مذكرات صحافي لا يشبه الآخرين ـ 30 ـ قدم واحدة تقهر المستحيل

مذكرات صحافي لا يشبه الآخرين ـ 30 ـ قدم واحدة تقهر المستحيل
الأحد 25 يونيو 2017 - 17:16

في هذا المكتوب، الذي ينشر على حلقات طيلة شهر رمضان، دعوة صادقة إلى الإقبال على الحياة. إنه يقول، من خلال سرد أحداث واقعية من حياة إعلامي مغربي قهر المستحيل بقدم واحدة، إن الحياة جهد وعرق وتضحية.. وإنها – قبل ذلك وبعده – جميلة حقا، وتستحق أن تعاش.

الحلقة الأخيرة:

أقضي سويعة كل يوم في كتابة هذه الشذرات. وتجتاحني مشاعرُ الحنين الجارف كلما جلست إلى هذه الآلة الصماءِ العاقلة. وإذا الصور تنثال على مخيلتي فأرى أمي تضع الطعام في فمي. وتلتقط أذني كلماتٍ عابرة:

– لا بأس عليه.. لا بأس عليه..

وتسمعُ وقعَ القطار القادم فتحكم تغطية رأسي بقماشها الأبيض. وتشبك يديها حول ظهري وتصعد الدرج. وإنها لتخشى أن أنفلت من بين يديها فتمضي راكضة داخل القطار. ثم تستدير نحو جدتي كأنها تدلها على المكان.

وإني لأرى – الآن – القاعة الفسيحة حيث الأطفال والأمهات، وحيث الأعين الزائغة الحائرة. وقال الطبيب، وهو يحرك قدميّ:

– لا تخافوا.. لا شيء عليه..

وأفتح عيني كالمستيقظ من نومه فأجد الصبي قد بلغ أشده أو يكاد. ويطيش عقلي. وي! كأنها عشية وضحاها! ثم أفهم أن الحياة لا تستحق أن يتعارك الناس فيها عراك الضواري. وإنها لحظات قصيرة وعابرة. وإن ما يتبقى منها – بعد فواتها – إنما هو الذكريات الجميلة والعواطف النبيلة.. ثم لا شيء !

وحين أكتب – اليوم – عن تجربتي المتواضعة فلِكي أقول ذلك. إنه انطباع الإنسان – أنى كان – عن أيامه الخوالي. وإنه المسلك المفضي إلى تحقيق إنسانيتنا. لأن المشترك الإنساني هو هذا: طفولة وحنين وحب وشفقة وإحساس متنامٍ بتسارع وتيرة الزمن وبالرغبة في القبض عليه.

ولقد استلهمت، في حلقاتي الثلاثين، روح الدراما التلفزيونية من حيث البناء البصري للمشاهد، ومن حيث “التقطيع” الدرامي للحلقات. وإنما فعلت ذلك لأنه يلائم شكل وطبيعة الجريدة الإلكترونية. على أن النسخة التي ستنشر في كتاب – في القريب العاجل – تختلف في البناء السردي وتتفادى التكثيف وأسلوب الشذرات.

وفي هذه الكلمات الأخيرة، أحب أن أشكر كل الذين تابعوا هذه الشذرات. وإني لمدين بالشكر لكل الذين تعلمت على أيديهم شيئا. معلميّ وأساتذتي، لا أستثني منهم أحدا. وأصدقائي جميعهم. وزملائي في وكالة المغرب العربي للأنباء، بما علّموا أصول المهنة وقواعدها وبما شجّعوا ودعموا، وأصدقائي في الإذاعة جميعهم.. وكل إنسان.

أشكر كل إنسان.. ! وإني لموقن أن قدر الإنسان أن يسعد، لا أن يشقى..

وبعد،

فإن الحياة لا تحابي أحدا. ولا تبخس حق أحد. وإن المعول في نجاحك.. على إرادتك !

مع مودتي.

[email protected]

‫تعليقات الزوار

3
  • شكرا جزيلا
    الأحد 25 يونيو 2017 - 17:53

    شكرا على المتعة التي أعطيتنا في هذا الشهر الكريم…… حزينة على نهاية الحلقات التي ادمنتها كل مساء…….ننتظر أعمالك الإبداعية بفارغ الصبر
    ودمت مبدعا وصحفيا كبيرا، أستاذ سمير

  • مصطفى
    الأحد 25 يونيو 2017 - 18:18

    بمشاعر فيها الكثير من الأسى نودع هذه السلسلة الشيقة، ولكن أملنا أن نستعيدها مرة أخرى على النحو الجميل الذي شرحه الكاتب، ونتمنى أن نقرأ الكتاب في أقرب فرصة ان شاء الله.
    في النهاية يجب أن أشكرك أستاذ سمير شكرا جزيلا على المتعة التي منحتنا، وعلى الابداع الراقي الذي وفرته لنا طوال أيام هذا الشهر الفضيل. تحية مودة واعجاب.. ونلتقي قريبا.

  • master
    الأحد 25 يونيو 2017 - 20:50

    شكرا جزيلا لك سيدي استمتعنا معك طيلة هذا الشهر الفضيل،عيدكم مبارك.

صوت وصورة
احتفاء برابحة الحيمر في طنجة
الجمعة 29 مارس 2024 - 10:03

احتفاء برابحة الحيمر في طنجة

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 3

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 2

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 4

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب