"أموال الحملة" .. شركات ومواطنون يستفيدون من "سخاء" الأحزاب

قبل انطلاق الحملة الانتخابية بأيام كشفت أغلبية الأحزاب عن الميزانية التي رصدتها لتمويل الحملة ودعم مرشحيها في مختلف المدن المغربية، فكان حزب الاستقلال صاحب أكبر ميزانية بتخصيصه غلافا ماليا يفوق 21.5 مليون درهما، بينما تساوت أحزاب العدالة والتنمية والتجمع الوطني للأحرار والأصالة والمعاصرة في الميزانية المخصصة للحملة والتي تقدر بأكثر من 12 مليونا درهما، أما حزب الاتحاد الاشتراكي فقد أعلن أنه جهز 11.5 مليونا للغرض نفسه.

وفي الوقت الذي تنحو فيه الأحزاب السياسية للإنفاق بسخاء على أمل إقناع المواطنين بالتصويت لصالحها، فإن فئات أخرى تستفيد وإن بشكل متفاوت من هذا السخاء المالي للأحزاب التي تظهر كرما حاتميا طيلة فترة الحملة، ما يجعل العديد من المؤسسات العاملة في مجال التواصل والطباعة وكراء السيارات تتسابق لحيازة نصيبها من كعكة أموال الحملة.

“الحملة تبيض ذهبا”

ولعل أول من يفرح لاقتراب الحملات الانتخابية هم أصحاب المطابع خصوصا المطابع الكبرى التي تتوفر على قدرة طباعة مئات الآلاف إن لم نقل ملايين النسخ من البرامج الانتخابية واللوائح وصور المرشحين، فحزب الاتحاد الاشتراكي مثلا أعلن أنه طبع أكثر من 30 مليون نسخة من برنامجه الانتخابي لتوزيعه على المواطنين في مختلف جهات المملكة، وعلى المنوال نفسه سارت أغلبية الأحزاب.

ولا تكتفي الأحزاب بطباعة البرامج الانتخابية واللوائح التي تحمل صور المرشحين، بل حتى اللافتات التي يتم تعليقها خلال المهرجانات الانتخابية وفي السيارات وفي واجهة المنازل والمحلات التجارية.

وفي السابق كانت الأحزاب تكتفي بنسخ أوراق الحملة الانتخابية بالأبيض والأسود أما الآن فالطباعة أصبحت بالألوان والمعدات تطورت، ما يجعل الأحزاب السياسة تعمل على تنويع الوثائق المقدمة للمواطنين خلال الحملة الانتخابية، الأمر الذي يدر على أصحاب المطابع أرباحا مهمة، ولعل العام الحالي والعام الذي يليه يعتبران الفترة الذهبية للمطابع، فما هي إلا أشهر قليلة حتى يبدأ التفكير في الانتخابات البرلمانية 2016.

مجال آخر ينتعش خلال الحملة الانتخابية وهو قطاع وكالات الاتصال التي تقترح على الأحزاب خطة “تواصلية” طيلة فترة الحملة الانتخابية وتعرض عليها مواكبة كاملة لهذه الفترة تشمل تنظيم الندوات الصحافية والمهرجانات الخطابية، والشعارات التي سيتم رفعها والتصور الفني والبصري للافتات، بالإضافة إلى التكفل بإنتاج مقاطع فيديو دعائية للحزب.

بيد أن عددا من المهنيين في القطاع أكدوا أن الأحزاب لم تصل بعد إلى مرحلة تسلم فيها كل الحملة الانتخابية لفائدة وكالة الاتصال، بل تلجأ لهذه الوكالات في حالات خاصة كتنظيم الندوات الصحافية أو تدبير تواصلها الإلكتروني، وتعتمد على مناضليها و”معارفها” للقيام بالجزء الأكبر من الجملة.

