مستعملو الطب النفسي يبحثون عن فسحة أمل بين التنميط والواقع

مستعملو الطب النفسي يبحثون عن فسحة أمل بين التنميط والواقع
الجمعة 24 أكتوبر 2014 - 03:32

بوجه صبوح وملامح منتشية بزهوة الانتصار على المرض، تحدث عمر، شاب في عقده الثالث، مر من أزمة نفسية صعبة نتيجة إصابته بالفصام، جعلته يفكر كثيرا في الانتحار، بكلمات واثقة ليكشف بعفوية عن معاناة مسكوت عنها لفئات من المجتمع بسبب معاناتها الكبيرة مع المرض النفسي.

ففي احتفالية باليوم العالمي للصحة النفسية، الذي يصادف العاشر من شهر أكتوبر نظمتها مؤخرا الجمعية المغربية لمستعملي الطب النفسي وجمعية “أملي” لعائلات المصابين بأمراض نفسية، وصف الشاب البشوش معاناته قبل سنوات مع مرض الفصام، الذي جعله “يعيش تحت رحمة ألم كبير مستمر في الزمن، إلا في النوم، يخبو لتبرز معاناة أخرى مع اضطرابات النوم، فكرت غير ما مرة في الانتحار، داخليا كنت مقتنعا بأنه ليس الحل، والوازع الديني ساهم في نجاحي في التخلص من هذا الشعور، لاسيما بعد أن خضعت للعلاج”.

حالة عمر تقاس عليها عشرات الحالات، إذ تشير إحصائيات وزارة الصحة في دراسة نشرتها حول أكثر أنواع الأمراض النفسية شيوعا إلى أن مرض الفصام يمس قرابة 1 في المائة من المواطنين، بينما تقدر نسبة الإصابة بمرض الاكتئاب ب 5ر26 في المائة، ويمس النساء أكثر من الرجال، والقلق النفسي والخوف من الأماكن ب8ر12 في المائة لكل منهما، بينما يصل معدل انتشار مرض الوسواس القهري بين المغاربة إلى 6ر6 في المائة، وحالة القلق العامة 3ر9 في المائة، والرهاب الاجتماعي أو”الفوبيا الاجتماعية” 3ر6 في المائة.

تعددت أنواع الإصابة، وتفاوتت نسب انتشار الحالات النفسية، إلا أن المعاناة هي ذاتها، والإحساس بالعزلة والتهميش سواء داخل المحيط العائلي أو المجتمع يوحد بين المصابين . بالنسبة لعمر، فمرضه كان سببا في انعزاله لمدة غير يسيرة عن محيطه وأقربائه، لأن علاقاته خلال فترة الإصابة ” كانت متوترة مع الجميع، حتى مع نفسي، وأفراد عائلتي لم يكن لهم من حيلة، فالمعاناة كانت أكبر من الجميع”.

هي حالة خاصة من المرض تفرض على كل من المريض ومحيطه القريب إدراك الحالة على حقيقتها، وإخضاعها للعلاج الملائم، ما يحتم الاستعانة بمتخصصين ومساعدين لكسر العزلة، والعودة من جديد للاندماج في المحيط والمجتمع.

ولهذه الغاية بادر عمر إلى اللجوء إلى تلقي دورات تدريبية على يد مؤطرين متخصصين في التنمية الاجتماعية مكنته من إعادة تأهيل قدراته التواصلية وترميم علاقاته بأسرته وأصدقائه ليصير قادرا على مواجهة المجتمع، بل والقيام بتأطير أشخاص آخرين يعانون من الحالة نفسها.

وهو ما يؤكده السيد رضوان لطفي، رئيس الجمعية المغربية لمستعملي الطب النفسي، مشيرا إلى أنه “بعد الجهود التي بذلتها معنا جمعية أملي، وبفضل مجموعة من الأطر الصحية والنفسية التي واكبتنا لتحسين قدراتنا في مجال التواصل الاجتماعي، تمكنا من الخروج من حالة العزلة التي كنا نعاني منها بسبب حالتنا النفسية، وقررنا إيجاد إطار ملائم للتعريف بوضعيتنا، وإعطاء صورة حقيقية عن المريض النفسي”.

