تَغَزُوتْ نواحي أكادير .. شجرة الجَمال لا تخفي غابة الإهمال

تَغَزُوتْ نواحي أكادير .. شجرة الجَمال لا تخفي غابة الإهمال
الجمعة 21 أبريل 2017 - 13:25

أن تزور أكادير دون أن تعرج على تَغَزوت، فحتما زيارتك تستلزم الإعادة والتكرار؛ كمن حجّ البيت دون أن يؤدي أحد الأركان، لأنك حرمت نفسك من رؤية مشاهد التقاء البحر بالجبل..تمر بـ”أَفتَاسْ”، تتناول بعض السمك الطري الذي اصطادته للتو أيادي صيادين تقليديين من المحيط الأطلسي.. تمر من أزقة ضيقة وأنت تقابل سياحا من جنسيات مختلفة وبائعين بشوشين، ورياضيين محترفين وهواة، يركبون الأمواج ويقدمون لوحات مجانية رائعة، ومنازل ومحلات تجارية تشجّعت أكثر من اللازم، وبدأت تنافس البحر في مجال نفوذه، دون خوف أن يلتهمها يوما.

ذكرى مخيم شهير

قد تعني تَغزوت للبعض ذكرى أوقات ممتعة في صيف مضى على شاطئ يملك مقومات خاصة، أو تعني حبا جارفا بدأ غير بعيد عن موجات الأطلسي؛ قد تعني لآخرين ليلة صاخبة في شقة متواضعة مع ما تيَسّر من الممنوع، قبالة موجات لا تعرف وقتا للهدوء والسكينة..قد تعني غداءً لذيذا بفواكه البحر في “أفتاس”، أو طبقا شهيا في محلات مركز تغزوت، أو حتى في النقطة المعروفة بـ”الـ25 كيلومتر”.. قد تعني لك ذكريات سيئة نغصت عليك ختام يوم جميل قضيته في موقع عالمي، بقضائك أزيد من أربع ساعات من الانتظار وسط السيارات والآليات بسبب الاكتظاظ في مسافة لا تتجاوز 20 كيلومترا بين تغزوت وأكادير.

وقد تعني لك تغزوت أشياء أخرى، بَقيتَ تحتفظ بها لنفسك كتمائم مقدسة؛ لكنها تعني لعدد كبير من الأطر ذكريات قديمة في مخيم دولي شهير، بُني قبل منتصف القرن الماضي لتكوين أطر الشبيبة والرياضة..يقصده الأطر والأطفال من المغرب وأحيانا من دول أخرى، لقضاء فترة بنكهة المرح، وهو الذي تم هدمه بشكل نهائي لضم المكان إلى مشروع سياحي ضخم، التهم المركبات الثقافية والتربوية دون تعويضها ولو في مكان آخر.. وبقيت تغزوت بدون ذاكرة، بدون مخيم، ولا مركب ثقافي، ولا نادٍ نسوي، ولا خزانة، ولا أي معلمة ثقافية أخرى.

نقص في الأمن

تقع بلدة تَغَزوت على بعد 21 كيلومترا تقريبا من مركز أكادير شمالا، تأسست بها جماعة قروية سنة 1992، تضم 49 دوارا..عدد سكانها 5260 نسمة حسب الإحصاء الرسمي الأخير.

يبلغ عدد سكّان المركز قرابة 2000 شخص فقط، لكن العدد يتضاعف مرات كثيرة في فترات السياحة، خاصة أن تغزوت مكان سياحي يغري بزيارته ليس فقط السياح الأجانب الذين يأتون من مختلف بقاع العالم للاستجمام وممارسة ركوب الأمواج، بل جحافل المغاربة القادمين من نواحي أكادير ومن باقي مدن المغرب في العطل الصيفية ونهاية الأسبوع، ما يخلق بعض المشاكل.

“تنتشر السرقات والاعتداءَات والعراك عندما يكثر الزوار، وينتشر تناول المخدرات والخمور والكثير من الضجيج”، يقول محمد أيت إدير، رئيس جمعية أفتاس تغزوت، في حديث إلى هسبريس، ثم يضيف: “عدد رجال الأمن قليل مقارنة بالعدد الكبير من السياح الذي تستقبله تغزوت في الصيف مثلا. وسبق أن وجهنا ملتمسات كثيرة للسلطات الوصية وشكايات عديدة بخصوص ما تتطلبه الوضعية الأمنية لتغزوت، ولا مجيب إلى حد الساعة”.

