حسرة الاتحاديين على ما ألت إليه وضعية حزبهم

حسرة الاتحاديين على ما ألت إليه وضعية حزبهم
الأحد 21 دجنبر 2014 - 13:35

اعتمد حزب الاتحاد الاشتراكي في مؤتمره السادس الاقتراع السري، عوض لجنة الترشيحات، كقاعدة لاختيار وتحمل المسؤوليات في أجهزته المحلية والوطنية. وقد كتبت حينها مقالا نشر بالأحداث المغربية في 15 يونيو 2001 عنوانه ‹‹المؤتمر السادس للاتحاد الاشتراكي: الاقتراع السري آلية لترسيخ سيادة القواعد الحزبية››، اعتبرت حينها أن هذا الإجراء هو خطوة كبيرة نحو تعميق الديمقراطية الداخلية، بل اعتبرته سبقا تاريخيا يجب أن يحسب للاتحاد الاشتراكي. وبدا لي حينئذ أن الاقتراع السري آلية فعلية لترسيخ سيادة القواعد الحزبية، وإرادة فعلية ‹‹للمساهمة في إشاعة قيم الديمقراطية في صفوف الحزب حتى يكون قدوة للمجتمع›› ونبذ بعض ‹‹السلوكات التي حادت عن مبادئ الحزب›› التي تتمثل في تراكم بعض السلوكات المنحرفة من قبيل الحلقية “والتكوليس” والتكتل حول أشخاص لأغراض ذاتية، عوض التكتل حول اختيارات فكرية وسياسية.

كان اعتقادي حينها أن هذا الإجراء الديمقراطي سيشكل آلية ديمقراطية تساعد الحزب على تدبير اختلافاته الداخلية الطبيعية التي رافقته منذ نشأته، باعتباره حزبا للقوات الشعبية يزخر بمكونات فكرية واجتماعية متنوعة. إذ كانت تعتبر أدبيات الحزب أن هذا التعدد الفكري شكل دوما مصدر إغناء وقوة جعل منه حزبا حيا وديناميا، كونه يتوفر على طاقات قادرة على طرح اتجاهات فكرية وسياسية متباينة لمعالجة قضايا المجتمع في إطار هوية الحزب الاشتراكية.

غير أن هذا الاختلاف والتعدد ابتدأ يتحول، من مؤتمر إلى آخر، إلى مصدر تناقضات داخلية وصراع عدواني بين أشخاص ومجموعات، حيث شكل هذا الصراع مصدر ضعف وارتباك وتصدع نظرا لأبعاده الذاتية، ونظرا لضعف ترسيخ الثقافة الديمقراطية وتراجع قيم التوافق في صفوف القيادة الحزبية. وعليه لم تعد المؤتمرات محطة لتلا قح الأفكار والرؤى وبلورة وتوضيح وتحيين اختيارات الحزب السياسية وهويته ورؤيته وتصوراته وتحاليله الملموسة للواقع الملموس. نظرا لعدم اهتمام الكثير بهذا الجانب، حيث ابتدأ يتراجع أهل الفكر والسياسة ويتقوى أهل الخبرة في التحكم في التنظيم وفي أجهزة الحزب. هكذا تحولت المؤتمرات إلى حلبة للصراع والتدافع والإقصاء عبر تجييش وتجنيد الأتباع. وتحول الاقتراع السري إلى ذريعة ديمقراطية لممارسة هذا الإقصاء المتبادل وتصفية حسابات ذاتية من هذا الطرف أو ذاك.

في هذا المناخ وبهذا الأسلوب فقد الحزب جزءا هاما من شبيبته وذراعه النقابي في المؤتمر السادس، وجمد كثير من المناضلين نشاطهم الحزبي فوجا بعد آخر. وقد ترتب عن سكوت وتأجيل مواجهة هذه العاهات، من مؤتمر إلى آخر، إلى أن وقع الانفجار الذي حدث في المؤتمر الأخير، الذي لم يتضح بعد حجم خسائره. ويبدو أن أكبر ضحايا هذا المناخ المتوتر و الأسلوب الرديء هم بالطبع المناضلون العقلاء الذين يترفعون عن ممارسة هذا النوع من العراك سواء على المستوى المحلي أو على المستوى الوطني. وهم الآن على الهامش يتحسرون ويتأسفون عما آلت وستؤول إليه أوضاع حزبهم وأيديهم على قلوبهم يأملون أن يزول هذا الاحتقان والأزمة الحرجة التي يمر منها حزبهم.

