"داعش" تخنق مغاربة العالم بين مطرقة الإرهاب وسندان الإسلاموفوبيا

"داعش" تخنق مغاربة العالم بين مطرقة الإرهاب وسندان الإسلاموفوبيا
الأحد 3 شتنبر 2017 - 01:30

حلقة جديدة من العنف والرعب ضربت، منذ أيام قليلة، إسبانيا في أقاليمها الكاتالانية. ضحايا أبرياء سقطوا، وجالية مسلمة أغلبيتها مغاربة في حسرة. هذه فرصة لكل من يكن بغضا وكراهية للمسلمين وللمغاربة، ليطفئوا غيظهم.

في ذلك اليوم الذي حدثت فيها الفاجعة، لم أصدق في بادئ الأمر ما قد جرى؛ شباب في مقتبل العمر وقعوا في مصيدة الإرهاب. ثم بدأت تتهاوى علي أسئلة شتى:

ماذا طرأ في عقول أولئك الشباب حتى تحولوا إلى مجرمين بين عشية وضحاها؟

ماذا حدث لهم حتى يتنازلوا عن مستقبلهم وحياتهم، لينجذبوا إلى قضية ليست بقضيتهم، ويتجندوا في حرب ليست بحربهم؟

والسؤال الأهم هو: ماذا عسانا أن نفعل لتفادي تلك الجرائم المرتكبة في حق أبرياء باسم الدين (وكل الأديان تتبرأ منهم)؟

هل تكفي دقائق صمت ترحما على الأموات؟

هل تكفي عشرات من المظاهرات والوقفات الاحتجاجية؟

طبعا لا، مع أنه مفيد التعبير عن رفضنا واستنكارنا حيال ما وقع من سفك للدماء في كاتالونيا (غشت 2017)، وقبل ذلك في باريس (نوفمبر 2015)، وبرلين (دجنبر 2016)، وبروكسل (مارس 2016) ومانشستر (ماي 2017)، وفي جميع الأماكن والأقطار التي ضربها الإرهاب.

من طبيعة الحال لم تكن تلك الوقفات والاحتجاجات، التي توالت بعد تلك الأحداث الدامية، بالكافية لحقن الدماء ووقف الإرهاب.

قال العبقري ألبير إنشتاين، صاحب نظرية النسبية الخاصة ونظرية النسبية العامة الشهيرتين، إن “الجنون هو أن تفعل الشيء ذاته مرةً بعد أخرى وتتوقع نتيجةً مختلفةً”.

يجب أن نفهم ما يقع في عقول هؤلاء الشباب من جاليتنا المسلمة، ولماذا يسقطون بتلك السهولة في قبضة تجار الدين والدماء؟

إن أغلب هؤلاء الشبان شباب مسلمون من أصول مغربية، وجزائرية، وتونسية، من الجيل الثاني والثالث. إن هؤلاء، إن لم يكونوا قد ولدوا في أوروبا، فهم عاشوا فترة طويلة من عمرهم في القارة العجوز، حيث درسوا في مدارسها وتربوا وسط مجتمعاتها.

هؤلاء الشباب جمعهم الفشل في الدراسة، وعدم الاندماج في مجتمعاتهم، فلم يجدوا عملا يليق بطموحاتهم. كان تكوينهم الديني ضعيفا إن لم يكن منعدما، وهويتهم فوق المحك، فأصبحوا فرائس سهلة لنسور “داعش”.

لكن هذا ليس بالجديد، فقبل ذلك كان هناك شباب مسلم من الجالية، وقعوا في قبضة “القاعدة” أيضا. هذا يعني أنه كلما ولد تنظيم من هذا القبيل، وإلا وجدوا في جاليتنا المسلمة شبابا مستعدا للقتل والموت. وهذا يضعنا كجالية مسلمة تعيش في أوروبا، في قفص الاتهام (ومعنا دولنا الأصلية). هذه الأحداث حتما ستقوي الخطاب المعادي للمغاربة وللمسلمين، وستزيد معاناتنا مع العنصرية في إسبانيا وفي كل أوروبا.

لكن بغض النظر عن كون هؤلاء الشباب يسهل استقطابهم، فهناك المشكل الأصلي؛ وهو نشأة تلك التنظيمات الإرهابية، والعوامل التي أدت إلى كسبها لقوة قتالية كبيرة وتجربة لا يستهان بها. والسؤال الذي غالبا يطرح نفسه بنفسه هو: من أين تتسلح هذه التنظيمات؟ ومن أين تحصل على المعلومات الاستخبارية اللازمة حتى تتمكن من تحدى جيوشا نظامية وتهزمها في الكثير من الأحيان؟ هؤلاء المقاتلون في صفوف “داعش”، مثلا، لا يحاربون بالسيوف أو بالحجارة، بل بسلاح غربي، وأكيد أنهم تدربوا عليها أيضا. فمن يمدهم بالسلاح؟ ومن يدربهم؟ ومن يمدهم بالمعلومات الاستخبارية؟ هل كل الدول الغربية لا تتوفر على إجابات؟ أكيد أنهم على علم بما يقع، وبما فيها الدول الأوروبية التي تحصل فيها عمليات الدهس والطعن بالخناجر، فهي دول متطورة ولديها أجهزة استخبارية قوية.

الظاهر أن هذا الغرب يحبذ الصمت. لا يجب أن يغيب عنا أن الولايات المتحدة الأمريكية هي المصدرة الأولى للسلاح في العالم، تتبعها روسيا في الصف الثاني، ثم تليهما كل من الصين وألمانيا وفرنسا. عندما تطغى المصالح الاقتصادية على المبادئ الإنسانية لدى دول تتدعي الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان، فقليل ما يمكن أن يقال. وللأسف، لا أحد يجرؤ على كشف هذه الحقائق في أوروبا، وتتجه الأنظار دائما إلى الجاليات المسلمة ككبش للفداء.