مسألة غياب الأمن ينفيها محمد بوهريست، رئيس جماعة تغزوت، الذي أكد في معرض رده على أسئلة هسبريس الإلكترونية أن “رجال الدرك يقومون بواجبهم وزيادة”، وزاد: “العراك يسببه من يقبلون على كراء الشقق للعزاب..وقد طلبنا منهم أن يجعلوا بيوتهم في متناول المتزوجين فقط، لأنهم أكثر ميلا للهدوء والاحترام، عكس بعض العزاب..يكتري الشقة شخص واحد ويستغلها عشرون شخصا”.

المتحدث نفسه أكد أن “المجتمع المدني عليه أن يخرج من قوقعة التشكي والتذمر وأن يبادر ويقدم مقترحات”، مضيفا: “مشكل الأمن والنظافة يتقاسمه الجميع، ولا نعانيه شتَاءً، إذ أغلب السياح من أوروبا والدول المتقدمة، لأن السائح الأجنبي يحترم الجميع والفضاء”.

ركمجة وروائح

هناك مواقع عالمية صنّفت منطقتي تغزوت وأورير من أفضل المواقع لمزاولة رياضة ركوب الأمواج؛ ذلك أن محبي هذه الرياضة يمكنهم أن يمارسوها على طول السنة، وليس لفترة قصيرة منها. كما أن تغزوت تتوفر على 7 مناطق لهذه الرياضة التي تعتبر قلبها النابض، ومما ينبني عليه اقتصادها وسياحتها.. مناطق معروفة عالميا بأسماء من قبيل “Anchor point” و”La source ” و”Spot25″ و”Madraba” ونقاط أخرى شهيرة.

الذين زاروا تغزوت قبل سنوات يشمئزون من الرائحة الكريهة التي تنبعث من بعض المجاري، وينغص عليهم ذلك استمتاعهم بمناظر بحرية وجبلية غير متكررة، خاصة أن البلدة السياحية الشهيرة إلى حد الساعة لم تربط بشبكة الوادي الحار؛ لكن الذين عادوا إليها مؤخرا قد يلاحظون تحسنا في هذا الأمر؛ ذلك أن الكثير من تلك المجاري العادمة قد اختفت، في حين مازال “واد من الفضلات” يصب في البحر في الجهة الشمالية لتغزوت، في انتظار أن يتم ربط المنازل بشبكة التطهير الصحي، خاصة أن الأشغال بدأت في هذا المشروع.

“تم الشروع في ربط منازل تغزوت العليا، وفي ظرف أشهر قليلة سيتم حل هذه المعضلة، إذا لم تظهر مشاكل غير متوقع “، يقول محمد بوهريست لهسبريس، ثم يضيف: “لا يمكن أن نحاسب على أخطاء ورثناها عن سنوات تعاقبت فيها مجالس على تسيير الجماعة.. وأنا أسير المجلس الجماعي رفقة آخرين منذ سنة فقط. لكننا عازمون أن تكون ولايتنا هذه متميزة، وعاهدت الساكنة أن أنجز مشاريع تستحقها تغزوت لتكون بحق في مستوى انتظار الساكنة والزوار، ومن بينها ربط المنازل بشبكة التطهير السائل”.

مشاريع ومشاكل

يؤكد رئيس جماعة تغزوت أن البلدة التي يرأس مجلسها الجماعي مقبلة على أزهى أيامها؛ ذلك أن هناك مشاريع مبرمجة، بعضها سيبدأ الشروع فيه هذه الأيام، “كإعادة تهيئة مركز تغزوت الذي سيكلف غلافا ماليا قدره ملياران و300 مليون سنتيم، بشراكة مع قطاعات حكومية عديدة”، و”مشروع تهيئة نقط تفريغ الصيد التقليدي أَفْتَاس، وتهيئة المخيم الدولي أبودا بمليار و300 مليون، بمساهمة من صندوق التنمية القروية وبعض الخواص، تهيئة شاطئ “25 كيلومتر”، وشق شبكة من الطرق نحو مداشر الجماعة”؛ وغير ذلك من المشاريع التي يصر محمد بوهريست على أن إنجازها سيتم في غضون ولايته الانتخابية.