واعتبر لطفي أن تأسيس والاشتغال من خلال إطار جمعوي مستقل “أسهم نوعا ما في كسر طاقة الصمت المفروضة على المريض النفسي لأسباب اجتماعية محضة، وتقريب عموم الناس بعيدا عن الصورة الكاريكاتورية التي يسم بها المجتمع المرضى النفسيين”، مشددا على أن الرسالة التي يتوخون إيصالها من خلال هذه الجميعة تكمن في “أن المرض النفسي، وإن كان يشكل نوعا من الإعاقة المرضية لصاحبه، لن يعوقه، إن وجد الآذان الصاغية والأيدي الممدودة لمساعدته، عن أن يساهم في تنمية المجتمع”.

وتبقى علاقة المريض النفسي بالمجتمع، ومدى قدرة هذا الأخير على التكفل به وضمان المناخ المناسب لإعادة تأهيله من الأسئلة الكبرى التي يطرحها المصابون بأمراض نفسية، لاسيما في ظل سيادة جملة من الكليشيهات التي تصنف المريض النفسي على أنه فاقد لكل قدراته العقلية، وأنه يشكل أحيانا تهديدا للسلامة العامة للمجتمع.

وفي هذا الصدد أبرزت رئيسة جمعية “أملي” السيدة نعيمة التراشن في حديث مماثل أن تأسيس هذا الإطار “توخى محاربة بصم المرض النفسي، ومحاربة الإقصاء والتهميش الاجتماعي للمرضى، وتحسيس المسؤولين بحقهم في الولوج إلى العلاجات الصحية والمواكبة والدعم النفسي مع العمل على تطوير البنيات التحتية للصحة النفسية، وتوفير فضاء مناسب لتكوين العائلات وتدريبهم على كيفية التعاطي مع المريض، وإحداث هيئات للإدماج الاجتماعي للأشخاص الذين يعانون من المرض النفسي، والبحث عن آليات لتمثيلهم في المؤسسات العمومية أو الخاصة”.

وتضيف أنه بالنظر إلى وضعية قطاع الصحة النفسية بالمغرب، فالحاجة ملحة اليوم إلى “لفت انتباه المسؤولين إلى تطلعات مستعملي الطب النفسي وعائلاتهم إلى علاجات طبية متطورة، والدعم الاجتماعي على اعتبار أن شريحة عريضة من هؤلاء المرضى لا يشتغلون، وبالتالي، لا يتوفرون على أي مورد للرزق”، مبينة أهمية إحاطة المرضى وعائلاتهم بالدعم المعنوي، ومنحهم الثقة في النفس، لضمان تكفل أفضل بصحتهم.

فحينما تضيق الدوائر يبقى البحث عن بقعة ضوء، وإن صغرت أملا يرتجى من قبل المرضى وعائلاتهم، وهو الأمل الذي جعل أم كلثوم، والدة مريض نفسي أنهكتها المعاناة والألم والأبواب الموصدة في ظل مجتمع ما يزال يشعر بالخجل اتجاه الشخص المصاب بالمرض النفسي، تلجأ إلى العمل الجمعوي ضمن إطار يعنى على الخصوص بعائلات المرضى النفسيين لتقديم الدعم لها ومواكبتها في رحلة العلاج والتأهيل.

وتحكي بصوت الأم الموجوعة، التي ترى فلذة كبدها يتوارى خلف حجاب تنكر الأحباب والأصدقاء وعجز الطبيب المعالج عن إخراجه من عزلته ليعانق فسحة الأمل، أن “رغبتها وحماسها، مسكونة بإحساس الأم المرهف والعنيد، في الخروج من حالة العزلة والشعور بالخجل من وجود مريض نفسي داخل الأسرة، كان حافزها للانخراط في العمل الجمعوي بهدف المساهمة في توعية الناس أن المرض النفسي مرض عادي كغيره من الأمراض، لا علاقة له بالصور النمطية السائدة بين فئات عريضة من المجتمع”.

