في سابقة من نوعها، قدم مجموعة من النشطاء بمدينة المحمدية طلب “إحاطة علما” للمجلس الجماعي قصد تدارس مجموعة من الملفات في الدورة العادية لشهر أكتوبر التي سيتم استكمال نقط جدول أعمالها يوم الأربعاء.
وقدم النشطاء الجمعويون، الذين سبق لهم خوض وقفة احتجاجية ضد مسؤولي الشأن المحلي، مجموعة من النقط الاستعجالية لتدارسها في الدورة، غير أن حزب العدالة والتنمية الذي يقود المجلس أدار ظهره لها ولم يعرها اهتماما.
وكشف أعضاء المبادرة، الذين يلقبون بـ”مجموعة 17 غشت”، أن مستشاري الاتحاد الاشتراكي والأصالة والمعاصرة والتجمع الوطني للأحرار رحبوا بـ”إحاطة علما”، غير أن مستشاري العدالة والتنمية لم يتفاعلوا معها.
ونفى أعضاء المجموعة المذكورة أن تكون مبادرتهم موجهة ضد رئيس المجلس الجماعي، مصطفى عنترة، مؤكدين أنها موجهة إلى جميع المسؤولين، منتخبين وسلطات وإدارات بالمدينة.
وقال كمال لعزير، فاعل جمعوي عضو بمجموعة 17 غشت، في تصريح لهسبريس، إن “هذه الخطوة تأتي تثمينا لخطاب الملك الذي ينص على ربط المسؤولية بالمحاسبة وتحكيم الضمير المهني والسهر على راحة المواطنين، ومن لم يستطع فعل ذلك ما عليه إلا تقديم استقالته”.
وأشار المتحدث إلى أن الهدف من وراء ذلك هو “إيصال صوت الساكنة إلى المسؤولين لكي يعلموا أن المجتمع المدني يعي جيدا ما له وما عليه”.
من جهتها، الناشطة الجمعوية صوفيا البوستاني، قالت إن “الإحاطة التي استحسنها جل الحضور وكذا فرق الأغلبية والمعارضة، كان من أولوياتها إخراج لجنة هيئة المساواة وتكافؤ الفرص ومقاربة النوع التي طال أمدها إلى حيز الوجود”، كما أننا “تطرقنا فيها إلى ملف الغبار الأسود الذي يقتل الساكنة رويدا رويدا”.
وطالب النشطاء في “إحاطة علما” المجلس الجماعي بالعمل على محاربة الغبار الأسود ورفع كل أضراره على ساكنة المحمدية، مؤكدين أنهم ليسوا “مع النظرة التجزيئية والانتقائية لملف معالجة إشكالية البيئة والتلوث بتراب العمالة بالنظر لأبعاده القانونية والحقوقية”.
كما طالبوا بـ”تسريع تفعيل ودمقرطة هيئة المساواة وتكافؤ الفرص ومقاربة النوع، وتسريع تفعيل برنامج عمل الجماعة بمقاربة تشاركية فعلية مع جمعيات المجتمع المدني، وتسريع واستكمال إنجاز وإخراج نتائج لجنة تقصي الحقائق بالمجلس الجماعي وفقا للمادة 215 من القانون التنظيمي للجماعات الترابية 14-113″.
وشدد هؤلاء على ضرورة “تفاعل كافة الأطراف المشكلة للمجلس الجماعي مع مطالب المجتمع المدني المحلي، وفقا لما نص عليه الدستور”.
وسبق لمجموعة 17 غشت أن دعت، خلال وقفة احتجاجية سابقة، المنتخبين إلى عدم “تضييع مصالح الساكنة بسبب الخلافات السياسية التي طالت بين الفرقاء السياسيين المكونين للتحالف الأغلبي، وضعف المعارضة السياسية بالمجلس الجماعي للمدينة، وتفرج السلطة المحلية على هذا الوضع، مما خيب أمال وانتظارات الفاعلين وعموم المواطنين في الوعود والالتزامات التي قدمت لهم أثناء الحملات الانتخابية”.
