البعوض يقضُّ مضجع ساكنة بيوكرى وسط صمت المسؤولين

البعوض يقضُّ مضجع ساكنة بيوكرى وسط صمت المسؤولين
الأحد 19 أكتوبر 2014 - 23:50

منذ ما يزيد على ثلاثة شهور لم يعد سكّان مدينة بيوكرى التابعة لعمالة إقليم اشتوكة آيت بَها يعرفون للراحة سبيلا، سواء داخل بيوتهم أو خارجَها، بعدما صارت أجسادهم هدفا للسعات جحافلَ من البعوض قادمةَ من محطّة معالجة المياه العادمة المتواجدة غيرَ بعيد عن المدينة.

تضاعف الإصابات

خلالَ شهر رمضان الماضي، الذي تزامن مع فصل الصيف، ومع اشتداد درجة الحرارة، كانَ المُصلّون في مسجد لا تفصله سوى بضعِ عشراتِ أمتار عن المحطّة يضطرّون إلى تغطية أطرافهم كاملة، حِمايةَ لأنفسهم من لسعات “الناموس”، الباحث عن امتصاص الدماء.

منذ ذلك الوقت، صار البعوض حديث الساعة بين ساكنة مدينة بيوكرى، وما يزالُ إلى الآن، خصوصا وأنّ لسعاته تخلّف انتفاخاتٍ كبيرةً، خصوصا على مستوى الوجه والأطراف، وهو ما جعل عددَ حالات الإصابة الوافدة على المستشفى الإقليمي تتضاعف بشكل كبير، خصوصا الأطفال الصغار.

وقال مصدر طبّي لهسبريس إنّ عدد الحالات التي كانتْ تفِدُ على المستشفى الإقليمي “المختار السوسي”، خلال فصل الصيف الماضي، كانت تصل في أحيانٍ إلى 40 حالةً يوميا، قبل أن يتساءل: “تصوّر حجْم المخاطر الصحية التي كانت ستلحق بالسكان لو كان هذا الصنف من الحشرات ينقل فيروسا ما؟”.

غيْر أنّ عدم نقل البعوض لفيروساتٍ، واكتفائه فقط بمصّ دماء المواطنين، لا يعْني انتفاء المخاطر الصحّية، إذْ روى أحد مواطني المدينة، مصابٍ بمرض السكري، أنّ “لدغة ناموسٍ” جعلتْ رجله تنتفخ على مستوى الساق، وهو ما كلّفه مصاريف بقيمة 2000 درهم للعلاج، تفاديا لتطوّر الانتفاخ إلى ما لا تُحمْد عُقباه.

ويعود مشكل انتشار البعوض بمدينة بيوكرى، والذي لم يكن مطروحا من قبْل، رغم أنّ محطة معالجة المياه العادمة أنشأتْ منذ سنة 2007، إلى غياب المعالجة الدورية للمياه العادمة داخل المحطّة، وهو ما يؤدّي إلى انتشاره حسب ما أفاد به مصدر طبّي لهسبريس.

وأضاف المتحدّث أنّ السبب الذي أدّى إلى ظهور “الناموس”، هو أنّ محطة معالجة المياه العادمة لم تعُدْ تستوعب كميّات المياه المتدفّقة عليها، وهو ما يحول دون معالجتها كاملة، من خلال أحواض المعالجة، وتفيض في الخلاء، مشكّلة بِرَكاً آسنة، مْنها يُخلق الناموس، ثمّ ينتشر.

المصدر الطبيّ الذي تحدّثت إليه هسبريس قال إنّ المكتب الوطني للماء الصالح للشرب، المُفوَّض له تدبير محطة معالجة المياه العادمة، لم يعد يقوم بالمعالجة الدورية للمياه، كما كان عليه الحال في السابق، فضْلا عن عدم خلْق أحواضٍ جديدة كفيلةٍ باستيعاب المياه المتدفّقة على المحطة.

