد في حكومة الاحتلال الإسرائيلي.

جلعاد أردان: وزير الإعلام في حكومة الاحتلال الإسرائيلي.

لورام كوهين: رئيس الشاباك في الكيان الصهيوني

ومن المخجل أنه لغاية تاريخه لم يشرع في التحقيق بناء على الشكايتين.

وبدون شك فإن القوانين الوطنية، بكل من لبنا وسوريا والأردن، ومصر، وباقي الدول العربية، والدول المناصرة للقضية الفلسطينية، تسمح بمحاكمة المجرمين الإسرائيليين بواسطة قضائهم الوطني لتوفرها على نفس الشروط الواردة في المادتين 707 و710 من قانون المسطرة الجنائية المغربية، بل إن بعض الدول العربية (لبنان وسوريا والأردن ومصر) تعرضت مرارا وتكرار للعدوان الصهيوني مخلفا آلافا من القتلى والجرحى، وركاما كبيرا من التدمير المادي والنباتي…

‫تعليقات الزوار

1
  • حدو نايت الحو
    السبت 28 فبراير 2015 - 11:54

    تحياتنا السي عبد الرحمن من عمق الأطلس ..من العمق الأمازيغي المعتز بعروبته واسلامه . إن نضالك و تضحياتك نبراس لكل شرفاء الوطن و إنك بوفائك للمبادئ و لأرواح الشهداء تجسد كلل معانى الشهامة الأمازيغية العروبية الاسلامية التقدمية التي خبرتها من رموز أممية ك مُح نعبد الكريم و رفاقك الفقيه البصري و حماد اوبراهيم (شيخ العرب)و عمر دهكون و امحزون والحلاوي بنسعيد و المانوزي و سيدي حمو و اللائحة طويلة.
    حفظك الله وعافاك يامفخرة كل الأحرار.

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 1

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 2

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 3

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 6

وزير النقل وامتحان السياقة