في تكامل وتبادل الأدوار بين حزبي العدالة والتنمية والأصالة والمعاصرة

في تكامل وتبادل الأدوار بين حزبي العدالة والتنمية والأصالة والمعاصرة
الإثنين 25 غشت 2014 - 19:07

إن الحزبين معا تأسسا في إطار القانون الذي يحكم مسطرة تأسيس الأحزاب بصفة عامة. لكنهما يختلفان من حيث الكيفية والشروط الموضوعية والظرفية المؤطرة لتأسيس كل حزب. فكلا الحزبين تأسسا في سياق البحث عن فاعل حزبي جديد من شأنه خلخلة المشهد الحزبي بالمغرب ضمن شروط سياسية محددة ووفق خريطة طريق توجه مسار الحزبين.

إن حزب العدالة والتنمية يمتهن السياسة من منطلق ديني، -خلافا لحزب الأصالة والمعاصرة-، يوظف الدين في السياسة، كما يستغل السياسة لخدمة الأيديولوجية الغارقة في الدين، وهدا ما يتعارض مع مقاصد الشريعة والمبادئ الدستورية وقانون الأحزاب، التي تقضي جميعها بعدم جواز تأسيس حزب سياسي يستند إلى الدين . ويفهم من دلك أن مجرد القول كون حزب العدالة والتنمية يعتمد المرجعية الإسلامية كما هو ثابت في خطاباته ومواقفه، هو إقرار صريح باستغلال الدين وبأنه جزء من أدبياته الحزبية، وهنا يكون الحزب قد وقع في المحظور دستورا وقانونا. و بناء عليه، لا شىئ يحول دون مطالبته بمراجعة جريئة وجذرية لخطابه السياسي الغارق في التدين ،وكأن باقي الأحزاب السياسية ضد الدين، وهنا تكمن الخطورة والتضليل لسببين أساسيين:

– إن القول باعتماد المرجعية الدينية من طرف العدالة والتنمية معناه أن باقي الأحزاب لا دينية وملحدة، وبأن مناضليها خارجون عن الأمة ، لا تتوفر فيهم الأهلية الدينية لتمثيل المواطنين أو الدفاع عنهم، أو النيابة عنهم، فالمناضل المتدين هو المؤمن بالخط السياسي وعقيدة العدالة والتنمية لكونه هو وحده المؤهل لنلك الوظيفة دون سواه.

– إن الترويج لهدا الخطاب وبشكل ممنهج وظاهر، هو تعدي ثابت على الدستور وعلى القانون المتعلق بالأحزاب السياسية. كم أنه دعاية ضد باقي الأحزاب السياسية التي لا تستغل الدين ،احتراما للمشروعية التي توجب التقيد بأحكام القانون .

إن حزب العدالة والتنمية لا يختلف في شيء عن حزب الأصالة والمعاصرة على الأقل فيما يتصل بدواعي وأسباب التأسيس ومن حيث الوظائف السياسية. الاختلاف الوحيد يكمن على المستوى الأيديولوجي، وهو العنصر البارز في تحديد الانتماء والانخراط في أي حزب سياسي، فاعتماد حزب العدالة والتنمية الإسلام السياسي هويته الأيديولوجية سهل عليه الطريق لاستقطاب قسم أو شرائح واسعة من مختلف الفصائل الإسلامية التي كانت تنشط في الجامعات، وفي الجمعيات والمنظمات السرية أو شبه السرية ،التي كانت ولا زالت تنشط في المجال الدعوي الديني أوفي العمل الخيري، وهو الهدف الذي رسمته له الدولة إما ضمنا أو صراحة، ودلك حتى يتسنى لها تيسير عملية التتبع والمراقبة للعناصر المتطرفة التي لم تتفاعل مع مقاصد التأسيس. في حين أن حزب الأصالة والمعاصرة ولئن كانت فكرة التأسيس قد اكتنفها العديد من التساؤلات والتوجسات، وهو ماعكسته مواقف بعض الأحزاب السياسية وعلى رأسها حزبي العدالة والتنمية والاتحاد الاشتراكي، اللذين رأى في تأسيس حزب الأصالة والمعاصرة بالمنافس الشرس لهما أمام تبنيه منهج التقليدانية والحداثة كفكر، وكخط سياسي، على الرغم من المأزق الذي ينطوي عليه أمر الجمع بين ما هو تقليداني وما هو حداثي، أو الجمع بين تمثيل الدولة وتمثيل المجتمع ، وهو الأمر الذي أرق في البداية، حزبي العدالة والتنمية والاتحاد الاشتراكي، بحيث تم نعته من طرفهما معا بالوافد الجديد والحزب ألأغلبي.