وأضاف أنّ عملية المعالجة كانتْ تتمّ فيما مضى من خلال رشّ المياه بمبيدات مرّة كل خمسة أيام، من أجل القضاء على اليرقات، فيما يتمّ رشّ الأشجار بمبيدات أخرى لقتل المجنّحات، “العملية أعطتْ نتائج جيّدة، غير أنّ الـONEP تملّص من توفير الأدوية”، يردف المتحدّث.

مسؤولية المكتب الوطني للماء الصالح للشرب

وفيما تعذّر أخذ وجهة نظر المدير الجهوي للمكتب الوطني للماء الصالح للشرب بأكادير، لعدم ردّه على المكالمات الهاتفيّة، رغم تركنا لرسالة هاتفية على محموله، حمّل أحدُ التقنيين الذين تحدّثت إليهم هسبريس مسؤولية انتشار “الناموس” للمجلس البلدي لمدينة بيوكرى، بسبب إنشاء محطة المعالجة غيْر بعيد عن المدينة.

وقال المتحدّث إنّ محطّة المعالجة يجب أن تُقام بعيدا عن المدينة بأزيد من سبع كيلومترات، لتفادي تضرّر السكان من الروائح الكريهة والحشرات، غير أنّ رئيس المجلس البلدي لمدينة بيوكرى، الحسن الفارسي، قالَ إنّ المسؤولية الأكبر في انتشار البعوض يتحمّلها المكتب الوطني للماء الصالح للشرب، باعتبار أنّ الحشرات تنبعث من داخل المحطّة.

وأوضح الفارسي في اتصال هاتفي مع هسبريس أنّ محطّة معالجة المياه العادمة، التي أنشئت خلال ولاية المجلس البلدي السابق، ولم يكنْ حينها قد تولّى بعدُ مهمّة تسييره، تمّ تفويض تدبيرها إلى المكتب الوطني للماء الصالح للشرب، وتمّ توقيع اتفاقية في هذا الصدد بين المكتب والمجلس البلدي.

وتابعَ المتحدّث أنّ المجلس البلدي اقتنى صهريجا لرشّ الدواء، وجرّارا، خصّيصا لرشّ أشجار المدينة بالمبيدات، للقضاء على “الناموس”، وأضاف “حاليا لم يعُد هذا المشكل قائما بالحدّة التي كان عليها من قبل”، غيرَ أنّ مصدرا طبيّا عَزا ذلك إلى انخفاض درجة الحرارة، قائلا “عندما ترتفع درجة الحرارة سيجتاح البعوض المدينة من جديد”.

وأيّا كانت التدابيرُ المُتّخذة، للقضاء على هذه الظاهرة المقلقة التي تقضّ مضجع سكان مدينة بيوكرى، يظلّ السؤال الذي يطرحه سكان المدينة هو لماذا أقيمت محطّة معالجة المياه العادمة في مكان قريب جدّا من مدينتهم، إذ لا تفصل المحطةَ سوى بضع مئات أمتار عن المدينة، وتوجد دواويرُ مُلاصقة لها.

وردّا على هذا السؤال يقول رئيس المجلس البلدي لمدينة بيوكرى “نحن نحلم بذلك، ونريد تحويل المحطة إلى مكان آخر”، لافتا إلى أنّ هناك مشروعا مطروحا على مستوى أكادير الكبير، لإقامة محطة كبيرة لمعالجة المياه العادمة لمدينة بيوكرى ومدينة القليعة وجماعة الصفاء، والدواوير المجاورة، غير أنّ ذلك يتطلب إمكانيات مالية كبيرة، وفق تعبير المتحدّث، وهو ما يعني أنّ المشروع لن يُنجزَ في الأمد المنظور.

دراسة لم تؤخذ بعين الاعتبار

إقامةُ محطة معالجة المياه العادمة غيرَ بعيد عن مدينة بيوكرى، يطرحُ، أيضا، سؤالا آخر، أكثرَ أهمّية، حول ما إنْ كانت قدْ أنجزتْ دراسة قبْليّة حول المخاطر المحتملة للمحطة، سواء على مستوى صحّة السكّان أو البيئة، قبل إقامة المحطة، المُقامة على مساحة 12 هكتارا.

