التعذيب بين فكر "الأغنياء" وأجساد الفقراء

التعذيب بين فكر "الأغنياء" وأجساد الفقراء
الأحد 14 شتنبر 2014 - 15:13

تعد جرائم التعذيب من ضمن الخروقات الصارخة لحقوق الإنسان بصفة عامة و الحقوق المدنية و السياسية بصفة خاصة.فهذه الجرائم لا تقع فقط تحت طائلة القانون الدولي و التي كانت من بين النقاشات الأولية التي باشرتها الأمم المتحدة بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية و تقع أيضا تحت طائلة القوانين الوطنية في ظل العولمة . فمن الصعب نفي التعذيب عن أجهزة الدولة و من توظفهم لهذه الغاية بطريقة غير مباشرة في ظل التشجيع المباشر لتربة تنتعش فيها هذه الظاهرة أو الآفة. فأمارات و علامات هذه الأخيرة ظاهرة لعيان من قبيل الإفلات من العقاب ،غياب الحكامة الجيدة و تعويضها بالحكامة الرديئة ،وجود أحزاب سياسية ونقابات غير جادة، اعتماد ثقافة حقوق الإنسان كلعبة لغاية في نفس يعقوب ،انعدام التوزيع العادل للثروات و التهميش و الإقصاء الذي يرافقهما، إشاعة مفهوم خاطئ عن وحدة النيابة العامة و ترسيغ ممارسته داخل اجهزتها من خلال اختزال هذه الوحدة بيد رؤسائها ،ضرب بيد من حديد مبدأ التداول على السلطة القضائية لجعله مجرد شعار الخ…

و ما يزيد الطين بلة غياب قوانين لها صلة بالموضوع في حالة سنها افتقارها للجودة علاوة على عدم تمكين القضاة من الوسائل الناجعة، ونذكر على سبيل المثال لا الحصر قانون الحصول على المعلومة ،عدم الاتجار في البشر ، عدم تحديد كيفية وطريقة إدماج ضحايا التعذيب في المجتمع و سبل محاربة آثار التعذيب الخ…

فبمجرد الحديث عن جرائم التعذيب أول ما يتبادر إلى الذهن مجموعة من الأسئلة التي تتناسل بشكل غير محدود :

1/ لماذا يتم اللجوء إلى ارتكاب جرائم التعذيب؟

2/ما هي الأماكن المألوفة التي ترتكب فيها هذه الجرائم؟

3/ما هي طبيعة ونوعية الفئة الضحايا المرشحة لتتعرض للتعذيب؟و من هم الأكثر عرضة لهذه الجرائم؟

4/ما هي الوسائل و التقنيات التي تعتمد لارتكاب هذه الجرائم في ظل التطور التكنولوجي والتقدم العلمي؟

5/من يتولى ارتكاب جرائم التعذيب؟

6/ما هي حدود التمييز بين جرائم التعذيب والجرائم المشابهة التي لا يكون الغرض منها انتزاع التصريحات والاعترافات كالعنف بجميع أشكاله؟

7/ما جرائم التعذيب التي تدخل في إطار المنع والمحظور وتعد من قبيل الحقوق المطلقة؟ أم هناك حالات استثنائية تبرر اللجوء لارتكاب هذه الجرائم؟

8/إلى أي حد يتوفر الخبير (الطبيب) على جرأة كافية أثناء تحرير تقرير في الموضوع سواء بالنسبة للضحية أو لمرتكب التعذيب بدوره.؟

9/لماذا نصت القوانين الوطنية على إمكانية تصور القضاة كضحايا جرائم التعذيب ؟ وما مدى حدة صمتهم للكشف عنها؟

10/لماذا لا يزال القضاة يعيشون بأجسادهم في عالم عدم استقلال القضاء و بفكرهم في عالم استقلال القضاء؟

11/لماذا لا زالت المفاهيم السطحية للقوانين المطبقة تظل قائمة و تشجع تبعية القضاة؟. ولمادا تصر مديرية الشؤون الجنائية والعفو على تجريد القضاة من صلاحيتهم بشان النهوض بمؤسسة العفو؟.

12/ما علاقة التعذيب بالمحاكمة غير العادلة والإفلات من العقاب؟

فهذه الأسئلة و غيرها لا تحتاج لأجوبة على اعتبار إن في هذه الحالات يكون السؤال أصعب من الجواب. فالكشف عن واقع التعذيب ببلدنا و تشخيصه بشكل موضوعي هو الحل الوحيد لدفع القضاة لرفع مردوديتهم في محاربة هذا النوع من الجرائم سيما وأنه لم يعد بوسعنا عدم الوقوف عندها أو إخفاءها، وما يزكي هذا الطرح الخطابين الخيرين للملك بمناسبة عيد العرش و ثورة الملك و الشعب واللذين أشارا بشكل ضمني إلى هذه الظاهرة من خلال وضع اليد على ما يمكن تسميته بالتعذيب الذي يمارسه “الأغنياء” على الفقراء في عرقلة تامة للتمنية البشرية المستدامة التي انخرط فيها المغرب و في استغلال تام وتوظيف مطلق لعدم استقلال القضاء ولا داعي لذكر امتناع فئة أو بعضها من الإدلاء بالمعلومات والمعطيات أثناء عملية الإحصاء حسب ما تم نشره عير منابر وسائل الإعلام لعلة واحدة ووحيدة في نظرنا تمكن في توفر الفئة المذكورة أعلاه على معلومات ومعطيات بشان الظواهر التي تنخر البلاد و التي تم الإشارة إليها أعلاه والتي تشكل تربة خصبة لتفشي واستفحال جرائم التعذيب وصدق من قال: ( من يبحث لا يعثر على شيء وما لا يبحث يعثر عليه).

‫تعليقات الزوار

3
  • said
    الأحد 14 شتنبر 2014 - 19:16

    un article a la hauteur .la torture existe donc .tu as raison …..bravo

  • خ/*محمد
    الأحد 14 شتنبر 2014 - 20:53

    أن تحديد ما يندرج من أفعال وسلوكيات ضمن التعذيب أو غيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية، تحدد في ضوء ملابسات القضية من قبل المحكمة ، وهي محكومة بتطور المجتمعات وأنساقها تجاه العنف وسائر أشكاله، ولم يعد مقبولا التسامح معها أو قبول آية ثقافة قد تتسامح مع بعض أشكالها أو تعذر مرتكبيها، فقد غدت جزءاً من نظام عام دولي وقيدا على سيادة الدول وعلى علاقتها بالأفراد الخاضعين لولايتها، وهي مسألة لا يجوز أن تلجأ المحاكم الوطنية بشأنها إلى تفسيرات ضيقة؛ لأن من شأن تفسير من هذا القبيل أن يفلت من يرتكبون التعذيب وغيره من أشد ضروب المعاملة المحظورة جسامة من العقاب، الأمر الذي يخالف فلسفة منظومة القانون الدولي لحقوق الإنسان وغاياتها ومنطلقاتها الأساسية، فسواء أكان تعريف التعذيب في القانون الدولي تجريميا أم وقائيا، فإن ذلك لا يعني أن منظومة الإفلات من العقاب بشأنه يمكن أن تكون محلا لاستثناء، أو تقييد أو تعطيل*

  • خ/*محمد
    الأحد 14 شتنبر 2014 - 21:21

    إن التعريف الأكثر قبولا لمصطلح "التعذيب" هو ما يظهر في البند 11 من ميثاق مناهضة التعذيب:
    "بخصوص هذا الشأن، فإن مصطلح التعذيب يعني أي عمل ينتج عنه ألم أو عذاب شديد، جسدياً كان أم عقلياً، يلحق عمداً بشخص ما بقصد الحصول من هذا الشخص،على معلومات أو على اعتراف أو معاقبته على عمل ارتكبه أو يشتبه في أنه ارتكبه، أو تخويفه أو إرغامه على الاعتراف بشيء ما، أو عندما يلحق به هذا الألم أو التعذيب- لأي سبب من الأسباب كالتمييز أياً كان نوعه- أو يحرض عليه أو يوافق عليه أو يسكت عنه موظف رسمي، أو أي شخص آخر يتصرف بصفته الرسمية. "
    يتضح من هذا التعريف أن هناك أربعة شروط أساسية وتراكمية تجعل من عمل معين بمثابة تعذيب:
    أ) يتم عن قصد
    ب) يسبب الألم أو المعاناة الشديدة
    ج) يتم لغرض تحقيق أحد الأهداف المشمولة في الميثاق، وبضمنها تخليص المعلومات
    د) يتم من قبل موظف رسمي أو بموافقته.
    من بين الأربعة، فإن البند الثاني هو الذي يثير الصعوبات والخلافات عند محاولة تطبيق التعريف بخصوص وسائل التحقيق عموما، وبخصوص وسائل التحقيق الذكية والمدموجة، على غرار الوسائل التي تستعملها قوات الأمن بصورة خاصة*

صوت وصورة
شراكة "تيبو أفريقيا“ وLG
الجمعة 29 مارس 2024 - 11:43 1

شراكة "تيبو أفريقيا“ وLG

صوت وصورة
احتفاء برابحة الحيمر في طنجة
الجمعة 29 مارس 2024 - 10:03

احتفاء برابحة الحيمر في طنجة

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 4

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 3

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 4

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات