” فظيع هو الموت عطشا في البحر” ( نيتشه)
أربعون يوما مرت على تلك النهاية التراجيدية لحياة المناضل القيادي الاتحادي أحمد الزايدي, الذي فقد فيه المشهد السياسي والحزبي إطارا سياسيا ذا مصداقية, خبر الإعلام لسنوات فتميز فيه , ودبر الشأن المحلي بجماعته, فكان نموذجا للمستشار الجماعي “العضوي”, وقاد الفريق البرلماني الاشتراكي, فنال احترام جل البرلمانيين على اختلاف انتماءاتهم , في المعارضة كما في الأغلبية .
في هذه المناسبة الأليمة, سيستحضر كل من عرف الفقيد ,سواء عن قرب أو عن بعد , ما تفرد به من سمات طبعت سلوكه وأداءه وتدبيره لشبكة من العلاقات على مستويات متعددة ومتنوعة , ودون شك سيجمعون على تعداد خصاله الحميدة , من تواضع ونكران ذات , وجدية في التسيير والتدبير, وحسن تواصل وصدق الخطاب ..
بخصوصي أستحضر هنا واقعتين نوعيتين في علاقتي بالفقيد العزيز لما لهما من دلالات ذات راهنية على المستويين السياسي والحزبي :
الأولى : مباشرة بعد التصريح الحكومي لرئيس الحكومة الحالية أمام البرلمان عقب فوز حزب العدالة والتنمية بأول انتخابات في العهد الدستوري الجديد , جمعتني مع الفقيد جلستان , بدعوة منه , لمناقشة الخطوط العريضة لرد الفريق البرلماني على هذا التصريح , وكان السؤال المؤطر لهتين الجلستين هو : كيف نبني خطابا معارضا يأخذ بعين الاعتبار أن الحزب قد خرج لتوه من تجربة حكومية استمرت 13 سنة ؟ فماذا سنعارض وكيف ’ دون السقوط في ” المعارضة من أجل المعارضة” أو المعارضة من منطلق “مرجعي إيديولوجي” ؟
لقد كان الفقيد شديد الحساسية ,في تناوله لهذا السؤال , لأي معارضة مزايدة, وحريصا على ترجمة وأجرأة اختيار ” المعارضة البناءة والإقتراحية”, كما أقرها المجلس الوطني للحزب , إلى سلوك وخطاب يؤسسان لمعارضة قادرة على الاضطلاع بمهامها وصلاحيتها الجديدة كما نص عليها دستور 2011 . وكم كانت مداخلته في مجلس النواب أثناء مناقشة التصريح الحكومي عاكسة لاختيار المجلس الوطني ومعبرة عن نوعية المعارضة التي أقرها : معارضة بناءة , اقتراحية بخطاب موضوعي , عقلاني , ينتقد, ويفتح أفقا في نفس الآن .
الثانية: هي واقعة حدثت في شروط جديدة , أي في مناخ مخلفات المؤتمر التاسع للإتحاد الاشتراكي. ليست اللحظة مناسبة للحديث عن هذه المخلفات وعن المسؤوليات فيها , ولكن لابد هنا من التوقف عند حصيلة الفريق البرلماني الذي قاده الراحل استكمالا لما سبق ذكره أعلاه . ففي لقاء بين المكتب السياسي للحزب والفريق البرلماني يوم 2 أبريل 2014 دافع الأخ الزايدي عن أداء الفريق وحصيلته , موضحا علاقة الفريق بالحزب ومشاكله الداخلية التي أفرزها المؤتمر التاسع . وهذا بعض ما جاء في مداخلته , كما دونت ذلك في مذكرتي الخاصة :
_ عن الحصيلة قال : ” الحصيلة غنية في مضمونها , وازنة كما , نوعية من حيث المبادرات والمقترحات “, وردا على نعث معارضة الفريق بالمهادنة قال: “هذه مغالطة تكذبها وثائق حصيلتنا “, واستعرض في هذا السياق كيف ” قاد الفريق معركة تحصين حق المبادرة التشريعية للمعارضة , وانفرد بفضح وتعرية قانون التنصيب في المناصب العليا..” محيلا على المطبوع الخاص بالحصيلة, والتي تضمنت 18 مقترح قانون , تسعة منها قوانين تأسيسية , 614 تعديلا على مشاريع القوانين , 58 طلب لدعوة اللجن للإنعقاد لمساءلة الوزراء حول السياسات العمومية, 444 سؤال ذات بعد وطني أو جهوي .. ” وتفاصيل أخرى في مطبوع حصيلة الفريق في عهد رئيسه الفقيد ..ولم يتوقف السي أحمد عند حدود رصد ما أنجزه الفريق , وإنما أعطى تصورا لتطوير ما تحقق وذلك من خلا ل _ كما قال _ : ” التركيز على ممارسة الرقابة على السياسات الحكومية عموما , وإشراك الفريق في اتخاذ القرارات ومناقشتها ليستطيع الدفاع عنها , وإخضاع التنسيق مع أحزاب المعارضة لم هو موضوعي .. ”
وعن العلاقة المتوترة بين الفريق و قيادة الحزب أكد الفقيد بكلمات قوية واضحة على أن « الفريق هو مرآة ينعكس عليها عمل الحزب وتوجهاته, ويعمل تحت إشراف الحزب..و نحن معتزون بما قمنا به , وإذا رأت القيادة غير ذلك نحن ننضبط .. مرجعيتنا الوحيدة هي الإتحاد الإشتراكي , والفريق هو وجهه في البرلمان , وهذا ما نقوم به , وإذا كانت هناك اختلالات في عملنا الحزبي فلا ينبغي تحميلها للفريق .. لسنا مؤسسة فوق مؤسسة الحزب ولا حزبا داخل الحزب..”
هكذا تحدث الفقيد في ذاك الاجتماع , وبقية حلقات القصة معروفة,مؤسفة ومؤلمة , ولكن لا أحد تخيل يوما أن أحد شخوصها الرئيسيين ” سيموت في البحر عطشا”
فسلام على روحك النضالية الإتحادية الأصيلة .. نم مرتاحا, فالإتحاد الاشتراكي سيظل كطائر الفينق الذي ينبعث من رماده ..
أن يتم إختزال سنة في أربعينية وفاة المرحوم " الزايدي " وغيره ! مع العلم ؛ أن العالم حافل بأحداث تاريخية تعطينا من الدروس ما يشكل عونا للخروج من تدبير الواقع ساعة بساعة ! فهذا ينطبق عليه مثل " نيتشه " " فظيع هو الموت عطشا في البحر" !!!!!
قيادة الاتحاد الاشتراكي ظلت تتنافس على المواقع والمنافع الابعضهم من امثال الاستاذ اليوسفي.
ان الصراع الحالي صراع حول تركة رجل مريض.
-كفى من الماضوية.
-التعالي على الاحزاب التقدمية الاخرى من عوامل مرض هذا الحزب.
-قسموا اقوى نقابة بالمغرب وبافريقيا والعالم العربي وزرعوا التفرقة في صفوف الاجراء من عمال وموظفين…
-الانشقاقات مرض عضال بالاتحاد الاشتراكي.
-يجب على القادة ان يقدمو نقدا ذاتيا.