إن تبني مواقف مناهضة لتأسيس حزب الأصالة والمعاصرة، خاصة من طرف حزب العدالة والتنمية، لم تتحكم فيها القناعات السياسية أو العقائدية بقدر ما رأت فيه مزاحما له في المجالات والقضايا التي هي من صميم انشغالات الدولة، وهنا يلتقي الحزبان إلى درجة التماس في الادعاء بتمثيل مصلحة الدولة ومصلحة المجتمع ، هدا التبني يبدو انه مأزقي، لأنه فيه الكثير من الإغراء المغرض للمجتمع، ومناورة سياسية محبوكة مع الدولة، الأمر الذي ينزع عن خطاب حزب العدالة والتنمية، الشرعية والمصداقية في نقد حزب الأصالة والمعاصرة ، لأن كلا الحزبين لا يمكنهما ادعاء تمثيل الدولة والمجتمع نظرا لما تنطوي عليه هاته التمثيلية من تضليل سياسوي كونها بعيدة كل البعد عن الواقع ،وعن ماهية الدولة الديمقراطية التي يفترض فيها العمل بمبدأ فصل السلطات، وعدم الانحياز أو تغليب كفة حزب سياسي معين سرا أو علانية، وهدا ما حصل مع حزبي العدالة والتنمية والأصالة والمعاصرة في مناسبات عدة ، من أبرزها فترة الحراك الاجتماعي الذي قادته حركة 20 فبراير، بحيث تحالف الحزبان ضمنيا للالتفاف على مطالب الحركة ومن ثم الانتقال إلى اجتثاثها. ومن أبرز تجليات تحالف الحزبين، رفضهما لمطلب الملكية الدستورية وجوهر الدولة المدنية كما هو ثابت من مذكرتيهما المتعلقتين بالإصلاحات الدستورية لسنة 2011، وتوج هدا التناغم بين الحزبين في الانتخابات التشريعية ل25 نونبر 2011 ، عندما توارى حزب الأصالة والمعاصرة إلى الخلف ، تاركا المجال لحزب العدالة والتنمية ، لكي يتولى على الأقل القيام بالأدوار التي كانت مسندة إليه من طرف الدولة ولو مرحليا، وهنا تتحقق حالة تبادل وتكامل الأدوار بين الحزبين.

خلافا لما قد يعتقده البعض، أو ما قد يفهم من التراشق الحاصل بين الحزبين بمناسبة سياسية أو بدون مناسبة، ما دام أنهما جزء من الدولة ولا أقول الدولة العميقة كما يزعم عبد الإله بنكيران في العديد من تصريحاته وخطاباته السياسية، لأنه في فقه السياسة والقانون الدستوري، لا وجود ولا مكانة لمصطلح الدولة العميقة، أو التماسيح والعفاريت، فهدا خطاب ديماغوجي يراد منه التسويق وكأنه الضحية . والحال أنه هو من يقود الحكومة، وادا كان حقا أن رئيس الحكومة، قد لقي مقاومة من التماسيح والعفاريت كما يدعي، فانه يتعين عليه الاختيار بين تقديم استقالة حكومته، أو تفعيل مقتضيات الدستور ومواجهة التماسيح والعفاريت، وهو ذات الخطاب الذي سبق للاتحاديين أن وظفوه بشكل مكثف إبان حكومة عبد الرحمان اليوسفي، بترديدهم المتواتر للحزب السري، فبنكيران استعار الفكرة واستبدلها بالدولة العميقة والتماسيح والعفاريت، لكن النتيجة واحدة تتمثل في مزيد من التضليل السياسي، وتبني ثنائية مأزق تمثيل الدولة والمجتمع.