في اللقاء الذي نظمه تيار الانفتاح واليمقراطية بسطات مؤخرا مع القواعد الحزبية لجهة الشاوية ورديغة، عبر كثير من المناضلين في تدخلاتهم عن حسرة مزدوجة: حسرة على سلوك القيادة الجديدة التي لا تعير أي اهتمام لما يقع للحزب من انفجار، حيث صرح أحمد الشامي الذي نشط هذا اللقاء أن لشكر قال له أنه مستعد لمساعدة تيار الانفتاح والديمقراطية على الرحيل ( بمعنى أنا وبعدي الطوفان). وحسرة أخرى ناتجة عن إصرار هذا التيار عن مغادرة الحزب غير مباليين بمصالح الحزب، حيث صرح أحمد الشامي أيضا في هذا اللقاء أن التعايش مع القيادة الجديدة أضحى مستحيلا.

إن الحفاظ على حزب القوات الشعبية والحفاظ على مكانته المتميزة في المشهد السياسي، يقتضي استحضار تجارب الماضي الانقسامية التي لم ينتج عنها سوى نزيف وتشتت وضياع لطاقات اتحادية كثيرة. هذا يحتم على القيادات الحزبية استحضار وتغليب العقل وبعد النظر واعتماد نقد ذاتي يرجح قيم التوافق، عوض أسلوب الإقصاء باسم الديمقراطية التي اختزلت في الاقتراع السري…إننا ما زلنا غير ديمقراطيين … ومازلنا نعيش انتقال ديمقراطي كما هو حال كل المغاربة … ويقتضي هذا الانتقال اعتماد ثقافة التوافق والسماح بالتعايش والتنافس بين اتجاهات وأطروحات فكرية وسياسية وليس التكتل حول أشخاص ومجموعات. لذلك وجب إعادة النظر في القوانين التنظيمية لتتماشى مع مستوانا المتواضع في الثقافة الديمراطية…كما وجب العودة إلى أحد الاقتراحات التي كان يدافع عنها الأستاذ عبد الرحمان اليوسفي التي تدعو إلى عقد مؤتمرين: مؤتمر سياسي خاص بالنقاش السياسي، وبعد سنتين ينعقد مؤتمر تنظيمي. لأن المؤتمر بالشكل الحالي طغى عنه البعد التنظيمي وانتخاب أجهزة الحزب، واختفي النقاش السياسي الذي أثر كثيرا على القدرة التأطيرية الفكرية والسياسية للحزب.

‫تعليقات الزوار

8
  • جابر
    الأحد 21 دجنبر 2014 - 14:18

    ثقافة الزاوية هي التي تم تكريسها في الحزب، على رأس التنظيم عدة أقطاب، ولكل قطب مريدون، والمريد في ظل هده الثقافة عليه أن يمتثل للطاعة، والاحترام، ممنوع عليه ان يناقشن عليه الاتباع، وليس الابتداع، ومن غرس هذه الثقافة مع الأسف الشديد من ألفناهم يتحدثون صباح مساء عن أخلاق الديموقراطية ، أعراف الديموقراطية الحقة، وعلى نقيض هده الثقافة يجب إرساء ثقافة الحزب المؤسسة التي فوق أمزجة الاشخاص……. ثقافة الديموقراطية بمعنى الكلمة كما جاء بها فلاسفة الأنوار وليست ثقافة الكهنوت التي تعود بنا إلى الوراء

  • awsim
    الأحد 21 دجنبر 2014 - 14:47

    -ما يوسف له ان يتصرف قياديو الاحزاب خارج منطق الديمقراطية والتعددية داخل احزابهم..ونريد منهم ان يقبلوا بها خارجها…لم ادر حقيقة ما يدور داخل هذا الحزب الذي كان في وقت ما امل المغاربة في انتاج افكار التحديث والحداثة لتوفره على طاقات علمية وفكرية في مختلف المجالات..لكن ان يصل الى درجة التشظي امام اعين هذه الطاقات ففي الامر ما لايمكن فهمه..ولايجد الانسان الاان يتأسف لمثل هذه النكبات التي تصيب مثل هذه الصروح التي كانت في يوم ما متجه انظار الخاصة والعامة..