مصدرٌ مٌطلع على تفاصيل إقامة مشروع محطّة معالجة المياه العادمة قال إنّ الدراسة أنجزتْ فعلا، ونبّهت إلى إمكانية تضرّر السكان من الروائح الكريهة ومن البعوض، “غيْر أنّ هذه الدراسة لم تُؤخذ بعين الاعتبار”، وفق تعبيره، وهو ما يطرح سؤالا آخر حول ما إنْ كانتْ هذه الدراسة قد قُدّمتْ للوكالة الألمانية للتعاون التقني، التي ساهمت بحصّة كبيرة في تمويل المشروع؟

حملْنا السؤال إلى الوكالة الألمانية، من خلال بريدها الإلكتروني، ومن خلال الاتصال الهاتفي، غيْرَ أنّ مسؤولة التواصل بالوكالة رفضت الإدلاء بأي معلومات بهذا الخصوص، مؤكّدة أنّ مسؤولي الوكالة سيردّون على الرسالة التي بعثنا بها إليهم، بعد الاطلاع على حيثيات الموضوع، دون أن تحدّد موعدا لذلك.

وفي الوقت الذي ينتظر سكان مدينة بيوكرى حلّا عاجلا وشاملا لمشكل محطة معالجة المياه العادمة، قال مصدر طبيّ إنّ مشكل انتشار “الناموس” المنبعث من المحطّة ما كان له أن يكون لو كانت المحطّة تُدبّر بشكل جيّد، وأضاف أنّ ثمّة حلولا كثيرة، منها خلق أحواض جديدة للمعالجة، أو التفكير في إعادة استعمال المياه العادمة في ريّ المنتجات الفلاحية المتعلّقة بإنتاج الأعلاف.

‫تعليقات الزوار

16
  • العلوشي
    الإثنين 20 أكتوبر 2014 - 00:25

    ارخص شيء في وطني الحبيب هو المواطن واش مكيعتابرناش بشر الله اعلم

  • اشتوكن
    الإثنين 20 أكتوبر 2014 - 01:05

    ‏‎ ‎يا سلام على تلك المدينة‎ ‎‏ ‏Soul Creation

  • ابو خليل
    الإثنين 20 أكتوبر 2014 - 01:07

    أنا من سكان بيوكرى والله ضقنا درعا بهذه الآفة.
    قبل أن أنام أغلق جميع النوافذ بإحكام وأطوف في كل الغرف لقتل الضيوف الغير مرغوب فيهم و المتسللين الى السقف حماية لاطفالي الصغار من لسعاتهم .
    وفي الحقيقة فقدإزدادت أعدادها في الاسبوع الاخير دون أن يظهر حل في الافق .

  • ولد حميدو
    الإثنين 20 أكتوبر 2014 - 01:07

    البعوض مشكلة اما الجراد خوا البلاد بعد ان اصبح سكان الجنوب ياكلونه فحتى الدولة لم يعد عندها مبرر
    فعندما يكون الجفاف تشتكي و عندما يكون الموسم الفلاحي جيدا تقول بان الجراد هجم و اتى على الاخضر و اليابس هي هي
    ساعلق و لو كان الموضوع عن بلارج او طير البقر

  • Maroccan lady
    الإثنين 20 أكتوبر 2014 - 02:14

    راه المغرب كامل كيعاني من مشكيل شنيولة و سراق زيت خصوصا في الأحياء الشعبية ( بالجديدة) وداويو الخرارج ها العار، مبقيناش قادرين نبركوافي ديور والدينا البسطاء حيت ولدي كتزرزر بالحبوب تاع شنيولة كنرجع بحالي لمريكان بلا منقطع وحشي في دارنا إلّي كبارت فيها، حنا كنا صابرين لكن هد الجيل راه ميصبرش و نتمَ كرهتوه في المغرب

  • خالد
    الإثنين 20 أكتوبر 2014 - 06:37

    الحل سهل عليكم بالحامض!! والله خلط عصير الحامظ مع زيت جونسون للأطفال أو زيت الزيتون ودهن به جسمك! رأيتهم يفعلون هذا في التايلند في أماكن الأرز عندهم بعوض بكثرة وينامون عرات ولا يخشون الباعوض.

