ثاني اثنين.. في إذاعة محمد السادس للقرآن الكريم

ثاني اثنين.. في إذاعة محمد السادس للقرآن الكريم
الأربعاء 16 ماي 2012 - 02:17

تصدرت إذاعة محمد السادس للقرآن الكريم قائمة الإذاعات الأكثر استماعا بالمغرب حسب آخر تقييم في سنة 2012، وتبين أن حوالي أربعة ملايين مغربي ينصتون لما تبثه هذه الإذاعة الفتية من برامج دينية.

ولا يسع المرء إلا أن يسعد بهذا الإنجاز الذي حققته إذاعة شابة انطلقت من الصفر بكفاءات متواضعة اكتسبت خبرة ميدانية منذ سنة 2004 إلى الآن، رغم غياب التحفيز المادي والمعنوي، ورغم عيب واضح في المهنية والاحترافية. ولو توفر الشرطان معا لكان عدد المستمعين أضعافا مضاعفة.

وهناك أمر آخر لا يقل أهمية يجعل هذه الرتبة نفيسة جدا، وهي أن هذه الإذاعة وبهذه الشروط، استطاعت أن تحصل على ما حصلت عليه في سوق إعلامية شديدة التنافس، كثيرة العرض كثيرة الطلب، يسيطر فيها القوي والغني فيجذب إليه المشاهدين والمستمعين بكل وسيلة ممكنة، كما أن السوق الإعلامية الدينية تزخر هي الأخرى بالعارضين والطالبين من ديانات مختلفة، وبلدان مختلفة، ومذاهب دينية مختلفة. وفي وسط هذا السوق الضخم استطاعت هذه الإذاعة تحقيق نتيجة مرضية جدا، وذلك ما يجعل مستقبلها واعدا ومكانها رائدا إذا توفرت لها مزيد من الشروط.

والإقبال الشعبي المتواصل على هذه الإذاعة يعكس شيئا آخر لا يقل روعة وأهمية، وهو تعطش المغاربة إلى إعلام ديني بالصبغة الثقافية والتاريخية المغربية، فعلى الرغم من وجود إذاعات وقنوات إسلامية مشرقية يقبل عليها المغاربة لكنها لا تشفي غليلهم، ويتمنون أن يكون لهم إعلامهم الديني المغربي الذي ينافس المشارقة ويتفوق عليهم. والتفوق المغربي، ولنقل النبوغ المغربي بكلمات العالم الراحل عبد الله كنون، أمر لا يماري فيه أحد، ولا أدل على ذلك من الفوز المغربي المتواتر في المسابقات الدولية للقرآن الكريم حفظا وتجويدا.

ولإذاعة محمد السادس للقرآن الكريم قصة مولد لا يعرفها كثير من الناس، إذ كنت ثاني اثنين يوم خرجت فكرتها وورقتها من الظل إلى الشمس، وانطلقت تتخطى الباب بعد الباب، والعتبة بعد العتبة، حتى حظيت برضى جلالة الملك فتحققت على أرض الواقع.

كنت في جريدة التجديد إذ جاءني ذات يوم الأخ مخلص أدغوي وفاتحني في موضوع إذاعة دينية مغربية متخصصة في القرآن الكريم يطلق عليها اسم إذاعة محمد السادس للقرآن الكريم، فأذهلتني الفكرة فوافقت فورا على اسمها ومضمونها، وجلسنا فورا للمدارسة والمناقشة.

والأخ مخلص أدغوي خريج فرنسا في الهندسة الصوتية والتواصل وهو فنان خبير في التكنولوجيا الصوتية الإلكترونية الجديدة، تعرفت عليها في جريدة التجديد لأنه تولى تهيئتها بخبرته الحديثة، وسرعان ما توافقت روحه مع روحي وتآلفتا.

تقاسمنا نحن الاثنين الوظائف بعد إنضاج الفكرة شكلا ومضمونا، فتوليت أمر صياغة التصور النظري للمشروع وكتبت عنه في بضع صفحات، لأبين أهميته في تلك الظروف الأليمة التي تلت تفجيرات ماي 2003 بالدار البيضاء وانعكاساتها على الوجه الديني للمملكة المغربية وعلى إمارة المؤمنين وكافة المشتغلين في الحقل الديني.

وتولى مخلص أدغوي أمر الجانب التقني، خاصة شبكة البرامج والتجهيزات اللازمة، والتوزيع الأسبوعي والشهري والسنوي والموسمي للبرامج، كما تولى أمر الإخراج الفني للملف الذي سيرفع لصاحب الأمر الأعلى والأخير.

