زحف المباني الإسمنتية "يخنق" المساحات الخضراء بمدينة بيوكرى

زحف المباني الإسمنتية "يخنق" المساحات الخضراء بمدينة بيوكرى
الجمعة 29 يوليوز 2016 - 04:50

مما لا شك فيه أن المساحات الخضراء تلعب دوراً مهماً في حياة قاطني المدن، غير أن اتساع الرقعة العمرانية على حساب المناطق المفتوحة والخضراء جعل المطالب تتعاظم بشأن الاعتناء بالمساحات الموجودة من جهة، وإحداث مزيد منها من جهة أخرى، وذلك بالنظر إلى أهميتها البيئية والمناخية والترفيهية في حياة المواطنين.

إلا أن الاهتمام بتخطيط وتنظيم المناطق الخضراء داخل عدد من المدن المغربية ما زال دون المستوى المطلوب، ولم تكن مدينة بيوكرى، بإقليم اشتوكة آيت باها، الاستثناء؛ بحيث يُعدّ انخفاض نسبة المساحات الخضراء أحد المشاكل التي تؤرق بال القاطنين بها.

الفاعل الجمعوي والأستاذ الباحث المهتم بقضايا إعداد المجال، المختار نايت القاضي، أورد، في تصريح لهسبريس، أن المتتبع لوضعية إعداد المجال الحضري في مدينة بيوكرى، بإقليم اشتوكة آيت باها، سوف تسترعي انتباهه ملاحظتان أساسيتان؛ تتعلق الأولى بغياب تصميم تهيئة واضح للمدينة، يحدد شكل التوسع العمراني بها، “فتطور المدينة و تزايد عدد أحيائها يطرح إشكاليات حقيقية في مجال التهيئة”.

أما الملاحظة الثانية، بحسب المتحدث، فترتبط بضعف المساحات الخضراء والحدائق العمومية، “رغم وجود بعض المجالات صغيرة المساحة بأرجاء متفرقة بالمدينة، غالبا ما تشهد اكتظاظا، مما يجعل الساكنة تبحث عن مجالات خضراء خارج المدينة، خصوصا خلال فصل الربيع وفي أيام العطل”.

وفي هذا الإطار، يضيف نايت القاضي، استفادت عدد من أحياء المدينة من إعادة الهيكلة، غير أن ما يلاحظ هو “غياب المساحات الخضراء بمداخل المدنية ووسط أحيائها وفي المجالات الترابية المجاورة لها، مما يجعل ساكنة بيوكرى تلجأ إلى الفضاءات الإسمنتية، سواء أمام القاعة الكبرى للرياضات، أو أمام المسجد المركزي، أو بمدخل المدينة، لاسيما خلال الأيام الأكثر حرارة، وفي شهر رمضان، باستثناء حديقة واحدة بجوار المسجد المركزي، والتي لا يمكن القول أنها تدخل ضمن المساحات الخضراء المفتوحة التي يمكن للساكنة الاستفادة منها، سواء للاستجمام أو ممارسة أشكال الرياضات المختلفة، وتبقى مخصصة للنساء والأطفال فقط”.

“صحيح أن هناك ضعف للوعاء العقاري للمدينة في ظل التوسع الحضري وانتشار ظاهرة السكن غير المنظم والعشوائي في بعض الأحياء، والذي جعل تخصيص مساحات خضراء للساكنة أمرا صعبا، خصوصا وأن عددا من التجزئات والتعاونيات السكنية لم تحترم إنشاء مساحات خضراء داخل فضاءاتها، وهذا ما جعل سكان المدينة لا يستفيدون من حاجياتهم الحقيقية في مجال المساحة الخضراء، والتي تحددها المؤشرات الدولية ما بين 10 إلى 15 مترا مربعا لكل مواطن كحق كوني”، يستطرد المتحدث القاطن بمدينة بيوكرى.

ووفقا لقراءة الفاعل الجمعوي نايت القاضي، فإن حظ المواطن بمدينة بيوكرى من المساحة الخضراء هو صفر متر مربع، “إذا قسمنا عدد سكان المدينة على حجم المساحات الخضراء بها”، مقترحا على المجالس المنتخبة والجمعيات والمنعشين العقاريين “التفكير في مقاربة جديدة”، تتجلي أساسا، في رأيه، في” البحث عن مجالات داخل المدينة وإحداث مساحات خضراء بها، وإعادة تهيئة بعض الحدائق، بالإضافة إلى الإبداع في ايجاد صيغ لإدماج المساحات الخضراء داخل المجال الحضري، مع إعداد مداخل المدينة وتخصيصها للمجال الأخضر، شأنها شان جميع المدن المغربية”.

