"مساحيق التصبين" تهدد مياه واد مضايق تودغى بكارثة بيئية

"مساحيق التصبين" تهدد مياه واد مضايق تودغى بكارثة بيئية
السبت 16 شتنبر 2017 - 03:35

تعرف واحات تودغى، الواقعة على طول الواد القادم من مضايق تودغى العالمية بتنغير والتي تمثل إرثا تاريخيا وإيكولوجيا مهما، حالة من التدهور، بسبب غياب الرقابة البيئية وتزايد عدد الأفراد الذين يستعملون مياه الواد في غسل الملابس والأغطية والسيارات؛ وهو ما تسبب في تقلص ثروة النخيل والأشجار والنباتات في هذه المنطقة ذات المقومات السياحية الكبيرة.

تشكل هذه المنطقة، التي يلقبونها بالجوهرة السياحية الطبيعية المكونة من أشجار النخيل ومياه صافية تجري على طول أيام السنة بواد تودغى، إحدى أجمل اللوحات البيئية بإقليم تنغير؛ فهي تتوفر على المياه والتربة الخصبة والمناظر الخلابة التي تصنعها بناءات القصبات التي تعود إلى عقود من الزمن، ما يجعل السياح الأجانب يجدون فيها ضالتهم بسبب الأجواء المنعشة داخلها والتي تعد متنفسا للزائرين، لا سيما في فصل الصيف.

وخلال الجولة الاستطلاعية التي قامت بها جريدة هسبريس الإلكترونية إلى المنطقة، أكد عدد من أبناء المنطقة خصوصا أولئك الذين يتوفرون على منازل الضيافة السياحية والمقاهي والفنادق بالقرب من الواد المذكور، أنهم يواجهون كارثة بيئية خطيرة، تتعلق بمياه الصرف الصحي الذي “يصب” في الواد، وتزايد عدد النسوة اللواتي يستعملن مياه الواد لغسل الملابس والأغطية؛ وهو ما يضع صحة المواطنين والأشجار والحيوانات في خطر محدق إذا لم تتدخل السلطات الأمنية والسلطات الإقليمية والجهات المكلفة بحماية البيئة من أجل وقف هذه الأفعال والتصرفات غير القانونية، وفق تعبيرهم.

ودق العديد من أرباب المقاهي ودور الضيافة السياحة الموجودة على طول الواد المذكور ناقوس الخطر إزاء التلوث الكبير الذي لحق مياه الواد، خصوصا بعد تسرب المياه العادمة في بعض الأماكن، وكميات كبيرة من المساحيق الخاصة بالتصبين، حيث يتحول الواد يوميا إلى شبه بركة من المياه الملوثة ذات الألوان المختلفة؛ وهو ما يهدد الإنسان والشجر والحيوانات والطيور بالانقراض، في حالة عدم تدخل المصالح المختصة لمنع استعمال مياه الواد في الغسيل.

كما أكد العديد من السكان القاطنين بالدواوير التي يخترقها واد مضايق تودغى، في حديثهم مع هسبريس، رفضهم للتلوث الحاصل على مستوى هذا الواد، جراء تسرب كميات كبيرة من المياه الملوثة بداخله، مشددين على أنه بات يؤرقهم خصوصا أنه بات يهدد الثروة الحيوانية والأشجار وبعض أصناف النباتات التي توجد على ضفاف الواد بالمنطقة.

وطالب هؤلاء المتضررون الجهات الوصية بوقف الاعتداء الصارخ ضد المحيط البيئي بالمنطقة، مذكرين أن الأمر بات يهدد المنطقة بكارثة إيكولوجية جد خطيرة، نظرا إلى غياب الجهات المسؤولة عن البيئة للقيام بدورها وحث الساكنة على عدم استعمال مياه الواد في غسل الأغطية والملابس بالمساحيق “الكيماوية”.

كما نبه المتضررون إلى ضرورة التعامل مع هذا المشكل البيئي بالجدية المطلوبةمن قبل السلطات الإقليمية والسلطات الأمنية وتحرير محاضر رسمية في حق كل من سولت له نفسه أن يلوث مياه الواد المذكور.

