رمضانيات دور الأيتام .. غرس للفرح بدلا للألم والحرمان

رمضانيات دور الأيتام .. غرس للفرح بدلا للألم والحرمان
الإثنين 6 يوليوز 2015 - 10:00

عند مدخل دار الأطفال بحي العكاري كانت أم متلهفة لملاقاة ابنها، ذي السنوات الـ10، كي تصطحبه إلى منزل خاله لقضاء شهر رمضان في أجواء أسرية يفتقدها العديد من المستفيدين من هذه المؤسسة لأنهم أحوج ما يكون في هذا الشهر الفضيل إلى التفاتة إنسانية وحب وحنان يعوضهم دفء الأسرة التي حرموا منها.

بطقوسه التي تجعل لم شمل الأسرة وصلة الرحم واجبا دينيا واجتماعيا، يمنح شهر رمضان الفرصة لبعض المستفيدين من دور الأطفال للعودة إلى حضن أسرهم على الرغم من معاناتها من العوز والحاجة، فيما يبقى الأيتام والمتخلى عنهم حبيسي هذه الدور يراكمون الإحساس القاتل باليتم في انتظار مبادرات إنسانية تدخل الفرح إلى قلوبهم وترسم الابتسامة على وجوههم.

تكشف الأم، وهي تضم طفلها بكل حنان، عن إحساس بالمرارة قائلة: “ما كنت لأفكر ولو لحظة واحدة في البعد عن فلذة كبدي لولا ظروفي الصعبة، فلدي أربعة أطفال وزوجي عاطل عن العمل، مما اضطرني إلى إيواء ابني في دار الأطفال منذ أن كان عمره ثلاث سنوات”.

وتضيف هذه الأم، التي تشتغل عاملة في المنازل، بنبرة صوت تحمل شعورا بالذنب والتقصير تجاه طفلها وقد آلمها أن يقضي ابنها أول شهر رمضان في المؤسسة، “ابني لا يكف عن سؤالي لماذا هو بالذات دون إخوانه يعيش بعيدا عن الأسرة، لكني أحرص على أن أعوضه هذا الحرمان وأغمره بجرعة من الحنان خلال فترة العطلة حيث يقيم معي في منزل أخي الذي يأوينا في انتظار حصولي على بيت يلم شمل أسرتي”.

تأوي دار الأطفال العكاري، التي تسير من طرف الجمعية الخيرية لمدينة الرباط تحت إشراف مؤسسة التعاون الوطني، 250 طفلا تتراوح أعمارهم ما بين 5 و22 سنة.. وتستقبل المؤسسة اليتامى والمتخلى عنهم وأبناء الأسر المعوزة والأطفال في وضعية صعبة حيث تتكفل الجمعية بجميع النفقات الخاصة بالإيواء والأكل والملبس والتطبيب والتمدرس والأنشطة التربوية والترفيهية.

وتعمل المؤسسة، بمناسبة شهر رمضان، على توفير أجواء للأطفال تمكنهم من أداء الطقوس الرمضانية حيث يرتاد الأطفال المسجد لأداء صلاة التراويح وقراءة القرآن، إلى جانب تسطير برنامج من الأنشطة المتنوعة تحت إشراف الأطر التربوية تتضمن ورشات للرسم، والإعلاميات، والشطرنج، وخرجات وأنشطة رياضية بالإضافة إلى الإفطار خارج المؤسسة بمساهمة بعض المتبرعين.

ويؤكد محب محمد، مسؤول بدار الأطفال، أن دور الفريق التربوي ليس تعويض دور الأسرة لأنه غير ممكن، ولكن محاولة التقويم والتعديل الذي تسمح به العملية التربوية في إطار علاقة مهنية مع الطفل دون محاولة التعلق به، مبرزا أن نفسية هؤلاء الأطفال لاسيما المتخلى عنهم تعاني خللا على المستوى العلائقي.

وأضاف محب أن المؤسسة التي تمكنت من تكوين شبكة مهمة من المحسنين الذين وضعوا ثقتهم فيها، تسعى إلى تطوير مفهوم الإحسان وتغيير العادات بهذا الخصوص، مشددا على أن الأطفال ليسوا في حاجة إلى الأكل واللباس وإقامة الحفلات، بقدر ما هم في حاجة إلى دعم تربوي وثقافي لأن الهدف الأساسي للمؤسسة هو إدماج المستفيدين في المجتمع من خلال برنامج تربوي شامل يعتمد على المواكبة والتتبع البيداغوجي والنفسي والتعليمي بهدف تمكينهم من الأدوات والوسائل التي تساعدهم على النجاح في المستقبل.