ومن المقترحات التي أشار إليها الأستاذ الباحث، التفكير في إحداث منتزهات تضم مساحات خضراء مشتركة مع الجماعات المجاورة (وادي الصفاء- إمي مقورن)، ببعض أراضي الاحتياط الجماعي المجاور للمدينة، وإقامة مساحات خضراء بها، “تمكن ساكنة بيوكرى من ارتيادها، كما هو الحال بغابة “أدمين” بجماعة آيت ملول والقليعة، أو جماعات أخرى بالمغرب، مضيفا أنه يمكن تشجيع ساكنة المدينة والجمعيات على خلق فضاءات خضراء طبيعية داخل الأحياء، حتى “تمكن ساكنة المدينة من مجال أخضر، عوض الزحف الإسمنتي”.

وختم الأستاذ المختار نايت القاضي تصريحه لهسبريس بمطلب بناء هوية بيئية للمدينة، وذلك من خلال مساحات خضراء “تلبي حاجات المواطن ببيوكرى”، معتبرا هذا الطموح مسؤولية المجالس المنتخبة من خلال إعداد مخطط تنموي مستدام للمدينة تُراعى فيه العناصر البيئية الضرورية، ويمكن تحقيق ذلك بـ”إرادة سياسية حقيقية، واعية بأهمية العنصر والثقافة البيئية التي ما لبثت المدرسة والإعلام يسعيان إلى تكريسها في نفوس الناشئة والمواطن على السواء”، يقول الأستاذ الباحث.

الحسين فارسي، رئيس الجماعة الترابية لمدينة بيوكرى، قال، في تصريحه لجريدة هسبريس الإلكترونية، إن بيوكرى، حاضرة إقليم اشتوكة آيت باها، تدخل ضمن المدن المغربية التي تشهد نموا ديموغرافيا متزايدا، وحركة تمدّن واسعة، لطبيعة المنطقة الفلاحية؛ حيث تستقطب يدا عاملة مهمة، لاسيما في المجال الزراعي، تحوّلت معه المدينة إلى نقطة استقرار لهؤلاء، وهي تحوّلات “أضحى معها تدبير الشأن المحلي والتنموي يواجه صعوبات، بحكم تراكم الاختلالات والنواقص، خاصة في المجال البيئي”.

وأضاف المسؤول الجماعي: “بغية تجاوز هذه الوضعية، فالمجلس لم يدخر جهدا في هذا الجانب؛ بحيث عمل على تفويض تدبير قطاع النظافة لشركة خاصة، كما تمّ إحداث مناطق خضراء على مستوى الشارع الرئيسي (شارع الحسن الثاني)، بالإضافة إلى مساحة خضراء أمام القاعة المغطاة للرياضات، وفضاء أخضر قرب مسجد الجزولي بحي لشالي”.

وعن البرنامج المستقبلي، أوضح الفارسي أنه “تم وضع برنامج طموح، في إطار سياسة المدينة للتأهيل الحضري”، يضم في الشق المتعلق بالبيئة، تهيئة ساحات عمومية ومساحات خضراء، بكل من شوارع محمد السادس، محمد الخامس، سيدي سعيد، “إضافة إلى إحداث فضاء أخضر بمركز المدينة سيُعتبر متنفسا للساكنة، كما أُنجزت دراسة تهم إنجاز منتزه على مستوى غابة المرابطين، المعروفة بتكانت أوكرام، والبالغة مساحتها نحو 9 هكتارات، وسيضم مرافق رياضية وترفيهية لعموم الساكنة”، يقول رئيس المجلس.