وأوضح المتحدثون أن بوادر التلوث بدأت من خلال تلوث بعض البرك المائية الراكدة بجنب الواد، مبرزين أنهم اخطروا الجهات المسؤولة محليا وإقليميا أكثر من مرة دون اتخاذ الإجراءات والتدابير القانونية المعمول بها، لحماية المحيط البيئي من كارثة بيئية خطيرة غير محسوبة العواقب.

وأضاف المتحدثون أن مياه الواد لم تعد صالحة للاستعمال، وأصبحت تسبب في بعض الأمراض الخطيرة للأشجار والنباتات.

من جهتها، وجهت حبيبة عزى، من ساكنة تزكي، في حديثها لجريدة هسبريس الإلكترونية، أصابع الاتهام إلى الجماعة المحلية لتودغى العليا والسلطة الإقليمية والسلطات الأمنية المكلفة بالبيئة، في ما قالت عنه “إن المنطقة تعيش كارثة بيئية إيكولوجية خطيرة وأمام أنظار المسؤولين الذين عينهم الملك”، مؤكدة أن “واحة النخيل بدأت في العد العكسي للزوال، بسبب بعض الأمراض التي تسببها المياه الملوثة بكميات مهمة من مساحيق التصبين”.

وتساءلت السيدة ذاتها البالغة من العمر 52 سنة: “كيف للمخزن أن يصمت أمام كارثة بيئية محتملة من شأنها أن تزعزع الاستقرار البيئي بالمنطقة”، و”لماذا التزمت الجماعة الترابية لتودغى العليا والسلطات الوصية الصمت أمام هذا الوضع المقلق”، “هل هو اعتراف بفشلهم في تدبير الأمور المسندة إليهم أم قلة الاهتمام بحياة المواطنين”، هي أسئلة قالت عنها المتحدثة إنها أسئلة ينطق بها لسان حال جميع السكان خصوصا السياح المتوافدين على المنطقة، مسترسلة أن هؤلاء الآخرين يتحسرون كلما عاينوا هذه المشاكل التي تضر بالبيئة، مختتمة قولها بتوجيه نصيحة إلى الجهات الإدارية والمنتخبة المسؤولة: “قوموا بواجبكم واحموا البيئة أو اتركوا استقالاتكم ليلا وغادروا قبل طلوع الشمس”.

ما قالته السيدة أكده أحد أرباب المقاهي الموجودة بالقرب من مضايق تودغى، حيث فضّل الحديث دون الكشف عن هويته، خوفا من الأذى الذي سيلحقه من قبل بعض الجهات التي قال إنها تتربص دائما بكل من يقول الحقيقة ضدها، مشيرا إلى أن المنطقة لم تعد قادرة على تحمل الكم الهائل من المساحيق التي تستعمل في غسل الأغطية والملابس وسط مياه الواد التي تعد مصدر الثروة المائية الجوفية للمنطقة ونواحيها، مضيفا أن مثل هذه الأمور لا يمكن أن تحدث إلا في منطقة مسؤوليها يتواطأ مع الجهات التي تحاول تخريب الواحة وقتلها، من أجل الاستيلاء والترامي عليها من أجل الاستغناء والاسترزاق.

ودعا المتحدث الجمعيات الوطنية والمحلية المهتمة بالبيئة والمنظمات الدولية إلى زيارة المنطقة للوقوف على معاناة الساكنة مع هذه المشاكل، والضغط على الجهات المسؤولة لتبني مقاربة أمنية صارمة لردع هؤلاء الذين يستعملون مياه الواد في غسل الملابس والأغطية، وحثهم على الحفاظ على الثروة المائية التي يحتاج إليها البشر والشجر والحيوان في الوقت الراهن، وفق تعبيره، مؤكدا أن “الحل الوحيد الذي وضعته الساكنة من أجل الضغط على الجهات المسؤولة لحماية البيئة الخروج إلى الشارع وتنظيم اعتصامات طويلة الأمد”، مضيفا “إنه وبدون هذه الخطوة لا يمكن أن يتغير شيء لأن المسؤولين لم يعودوا يهتمون بشكايات المواطنين”.

وبعد أن تعذر علينا التواصل مع المكلفين بقطاع البيئة، ورئيس المجلس الجماعي لتودغى العليا، نظرا لغياب مصلحة تابعة للوزارة الوصية بإقليم تنغير، ربطنا الاتصال بمسؤول إقليمي، غير راغب في الكشف عن هويته، اعترف بأن المنطقة المذكورة مهددة بكارثة بيئية إيكولوجية خطيرة ستكون لها انعكاسات سلبية، موضحا أن عمالة تنغير ليس بيدها الحل لإنقاذ المنطقة من شبح الكارثة البيئية.