فالعائلات، تضيف أم كلثوم، ” لها تصورات خاطئة عن حقيقة مرض أبنائهن، خاصة الأمهات، اللائي يعشن ويعانين تحت طائلة شعورهن بالذنب والتقصير، لذا فداخل جمعية “أملي” اعتمدنا برامج تكوين خاصة لهذا الغرض من أجل تعريفهن بحقيقة المرض النفسي، وطرق التعامل معه”.

وعن تجربتها الخاصة تبوح أم كلثوم: “حينما مرض ولدي، لم أعرف ما الذي أصابه، طفت به الأولياء والأضرحة معتقدة أن به مسا من الجن، وأصابني حينها شعور بالإحباط لأني ربما قصرت في شيء ما، أو أني لم أعره العناية الكافية لأحميه من المرض، في النهاية التجأت إلى الطبيب، تحسنت حالته، ولأني كنت أفتقر للمعرفة اللازمة في التعاطي مع مثل هذه الحالة، أوقفت له الدواء، لتحصل انتكاسة، وتسوء حالته أكثر من الأول”.. وتزيد: “أريد أن أقول لكل الأمهات أن يعملوا على تحسين مهاراتهن في التعاطي مع الإصابات المرضية، خاصة مرضى الفصام”، مشددة على أنه يجدر بذل كل الجهد لمواكبة الآباء وتلقينهم عبر برامج تكوينية مؤهلة طرقا علمية وطبية للتعرف على الوسائل الناجعة للتعامل مع الأبناء المرضى.

نقص على مستوى المواكبة، وضعف في البنيات التحتية العلاجية، هو ما أكده تقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان أبرز فيه أن مجال الصحة العقلية بالمغرب يعاني من مشاكل كثيرة، منها عدم كفاية عدد الأسرة المخصصة للمرضى، وصعوبة التكفل بالمرضى، بسبب ضعف عدد الأطباء الاختصاصيين، وعدم كفاية هيأة التمريض المتخصصة، وغياب المساعدين الاجتماعيين، وعدم كفاية أساتذة الطب النفسي، وضعف الميزانية المرصودة لقطاع الصحة.. وهي المعطيات التي تؤكدها الأرقام التي توفرها وزارة الصحة، ومنها على الخصوص ما يتعلق بعدد الأطباء الاخصائيين، حيث لا يتوفر المغرب سوى على 197 طبيبا نفسيا و753 ممرضا مختصا، يتمركز 54 في المائة منهم في محور الرباط – الدار البيضاء. وقد رصد تقرير المجلس بالتفصيل أبرز الاختلالات التي تعانيها المراكز العلاجية للأمراض العقلية، قبل أن يسطر توصيات، وتدابير أكدت على ضرورة العمل بها بشكل آني للنهوض بالصحة العقلية للمغاربة، الذين يتضح أن عدد من يعاني اضطرابات ذهنية منهم في ارتفاع مستمر، لا يواكبه ارتفاع الطاقة الاستيعابية وتحسين جودة الخدمات المقدمة.

بل إن هناك عددا مهما منهم لم يتم تشخيص حالته بدقة، وبالتالي فهو خارج المعطيات الرسمية، وبعيد عن المواكبة العائلية والطبية.. وهو ما تشير إليه السيدة سعيدة فضول، مساعدة اجتماعية بمركز النساء في وضعية صعبة، من أن هناك فئة من المرضى خارج التغطية الصحية، وليست لديهم عائلات تتكفل بهم، وتضمن لهم الولوج الميسر للعلاج والتأطير داخل جمعيات متخصصة، وفي مقدمتهم نزلاء دور الرعاية الاجتماعية، وهم في حاجة إلى جهود مضاعفة، لأن الأطر المشرفة عليهم ليست مؤهلة لمواكبة مثل تلك الحالات، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى هدر عدد من الكفاءات والطاقات.