‫تعليقات الزوار

8
  • امازيغ
    الجمعة 29 يوليوز 2016 - 08:20

    عن اي مناطق خضراء تتحذثو و المدينة جلها صفراء من تغلب لون الثراب عليها فاينهي هذه المناطق الخضراء اصلا منذ متى تتوفر بيوكرة عليها

  • from scotland
    الجمعة 29 يوليوز 2016 - 08:31

    يا حسرة على مدينة طنجة …حتى الشاطئ في طريقه الى الاختفاء بسبب الاسمنت

  • ولد القرية
    الجمعة 29 يوليوز 2016 - 09:07

    السلام عليكم وجمعة مباركة
    أنتم عندكم زحف إسمنت اما نحن في قريتنا زحفو سكان احتلوا أماكن العمومية حتى الملعب و الأزقة
    كتشوف أعمدة كهربائية داخل المنازل تجاوزوا الحدود
    ليكون في علمكأخي سلطة في خبارها هاد روينة هي لمدايراها المقدم قال لي فين غادين يسكنو رغم كل الأسرة عندهم 500m و القائد تيقول علاش لجا قبل مني داز و مشى كل واحد بغى يدوز 5سنوات بلا صذاع رأس
    فيدوني خوتي لكان شي حل ولا جهة نمشي عندها يشوفو هاد روينة وترجع القرية كما هي في تصميم
    أخوكم ولد القرية البغيلية القنيطرة

  • Targa
    الجمعة 29 يوليوز 2016 - 09:20

    علاقة المغربي بالاسمنت علاقة معقدة وتحتاج الى دراسة أكاديمية، ومهما كانت النتيجة فالمستفيد الاول هو الشركات المحتكرة للقطاع والتي تستورد النفايات السامة لحرقها وخنق البشر والحيوان قبل طحن الحجر ومنافسة الشجر والتضييق عليه
    اما علاقة المغربي بالاسمنت فالغريب الكل يستثمر في الاسمنت الى درجة أنك تجد من يقارن أجرته بعدد أكياس الاسمنت أو عدد الطوب الذي يمكن شراؤه.
    وبدل التفكير في بناء العقول ها نحن نواصل بناء الجدران وهدم الطببعة بالاسمنت ومخلفاتها بطرق مباشرة وغير مباشره.

  • مهتم
    الجمعة 29 يوليوز 2016 - 13:04

    بيوكرى وليس بيوكري, وتعني ذات الأبواب بالأمازيغية وليس ذات الضفادع كما يذهب الى ذلك البعض, حاضرة اشتوكة أيت باها ذات التاريخ العريق المدينة الواعدة التي تسير فيها عجلة التنمية كما ينبغي. الحذر كل الحذر من الهوامش التي ينبغي ايلاء الاهتمام لها والتي تعرف زحفا واستقطابا مهولا للساكنة الجديدة بحثا عن لقمة العيش بالمزارع والمصانع المجاورة.

  • morad MTL
    الجمعة 29 يوليوز 2016 - 13:23

    لن تخرج بيوكرى عن الاستثناء فالحسابات الحزبية التي اخرت جل جماعات الجهة ستظل

  • جهاد
    الجمعة 29 يوليوز 2016 - 13:56

    أشكر هسبريس على مبادرتها ﻻنه ﻻول مرة تتطرأ لهذ ا الموضوع و لكن للولى تتقاطب الشكايات. لدينا الامية في المجالس البلدية و الرشوة تعم في وزارت و التجهيز و المكاتب التقنية و قلة الآراء.

  • ايت زهرا
    الجمعة 29 يوليوز 2016 - 16:31

    عصابة التعمير المعروفة عند الكل في مدينة بيوكرى اوجدت الطرق الملتوية بواسطة المحترفين المزورين منهم كبار وكبيرهم الذي يتحكم في كل شيئ حيث اصبحت كلمته هي الأولى عند الكبار ؟؟؟؟؟؟؟ شكرا لك استاذي نايت القاضي

صوت وصورة
نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء
الخميس 28 مارس 2024 - 15:40

نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء

صوت وصورة
ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال
الخميس 28 مارس 2024 - 15:00 1

ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال

صوت وصورة
الأمطار تنعش الفلاحة
الخميس 28 مارس 2024 - 13:12 2

الأمطار تنعش الفلاحة

صوت وصورة
حاجي ودمج الحضرة بالجاز
الخميس 28 مارس 2024 - 12:03

حاجي ودمج الحضرة بالجاز

صوت وصورة
أجانب يتابعون التراويح بمراكش
الخميس 28 مارس 2024 - 00:30 4

أجانب يتابعون التراويح بمراكش

صوت وصورة
خارجون عن القانون | الفقر والقتل
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:30

خارجون عن القانون | الفقر والقتل