ماذا يعني تشخيص بنكيران لواقع التعليم؟

ماذا يعني تشخيص بنكيران لواقع التعليم؟
الأربعاء 19 نونبر 2014 - 20:44

صدر عن رئيس الحكومة بتاريخ 20 أكتوبر 2014 كلام عن واقع المنظومة التعليمية بالمغرب مفاده أن الوضع التعليمي لم يعد يطيق وجود تلميذ الثانية باكلوريا يكتب اسمه بشكل خاطئ. وجاء كلام رئيس الحكومة عقب صدور تقارير أشغال المشاورات حول المدرسة المغربية. فما السر وراء تلميحات بنكيران التقييمية للمنظومة التعليمية؟ وماذا يعني إطلاق مثل هذه المشاورات في عهد بلمختار بعد تعاقد المغاربة على ميثاق وطني عبر صيغة تشاورية معقولة؟ وهل تُشكل هذه المشاورات استمرارا أم قطيعة مع التدابير السابقة؟ وهل تتضمن تقييما للمخطط الاستعجالي؟ وهل يمكن اعتبارها استمرارا لما بدأه الوفا إبان حكومة بنكيران الأولى؟

جاء تصريح رئيس الحكومة بعد توالي الخطابات الملكية(2012 – 2013 – 2014) التي عكست قلقا بشأن المنظومة التعليمية، وأشارت إلى أن كسب رهان إصلاحها، جسر لكسب رهان التنمية وتبويئ المغرب مكانة الدول الصاعدة.

شرعت حكومة بنكيران الأولى في خطوات إصلاحية مست في المرحلة الأولى بالأساس جوانب التنظيم والحكامة والموارد البشرية والبرامج بشكل جزئي(إلغاء بيداغوجيا الادماج). غير أن ما عيب على سياسة الوزير محمد الوفا هو عدم اشتغاله في نسق الاستمرارية، وافتقار مبادراته لمنهجية التشاور الموسع.

قد يكون في ما أقدم عليه الوفا كثير من الصواب والتوفيق من الناحية التدبيرية، حيث استبشر الفاعل التربوي بانهاء الارتباك الذي سببته بيداغوجيا الادماج، وبتنظيف الموارد البشرية من الموظفين الأشباح، وإخلاء المؤسسات من ظاهرة احتلال السكن الوظيفي. لكنه جانب الصواب من الناحية السياسية، لأن حماسته المفرطة وسجيته البريئة أثارت ضده الكثير من الانتقادات، وصدته عن احترام منطق الدولة المغربية القائم على توسيع التشارك والاشتغال في ظل الاستمرارية.

لو أقدم الوفا على كل ما أقدم عليه وزيادة رافعا شعار الاستمرارية لوحده، لما جاء الخطاب الملكي لـ20 غشت 2012 بتلك النبرة الساخطة على الوضع التعليمي. لكن لا ينبغي إغفال السياق السياسي للخطاب الذي اتسم بتصاعد موجات الردة ضد ربيع الإصلاح.

وبالرغم من تشبث الدولة بمبدأ الاستمرارية، فإن تقارير اللقاءات التشاورية حول المدرسة لم تقف عند محطة المخطط الاستعجالي. قد يشير ذلك إلى كون هذا المخطط ساهم من جانبه في انتكاس المنظومة التعليمية، أو يمكن اعتبار ذلك استمرارا لما تم إرساؤه من قبل”محمد الوفا”، باعتبار أن الأخير أعلن ضمنيا فشل هذا المخطط.

من أجل ذلك جاءت مرحلة الوزير بلمختار مركزة على مسار التشاور، وحابلة بمحطات النقاش الاقليمية والجهوية والمركزية حول المدرسة المغربية، وقد أسفرت عن تقارير فئوية وموضوعاتية، تشكل مادة خام لاشتغال المجلس الأعلى للتربية والتكوين، ويرجى اعتماد مضامينها في عمليات الإصلاح المرتقبة.

دُبّجت تقارير المشاورات حول المدرسة المغربية بالخطب الملكية والبرنامج الحكومي، وركزت على ما تضمنه الأخير من إعادة الثقة في قطاع التربية والتعليم بإطلاق اللامركزية وترسيخ منهجية التعاقد في المؤسسات من خلال مشاريع قابلة للتقويم، وربط التمويل بمستوى الانجاز، وتوسيع هامش التدبير المالي مع ربط المسؤولية بالمحاسبة، علاوة على إرساء حكامة جيدة توظف الموارد البشرية بشكل أمثل، ومرتكزة على التخطيط والبرمجة الدقيقة، ورامية إلى تعميق ثقافة التقييم وابتكار آليات التتبع والقيادة.

