خلفيات الحشد ضد "داعش"

خلفيات الحشد ضد "داعش"
الأربعاء 17 شتنبر 2014 - 20:27

غادرت بريطانيا موقفها المتردد حيال ما يجري من تحالفات ضد “داعش” بعد ذبح الرهينة البريطاني “هاينز” من قبل تنظيم الدولة يومه الأحد 14 شتنبر 2014.

ليس غريبا أن يتكرر مثل هذا الفعل من تنظيم غريب متطرف، غير أن اللافت كيف يستعدي دولا أخرى، ألهذا الحد لا يأبه التنظيم لهذا الخطأ السياسي في وقت يتداعى العالم لمحاربته؟ وما مدى قوة هذا التنظيم حتى لا يكترث لعدوان أي دولة؟ !

إن أبرز حدث طفا بعد الهدنة الدائمة الفلسطينية الإسرائيلية، الحشد ضد تنظيم الدولة في العراق والشام، فهل يحتاج هذا التنظيم تحالفا دوليا لتقويضه؟ أيُعقل أنْ تُوازِن قوة هذا التنظيم قوة تحالف دولي يضم أزيد من 40 دولة؟ ! وما يعني كلام كيري: إن استراتيجية مواجهة “داعش” لا زالت تتبلور أثناء تشكيل التحالف؟ ولماذا تعرقل روسيا وإيران والنظام السوري محاربة الإرهاب؟ !

كررت بريطانيا ذات سلوكها السياسي إبان الحشد الأمريكي لضرب النظام السوري، وفي ضوء ما أثَرْته من أسئلة، يبدو أنها تعي بأن انضمامها إلى أي تحالف ضد “داعش” في السياق السياسي الراهن، يعني انخراطها في حرب على النظام السوري وعلى مصالح روسيا وإيران.

لا شك في أنه مهما بلغت قوة تنظيم الدولة، والتي راكمها في ظروف بحث تشديد الخناق على النظام السوري، فإنه لا يتطلب كل هذا الحشد، الذي لم يكتمل بعد، لإنهاء نشاطه.

يبدو أن ثمة أهداف مستترة وراء مطاردة “داعش”، لقد ذكرت آنفا، إثر نهاية الحرب الأخيرة على غزة، أننا بصدد سياسة دولية أكثر وضوحا وانسجاما، بعد تغيير المالكي في العراق وبدئ الولايات المتحدة ضربات جوية ضد “داعش” في العراق تبريرا وتمهيدا لضرب التنظيم في سوريا.

وقد واكب إمكان مطاردة التنظيم في سوريا نقاش حول إشراك النظام السوري، ورأت الولايات المتحدة وحلفاؤها أن النظام فقد كل شرعيته، ولن تحتاج إذنا من النظام للتدخل. ثم ظلت إيران وروسيا تناوران من أجل إشراك النظام السوري في العملية وإكسابه المشروعية، غير أن مؤتمر جدة بخصوص محاربة “داعش”، الذي لم تحضره إيران وأعربت متأخرة بأنها غير معنية، كرس الخيار الأمريكي، ثم فاجأت تركيا الجميع بعد المؤتمر بقرار عدم مشاركتها الميدانية في الحرب، ربما لبعث رسالة مفادها أن تركيا لا تقل شهامة عن إيران إذا ما تعلق الأمر بشن الحرب على المسلم من قِبل غير المسلم.

لا شك في أن العزم يشتد من جديد، وصارت الظروف الدولية أكثر ملاءمة، لاستئناف مشوار الربيع والإطاحة بنظام بشار الذي شكل نقطة نكوصه وارتداده.

إذا كانت الحرب على داعش لا تحتاج كل هذا الحشد والمؤتمرات والتريث وتمحيص الاستراتيجيات والخطط ، فإن الحرب على الارهاب الدولي يحتاج إلى مواجهة دولية على حد تعبير الرئيس الفرنسي في كلمة المؤتمر الذي استضافته بلاده يومه الاثنين 15 شتنبر 2014.

إن القوة التي تُحشد لضرب “داعش”، تريد منها أمريكا تفادي أخطاء الإدارة الجمهورية إبان تدخل 2003، وقد بدا ذلك واضحا لما استبعدت التدخل البري رغم تلقيها عروضا متوالية في الموضوع.