وأخذ الملف مجراه من يد إلى يد، وكم كانت سعادتنا غامرة لا توصف عندما حظيت الفكرة بالقبول الملكي. وكيف لا يسعد مغربيان مسلمان بتقديم خدمة لله والوطن والملك تبقى ماضية إلى يوم الدين؟ كيف لا يسعد هذا الرجلان وقد رضي عن عملهما أهل السماء وأهل الأرض، والملك والشعب؟ كيف لا يسعدان والحسنات تسجل – بإذن الله- في صحيفتيهما وهما لا يعلمان؟ كيف لا يسعدان والأدعية الخاشعة ترفع لهما في كل وقت وحين؟ فما تلى تال و لا جود مجود من القراء الكبار أو الصغار آيات الله عز وجل إلا كنا فيه شهودا، وما علم معلم للناس الخير إلا وكنا فيه حضورا، وما أجاب مفت أو أرشد مرشد أو وعظ واعظ إلا ولنا في الأجر نصيب إن شاء الله. وكلما ركبنا سيارة أجرة أو حافلة، أو دخلنا دارا أو مؤسسة، وسمعنا فيها “هنا إذاعة محمد السادس للقرآن الكريم”، إلا وغمرتنا مشاعر فياضة يتصاغر أمامها الجسم والعمر والعناء وما زين للناس من شهوات الدنيا وزينتها.
ولا أكشف اليوم عن هذا الأمر مباهاة أو افتخارا، وإن كان يحق الافتخار والمباهاة بخدمة دين الله وكتابه المبين دون طمع في الدنيا أو رئاء الناس، ولكني أكشف عنه اليوم بمناسبة نجاح تلك الفكرة وتبوئها الصدارة رغم المعيقات والمحبطات.

يبقى أن أقول إن إذاعة محمد السادس أمامها مستقبل زاهر، لأنها تتحمل مسؤولية خدمة كتاب الله أولا، ولأنها تحمل اسم ملك قدم نموذجا جديدا للحكم الجامع بين الدين والسياسة والأصالة والمعاصرة، وبرهن على بعد النظر والإنصات لنبض المجتمع في أحلك الظروف. من أجل ذلك وجب في حقها التطوير والتحسين واكتساب مزيد من المهنية والاحتفاء وتوفير الشروط الملائمة، في زمن تبين فيه العطش الروحي الكبير للبشرية، وصار لزاما على المغرب أن يروي هذا العطش بعبقريته الفذة.

• منشور في أخبار اليوم بتاريخ الثلاثاء 15 ماي 2012

‫تعليقات الزوار

13
  • إطار من وزارة الاتصال
    الأربعاء 16 ماي 2012 - 03:05

    سعيدة لأني أول المعلقين على هذا المقال.
    أقول لك أستاذ الحسن سرات، يحق لك أن تفتخر وصاحبك السيد مخلص أدغوي بهذا الإنجاز الذي شد انتباه ومسامع ملايين المغاربة المتعطشين إلى إعلام ديني يرمي إلى ترسيخ قيم ومبادئ ديننا الإسلامي الحنيف، إعلام يقترب من الناس البسطاء ويجيب على تساؤلاتهم، يرشدهم ويوجههم ويخاطب فيهم العقل والقلب معا.
    وسعيدة أيضا لأنني تعرفت على إعلامي ومبدع كان له الفضل في ميلاد إذاعة احتلت الصدارة وأتوقع لها النجاح والاستمرارية مهما اشتدت المنافسة.

    تحياتي وتقديري

  • أسد الصحراء المغربية
    الأربعاء 16 ماي 2012 - 08:42

    وفقكم الله وأعانكم على تحقيق المزيد من النجاح في هذه المهمة المباركة باذن الله تعالى

  • Nizare
    الأربعاء 16 ماي 2012 - 08:42

    اتساءل لماذا لا يوجد تطبيقا لهذه الاذاعة على اليفون ؟؟؟؟؟؟؟؟؟ وشكرا

  • الحسن سرات
    الأربعاء 16 ماي 2012 - 12:54

    الأخت الكريمة "الإطار بوزارة الاتصال" أشكرك جزيل الشكر على تشجيعك وكلماتك وأتمنى لك مسيرة ناجحة إن شاء الله
    وتقبل الله من كل المخلصين لدينهم وبلدهم وحكامهم