كما احتجت على “إطلاق يد لوبيات العقار واستغلال المرافق العمومية، الجماعية منها على الخصوص، لتحصيل ثروات مالية غير مشروعة، على حساب حقوق الساكنة المختلفة، دون احترام القرارات الجبائية التي تستفيد منها الجماعة، ودون احترام القوانين الجارية المتعلقة بالصفقات العمومية وبالبيئية والملك العمومي البري والبحري والغابوي”.
أصبحت الأزبال والنفايات المنزلية أهم مشكل يقض مضاجع ساكنة المحمدية ويفسد جمالية نهار هذه المدينة السياحية الجميلة ويؤرق سكون ليل قاطنيها، بل يهدد صحتهم وسلامتهم خصوصا الأطفال منهم. ورغم محاولات مواطنيها من مناضلي وهيئات المجتمع المدني وكذا المواطنين البسطاء لإثارة انتباه المجلس البلدي والسلطات والجهات المعنية للظاهرة وإشعارهم بخطورة آثارها السلبية على صحة وسلامة الساكنة وعلى وضع المدينة السياحي والاقتصادي إلا أن كل المحاولات لم تجد صدى ولا تجاوبا.
«مدينة المحمدية تعاني من المشاكل البيئية بسبب الشركات التي تساهم في التلوث. والساكنة تؤدي ضريبةهذا التلوث الذي يستفيد منه المسيرون الذين لا يقطنون مدينة المحمدية، لأنهم عابرون إلى السلطة. لذلك نستنكر ونقول للمجلس البلدي : (ارحل ارحل ارحل…). مدينة المحمدية كلها أصبحت مزبلة بسبب سوء تدبير رئيس هذا المجلس الذي يضم أناسا دون المستوى… فكيف يعقل أن يفسخ رئيس هذا المجلس عقدة حول النظافة مع إحدى الشركات وهي «سيطا» دون أن يكون لديه البديل. ويجعل المدينة تتخبط في العشوائية. طبعا، لأن الرئيس لا يهمه أمر ساكنتها ولا الأخطار التي تتعرض لها بسبب التلوث!… ونحن كسكان أصبحنا نخجل من الزوار الذين يفدون على المدينة. إنها مدينة عشقها الناس وأتوا ليقطنوا فيها، لكنهم مريضوا وعانوا فيها. والطامة الكبرى هو ما عاشته المدينة في عهد الرئيس الحالي، حيث تعرف جميع الأحياء تراكم الأزبال طيلة الأسبوع. ونحن نستنكر ذلك ونطالب برحيل هذا الرئيس وطاقمه».
من الرماد تنبعث جمرة لتوقد نار موقد الدار.
إنهم ثلة ممن يحلمون بغد أفضل واسترجاع أمس مدينة صارت من التاريخ. كل الحضارات الحديثة تبني ذاتها على التجديد إلا حالنا نبكي أمسا ضائعا، وسط بيئة غير سليمة.
يلجأ السكان الى وسائل حضارية وقانونية لإثارة انتباه المسؤولين ا لوضعية المدينة، التي للأسف، ألف السكان واقعها المرير. لكن يتم التعامل معها بالتجاهل أو تسخير من يتحركون بالأوامر طعنا أو تبخيسا أو بهتانا مظهرين أنفسهم مدافعين عن المدينة ويمثلون أدوارا، ألفوا لعبها.
لقد خصص الدستور فصولا عديدة لأول مرة للديمقراطية التشاركية كمدأ جديد لتتبع وتنفيذ وتقييم السياسات العمومية، يجب على المسؤولين المحليين مأسسة آلياتها وتمكينها من لعب أدوارها كاملة. وقد نظمتها قوانين ذات الصلة.
لكن الجهل أو سوء التسيير أو المصلحة الضيقة تقف ضد الأدوار التي من المفروض أن يلعبها المواطنون والمجتمع المدني.
بالأمس كانت الوقفة واليوم إحاطة علما وغدا يجب التعاطي مع المطالب بجدية، فالمدينة تحتاج لمسؤولين متفاعلين مع الساكنة والهدف الصالح العام. فالمدينة تئن وتستنجد بعقلائها، فأنصتوا لهم.