كما يراد من التحالف الآخذ في الاتساع إحلال الاستقرار في العراق وإنجاح تشكيل حكومة “حيدر العبادي” بتضمينها كل الاطياف، وعلى منوال ينتج أنموذجا يبعث الاطمئنان إلى إيران حتى يتسنى المرور إلى المربع الثاني، حيث ضرب دواعش سوريا وتنحية بشار وتشكيل حكومة ائتلاف سورية.

وتدل المؤشرات على أن الاطاحة بنظام بشار هذه المرة سيأتي عبر المزاوجة بين ضرب داعش والنظام بسلاح الجو الأمريكي الخارق، وبدعم المعارضة عبر التدريب والتسليح، بخاصة وأن الكونغرس الأمريكي بات يحرز تقدما ملموسا بشأن تسليح المعارضة السورية على حد تصريح البيت الأبيض بهذا الخصوص.

أما الوضع الليبي فقد استنفر اجتماعا طارئا لمجلس الأمن يومه الاثنين 15 شتنبر 2014، وعبرت رئاسة المجلس عن تقدير جهود دول الجوار في حل الأزمة سلميا. وبخصوص الوضع في اليمن، أصبحت كل الأطراف تتجه إلى الاستجابة لمطالب الحوثي ووضع نهاية للأزمة.

أعود إلى القول بأنه لولا انتصار المقاومة في غزة ومسارعة إسرائيل إلى التهدئة، لما أبدى اللوبي الصهيوني العالمي كل هذه المرونة بشأن السعي إلى صناعة التوافقات، والسير تجاه تهدئة معقولة بالمنطقة العربية.

إن السر في التهويل من خطر “داعش” يكمن في محاولة القوى الدولية ربط التغيرات الإيجابية التي ستشهدها المنطقة العربية الإسلامية (فلسطين والعراق وسوريا…) في الأمد القريب بمحاربة “داعش” وقوى التطرف والارهاب، والتشويش على استيعاب هذه التحولات في سياق انتصار مقاومة غزة، وانهيار أمن إسرائيل وصورة جيشها الذي لا يقهر.

[email protected]

‫تعليقات الزوار

10
  • أحمدي23525
    الأربعاء 17 شتنبر 2014 - 21:09

    بعيدا عن الحسابات السياسية الروتينية ومحاولة فهم مواقف الاطراف المتدخلة ايران؛ سوريا ؛ الامم المتحدة ، امريكا ؛ بريطانيا تركيا …الخ هناك شيء واحد مؤكد هو أن المنظمات الإرهابية تشكل خطرا على الحضارة الإنسانية برمتها وهذه المنظمات تنتشر في كل مكان كالسرطان
    – شباب الصومال
    – القاعدة في الغرب الاسلامي
    – بوكو حرام
    – داعش
    – النصرة
    – الطالبان
    – القاعدة الام تحت رئاسة الظواهري
    القاسم المشترك بين جميع هذه التنظيمات هو الفكر الاسلامي المتطرف الذي يؤمن بالذبح وقطع الاعناق والسبي والغنائم والرق وملك اليمين والولاء والبراء وقطع اليد والجلد والرجم وقتال كل الناس حتى يسلموا
    هذا الفكر يتنافى مع منطق ومبادئ العصر: حرية الاعتقاد الحريات الفردية حقوق الانسان الديمقراطية المساواة
    فحينما نسمعهم مثلا يسمون أميرهم البغدادي القريشي فهم يؤمنون بالفقه الذي يعتبر أن خليفة المسلمين يجب أن يكون من قريش (انظروا الى التخلف) فقه موغل في التخلف
    أمام الأمة الاسلامية خياران: إما الانفتاح على العصر وتبني الديمقراطية والعلمانية ؛ وإما تثبيت عقارب التاريخ في 14 قرنا خلت
    الحلول الوسطى المتذبذبة لا تجدي