فخلال فترة تدريبية قضتها بإحدى دور الرعاية بالدار البيضاء تمكنت سعيدة من أن تكون طوق نجاة لطفل مصاب بالفصام، بعد أن تعرض مرارا للضرب والعقاب من قبل المشرفين على الدار نتيجة سلوكه العدواني اتجاه رفاقه، وتكسير عدد من الأجهزة في ثورات غضب لم يكن المشرفون قادرين على تفسير أسبابها. تعاطفها مع حالته جعلها تتبنى قضيته، عرضته على طبيب مختص ليتبين أن الطفل يعاني من حالة “الفصام “، تخيلات وأصوات وسلوكات عنيفة أبرز ما ميز حالته، وجعله في وضعية صعبت عليه الاندماج في محيطه.

في إحدى المرات، تقول سعيدة، كنت بصدد زيارته داخل الدار فإذا بقوات الأمن وهي تقتاده على إثر شكوى مقدمة من المشرفين على الدار، بعد أن كسر جهاز تلفاز من الحجم الكبير، رافقته إلى مركز الشرطة وشرحت حالته لعميد الشرطة الذي تفهم الأمر ، مستدركة “لو لم ألتق بشخص متفهم ماذا كان سيكون مصير هذا الطفل”.. وتضيف أنها تمكنت، بجهود فردية، من إدماجه في إحدى مؤسسات التعليم الخاصة، وهو الآن يتابع دراسته بشكل عادي في السلك الثانوي وبالمركز البريطاني.

وسواء بالنسبة للفاعلين الجمعويين، أو مستعملي الطب النفسي فالحاجة ماسة اليوم إلى إبداء المزيد من الاهتمام من طرف جميع المعنيين بقطاع الصحة بالمغرب، وذلك على غرار العناية التي تولى لعدد من الأمراض التي تشكل تهديدا حقيقيا للصحة العامة كأمراض السرطان وأمراض القلب والشرايين، والقصور الكلوي، وإلى تجاوز المقاربة الموسمية والانتقائية نحو رؤية شمولية ومندمجة تتيح تجاوز الاختلالات التي يعاني منها قطاع الصحة النفسية، وضمان العلاج والدعم للمرضى وحسن التكفل بهم.

وفي هذا الاتجاه تعمل الوزارة الوصية من خلال مخطط 2012-2016 للنهوض بقطاع الصحة العقلية والنفسية? على تعزيز التكوين الأساسي ورفع وتيرة التكوين المستمر لمهنيي الصحة العاملين في المجال (30 طبيبا و185 ممرضا وممرضة سنويا متخصصين في الطب النفسي)، وإحداث أربعة أقسام جامعية للطب النفسي للأطفال والمراهقين، وتوسيع التخصصات المهنية في مجال الصحة النفسية، واعتماد قانون تنظيمي لمهنة الأخصائيين النفسيين.. كما أن الوزارة بصدد مراجعة وتعديل ظهير 1959 المتعلق بالصحة العقلية من أجل تحيينه طبقا للمواثيق الدولية في مجال حقوق الإنسان للمصابين بالأمراض العقلية، ومن أجل جعله يواكب التطورات الحديثة في مجال التكفل بالمرضى العقليين وأيضا موازاة مع السياق الوطني الحالي والتوجهات نحو تعزيز وترسيخ الديمقراطية وحقوق الإنسان.

* و.م.ع

‫تعليقات الزوار

7
  • SIHAM
    الجمعة 24 أكتوبر 2014 - 09:48

    نريد فعلا المزيد من الاهتمام بهذا القطاع ومراعاة ظروف المرضى النفسين و المكفلين برعايتهم.