هذه الأرقام والوعود لم تستطيع إخفاء حنق مجموعة من الجمعويين والمهتمين بشأن تغزوت، الذين يصرون على أن “المجالس الجماعية المتعاقبة على تسيير الجماعة لم تفكر يوما في الاستثمار في الإنسان، خاصة الأطفال؛ ذلك أن البلدة لا تتوفر على أي مرفق ثقافي أو تربوي، خاصة بعد هدم المخيم الدولي”.

كما أن مواطنين آخرين استقت هسبريس آراءهم اتفقوا على أن “المشروع السياحي الكبير الذي مازالت أشغاله مستمرة بالمنطقة، والمنجز على مساحة شاسعة، لم يشغل أبناء المنطقة كما كان منتظرا. كما أن الطريق المدارية التي تم افتتاحها في رمضان الماضي، وإن خففت في اكتظاظ العربات في الطريق، إلا أنها ساهمت في عزلة وحرمان التجار الصغار من زبناء موسميين يتوقفون بتغروت للاستراحة وتناول الطعام وشراء بعض السلع والتذكارات”.

يقول محمد أيت إيدير إن “أغلب المحلات التجارية بتغزوت بنيت فوق أراض عليها نزاع قضائي، والقضية عمّرت طويلا بين بعض الساكنة وورثة القايد أوتكزيرين”، وزاد: “كما أن الوعاء العقاري لتغزوت يحد من تقدمها وتشييد المرافق الضرورية”.

ويزيد أيت إدير، وهو جمعوي من المنطقة، أن “ما تبقى من أراضي تغزوت تم تفويته لإنشاء مشروع سياحي ضخم عليه أن يلتزم بتشغيل كفاءَات المنطقة وشبانها كما تم الترويج لذلك منذ البداية”.

تغزوت في أرقام

تمتد جماعة تغزوت على مساحة 112 كيلومترا مربعا، وعدد سكانها 5260 نسمة حسب إحصاء 2004، موزعين على 1282 أسرة بـ49 دوارا قرويا. وحسب الإحصاء الأخير فنسبة الأمية تبلغ عند البالغين 69% تقريبا (53% عند الذكور و85% عند الإناث)، ونسبة تمدرس الفتيان تبلغ 70،75%، والفتيات 20%.

توجد بالمنطقة 3 مجموعات مدرسية، وثانوية إعدادية وحيدة اختير لها اسم “نابلس”؛ كما يوجد بها مركز صحي وحيد وصيدلية وحيدة، وأزيد من 50 محلا تجاريا، ومحطـــة سياحية علــــــى مساحة 650 هكتارا في طور الإنجاز.. لا وجود لحمام، ولا لوكالة بنكية، ولا لسوق، أو محطة طرقية.

تتوفر تغزوت على مرفأ للصيد التقليدي؛ يشتغل به 400 بحار بـ170 قاربا تقريبا، إلا أن العدد تقلص في السنوات الأخيرة، ليصل إلى أقل من 300 بحار وأقل من 100 قارب، بسبب ظهور أنشطة أكثر ربحا، وانقراض أنواع من الأسماك، وصعوبة ظروف الاشتغال، حسب إفادة صيادين لهسبريس.

‫تعليقات الزوار

13
  • أكاديري
    الجمعة 21 أبريل 2017 - 13:42

    تاغازوت جنة لا يعلم قيمتها إلا محبوا الطبيعة والشمس والشراطئ وكل ماهو جميل . شمس صاطعة . بحر رائع .جو معتدل . سكان طيبون ……

  • Khalid
    الجمعة 21 أبريل 2017 - 14:55

    Maintenant j'ai bien compris pourquoi lès touriste vien chez nous c'est juste pour nous f.,.,.,je crois que tout le monde a compris as que je voulais dire merci de publier mon message , j

  • farid
    الجمعة 21 أبريل 2017 - 15:02

    تغازوت ،أورير،إيموران،إيموزار،براديز،أغروض،إيمي ودار،أكادير اوفلا…..،مناطق طبيعية لا أستطيع تعدادها،كلها تعرضت للإهمال ،ولم تسلم حتى مدينة اكادير التي كانت أجمل الحواضر،السياح الاجانب يعبرون عن سخطهم كيف لدولة التفريط في منطقة غنية بالثرات والطبيعة وطقس وبحار قل نظيرهم