وقود الحملة

أصحاب وكالات كراء السيارات يعيشون أيضا أزهى أيامهم خصوصا وأن فترة الحملة الانتخابية تزامنت هذه السنة مع العطلة الصيفية حيث يكثر الإقبال على كراء السيارات، ويلجأ المرشحون لكراء السيارات من أجل ضمان تنقل أنصارهم، كما يستعمل المرشحون السيارات والشاحنات لحمل شعارات الحزب لتجوب بها شوارع المدن، وقد تصل سومة كراء السيارة إلى 500 درهم في اليوم حسب طبيعة السيارة، كما يكون المرشح مضطرا لأن يدفع على الأقل مبلغ 100 درهم يوميا لأصحاب سيارات الأجرة والدراجات ثلاثية العجلات، إن هو أرادها أن تحمل صوره.

ويؤكد الصحافي عبد الواحد ماهر الذي سبق له تغطية العديد من الحملات الانتخابية خصوصا في مدينة الدار البيضاء التي تكون مسرحا لمنافسة انتخابية يكون فيها الضرب فوق الحزام وتحته، أن هذه الفترة تكون مناسبة للعاطلين عن العمل وحتى ربات البيوت لتحصيل بعض الأموال، لأن كل مشارك في توزيع الأوراق الانتخابية لحزب معين يتقاضى يوميا مبلغ 100 درهم، وقد يرتفع هذا المبلغ حسب قدرة الشخص على التأثير في الحي الذي يقطن فيه.

ولفت ماهر إلى أن الحملة الانتخابية تكون فرصة للشباب العاطل عن العمل أو المتخصص في مهن معينة لتوفير مدخول يومي ولو إلى حين، كما هو الحال بالنسبة إلى الشباب الذي يعمل في مجال “الأنفوغرافي”، لأن المرشح عوض اللجوء إلى شركات متخصصة ستطلب منه مبالغ ضخمة يلجأ إلى هؤلاء الشباب لينجزوا له لافتات تحمل شعار حزبه وصورته.
هذا بالإضافة إلى مموني الحفلات الذين يكون لهم نصيب من مال الحملة، خصوصا وأن المرشحين عليهم تنظيم الولائم على شرف أنصارهم خصوصا أولئك الذين لهم نفوذ في منطقة المرشح، بالإضافة إلى أنهم يتكلفون بإقامة منصات للمهرجانات الخطابية.

التواصل الإلكتروني … شر لابد منه

لاحظ عدد من المتتبعين أن رقما جديدا أضيف لمعادلة العملية الانتخابية بالمغرب، ويتعلق الأمر بالحملة الإلكترونية بعد أن أصبح الأمناء العامون يتسابقون على جذب أكبر عدد من المعجبين إلى صفحاتهم على الفايسبوك وتويتر، ومن أجل هذا الغرض فقد اعتمدت بعض الأحزاب على وكالات متخصصة حتى تدبر لها حملتها الدعائية الإلكترونية.

وحسب منير هرماش، الخبير في الأمن الإلكتروني فإن أحزابا قليلة هي التي لجأت لوكالات متخصصة حتى تدبر لها عملية التواصل مع مواطني العالم الافتراضي، في حين فضلت أحزاب أخرى الاعتماد على مناضليها للقيام بهذه العملية، مضيفا أن طريقة التواصل السياسي الإلكتروني للأحزاب لم يصل بعد إلى “مرحلة المهنية فحتى تمرير الصفقات للشركات يغلب عليه طابع الزبونية أكثر من أي شيء آخر”.

وباستثناء الأشخاص الذين يشرفون على تسيير صفحات الأحزاب والسياسيين على الفايسبوك وتويتر الذين يمكن القول إنهم يستفيدون ماديا من فترة الحملة الانتخابية، فقد أكد هرماش أن أغلب الأحزاب السياسية تنظر إلى التواصل السياسي الإلكتروني على أنه “شر لابد منه”، فهي من جهة غير مقتنعة بنجاعته ومن جهة ثانية تريد التواصل مع “شعب الفايسبوك وتويتر” والمكون جله من الشباب.