  • كمال
    الجمعة 24 أكتوبر 2014 - 10:33

    قلة الامان هي سبب الامراض النفسية علينا بتقوا الله والامان بالقدر خيرا كان او شرا. ولا شكر الله على نعمه التي انعم بها علينا والتي لا تحصى خير من التضجر والندم على امور الدنيا والتي لا تساوي ولا نواة درة من نعمة البصر، هدا اذا كان هناك اصلا مجال للمقارنة.

  • حقيقة
    الجمعة 24 أكتوبر 2014 - 13:03

    البرامج التلفزية في القنوات المغربية التي موضوعها مشاكل الناس تشكل أكبر خطر على مرضى الاكتئاب وتفاقم الحالة

  • chaimae
    الجمعة 24 أكتوبر 2014 - 14:47

    لقد كترت حالات الانتحار يجب ان تكون توعية شاملة حول الامراض النفسية ومواكبة اعلامية لهذه الظاهرة

  • Freuid
    الجمعة 24 أكتوبر 2014 - 15:37

    ان الإنسان وحدة متكاملة مكونة من جسم ونفس، وكلاهما يؤثر ويتأثر بالآخر. والأمراض النفسية لا تعني بالضرورة فقدان العقل او نقصان في قدراته التفكيرية. وإنما هناك أنواع كثيرة تدخل في هذا الإطار، كالاكتئاب والوسواس القهري وانفصام الشخصية والخوف المرضي وفقدان التقة في النفس والخجل الحاد…..وهي كالأمراض العضوية اذا لم تعالج قد تتفاقم وتفقد المصاب بها لذة الاستمتاع بالحياة، فيعيش على الهامش، وقد يفكر في الانتحار، إلا ان الإيمان بالله تعالى هو الذي يمنع العديد في شعوبنا الإسلامية من الإقبال على هذه الخطوة..وبشرى لكل المرضى بان كل هذه لأمراض تعالج فيكفي فقط قصد الطبيب بالطريقة التي نقصد بها طبيب الجهاز الهضمي أثناء الحساس بألم في المعدة.

  • Oum
    الجمعة 24 أكتوبر 2014 - 17:38

    ابني في احدى المدارس العمومية بلغه من أصدقائه ان المديرة قد علقت في غيابه عن شكله: تخين كالفقمة!
    ماذا يمكنني ان افعل لإنقاذ ابني من محاولة انتحار ثانية علما انه يزور طبيب نفساني وهذه الجملة قد تجعله يتراجع في كل ما قام به ليتخطى هذا المشكل. عمره 17 سنة.

  • عمر
    السبت 25 أكتوبر 2014 - 01:32

    على الرولة المغربية الإهتمام بالأشخاص الذين يعانون بالأمراض النفسية لأن المرض النفسي مثل الموت البطيئ الصامت لا يحس به سوى الإنسان ااذي يعاني منه

صوت وصورة
الفهم عن الله | التوكل على الله
الإثنين 18 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | التوكل على الله

صوت وصورة
مهن وكواليس | الرايس سعيد
الإثنين 18 مارس 2024 - 17:30

مهن وكواليس | الرايس سعيد

صوت وصورة
حملة "بن زايد" لإفطار الصائم
الإثنين 18 مارس 2024 - 16:21 2

حملة "بن زايد" لإفطار الصائم

صوت وصورة
صحتك النفسانية | الاحتياجات النفسية عند الأطفال
الإثنين 18 مارس 2024 - 16:00

صحتك النفسانية | الاحتياجات النفسية عند الأطفال

صوت وصورة
ناجية تروي تفاصيل حادث أزيلال
الإثنين 18 مارس 2024 - 15:25 15

ناجية تروي تفاصيل حادث أزيلال

صوت وصورة
ما لم يحك | تصفية الدليمي
الإثنين 18 مارس 2024 - 15:00 1

ما لم يحك | تصفية الدليمي