وأخيراً، من الواضح أننا، باعتبارنا جالية مسلمة في أوروبا، سنعيش سنوات عجافا بين مطرقة الإرهاب وسندان العنصرية والإسلامفوبيا.

*أستاذ جامعي مغربي بإسبانيا، ورئيس أرضية المثقفين والأطر المغاربة بإسبانيا.

‫تعليقات الزوار

6
  • عابر
    الأحد 3 شتنبر 2017 - 02:22

    لا أحد ينكر أن الإرهاب و العنف إزدادت وثيرته بشكل كبير منذ تفجيرات 11 شتنبر 2001، و الملاحظ أن تلك الفترة سبقتها الحرب الشرسة التي شنتها إسرائيل على الفلسطينيين عام 2000 فقتل خلالها المئات منهم، و هذا دليل أن إسرائيل هي الشرارة الأولى التي غدته و استعر عبرها في بقاع كثيرة من المعمور و تحت المظلة الأمريكية، لقد وظفت إسرائيل في هذه اللعبة القدرة لتكون شوكة في جسد العالم الإسلامي و العربي على وجه التحديد، فطبيعي أن تجابه غطرستها و تجبرها بأشكال متعددة من المقاومة، و ما يكتوي به العالم من أشكال العنف حاليا دليل على قصور منظمة الأمم المتحدة في النهوض بالمهمة المنوطة بها و التي خلقت من أجلها، و إن لم يتدارك الأمر في أوانه بإعادة النظر فيها بإصلاحها فالطامة الكبرى قادمة لا محالة.

  • harrokki
    الأحد 3 شتنبر 2017 - 02:36

    Des jeunes déracinés qui basculent dans le terrorisme , des filles qui se prostituent partout dans le monde , des marocaines bouniches dans les pays pétrodollars , des marocains et marocaines qui se font humilier chaque jour à Ceuta et Malila, 7 millions de marocains vivent avec moins de 2$ par jour …..les responsables ce sont les 5% de marocains qui possèdent 90% des richesses sans partage les européens doivent poursuivre les dirigeants marocains en justice pour crime contre l'humanité

  • Tilelli
    الأحد 3 شتنبر 2017 - 03:21

    C vrai que les pays oxidantaux savent tous mais ne disent rfen.ils (les respensables) sont contre leur peuples et contre l'islam . . .

  • Najat
    الأحد 3 شتنبر 2017 - 06:52

    هربنا من بلداننا بسبب الضلم والحركة والفقر استقبلونا في الغرب كأننا إخوانهم. ولم نلاحظ. لم تقبل عليك اليهود والنصارى حتى تتبع ملتهم ولاكن العكس نحن لم نتقبلهم حتى يتبعون ملتنا .نريد ان يصبحو مثلنا .احترموا ديننا ولم نحترمهم .ربيان في اولادنا حب الوطن اللتي طردنا وكراهية الوطن اللتي اوتنا واطعمتنا بدون أن تميز بيننا وبين اولادهم .لقد خان الوقت لكي نربي اولادنا علا حب وطنهم الحاضنة والدفاع عنها من كل شر وفضح اامة الشر في المساجد .

  • maruan barcelone
    الأحد 3 شتنبر 2017 - 09:20

    muy bien ,esto es lo que hay siempre

  • من امريكا
    الأربعاء 6 شتنبر 2017 - 00:30

    انا اتفق معك اخت نجات . يجب على كل عربي مهاجر ان يربي آبناءه على حب الوطن الدي يعيش فيه لان هو الدي منحه الفرصة في العيش و الكرامة . فانا مثلا ابني يحب امربكا حب الام و الأب كالأمريكان نفسهم لوطنهم و مستعد ان يدافع على بلده ادى امر بدلك . لان امريكا هي التي وفرت له الدراسة الجامعية و التربية الحسنة . و انا كمسلم علمته اخلاق ااسلامً الحميدة . فلما دهب معي هده السنة الى المغرب لاحض ان الأوضاع تغيرت. فشكرني و حمد الله على انني فكرت من زمان في الخروج و بالأخص الاستقرار بامريكا. فيا جالية ربوا أبناءكم على حب وطنهم . و ان رقع لكم مشكل مع احد من الناس في الشغل او في مكان ما فلا تتكلو امام أبناءكم حتى لا يعتقدوا ان الغير المسلمين يكرهون المسلمين . لان لو كانو كدلك اما اخد كل مهاجر أباه و أمه العجوز للعلاج بالمجان في الخارج مهما كلّفهم الثمن على حساب دافعي الضراءب

صوت وصورة
المعرض المغاربي للكتاب بوجدة
الخميس 18 أبريل 2024 - 01:29

المعرض المغاربي للكتاب بوجدة

صوت وصورة
بعثة أسترالية تزور مركز "تيبو"
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 21:45

بعثة أسترالية تزور مركز "تيبو"

صوت وصورة
أكاديمية المملكة تنصّب أعضاء جدد
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 18:24

أكاديمية المملكة تنصّب أعضاء جدد

صوت وصورة
احتجاج أرباب محلات لافاج
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 17:32

احتجاج أرباب محلات لافاج

صوت وصورة
"كتاب الضبط" يحتجون بالبيضاء
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 15:07

"كتاب الضبط" يحتجون بالبيضاء

صوت وصورة
“أش كاين” تغني للأولمبيين
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 13:52

“أش كاين” تغني للأولمبيين