وبالنسبة لمصطفى بولحفة، مساعد اجتماعي بدار الأطفال، فإن الأهم بالنسبة للفريق التربوي في المؤسسة هو صون كرامة الأطفال، معتبرا أنه لا يجب على المحسنين تقديم التبرعات مباشرة للأطفال لأن ذلك يشعرهم بأنهم في حاجة لكن عندما يتم ذلك عن طريق المؤسسة فهذا يعني بالنسبة لهم أن الدولة هي التي تتكفل بهم.

وفي هذا السياق، أشار بولحفة إلى أن دار الأطفال وضعت برنامجا تحت اسم “التكفل عن بعد”، عبر حساب بنكي، يتكفل من خلاله كل محسن بطفل أو أكثر دون أن يتصل به مباشرة، وذلك بالنظر إلى الإشكالية العلائقية التي تعاني منها هذه الفئة من الأطفال والتي تتطلب تعاملا خاصا.

ويرى نور الدين الزاهي، الباحث في علم الاجتماع، أن رمضان يعتبر فريضة دينية جماعية وضميرا أخلاقيا للمسلمين، يتميز بقوته الإكراهية للفرد والجماعة للامتناع عن شهوات وغرائز الذات وامتحان صبرها، وفي الآن نفسه إعلان الرأفة والتسامح والإيثار والإحسان تجاه الآخر.

ويضيف الزاهي أنه بهذه المناسبة ترتفع درجات صلة الرحم، وتشهر بعض المؤسسات عطاءاتها الإحسانية لدور العجزة والأيتام، ويتكاثر المحسنون لاسيما المقاولون الذين ترفق مبادراتهم الإحسانية بتغطيات إعلامية تلفزيونية، من قبيل إفطارات جماعية وزيارات مرفوقة بإشهار إعلامي يركز على فرحة الأطفال والشيوخ.

ولاحظ الباحث أن هذه المبادرات الإحسانية الموسمية لا تتعدى ضرورات الغذاء والملبس، ولا تنبني على استراتيجية وخطط وبرامج تنعكس على الأطفال في تمدرسهم وصحتهم ونفسيتهم طيلة مرحلة الطفولة والمراهقة والشباب، موضحا أن العطايا لا تخضع لقوانين منظمة ومؤطرة وهيئات متتبعة ومنفذة.. كما أبرز أن الأطفال لم يعودوا يعيرون بميزان وقيم الاقتصاد (طفل اليوم هو معيل للأسرة في الغد) بل بميزان القيم النفسية البيداغوجية سواء على مستوى المعاملة أو المتطلبات والحاجيات، واعتبر، في هذا الصدد، أن أطفال دور الرعاية يعيشون يتما مزدوجا : يتم الأسرة ويتم القيمة النفسية البيداغوجية بكل متطلباتها ومستلزماتها الضرورية للعيش.

* و.م.ع

‫تعليقات الزوار

9
  • بوعزة
    الإثنين 6 يوليوز 2015 - 10:35

    الأطفال في المغرب هم اكبر ضحايا الفساد و لا احد يدافع عنهم… فقر تشرد اغتصاب استغلال ….

  • DAMIR
    الإثنين 6 يوليوز 2015 - 10:44

    on pourrait se demander que font la plus part de ces enfants dans ces orphelinats .si on faisait comme les pays civilises la majeur partie de ces petits trouveraient des familles adoptives pourtant les marocains preferent adopter les filles allez y voir pourquoi??? ,ces enfants doivent vivre dans un climat d'amour d'attention et de bien etre comme si ils etaient nos propres enfants et non attendre les mounassabates pour s'en rappeler ;reste que l'etat doit revoir les procedures d'adoption et les encourrager afin de soulager les orphelinat qui reste le dernier recours pour un enfant abandonne

  • عبدالله
    الإثنين 6 يوليوز 2015 - 11:27

    ها لجمعيات الحقيقين الدين يعتنون بالأطفال أبناء الفقراء دينيا ومعنويا .اعانكم الله على فعل الخير