  • sifao
    الأربعاء 17 شتنبر 2014 - 22:04

    خلفيات الحشد ضد داعش هو انتصار المقاومة "وانهيار أمن إسرائيل وصورة جيشها الذي لا يقهر"
    تعبير صريح عن عقدة الانتصار التي تؤزم نفسية الانسان المهزوم ، اي تغيير في سلوك العدو اتجاهه الا ويعتبره انتصارا ، فقد تعود حامل هموم الشرق ان يرى دبابات اسرائيل تتجول في شوارع مدينته بعد ساعة او ساعتين من بدأ الحرب ، كما حدث لفي لبنان سنة 82
    حماس نشأت تحت الاحتلال الذي كان يتحكم في قطاع غزة ، حسب منطق الكاتب ، هذه النشأة لوحدها تعتبر فوزا عظيما ، مما يعني ان اجتياح اسرائيل له واعادة احتلاله من جديد لن يُنهي وجودها نهائيا ، اذن سيظل النصر قائما الى يوم الدين ، هذه هي الانتصارات التي يحتفل بها المهزومون تاريخيا وحضاريا ووجدانيا
    نهاية اسطورة الجيش الذي لا يهزم اعلنها حزب الله سنة 2006 ومنذ ذلك التاريخ شنت اسرائيل ثلاثة حروب على القطاع واصبح حزب الله هو الذي يحمي حدودها اسرائيل خوفا من هزم جيش اسرائيل مرة اخرى ، التكلفة كانت باهضة باعتراف امين عام حزب الله
    امريكا غزت العراق بدواعشه وحوالشه وصوادمه ، ليست قوة داعش العسكرية هي سبب الحشد ، وانما سحب البساط من تحت اقدام الفيتو الروسي في مجلس الامن …

  • marrueccos
    الأربعاء 17 شتنبر 2014 - 22:32

    إن قالت لندن أنها لن تشارك في الحرب فتريث قليلا قبل سماع موقف أستراليا !! إن أعلنت الأخيرة مشاركتها فهذا يعني مشاركة القوات الجوية لصاحبة الجلالة ملكة " بريطانيا العظمى " !!!
    النظام السوري إستنزف كما سبق وإستنزف " صدام " قبله وحان الوقت للأسد الأمريكي أن يتقدم إلى المأدبة ! لن ينفع النظام السوري في شيء التسلل وراء محاربة الإرهاب ليستعيد شرعيته ! فشرعيته ذهبت مع أطنان البراميل المتفجرة فوق رؤوس المدنيين وليس داعش ! فداعش إستطابت المقام داخل سوريا قبل أن تنتقل إلى العراق !
    المؤتمر الأخير أظهر غباء مستضيفي تحالف الحرب على داعش ولأول مرة لم يستخدم السياسيون الفرنسيون عبارة الحرب على الدولة الإسلامية وإستبدلوها بداعش فعمم ورقة الطريق الإيليزي على كل السياسيين الفرنسيين والإعلام بكل مشتقاته ( مركزية بعلامة حسن جدا ) ! فلا تكاد تسمع سوى ( داش ) أو ( ديش ) ! لماذا غباء ! لكون داعش هي الدولة الإسلامية في العراق والشام !!!
    سيكتب التاريخ أن العالم شاهد بالصوت والصورة على أي أساس تقوم دولة الخلافة في الإسلام ولا يسعني إلا الترحم على ضحايا الخلافات ! التي سبقتها !!!

  • alia
    الخميس 18 شتنبر 2014 - 01:02

    فشل مخطط "خارطة الشرق الاوسط الجديد" عفوا" هذا ما يبدو فقط في الوهلة الاولى, و كالعادة نحن مخطئون حين نرى الاحداث من وجهة نظرنا التي اثبتت قصورها , فيظهر جليا ان العرب و "المسلمين"ما زالوا يفكرون بطريقة بدائية بالمقارنة مع الغرب المتمرس , والذي يصل الى مبتغاه بتغيير الآلية لكن الهدف يبقى ثابتا الى ان يتحقق.
    اولا حاولوا تغيير الخارطة السياسية للشرق تحت ذريعة السلاح النووي ثم دكتاتورية النظام السوري و الاحتجاج بالسلاح الكميائي , لكن كل الخطط كانت قاصرة عن بلوغ الهدف
    حتى جاءت الفرصة الذهبية التي يقدمها اتباع الكتب التراثية التي أنتجت "مسلمين"قابلين للاستحمار لدرجة أنهم صدقوا ان التنظيم الذي اسس على _فكرة ساذجة و لحية و عمامة _هو فعلا دولة إسلامية!
    استغلال الغرب لهذه الفرصة التي طالما انتظرها لفرض " انقلاب مدمر"على المنطقة الشبه مدمرة تحت ذريعة محاربة الارهاب و هي الضوء الاخضر الذي لا يشك العالم في ان دوافعها سليمة و نتائجها ايجابية.