  • أم مريم
    الأربعاء 16 ماي 2012 - 12:56

    فعلا هي إذاعة مقبولة من المغاربة ونفتخر أننا لنا إذاعة وقناة ننافس بها القنوات الإعلامية الدينية ونتمنى من القائمين على الإذاعة والقناة ـوسيع المجالات وفتح باب الحوار مع المشاهدين وتقبل آرائهم ونتمنى أن يكون للقناة والإذاعة موقع على الانترنيت

  • نواس المصطفى
    الأربعاء 16 ماي 2012 - 13:48

    صحيح والله لقد شدت اليها آذان ملايين المغاربة لتنوعها وتقديمها برامج نحن في امس الحاجة اليها ، ومثال بسيط يدل على ذلك والله لقد دلني عليها والدي أطال الله في عمره حيث يتابعها باستمرار منذ أن تعرف عليها بالصدفة ، لأنها تقدم شيئ إفتقدناه في إعلامنا المتهالك .
    ولنا أمل كبير مع حكومة بن كيران في إعادت الهوية الاسلامية المغربية الى الفضاء السمعي البصري.

  • مغربي
    الأربعاء 16 ماي 2012 - 19:57

    تعتبر قناة محمد السادس للقرآن الكريم أحسن قناة إذاعية بالمغرب، نظرا لكفاءة الأطر العاملة بهذه القناة و لجودة المواضيع التي تطرح و التي يناقشها أساتذة و دكاترة و علماء في المستوى, كما تعتبر نقطة الضوء الوحيدة في المجال الإذاعي بالمغرب بعد أن غزت عدد من القنوات (المتغربة و المشبوهة) لهذا الفضاء عقب تحرير المجال السمعي البصري, و التي اعتمدت على خط تحريري مشبوه يعتمد بالأساس على الإستعمال المفرط للهجة الدارجة و قليل من الفرنسية الركيكة و الإستهزاء باللغة العربية و فتح أثير الإذاعة لمن هب و دب، بالإضافة إلى التركيز على مواضيع تافهة لا تهم المستمع في شيء، بل إنها تخدش الحياء في بعض الأحيان.
    لذا نهنئ القائمين على هذه الإذاعة و نتمنى لهم المزيد من التألق و النجاح.

  • said
    الأربعاء 16 ماي 2012 - 20:41

    اعتقد بانه ينبغي ان لاننسى التضحيات الجسام لعدد من الاسماء التي قدمت خدمات جليلة على مستوى الاعلام الديني قبل احداث اذاعة موضوعاتية دينية.واقصد هنا الاعلامي المحنك صاحب البرنامج الاذاعي الشهير"كيف نقرا القران"الاوهو الشيخ المرحوم عبد الحميد احساين.فتجربته الاعلامية المتميزة وتكوينه في الجانب الديني مكناه من تقديم خدمة اعلامية متميزة.فاليه يعود الفضل في الكم الهائل من القراءات القرانية الناذرة لكبار قراء العالم الاسلامي.كما انه رحمة الله عليكان يشرف على اذاعة القران الكريم خلال رمضان على مدى اربع ساعات.وتخرج على يده تلاميذ منهم حسن الكيلاني واحمد باباالعلوي وغيرهم.دون ان ننسى كذلك الاعلامي امحمد البوكيلي الذي انطلقت معه اذاعة محمد السادس وقناة السادسة.الا انه وفي غياب الاطر الكفاة على مستوى التسيير وعلى المستوى المهني كذلك.سيجعلها فقط مجرد اذاعة وقناة لبث تلاوات قرانية.بيد ان الدور المنتظر منها يتجاوز ذلك على اهميته بكثير.من خلال توظيف الاجناس الصحافية في انتاجاتها.بالاستعانة بذوي التجربة في الميدان.واعني هنا حسن الكيلاني الذي اتساءل بالمناسبة عن الاسباب التي دفعته للانتقال الى الاخبار