  • une maman
    الإثنين 6 يوليوز 2015 - 12:01

    معتبرا أنه لا يجب على المحسنين تقديم التبرعات مباشرة للأطفال لأن ذلك يشعرهم بأنهم في حاجة لكن عندما يتم ذلك عن طريق المؤسسة فهذا يعني بالنسبة لهم أن الدولة هي التي تتكفل بهم.
    MAIS SI L ETAT LES PRENNENT REELEMENT ON CHARGE IL AURAIS BESOIN DE CHARITÉ DE PERSONNE
    désole monsieur mais votre discourt a pour but deux axe on premier l argent d charité doit passer par vous et que vous même le parrainage doit se faire a distance et que l enfant n doit pas avoir de contacte avec les gens mais que des spécialistes
    j suis une mère est j sais une chose un enfant a besoin d attention et d amour pas d analyse pédagogique

  • fatiha
    الإثنين 6 يوليوز 2015 - 12:14

    كن عرف كل واحد الاحساس ديال اليتم
    كوراه ناض الكل للتخفيف من هاه الاحساس
    سىولوني انا
    واخا امي ضحات معانا
    واخا وصلنا الان لمراتب مزيانة
    والحمد لله
    راه عمرني مانسا الخير
    والكلمة الطيبة ديال شي ناس
    الله يجعل ديكشي اللي داروه معانا
    في ميزان حسناتهم

  • oussama
    الإثنين 6 يوليوز 2015 - 14:27

    هل ليس عندنا كلاب متدربة على شم رائحة المخدرات قبل فتح الأمتعة في مطار محمد الخامس؟ في مطارات أخرى سابقا وانا انتضر أمتعتي لكي تخرج كان ضابط او مسؤول مع كلب ، يحول على المسافرين ويشم امتعتهم، قبل الخروج، هذه فكرة جيدة .

  • نزلاء دار الأطفال
    الإثنين 6 يوليوز 2015 - 14:39

    نزلاء دار الأطفال لسيدي البرنوصي الدارالبيضاء يعيشون أسوأ رمضان بعد أن إختفى مدير المؤسسة قبل شهرين و لم يعرف هل إستقال أم لا وغياب من ينوب عنه
    كل الجمعيات التي دأبت على تنظيم موائد الإفطار بالمؤسسة مند سنوات إختفت هده السنة نظراً لغياب مدير المؤسسة و غياب الإستقرار داخل المؤسسة

  • samira
    الإثنين 6 يوليوز 2015 - 14:45

    ابكاني المقال .. اطفال محرومون من الدفىء الاسري بسبب الفقر الدي سببه مسؤولونا وكلنا عليهم الله بلد الفساد والمفسدين الله يورينا فيكم وفي اولادكم يووووووووووووووووم

  • حمزة
    الثلاثاء 7 يوليوز 2015 - 00:11

    السلام عليكم احزنني كثيرا قصة الطفل لي تخلت عنه امه في دار ايتام باسباب واهية جدا و يا ريت كانو معه اخوانه على اقل لن يشعر باي فرق لكن من حقه ان يسئل نفسه لماذا هو بالذات في الدار بينما اخوانه يتنعمون في منزله مع والديه هذا قمة الظلم لماذا انجبته ان لم تكن قادرة على صرف عليه او على اقل لتتركه مع جديه فهكذا لن يشعر باي حرمان لكن ان تبرري فعلتك بانهزوجك عاطل الخ فهذا امر فضيع اظنه عندما يكبر سيكرهك اشد الكره و سيتمنى لو لم تكوني امه لماذا لو كان هو ابنك الوحيد و ليس له اخوةلهان الامر قليلا لكنه كما قلت يقوللماذا هو و ليس اخوانه معه

صوت وصورة
الأمطار تنعش الفلاحة
الخميس 28 مارس 2024 - 13:12 2

الأمطار تنعش الفلاحة

صوت وصورة
حاجي ودمج الحضرة بالجاز
الخميس 28 مارس 2024 - 12:03

حاجي ودمج الحضرة بالجاز

صوت وصورة
أجانب يتابعون التراويح بمراكش
الخميس 28 مارس 2024 - 00:30 3

أجانب يتابعون التراويح بمراكش

صوت وصورة
خارجون عن القانون | الفقر والقتل
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:30

خارجون عن القانون | الفقر والقتل

صوت وصورة
مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية
الأربعاء 27 مارس 2024 - 23:00

مع الصديق معنينو | الزاوية الدلائية

صوت وصورة
ريمونتادا | رضى بنيس
الأربعاء 27 مارس 2024 - 22:45 1

ريمونتادا | رضى بنيس