  • alpha
    الإثنين 20 أكتوبر 2014 - 08:59

    vous n'aurez qu'à couper un citron à 2X1/2 et l'odeur du citron fait fuir l’anophèle c'est suite à une expérience personnelle et ça marche je vous assure

  • حسن
    الإثنين 20 أكتوبر 2014 - 09:02

    حتئ نحن ساكنة حي الرمل بإنزكان نعاني من ضاهرة البعوض الكتيف.

  • abo sami
    الإثنين 20 أكتوبر 2014 - 10:03

    pour quoi les responsables du maroc ne se ocupe pas aux cetoienes et les consider com des animals

  • GADIRI
    الإثنين 20 أكتوبر 2014 - 10:47

    هداك أسيادنا ماشي ناموس عادي ، فينكم يا سلطات ،بقات في الشطيح أو رديح .
    هذا شهر باش كانداوي راسي أو وليداتي من هاد الموصيبة

  • الحسن بن محمد
    الإثنين 20 أكتوبر 2014 - 12:20

    نناشد المسؤولين من أكبر المراتب الى جلالة الملك وبعد ذلك الامر الى الله. الا تستحق شتوكة الجزء المخفي من اكادير والمنتج فﻻحيا وماوى الفقراء…..ان تكون لها تحتية مسيرة بدﻻ من واد حار يصب على البحر بعد المعالجة….
    فﻻ تنميةبشرية دون بنيات تحتية .والتحتيات المسيرة اولى.
    وان طلع بعضهم الى الخارجية وإلى الهامش…ادلك مقصود…

  • achtok
    الإثنين 20 أكتوبر 2014 - 12:47

    عوض توفير مزانية لاقتناء المبيذات فضل الفارسي رئيس المجلس البلدي لمدينة بيوكرى تمويل مهرجان اموريك باموال دافعي الضرائب
    والله اخشى عليكم يوم لا ينفع مال ولا بنون يا مسؤولي بيوكرى

  • cityoen de la ville envahie
    الإثنين 20 أكتوبر 2014 - 13:20

    La résolution de ce problème au niveau local a pris beaucoup de temps sans aucun résultat vu les Dégâts sanitaire énormes produits par cette station. Ce problème dépasse largement un ½ citron, ça nécessite vraiment une vrai intervention des responsables avant d’avoir des situations incontrôlables. On a l’habitude de la profanation des responsables locaux au niveau de plusieurs projets non plus celui de la station. On aimerait bien sollicité une visite de nos chers amis de la cours des comptes pour mettre un terme à ces pratiques irresponsables.

  • crazy man
    الإثنين 20 أكتوبر 2014 - 14:14

    المسألة ليست في تواجد الناموس بشكل كبير في هده المدينة و إنما عدم أخذ هده القضية على عاتق السلطات ففضلت رش الناموس بالماء للزيادة في اعداده دون الرش بالأدوية إنما تبرده ليتكاثر واك واك واك على الفساد المستشري في السلطة في هذا البلد

  • Achtouk
    الإثنين 20 أكتوبر 2014 - 18:23

    Tagante Ougram, cette sacrée est devenue un lieu de traitement des eaux usés !!!

  • Said
    الأربعاء 22 أكتوبر 2014 - 12:49

    انا شخصيا مند شهر رمضان لم يمر يوما الا واعاني نن لسعات جديدة لهده الحشرة الظالمة، حتى اصبحت الحكة توقظني من النوم في وقت متاخر
    لم يترك فينا هدا البعوض ظم نتبرع به
    حسبنا الله ونعم الوكيل على المجلس البلدي الدي انشغل بالمهرجانات عن الاهم
    اش خصك العريان، الخاتم امولاي

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02

وزير النقل وامتحان السياقة