  • قارئ
    الأحد 21 دجنبر 2014 - 17:05

    الاتحاد=التشتت
    هده هي المعادلة التي يمكن أن ترفع علي هدا الحزب الدي مند أن تأسس عام 1975 وهو يتقزم ويتقزم الى أن أصبح قزما حقيقيا
    أظن أن صاحب المقال نسي أن الحزب فرخ 04 أحزاب في ظرف 40 سنة بمعدل حزب كل عشر سنوات
    أليس هدا اتحادا
    الاقتراع السري آلية لترسيخ سيادة القواعد الحزبية››، بالفعل انه آلية سيادة القواعد
    صحيح لكن يجب أن تكون القواعدقواعد وليست توابع
    والدي لازال يسمي الحزب بحزب بنبركة هدا الأخير لم ير اسم الاتحاد الاشتراكي حتىبعينيه وهو الدي مات قبل ولادة الاتحاد الاشتراكي ب12 سنة

  • منا رشدي
    الأحد 21 دجنبر 2014 - 19:55

    اليسار الفرنسي وهو في الحكم لم ينجو من الصراعات الداخلية التي ذهبت إلى حد القطيعة مع سياسة" مانويل فالس " ! لا لشيء إلا لكون الوزير الأول الفرنسي يميل إلى تجربة " طوني بلير " ! وتجارب اليسار الديمقراطي الإجتماعي في أوربا طارحا القطيعة مع أيديولوجيا الحزب التي أبانت عن عجزها في إقتراح حلول للخروج بفرنسا من أزمتها الإقتصادية والإجتماعية ! ما أثار وزيري الإقتصاد والمالية اللذان قدما إستقالتهما للرئيس " هولاند " الذي قبلها !
    الإتحاد وهو في المعارضة لم يستطع الخروج من المنطقة الرمادية ! خطاب خط " الديمقراطية والإنفتاح " الوضوح فيه غامض والغموض فيه واضح ! يدعو تارة إلى الإنتقال إلى الديمقراطية الإجتماعية ؛ ليعاود تأكيده على عدم التفريط في أيديولجيا الحزب ! فما هي دواعي الإنشقاق عن " لشكر " إن كان الكل يعيش المراهقة السياسية !
    خلاصة القول : ( الرفاق ) حائرون يفكرون يتساءلون حليف(هم) من يكون !

  • منصف
    الأحد 21 دجنبر 2014 - 23:41

    تحليل هادف ومركز كنت اتمنى من الكاتب ان يعرج عن الاخطاء القاتلة التى تم تسجيلها اثناء فترة الانتخابات البرلمانية في عهد اليازغي عندما تبث هدا الاخير محمد بن عبدالقادر في تطوان وابنه في طنجة بتواطؤ مع المكتب السياسي وضدا على التنظيمات المحلية و الجهوية في الشمال

  • ابو عبير
    الإثنين 22 دجنبر 2014 - 15:02

    من كان يدري ان الحزب الدي دعي يوما ما لاخراج المغرب من السكتة الدماغية..هو الان في غرفة الانعاش..ينتظر المجهول.اين هو الحزب الدي لم ترف ابداجفون المخزن لشدة باسه..اقول للاخوة في الاتحاد ..الاتحاد ليس ملكا لاحد فهو ملك للمغاربة جميعا..فلا تحرموننا ممن الهمنا في غابر الزمن..رجاء لا تجعلوا الاتحاد مزارا للمشركين.

  • زيزو
    الإثنين 22 دجنبر 2014 - 17:27

    انها الاخطاء السياسية التي ارتكبها الكبار ولم يتم تصحيحها هي التي يتحمل تبعاتها الصغار.لقد كان الحزب الشعبي عتيدا متمنعا على النظام المخزني حين كانت الكلمة للجماهير وكانت الحكمة السياسية للقيادات التي ترهب النظام
    المخزني رغم جبروته وخدامه الكثرحيث استعمل معهم كل الحيل لترويضهم
    واستعصوا ولم ينحنوا وتمنعوا رغم ان حياتهم كانت على كف عفريت لان
    النظال في الحقوق خط تصاعدي يؤمنون به كما تؤمن به الجماهيرمن الفقراء
    والمهمشين وطبقات الشغيلة المستضعفين. كانت الانتظارات الشعبية كبيرة في
    مستوى المرحلة السياسية الرهيبة التي لم تكسر شوكة النظال والمناظلين الدين عدبوا شر انواع العداب واهينوا واغتصبوا على ايادي خدام المخزن
    في السجون ماتوا بمدلة ودفنوا ولم يعرف مكانهم ولم يركعوا للاستبداد المخزني انها قمة النظال لتحقيق العدالة والكرامة للجماهير التواقة للحرية
    والحقوق والانعتاق من رجس الاستبداد المسلط من طرف المخزن وزبانيته
    انه زمان النظال الحق الدي مضى وقضى معه مناظلوه ولن يعود الزمان الى
    الوراء لقد اتبث الحزب ومناظلوه قيادات وجماهير وجودهم كشوكة في خاصرة النظام ازالها بعد ترويض ما بقي من اشباه

  • زيزو
    الإثنين 22 دجنبر 2014 - 23:22

    انها الاخطاء السياسية التي ارتكبها الكبار ولم يتم تصحيحها هي التي يتحمل تبعاتها الصغار.لقد كان الحزب الشعبي عتيدا متمنعا على النظام المخزني حين كانت الكلمة للجماهير وكانت الحكمة السياسية للقيادات التي ترهب النظام
    المخزني رغم جبروته وخدامه الكثرحيث استعمل معهم كل الحيل لترويضهم
    واستعصوا ولم ينحنوا وتمنعوا رغم ان حياتهم كانت على كف عفريت لان
    النظال في الحقوق خط تصاعدي يؤمنون به كما تؤمن به الجماهيرمن الفقراء
    والمهمشين وطبقات الشغيلة المستضعفين. كانت الانتظارات الشعبية كبيرة في
    مستوى المرحلة السياسية الرهيبة التي لم تكسر شوكة النظال والمناظلين الدين عدبوا شر انواع العداب واهينوا واغتصبوا على ايادي خدام المخزن
    في السجون ماتوا بمدلة ودفنوا ولم يعرف مكانهم ولم يركعوا للاستبداد المخزني انها قمة النظال لتحقيق العدالة والكرامة للجماهير التواقة للحرية
    والحقوق والانعتاق من رجس الاستبداد المسلط من طرف المخزن وزبانيته
    انه زمان النظال الحق الدي مضى وقضى معه مناظلوه ولن يعود الزمان الى
    الوراء لقد اتبث الحزب ومناظلوه قيادات وجماهير وجو lدهم كشوكة في خاصرة النظام ازالها بعد ترويض ما بقي من اشباه

صوت وصورة
سكان مدينة مراكش بدون ماء
الثلاثاء 19 مارس 2024 - 01:05 3

سكان مدينة مراكش بدون ماء

صوت وصورة
خارجون عن القانون | عواقب عقوق الوالدين
الإثنين 18 مارس 2024 - 23:30

خارجون عن القانون | عواقب عقوق الوالدين

صوت وصورة
كاريزما | حمزة الفيلالي
الإثنين 18 مارس 2024 - 22:30 1

كاريزما | حمزة الفيلالي

صوت وصورة
خيوط البالون | المقلب الأخير لري تشيكوني
الإثنين 18 مارس 2024 - 22:00

خيوط البالون | المقلب الأخير لري تشيكوني

صوت وصورة
رمضانهم | أجواء رمضان في روسيا
الإثنين 18 مارس 2024 - 21:30

رمضانهم | أجواء رمضان في روسيا

صوت وصورة
ابراهيم دياز يصل إلى المغرب
الإثنين 18 مارس 2024 - 18:09 17

ابراهيم دياز يصل إلى المغرب