كما ذكرت تقارير المشاورات ما ورد في البرنامج الحكومي من أولويات تبتغي الارتقاء بمهام المدرسة الوطنية وأدوارها، والتي يتصدرها تتبع ومراجعة مناهج التدريس، وترسيخ التربية على منظومة القيم، وتحديث تدريس اللغات الوطنية والأجنبية، والتقييم الفعال للتعلمات والمؤسسات والموارد البشرية، وإرساء نظام التكوين الأساس للمدرسين بتفعيل مخططات هادفة وناجعة للتكوين المستمر.

إن ارتكاز المشاورات على البرنامج الحكومي له دلالة خاصة في السياق السياسي لراهن المغرب، إذ يوحي ذلك بتكريس دولة المؤسسات، بعدما كان يعتبر كثير من المراقبين ملف التعليم في المغرب بعيد عن تحكم الفاعل السياسي الوطني.

غير أن ما تحدث عنه البرنامج الحكومي من إجراءات في غاية الأهمية يستحيل رؤيتها على الأرض، ما لم تجد، بالاضافة إلى تمويل استثنائي، رجلا استثنائيا يشرف على قيادتها مركزيا، وكفاءات موهوبة تشرف على تنزيلها مجاليا.

وفي ظل ما تناثر من أخبار عن طلب السيد بلمختار الإعفاء من مهام الوزارة، قد يجد من يروم النهوض بالمنظومة التعليمية، ويقض مضجعه تلميذ بقسم الباكلوريا لا يحسن كتابة اسمه، في الوزير السابق محمد الوفا ذلك الرجل الاستثنائي، الذي لا زال يملك القوة الأدبية والفكرية والبدنية لاتمام عمليات التأسيس الهيكلي للاصلاح في ما بقي من عمر هذه الحكومة.

[email protected]

‫تعليقات الزوار

3
  • Amokrane
    الأربعاء 19 نونبر 2014 - 21:36

    Nous avons des élèves au lycée notamment, qui ignorent les règles les plus élémentaires de fonctionnement de la langue, en français comme en arabe. Le socle commun des connaissances -lecture, écriture et calcul- n'est pas au point non plus. Le cumul des lacunes est tel que, un élève de terminal est incapable de produire un quelconque énoncé et qu'il puisse l'exprimer correctement
    On leur enseigne par exemple que les temps du récit sont principalement le passé simple et l'imparfait, sans qu'il est la moindre notion sur ces temps, le passé simple en particulier, ni la valeur de ces deux formes verbales. Que dire du reste, quand il s'agit de comprendre un texte ou d'y réagir

  • fati
    الأربعاء 19 نونبر 2014 - 22:42

    ما وصل اليه الحال مقصود حتى ينام الشعب و تحافظ النخبة المتحكمة على امتيازاتها

  • Akim
    الخميس 20 نونبر 2014 - 13:45

    لاشيء على الإطلاق . كل شيء تفوح منه رائحة الارتجال . كل شيء ينبني على ضياع فئات كثيرة من المثقفين بسبب إغلاق الأبواب في وجوههم ، وفتحها أمام – من لهم ومن لهن معارف في دار العرس – عدد هائل من المثقفين الواعين الأبرياء وغيرهم يعيش على الصبر ويقتات من الفراغ . يرحل وزيرا بعد أن يقلب كل شيء ويأتي وزيرا ليقلب ماتبقى من جور الأول وهكذا ساقية لاتكف عن الدوران لكن في حلقات مفرغة . لاهذا ولاذاك .. الفئات الممارسة والتلاميذ هم الحلقة الأضعف في مشوار اللاإصلاح وهم المستهدفون بلا هوادة.. وستظل دار لقمان على ماهي عليه .. نعيم عند البعض-المستفيدون من سلالم الأجور- وجحيم عند البعض الآخر-القابعون في ماقدر لهم ورسم لهم -..

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 2

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 8

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 6

وزير النقل وامتحان السياقة

صوت وصورة
صحتك النفسانية | الزواج
الخميس 28 مارس 2024 - 16:00 3

صحتك النفسانية | الزواج

صوت وصورة
نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء
الخميس 28 مارس 2024 - 15:40 1

نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء