باحث مغربي: "التطرف السريع" عنوان أزمة تضرب الفكر الغربي

باحث مغربي: "التطرف السريع" عنوان أزمة تضرب الفكر الغربي
الإثنين 25 يوليوز 2016 - 04:00

“التطرف السريع” مصطلح عاد للظهور من جديد بعد الهجوم الذي قام به شاب من أصول تونسية بواسطة شاحنة دهس بها حشدا من المواطنين في مدينة نيس الفرنسية في 14 يوليوز الجاري، وذلك بتأكيد مسؤولين حكوميين فرنسيين أن “المهاجم الذي قتل ما يزيد عن 84 شخصا تحول إلى التطرف بشكل سريع”.

وتسعى دراسات وتقارير دولية كثيرة إلى رسم صورة شخصية أو “بروفايل” للشخص المتطرف؛ وتحاول الجواب عن أسئلة من قبيل: من هو؟ وكيف يفكر؟ وملامح شخصيته، وكيف يتكون لديه الميل إلى العنف والتطرف؟ وما هي خلفياته الاجتماعية والسياسية ومستواه التعليمي؟ وما طبيعة علاقاته الاجتماعية مع محيطه القريب والبعيد.

المعهد الإسباني للدراسات الإستراتيجية، التابع لوزارة الدفاع الإسبانية، سبق له أن دق ناقوس الخطر بشأن “التطرف السريع”، وأصدر تقريرا في شتنبر من العام الماضي، حذر فيه من تنامي ظاهرة “التطرف الفوري”، خاصة في صفوف الشباب بين 18 و35 عاما، عبر الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي.

وذكر التقرير الإسباني أن “”التطرف السريع” يدفع عددا من الشباب إلى الالتحاق بجماعات إرهابية، كما يطال مختلف الشرائح الاجتماعية، أغنياء وفقراء، وجميع الفئات العمرية، شبابا وكبارا وحتى أطفالا، وأيضا يمس النساء والرجال، لأنه تطرف يمر عبر الشبكة العنكبوتية بالأساس، ولا يراقبه محيط الشخص المعرض للتطرف”.

حديث أوروبا عن “التطرف السريع” يراه الباحث المتخصص في قضايا التطرف والجماعات المتشددة والفكر الإسلامي إدريس الكنبوري عنوانا لأزمة يعيشها الفكر الغربي في الوقت الحالي، مع الظهور المفاجئ للتطرف الديني داخل أوروبا وتوالي العمليات الإرهابية، “ما يدفعه إلى السقوط في كثرة المصطلحات المتنافرة والمتناقضة أحيانا”، حسب تعبيره.

ويُعَرف الكنبوري التطرف السريع بأنه “حصول انقلاب سيكولوجي مفاجئ لدى الشخص، ينقله من النقيض إلى النقيض في بضع لحظات، أو في يوم أو يومين”، مردفا بأن “هذا الأمر غير سليم من الناحية العلمية، فالتطرف الديني في أوروبا اليوم يجب النظر إليه باعتباره مكونا من نزعتين، نزعة التطرف، ونزعة التدين”، على خد قوله.

ونفى الخبير ذاته أن يكون هناك تطرف سريع وآخر غير سريع، “لأن التطرف مسألة تراكمية، تلعب فيها المستويات الاجتماعية والسياسية والثقافية، بما فيها الدينية، أدوارا مختلفة”، موردا أن “الشخص قد يكون متطرفا بالمعنى العام، نتيجة ظروف معينة، ما قد يدفعه إلى ارتكاب أعمال إجرامية؛ مثل القتل أو السرقة أو الاغتصاب”.

وتابع مؤلف كتاب “سلفي فرنسي في المغرب”: “هذه الحالة قد تستمر بضع سنوات أو أشهر؛ وفي لحظة معينة قد يصطدم الشخص ببعض الأفكار الدينية التي تتجاوب مع حالته، فيحدث التلاقح بين التطرف بالمعنى العام وبين الدين، فينتقل إلى تنفيذ عمل إجرامي؛ لكن هذه المرة يصبح لتلك الأعمال مدلول داخل الدين، ما يجعله تطرفا دينيا”.

ولفت الكنبوري إلى أن “الفشل في تحديد الشكل النمطي للشخص المتطرف في أوروبا دليل على الارتباك في مواجهة ظاهرة التطرف الديني”، معتبرا أن “التوليد السريع للمفاهيم والمصطلحات يدل على وجود وعي حقيقي بالإخفاق في التعرف على الأسباب الحقيقية وراء التطرف الديني، وأيضا على محاولة الهروب من مواجهة الواقع”.

وبين المتحدث ذاته أن “التطرف اليوم في أوروبا له جذور سياسية وثقافية وتاريخية”، مضيفا أن “الشبان الذين يتجهون إلى التطرف في أوروبا هم من الجيل الثالث أو الرابع من أبناء المهاجرين يعيشون على هامش المجتمعات الأوروبية، ثقافيا واجتماعيا واقتصاديا، لكن ثقافيا بالأساس، ما يولد لديهم ميلا إلى رد الفعل”، حسب تعبيره.

“في زمن الجماعات الدينية المتطرفة التي تحاول أن تقدم مشروعا وهميا لهؤلاء، يصبح من السهل أن يسقطوا في الخداع، لأنهم يبحثون عن التعويض عن العزل الثقافي. فمقابل حالة الإقصاء والعزلة في واقعهم اليومي يصبح التدين العنيف نوعا من الانتماء، ونوعا من الاندماج في ثقافة جديدة تقدم له البديل”، يورد الكنبوري.

وانتقد المحلل ذاته “انطلاق الباحثين الغربيين في ظاهرة التطرف الديني من تصورات استشراقية تقليدية”، وعن ذلك يقول: “أعتبر أن هؤلاء ليسوا خبراء في التطرف والعنف الديني الإسلامي، بل مستشرقون جدد”، مضيفا: “ما نقدمه من تحاليل لا يلقى للأسف رواجا، بينما يجد هؤلاء رواجا واسعا بسبب نزعة التمركز الغربي وقوة الإعلام الأوروبي”.

وذهب الكنبوري إلى أن “المشكلة الكبرى هي أن العرب والمسلمين جميعا يشكون من أن السياسات الغربية هي التي أنتجت جانبا كبيرا من الإرهاب الذي نعيشه، بالإضافة إلى النخبة الثقافية في أوروبا، ومع ذلك لازلنا ننتظر أن يفسر لنا هؤلاء المثقفون الغربيون الأوضاع التي نعيشها، ونكتوي بها صباح مساء”.

‫تعليقات الزوار

8
  • البوزيدي
    الإثنين 25 يوليوز 2016 - 04:29

    عندما يرتكب سكير غير متدين عملا "إرهابيا" لا يمكن إلصاقه بالإسلام ، يقال إن هناك "التطرف السريع" وعندما سيرتكب ملحد عملا "إرهابيا" سيقال إن هناك "التطرف الخاطف" وأنه استيقظ فوجد نفسه قد أسلم وتشددَ وتطرفَ في لمح البصر … ونحن نصدق ونروّج …

  • كوثر
    الإثنين 25 يوليوز 2016 - 05:33

    وعندما يريدون في كل مرة اقناعنا بان الاسلام هو التطرف يختلط الحابل بالنابل وحسبنا الله ونعم الوكيل

  • عبد الله
    الإثنين 25 يوليوز 2016 - 09:50

    ياسيدي انت تعمم بشكل مثير .
    هناك حرب قائمة بين العالم و الارهاب الاسلامي.
    هذا الارهاب الاسلامي مبني على ثرات عقائدي ياغي الاخر و بمجد ذاته باسم الدين.
    هناك تخلف و تزمت يرزح على البلدان الاسلامية و لا يفسر جل مفكريه ( دعات التطرف و البغض و تمجيد السلف الغير صالح)
    هذا النداء من العات لخلط الاوراق هو الذي يستقطب الشباب التائه الفاقد للهوية و الباحث عن المدينة الفاضلة التي تتدوب فيه التناقضات و تشبع المكبوتات ..
    استغلال الدين المتطرف لعقول سادجة ليس جديدا .