وذكر المتحدث ذاته، في تصريح لجريدة هسبريس الالكترونية، أن المسؤولية يجب إلقاؤها على السلطات الأمنية المكلفة بالبيئة والوزارة الوصية التي أهملت الإقليم ولم تكلف نفسها لتعيين مسؤولين رسميين بتنغير لمواكبة المشاكل والإكراهات البيئية التي تظهر بين الفنية والأخرى.

وشدد المسؤول الإقليمي، غير الراغب في الكشف عن هويته، أن إقليم تنغير يعيش ركودا في جميع المجالات، وبدون زيارة ملكية لن يتغير الوضع وستبقى الساكنة تعاني عقودا أخرى من الزمن، حسب تعبيره.

ولم يخف المتحدث خوفه من تدهور الوضع البيئي بمنطقة مضايق تودغى ونواحيها، مؤكدا أن ذلك سيكون سببا في نفور السياح وإفلاس القطاع التي يعدّ من بين القطاعات المعتمد عليها بإقليم تنغير للرفع من الاقتصاد وإنعاش الشغل.

‫تعليقات الزوار

11
  • وديعه
    السبت 16 شتنبر 2017 - 04:17

    السلام عليكم ….مساحيق الغسيل ، منظفات الارضية ، معطرات الجو !! ارسلتنا هذه الايام الى المستعجلات !!

    اين جمعية حماية المستهلك للبحث في ما اصبحت تصنع هذه المنظفات وخصوصا الارضية من مواد استطيع ان اقول عنها انها اشبه بغازات سامة وليس مواد تنظيف !! وخصوصا في بعض انواع تلك المنظفات ك ( ريو ) .

    نصيحة : انصح ربات البيوت بالابتعاد ما امكن عن هذه المواد فهي المسبب وان ١ !! في الاصابة بفيروس الكبد .

    السلام عليكم

  • العين الثالثة
    السبت 16 شتنبر 2017 - 05:20

    هذا المنظر الساحر الخلاب للنساء وهن يصبنن ويغنين على ضفة الوادي والماء يتدفق رقراقا منعني من التعليق ضد التلوث ومخلفات التصبين، انه منظر فني يغري بالمشاهدة والفن قبل كل شيء .

  • houcine
    السبت 16 شتنبر 2017 - 08:18

    pourquoi ne pas créer des laveries automatiques collective dans ses communes rurales avec accès à des prix symbolique ça fait une économie d'eau et une hygiène parfaite et ça limite la souffrance des ces pauvres populations et la pollution des eaux et c'est aussi une rentrée d'argent pour la commune

  • مهاجر
    السبت 16 شتنبر 2017 - 08:49

    c'est pareil partout au Maroc, agelmam azegza oum rabi3….. che3b nemmm

  • موحا
    السبت 16 شتنبر 2017 - 10:01

    يعتبر هذا المشكل البيئي الخطير ظاهرة جديدة بجميع واحات و أودية المنطقة وحتى السواقي لم تسلم من مساحيق الصابون. و هذا يدل على انعدام الوعي و بداية لتضهور القيم المجتمعية النبيلة بهذه المناطق و بروز جيل جديد لا ينفع لاي شئ. فواد و سواقي اغيل نمكون و ايت زكري دليل اخر لهذا الاستهتار بالطبيعة. و نناشد السلطات المكلفة بالبيئة للحد من هذا التسيب.

  • أمازيغي باعمراني عبدالله
    السبت 16 شتنبر 2017 - 10:04

    هذه هي عقلية الساكنة يقومون بتصبين جميع ملابسهم وأغطيتهم بالوادي ولا يفكرون بالمخلفات الضارة وتوجد مثل هذه التصرفات في الكثير من الأودية والمنابع كشفشاون ووادي أم الربيع مافيهم ما يسكيوا بالسطل ويصبنوا بعيد على الواد هادو خاصهم الزجر والغرامات.