  • elias
    الخميس 18 شتنبر 2014 - 02:32

    تركيا هي التي اذخلت عصابات داعش عبر حدودها الى تركيا. انهم لم ينزلوا من السماء ذاخل سوريا.

    ايران و روسيا ارادا المشاركة لكن شرطهم كان هو اشراك نظام الأسد في الحرب على داعش. لكن دول الخليج و الدول الأخرى رفضوا، لأن الهدف هو ضرب الجيش السوري و بالتالي اسقاط النظام كما حدث في ليبيا. و الأيام سترينا هذا. ليس كل هذا الحشد لمحاربة عصابات لا يزيد عددهم عن 50 الف. داعش ساندوها آخرون بتسريب مواقع الجيش السوري عبر الأقمار الاصطناعية. داعش تملك طيارات بدون طيار لرصد المواقع. داعش تملك اسلحة جد متطورة. كل ذالك قدم لهم من طرف تركيا، حيث يتقووا، ثم جاءت الفرصة لتنفيذ الهدف الأساسي….

  • dokkali
    الخميس 18 شتنبر 2014 - 09:04

    و ماذا عن المالكي الذي أعدم 3000 سني؟. وترك الأسد يفعل ما يشاء بأهل الشام وحتى بعد إستعمال السلاح الكميائي و قتل أكثر من 200 ألف؟. والعسكر المصري و قتل الالاف من المتضاهرين وسجن ممثلو الشعب المصري؟ و أحكام الإعدام في حق العلماء و الدعاة والشباب الثائر…؟ . و كيف تفسر غلق جميع القنوات السنية "الرافدين" و"البغدادية" و"الحدث"…. علي القمر المصري "نايل سات، فيما لا تزال قرابة 25 -30 قناة شيعية تبث عبر القمر المصري بصورة عادية. و كذا غلق القنوات الإسلامية السنية بالعراق و مصر . و ماذا عن إدراج الحركات الإسلامية (حماس، الجهاد الفلسطيني، و الإخوان، ناهيك على النصرة، الدولة الإسلامية…و الطالبان، الشباب، القاعدة و بوكو حرام….) في قائمة المنظمات الإرهابية من طرف أمريكا و السعودية و الإمارات و مصر ؟

  • dokkali
    الخميس 18 شتنبر 2014 - 09:34

    وماذا عن تشجيع الأكراد في الاستقلال و.تسليجهم (امريكا و فرنسا…)،  وإعطاء الضوء الأخضر للقضاء على  المقاومة الإسلامية في غزة (الجرب الأخيرة على غزة)، و التنسيق الخليجى المصرى الأمريكي لدعم اللواء المتقاعد خليفة حفتر و إسقاط النظام الجديد في ليبيا؟

  • Amazigh Marocain
    الخميس 18 شتنبر 2014 - 09:58

    Les musulmans contres Chariia des Musulmans

  • khawla86m
    الخميس 18 شتنبر 2014 - 18:11

    كل التنظيمات الارهابية يصنعها الموساد ويغذيها أصحاب اللحى الطويلة والعقول الصغيرة

  • bouddiouan
    الجمعة 19 شتنبر 2014 - 00:08

    أشكر للمتدخلين إفاداتهم القيمة لكني لا أتفق مع من لا زال يشك، مع كل ما نراه على الأرض، أو سنراه مستقبلا، بعد الهدنة، في انتصار المقاومة، أنا لا أقول هذا من فراغ لأن تشخيصي ورصدي للوضع الدولي جعل توقعاتي عن اندلاع مواجهة في فلسطين صحيحة، والمقاومة استفادت من الوضع الدولي ووظفت امكاناتها الذاتية وصمودها الاسطوري لمنع اسرائيل من تحقيق ولو واحدا من أهدافها، وبقي أمن اسرائيل في خطر، هذه حقائق عنيدة لا يجرؤ على تجاوزها الا من دأب على رفع معنويات اسرائيل، لم يعد أمام اسرائيل ومجموعات ضغطها العالمية سوى خيار الاسهام في الاستقرار العالمي، وكل مناورة منها ستؤدي الى معاودة قصفها، ألم تسمع عن تعرضها البارحة لقصف من جهة مجهولة؟!

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 1

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 2

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 3

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 6

وزير النقل وامتحان السياقة