‫تعليقات الزوار

5
  • hassan
    الإثنين 25 غشت 2014 - 20:22

    مع كامل احترامي للاستاد الا انني اجد نفسي مضطرا لمخالفته الرأي فيما ذهب اليه لأطلب منه ان يرسم لنا أولا (حتى نكون على بينة من امرنا) الحدود التي يجب على الاحزاب الوقوف عندها حتى لا تدخل في خانة استعمال الدين و كما هو معلوم لدى الاستاذ فالدستور المغربي يحدد ان الاسلام هو دين الدولة و بالتالي فلا أرى حرجا في الاستشهاد بحديث نبوي او اية قرانية في معرض حديث احد من المنتمين لاي حزب و ليس فقط العدالة و التنمية (شرط ان يكون سليما) و لقد سمعنا مرارا و تكرارا قادة احزاب المعارضة يستشهدون بها في عدة مناسبات و من جهة اخرى فلا ننسى ان المجلس الدستوري الغى مقعد احد نواب العدالة و التنمية لاستعمال رمز ديني و بالتالي فان مؤسسات الدولة تقوم بدورها بعيدا عن مزايدات من يضايقهم التوجه الديني كما اضيف انه لا يخفى علينا القانون الاخير الذي يمنع تدخل القائمين على الشؤون الدينية في البلاد في السياسة و في نفس الوقت محاولة بعض اليائسين المس بتعاليم الدين الواضحة و الصريحة (رغم انكم ابتلعتم لسانكم حينها) فان لم يوجد حزب دو توجه ديني كما تقول سيادتك يتصدى لمثل هؤلاء فلا ادري صراحة من سيقوم بذلك

  • moha
    الإثنين 25 غشت 2014 - 22:53

    je suis d'accords avec YA Ostath de ce que vous pensez de PJD
    mais je vous contredis concernant le PAM
    c'est vrai que le PJD utilise la religion, comme il le fait monsieur BENKIRANE, qui sait ce que ALLAH fait
    ALLAH comme il pretend à choisi son parti pour diriger le Maroc, nous , et ALLAH a choisi le PAM pour qu'il soit dans
    المعارضة
    ce monsieur il ne veut pas laisser ALLAH seigneur de l'univers et parmi eux les Marocains il ne veut pas le laisser tranquille

    ce gouvernement quand il va utiliser
    عفى الله عما سلف
    c'est encore il va nous dire c'est ALLAH qui a pardonné à ces
    تماسيح و عفاريت
    et quand il ne va pas mettre son projet en pratique il va nous dire c'est ALLAH qui n'a pas voulu
    mais par contre les pauvres continuent d'être pauvres et exploités et les richesses vont continuent à s’enrichir et là aussi pour lui ça ne doit être que ALLAH qui voulu que les pauvre continuent d'être pauvres
    le PAM n'est pas dans cette logique PJIDISTE