  • الحريري
    السبت 16 شتنبر 2017 - 10:12

    السلام عليكم.
    ضربتو الحسبة الواد او ماضربتوش الحسبة لهادوك الناس يبقاو متسخين.
    ديرو ليهم مكان معد للصابون كحفر ابار او رشاشات قريبة من منازلهم و من تم منعوهم بعدم الالتحاق بالواد.كتفضلو بنادم يبقى موسخ او مايركبش حتى هو على سيارة جديدة بحالو بحال اهل فاس.

    والسلام.

  • دموع شلال _دوىيس_
    السبت 16 شتنبر 2017 - 10:23

    قسما بالله العلي العظيم أن هذه البلد الحبيبة خسااااارة كبيرة فينا نعم فينا كمغاربة لا داعي أن ندكر أي مسؤول أو مدفون …. فقد صبرت بما فيه الكفاية على قوم لا يكترتون لعضمة و روعة جمالها و يهتمون للحفاظ عليه غير الأجانب الدين يعرفون قيمتها و يستسخرونها فينا نعم إنها الحقيقة …. و لا داعي أن نستغرب يوما إذا انفجرت أو زلزلت فوق رؤوسنا حينها لا داعي للبكاء أو لعواء و لا لإضراب أو تدخل السلطات الإقليمية و الجهات المكلفة لحماية البيئة و لا هم يحزنون، فبدون بيئة سليمة لا أعتقد أن يكون هناك مخلوق سليم أو على الأرجح لن يكون هناك مخلوق أصلا…. ااااااااخ

  • ahmed
    السبت 16 شتنبر 2017 - 10:33

    Ça va suivre la restauration des kasbahs un beau jour y aura des gens blancs qui nous dicteront comment sauver nos oisis et on dira merci. par ce que malheureusement nous sommes fait comme ça.

  • WARZAZAT
    السبت 16 شتنبر 2017 - 15:41

    المشكل هو إنعدام شبكة واد الحار التي تعالج المياه الوسخة. هذا ليس مشكل الواحات فقط و لكن مصيبة المغرب كله. فكرة لو تأسس مصابن جماعية في الحمامات و الدكاكين و حتى المساجد و المدارس تستعمل صابون ايكولوجي فقط و تعالج مياهها الوسخة بنفسها و تكرر استعمالها دون الحاجة الى شبكة المياه و واد الحار.

    تودغة تعاني من الاكتظاظ. الكثافة السكنية فوق مدينة تنغير تصل إلى تلك في طوكيو. كلها قرى عشوائية تنعدم فيها واد الحار و الطرق و مجال للسكن و اللعب. الحل الوحيد هو ترحيل كل الناس منها و توطينهم في السهول الشاسعة على طريق الرشدية و ورزازات في مدن نموذجية و إصلاح القصبات القديمة و إعلان الواحة منزه وطني للسياحة المستدامة و الفلاحة الايكولوجية….مخطط كان سينجز في أي بلد متحضر لكن إنه المغرب.

  • Hammou
    السبت 16 شتنبر 2017 - 19:07

    لحماية البيئة الخروج إلى الشارع وتنظيم اعتصامات طويلة الأمد"، مضيفا "إنه وبدون هذه الخطوة لا يمكن أن يتغير شيء لأن المسؤولين لم يعودوا يهتمون بشكايات المواطنين".،،،،علاه شكون لكيصبن في الواد ،راه غير الساكنة،ولا شقوم جاء من المريخ.

صوت وصورة
هلال يتصدى لكذب الجزائر
الخميس 18 أبريل 2024 - 13:45 3

هلال يتصدى لكذب الجزائر

صوت وصورة
مع المخرج نبيل الحمري
الخميس 18 أبريل 2024 - 13:17

مع المخرج نبيل الحمري

صوت وصورة
عريضة من أجل نظافة الجديدة
الخميس 18 أبريل 2024 - 12:17 3

عريضة من أجل نظافة الجديدة

صوت وصورة
"ليديك" تثير غضب العمال
الخميس 18 أبريل 2024 - 11:55 1

"ليديك" تثير غضب العمال

صوت وصورة
المعرض المغاربي للكتاب بوجدة
الخميس 18 أبريل 2024 - 01:29

المعرض المغاربي للكتاب بوجدة

صوت وصورة
بعثة أسترالية تزور مركز "تيبو"
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 21:45

بعثة أسترالية تزور مركز "تيبو"