  • عبد المجيد لوكيلي
    الأربعاء 16 ماي 2012 - 23:06

    أسأل الله أن يتقبل منكما ومن كل الذين تعبوا في البدايات واجتهدوا بصدق وإخلاص،هذه النتيجة أعتقد ترجع بالأساس إلى تدين الشعب المغربي من جهة وإلى غياب إذاعات دينية منافسة،لما تسمع لمذياع السيارة فتنتقل بين الإذاعات تجد الغناء يشكل حصة الأسد منها ،أما إذاعة محمد السدس فيها إما قرءان يتلى أو موضوع يناقش أو درس يقدم …والناس متعطشة لفهم دينها،وأحب أن أشيد بالسيد مدير القناة أيضا رغم أني توقفت عن إلقاء برامجي بها،لأنه يفتح الباب لكل الطاقات التي يمكن أن تفيد المستمع ويأخذ بالأفكار الجيدة بكل تواضع ويصنع ألفة عجيبة بين أسرة القناة والإذاعة،كما لايفوتني أن أنوه بكل العاملين الذين يبذلون جهدا عظيما خاصة لجنة المراقبة والمقدمين الشباب ذكورا وإناثا والطاقم التقني…ومع ذلك أعتقد أن الثمار مازالت في بداياتها إذ هناك إمكانية كبيرة للتطوير والتحسين إذا خلصت النيات ووضعت معايير علمية موضوعية لاختيار الأجود من البرامج.نتمنى مزيدا من التألق وشكرا لكل الأوفياء من المستمعين

  • mourad tanger
    الخميس 17 ماي 2012 - 03:32

    كيف لا يسعد هذا الرجلان وقد رضي عن عملهما أهل السماء وأهل الأرض، والملك والشعب؟

  • الإدريسي
    الخميس 17 ماي 2012 - 08:11

     حقيقة جائت إذاعة القرآن الكريم باسم ملكنا المفدى في الوقت الذي شنت أكبر حرب عرفها المغرب الغالي على أهل التدين ودور القرآن والمساجد أقول بالحق وكثير من الباطل فأرهبت الناشئة المتدينة وحوصر الإعلام الديني بصفة عامة
    حتى أكد لي أحد سائق سيارة أجرة أنه مونع من  الإستماع لأي مادة دينية أثناء العمل وأعرفه معتدلا
    وقد وصلني خبر هذه الإذاعة المباركة في الصيف قبل تدشينها
    وفي هذا الوقت الرهيب جاء عندي سائق سيارة أجرة آخر وقال لي
    اللهم لاتحرق أي عظم في الذي كان سببا في هذه الإذاعة
    لكن
    هناك تشويش عليها خصوصا من خصومها
    وهناك تحفظ بل تحفظات مبالغ فيها تبق عائقا بين العلاج الأنجع وترك الجهل بالدين ينخر في جسد أمتنا
    فالعطش الروحي فطري في أمتنا والأمانة عظيمة ومسؤولية جسيمة
    فهناك عين أخرى خبيرة ترى أن المادة المقدمة لاترق إلى خط الوسط بما يناسب أولوياتنا ويهمش فيها الآخر ليبحث عن غيرها وهناك مكمن الخلل
    آن الأوان أن يستقل هذا المنبر وأن ينعم بالحرية وأن يدمج فيه أهله من الناحية التربوية وأن تعقد ندوة وطنية لمدارسة لمسات جذب عناية النفس للخير بانتقاء الجودة العلمية الشافية لجميع المغاربة

    مستقل

  • ع الساروت
    الخميس 17 ماي 2012 - 11:24

    انها لصدقة جارية انشاء الله لك ولجميع العاملين عليها

  • قارئ
    الخميس 17 ماي 2012 - 13:32

    جزاكم الله احسن الجزاء ونرجوكم ان تكثرومن استضافة الائمة وحفظة القرءان الكريم ماشي كل من هب ودب الاذاعة محتكرينها خمس او ست قراء لان فيها الزبونية انا افضل ان تكون مسابقة كل من يستحق يكن له نصيب من هذه الاذاعة و تشجيع في نفس الوقت المغرب فيه الرباط البيضاءلاشيء ما فيه مكناس فاس وجدة طنجة الاحتكار ممل ولكم الشكر والسلام

صوت وصورة
أجانب يتابعون التراويح بمراكش
الخميس 28 مارس 2024 - 00:30 1

أجانب يتابعون التراويح بمراكش

صوت وصورة
خارجون عن القانون | الفقر والقتل
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:30

خارجون عن القانون | الفقر والقتل

صوت وصورة
مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:00

مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية

صوت وصورة
ريمونتادا | رضى بنيس
الأربعاء 27 مارس 2024 - 22:45 1

ريمونتادا | رضى بنيس

صوت وصورة
الحومة | بشرى أهريش
الأربعاء 27 مارس 2024 - 21:30

الحومة | بشرى أهريش

صوت وصورة
احتجاج أساتذة موقوفين
الأربعاء 27 مارس 2024 - 20:30 5

احتجاج أساتذة موقوفين