  • محمد
    الإثنين 25 يوليوز 2016 - 10:34

    بوصفي دارسا للفلسفة بوصفها خلاصة الفكر الغربي أعتقد أن هذا الفكر لايعاني من مشكلة التطرف الأعمى إن المشكل في اعتقادي يكمن في فشل ادماج المسلمين في الثقافة الغربية مما يجعل الأجانب العرب خاصة يعيشون أزمة هوية أضف إلى ذلك الشروط الجيوسياسية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التي تساعد على انتشار العنف والإرهاب.

  • عبدالنور
    الإثنين 25 يوليوز 2016 - 12:00

    أكبر إرهابيين ومتطرفين هم الدول الغربية ،من قتل وشرد ملايين من العراقيين بحجة إمتلاك أسلحة نووية؟ ومن قتل الشعب السوري والليبي بحجة محاربة الإرهاب? الغرب يتدخل في شؤون الدول العربية على وجه الخصوص، أمريكا وحلفائها أكبر دول تمارس الإرهاب على الشعوب وتمول الإنقلابات من أجل زرع الفتن .وعندما ينقلب السحر على الساحر يتهمون الإسلام والمسلمين ولا يدرسون أسباب هده الهجمات ،فما تنتظروا من شعب قتلتم نصفه وشردتم نصفه آخر !لنكن منطقيين هده الهجمات ردت فعل طبيعية ولن تنتهي حتى يكف الغرب عن تدخل فيما لا يعنيهم وقتل المسلمين بحجة محاربة الإرهاب،والكل أصبح واع بهدا المخطط الإستعماري الصليبي الدي لا يهمه سوى تدمير الشعوب وإضعافها من أجل نهب تروات النفط

  • أحمد
    الإثنين 25 يوليوز 2016 - 12:28

    وانتقد المحلل ذاته "انطلاق الباحثين الغربيين في ظاهرة التطرف الديني من تصورات استشراقية تقليدية"، وعن ذلك يقول: "أعتبر أن هؤلاء ليسوا خبراء في التطرف والعنف الديني الإسلامي، بل مستشرقون جدد"، مضيفا: "ما نقدمه من تحاليل لا يلقى للأسف رواجا، بينما يجد هؤلاء رواجا واسعا بسبب نزعة التمركز الغربي وقوة الإعلام الأوروبي.
    …………… نظرة ثاقبة للباحث المحترم أستاذ الكنبوري. ثقافة الغالب والمغلوب الخلدونية

  • اسد اطلس
    الإثنين 25 يوليوز 2016 - 12:37

    العنوان الرءيس للتطرف هو الظلم والياس ولو كان الامر متعلقا بالدين لما وجد هذا الذي يسمى بالتطرف السريع .الياءس المظلوم يبحث عن الخلاص فيجد امامه من يشحن فكره بالانتقام بدعوى ان ذلك جهاد حيث يفسر له النصوص حسب منظوره ويعضد قوله بواقع المسلمين وتصرف الغرب(الكافر) مع بلاد المسلمين حصرا.العلاج هو العدالة الاجتماعية ،التعليم،نشر تقافة التسامح(بعض النخب العلمانية القليلة العدد تريد فرض رؤيتها) ثم التضامن الذي يكاد يكون غاءبا…

  • جمال
    الإثنين 25 يوليوز 2016 - 12:53

    الأمر هنا ليس في الغرب فعل أو الشرق فعل. بل الأمر يتعلق ب محاجة (challenge) مفكري الغرب في استلا يإهم علي التحليل و التفسير. التفكير السريع لخدمةا للحضة في زمن التسارع والإنتهازية علا حساب النزاهة الفكر ية والأ خلاقية.

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 4

وزير النقل وامتحان السياقة

صوت وصورة
صحتك النفسانية | الزواج
الخميس 28 مارس 2024 - 16:00 1

صحتك النفسانية | الزواج

صوت وصورة
نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء
الخميس 28 مارس 2024 - 15:40 1

نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء

صوت وصورة
ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال
الخميس 28 مارس 2024 - 15:00 2

ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال

صوت وصورة
الأمطار تنعش الفلاحة
الخميس 28 مارس 2024 - 13:12 3

الأمطار تنعش الفلاحة