  • marrueccos
    الإثنين 25 غشت 2014 - 23:33

    ماهي الحاجة التي دعت إلى ولادة العدالة والتنمية ! أم موضة إجتاحت المجتمعات الإسلامية تحت نوستالجيا ماضي الخلافة الإسلامية وأمجادها ! كيف يعرف المجد ! أبإخضاع غير المسلم دون الوصول ب( مجتمع الخلافة ) إلى العدل والمساواة !
    هل دعت الضرورة إلى إيجاد حزب جديد بنفس تنموي متجدد قادر على ما يفرضه إيقاع العولمة من تحديات ! سأجيب نعم ! فقد أظهرت جل الأحزاب ( الوطنية ) وما يقال عنها أحزاب إدارية عجزا مزمنا في إستحضار الظرفية العالمية التي يجتازها المغرب ! قياداتها شاخت لا تملك حتى القدرة على إخضاع العقل للإختبار كي يجد أرضية حوار مع الأحزاب الأممية من يسار ديمقراطي إجتماعي ويمين ليبرالي ! فهذين التيارين هما المتناوبان على الحكم داخل أوربا ويملكان أغليية مريحة داخل مؤسسات الإتحاد الأوربي ! مثلا الليبراليون أول قوة سياسية داخل البرلمان الأوربي ويأتي بعدها اليسار الديمقراطي الإجتماعي !
    ربما خلق حزب مغربي بلا مواصفات أيديولوجية قد يفلح تنمويا داخل المغرب ! لكن لا يصلح خارجيا لتسويق صورة بلد في طريق الإنتقال إلى الديمقراطية ! يلزمه حليف في الحكم لا غنى له عنه يحمي ظهره خارجيا ! كما يفعل PJD !

  • Citoyen veut vivre
    الثلاثاء 26 غشت 2014 - 13:56

    Cet article mentionne un comportement connu dans notre histoire moderne. Ce qui gouverne au Maroc ce n'est pas le gouvernement. Après le lutte de pouvoir entre le mouvement national et le palais depuis indépendance, ce dernier a réussi de domestiquer les partis politiques marocains. Désormais, ils sont tous dans le même panier (sauf peut être quelques partis et mouvement qui refusent le jeux dit "démocratique" imposer par le palais). On est encours loin de construire un pays émergent avec nos élites politiques. On doit attendre un changement radical dans notre futur, chose qui n'est pas prévue, au moins à court et à moyen terme, ou choisir la solution la plus difficile et prendre notre destin dans la main et suivre les démarches de tous les peuples du monde qui aspirent à la liberté et l'émancipation.
    Enfin, je cite quelques exemples proches à notre histoire politique : l'histoire d’Espagne et la Grande Bretagne. Voir les sacrifices des peuples pour construire un pays moderne du peuple

  • rifain
    الثلاثاء 26 غشت 2014 - 15:15

    أولا أختلف مع الأخ مضطفى عندما قال تأسس الحزبان بحثا عن الفاعل السياسي من أجل خلخلة المشهد الحزبي في المغرب بل الصحيح هو من أجل إعطاء النفس للعملية الانتخابية التي أضحت مرفوضة من طرف المغربي هو نوع من التجديد من أجل تعويض الأصوات المفقودة وهي ضرورية لإضفاء الشرعية على المؤسسات التمثيلية لنقل المنتخبة.أما التماسيح والعفاريت وجيوب المقاومة هي نفسها تلك الأحزاب السياسية المخزنية المشاركة في الانتخابات والحكومة وكدلك النقابات المخزنية و………أتفق معك في توضيفها وأهدافها

صوت وصورة
حملة ضد العربات المجرورة
الثلاثاء 16 أبريل 2024 - 11:41 10

حملة ضد العربات المجرورة

صوت وصورة
جدل فيديو “المواعدة العمياء”
الإثنين 15 أبريل 2024 - 23:42 8

جدل فيديو “المواعدة العمياء”

صوت وصورة
"منتخب الفوتسال" يدك شباك زامبيا
الإثنين 15 أبريل 2024 - 23:15

"منتخب الفوتسال" يدك شباك زامبيا

صوت وصورة
بيع العقار في طور الإنجاز
الإثنين 15 أبريل 2024 - 17:08 4

بيع العقار في طور الإنجاز

صوت وصورة
مستفيدة من تأمين الرحمة
الإثنين 15 أبريل 2024 - 16:35

مستفيدة من تأمين الرحمة

صوت وصورة
مع ضحايا أكبر عملية نصب للتهجير
الإثنين 15 أبريل 2024 - 16:28 8

مع ضحايا أكبر عملية نصب للتهجير