  • hamid
    الجمعة 21 أبريل 2017 - 15:09

    اتشرف اني قضيت اسبوعين من حياتي القصيرة داخل اسوار ذلك المخيم الرائع، ذلك رغم الذكريات القليلة التي لا ازال اتذكرها عنه لأن تلك الزيارة كانت قبل 11سنة

  • رشيد
    الجمعة 21 أبريل 2017 - 15:14

    تعني تَغزوت للبعض ذكرى أوقات ممتعة في صيف مضى على شاطئ يملك مقومات خاصة، أو تعني حبا جارفا بدأ غير بعيد عن موجات الأطلسي؛ قد تعني لآخرين ليلة صاخبة في شقة متواضعة مع ما تيَسّر من الممنوع،

  • lmkhntr
    الجمعة 21 أبريل 2017 - 15:16

    Tarazoute est une très belle plage , située a 15 km d Agadir , cependant elle a perdu son charme depuis l'arrivée de ces grands projets . certains coins sont sales , le stationnement est a 10 dh et si tu veux pas payer , le gardien de tarazoute parking lance ses insultes , domage le coté sauvage qui fait le charme de tarazoute n est plus là.

  • maghribi
    الجمعة 21 أبريل 2017 - 15:38

    La ville d'agadir a été negligée ces dernières années à tous les niveaux

  • ilyas
    الجمعة 21 أبريل 2017 - 15:44

    تَغزوت ذكرى أوقات ممتعة تم حبا جارفا بدأ غير بعيد عن موجات الأطلسي؛ قد تعني لآخرين ليلة صاخبة في شقة متواضعة مع ما تيَسّر من الممنوع، وصف في محله، كانت أوقات جميلة يختلط فيها السائح المغربي بلاجنبي، رغم صعوبة التنقل وتعرقل حركة السير لساعات حتى يضلم الليل، حينها لم تكن ضاهرة التشرميل متفشية، تحس ببعض من الأمان، أما الأن الكل فيه الجشع من أصحاب سيارات التاكسي إلى المقاهي مروراً برجال السلطة وركن السيارات.اعطي تاغازوت للإسبان لتصبحن وجهة سياحية دإعت الصيت مثل نيس،مايوركا، ميامي ..أما حنا يبقى لينا التشرميل.

  • idane
    الجمعة 21 أبريل 2017 - 15:56

    mr ait idar a bien raison, l ete dernier la station balneaire taghazout etait pleine au point que des personne passait la nuit sur la plage alors que le membre de la gendarmerie ne depassait pas 6 personne 4 a l entree et deux dans la petite ville

  • التمسماني
    الجمعة 21 أبريل 2017 - 16:35

    أغلب مطاعم تاغازوت لا تتوفر فيها شروط النظافة، إضافة إلى الروائح الكريهة المنبعثة من مخلفات نقطة بيع السمك القريبة من الشاطئ.

  • fati
    الجمعة 21 أبريل 2017 - 16:41

    taghazout si mon endroit préféré j ai passe labas de très bon moment il ya bcp de chose a dire mais si dommage on a pas chance malheureusement bonjour a tous

  • متتبع
    الجمعة 21 أبريل 2017 - 17:10

    زرتها مر ة مع الاولاد لكن تكرفسنا مع الطريق عند الرجوع إذا أراد المغرب السياحة عليه بإنجاز البنية التحتية والتقليل من مهرجانات الطيح والرديح اي الاستثمار في المشاريع المربحة

  • Farid
    الثلاثاء 25 يونيو 2019 - 10:00

    مع الءسف النظافة منعديمة عند المسلمين البينة التحتية بخارج المدينة كريثة

صوت وصورة
شراكة "تيبو أفريقيا“ وLG
الجمعة 29 مارس 2024 - 11:43 1

شراكة "تيبو أفريقيا“ وLG

صوت وصورة
احتفاء برابحة الحيمر في طنجة
الجمعة 29 مارس 2024 - 10:03

احتفاء برابحة الحيمر في طنجة

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 4

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 3

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 4

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات