الإسلام القادم من الشمال..

الإسلام القادم من الشمال..
الإثنين 26 يناير 2015 - 23:09

تتوالى الأخبار عن تفكيك خلايا إرهابية في شمال المغرب، وأخرى عن التحاق شباب من مدن الشمال بسوريا والعراق، ولا أحد من الباحثين أو الأمنيين قدم جوابا أو سؤالا، حتى، من قبيل: لماذا ينحدر أغلب “الجهاديين” من الشمال؟

فحسب تقرير سري وجهته المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني “ديستي” إلى نظيرتها الإسبانية، نشرته جريدة “إلموندو” الإسبانية في دجنبر من السنة الفارطة، فإن 30 في المائة من مجموع المغاربة الذين سافروا للقتال في سوريا والعراق، هم من مدينتي طنجة وتطوان. كما أن التقرير الذي قدمه ياسين المنصوري، مدير “لادجيد”، في شتنبر الماضي، أمام الأمم المتحدة، أكد أن حوالي ثلث المغاربة الذين وصلوا إلى سوريا والعراق، انطلاقا من التراب المغربي، كانوا من مدينتي طنجة وتطوان.

إلى جانب الإسلام السلفي الجهادي، يتمركز أغلب شيعة المغرب، بتوجهيهما: المعتدل “الخط الرسالي”، والأرثوذكسي “هيئة الإمام الشرازي”، في شمال المغرب، وفي غياب أرقام دقيقة وخريطة واضحة لتوزيع الشيعة داخل التراب المغربي، تبقى مدينة طنجة هي متصدرة المدن المغربية في وسائل الإعلام التي تنقل أخبار الشيعة المغاربة وأنشطتهم.

كما أنه، وإلى جانب الإسلام السلفي الجهادي والإسلام الشيعي، يشهد شمال المغرب، ومنذ سبعينيات القرن الماضي، وجودا مطردا لجماعة الدعوة والتبليغ، هندية المنشإ؛ ويكفي دليلا على ذلك أن مدينة القصر الكبير، التي تـُعرف وسط الإسلاميين بمدينة الدعوة والتبليغ، هي مركز إقامة المرشد العام للجماعة، الشيخ البشير اليونسي.

لماذا، يا ترى، يأتي الإسلام غير الرسمي، بكل أنواعه، من شمال المغرب؟ في غياب معطيات دقيقة ودراسات علمية، سيكون من المفيد أن نطرح مجموعة من الفرضيات، يمكن أن تشكل منطلقا وتـُكأة للباحثين في الإسلام السياسي وعلم الاجتماع السياسي والأنثروبولوجيا السياسية… للوصول إلى أجوبة مفصّلة:

1 – بالنسبة إلى السلفية الجهادية، فقد كان لنشوب حرب الخليج في 1991، وانضمام السعودية إلى قوات التحالف، وإصدار مفتي المملكة، الشيخ عبد العزيز ابن باز، فتاوى إجازة “الاستعانة بالكافر على الغاشم”، أي النظام العراقي، الأثر الكبير في قطع السلفيين المغاربة مع المنبع السعودي، وتحول مركز التمويل والقرار من الرياض إلى أوربا. هذا المنعطف عضّده الانقلاب على الديمقراطية في الجزائر، في 1992، وحمل “الجيش الإسلامي للإنقاذ” السلاح لمواجهة النظام الجزائري، ودعمه من طرف عدد من رموز السلفية الجهادية بالمغرب، وفي مقدمتهم الشيخ محمد الفيزازي (الأب)؛

2 – بالنسبة إلى الشيعة، فأمام عدم إيلاء الدولة أي اهتمام لمسألة التأطير الديني للمهاجرين المغاربة في أوربا، وجد هؤلاء أنفسهم، نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات، أمام خيارين: المراكز السعودية، والمد الشيعي الذي أعقب الثورة الإيرانية في 1979، فكان أن اختاروا التشيع سياسيا وليس عقديا. هذا الأمر سوف يتكرر بقوة أكبر، مع بداية الألفية الثالثة، حين ظهر حزب الله اللبناني كقوة سياسية مقاومة للاحتلال الإسرائيلي؛ ولاعتبارات تحتاج إلى الكثير من البحث والتدقيق، كان أغلب المتشيعين المغاربة من مهاجري بلجيكا، الذين يتحدر أغلبهم من مدينة طنجة ونواحيها. وبعد التشيع السياسي، سوف يأتي التشيع العقدي، حيث سينهل المتشيعون المغاربة من كل المرجعيات التي يعج بها الإسلام الشيعي، ومنها خط المتطرف الكويتي، الشيخ ياسر الحبيب، الذي تتبناه “هيئة شيعة طنجة” والذي يعتبر أن سبَّ أبا بكر وعمر وعائشة يدخل في باب التعبد الذي يقرب الشيعي إلى ربه؛

3 – أما بالنسبة إلى جماعة الدعوة والتبليغ، التي ترفع شعار “الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وترك ما لا يعنيك (أي ترك السياسة)”، فقد تبين أن عددا مهما ممن انتموا إليها لم يعودوا مقتنعين بحيادها السياسي، واتجهوا نحو تيارات السلفية الجهادية. ووحدها تقارير أجهزة الاستخبارات، التي يمكن أن يفرج عنها في القادم من السنوات، يمكن أن تبين لنا كيف تم إبعاد هذه الجماعة الكبيرة إلى مدينة صغيرة كالقصر الكبير، وما إذا كان في الأمر نوع من تجريب هذا “الإسلام” الذي تم استقدامه من الشرق في سياق تطويق ومحاصرة المد اليساري العلماني أواسط السبعينيات، بعيدا عن المركز؛

4 – هناك معطيان آخران يجب أن يؤخذا بعين الاعتبار: الأول يتعلق بالاحتقان التاريخي بين سكان الشمال ونظام الحكم بالمغرب، والذي توطن عبر محطتين أساسيتين: القمع الشرس لانتفاضة 1958 – 1959، ووصف الحسن الثاني لسكان الشمال بالأوباش في الخطاب الذي أعقب انتفاضة 1984، الشيء الذي يجعل الشمالي معارضا بـ”الفطرة” للاختيارات الرسمية؛ أما المعطى الثاني فيتعلق بالتغيير الكبير في النخب الشمالية التي تحولت من نخب مثقفة إلى نخب أفرزها التهريب بصفة عامة، وتهريب المخدرات خاصة، مع ما أكده عددٌ من التقارير عن العلاقة بين “الجهاديين” وتجار المخدرات، وما أبانت عنه دراسات سابقة عن العلاقة بين الاختيارات الدينية المتطرفة واستهلاك المخدرات.

‫تعليقات الزوار

7
  • غير دايز
    الثلاثاء 27 يناير 2015 - 07:49

    اذا كانت للمدن الكبرى ضواحيها التي تتميز بالفقر والهشاشة والتهميش وانتشار الجريمة المنضمة والغير المنضمة, فان للدولة المغربية ضاحيتها التي هي منطقة الشمال. في كل دول العالم, وفي كل دولة على حدة, نجد شمالها متقدم على جنوبها, الا المغرب فانه يشكل استثناء. فرغم الاستثمارات التي عرفتها مدينة طنجة في السنوات الاخيرة, الا انها تعتبر مجرد بنية تحتية لاستثمارات المركز (محور القنيطرة-اسفي), لان عوائد الاستثمار لا تعود بالنفع على ابناء المنطقة.
    على سبيل المثال لا الحصر: في التسعينات من القرن الماضي, اقترضت جماعة بني مكادة مبلغا ضخما من صندوق دعم الجماعات المحلية التابع لوزارة الداخلية, من اجل اصلاح طريقين رئيسين. بعد تقديم العروض, وقع الاختيار على مقاولة من المركز واقصيت المقاولات المحلية. حتى العمال اتت بهم هذه المقاولة من خارج المنطقة. يعني ان هذا المبلغ المقترض بقي في المركز ولم تستفد منه المنطقة ولو درهم واحد.
    خلاصة القول هي ان الدولة تتعامل مع منطقة الشمال كما انها مستعمرة. فلا تستغربوا ان اخطار ابناؤها طريق التطرف والارهاب والاجرام بشتى انواعه.

  • هشام
    الثلاثاء 27 يناير 2015 - 11:59

    معلومة أخرى خطيرة وهي أن الحراك الشعبي لما سمي ب 20 فبراير هدأ في وقته في كل المدن المغربية باستثناء طنجة التي كانت اخر مدينة يفتر فيها الحراك وكان الخروج الشعبي نوعي سواء من حيث الكم او الكيف أغلبه اسلامي من تيارات العدل والاحسان وهلم جرا ، هل استطاعت الاجهزة الرسمية المركزية التقاط هذه الرسالة وايجاد الحل لها مستقبلا
    طنجة مدينة فاسدة بامتياز ويمكن اكتشاف ذلك بسهولة في المحاكم الابتدائية والاستئناف والمقاطعات الامنية والادارية وقطاع التعمير ،وأخ الياس العماري عمدة المدينة كالاطرش في الزفة لا يعرف في المسائل الحساسة والمنصب اكبر منه بكثير ،في الكليات والجامعات الطنجاوية النقط والماستر يباع ويشترى بالعلالي ما يفرز شبابا حاقدا ونوعية التعليم العمومي رديء لا ينتج الا العطالة

    على الدولة ان تتحرك قبل فوات الاوان لضبط الامور في طنجة والفنيدق والمضيق وتطوان وخصوصا في هوامشها ،ليس بتفريق البقع الارضية وسياسة اليد الناعمة لكن بمقاربات ذكية والنزول بقوة لتجفيف منبع الارهاب وضربه بكل حزم ،الان وليس غدا

  • abderrazzak
    الثلاثاء 27 يناير 2015 - 14:14

    شكراً أستاذ على هذا المقال.ونتمنى أن تكتب لنا ما هي إجابيات الحركات أﻹسلامية في الدور السياسي في المغرب

  • arsad
    الثلاثاء 27 يناير 2015 - 20:47

    ارى ان كل من الارهاب والمخدرات والعصبات كلها تصنع تحت عيون المخبرات في المغرب كما في جميع الدول التي لا تملك حكمات دات مؤسسات نزيهة او ديمقراطية نزيهة لنعود الى بداية انتشار الحشيش في المعرب هذه المخدرات قد بدأت في مناطق كانت خاضعة للتسيير من طرف جهاز امني اتضح ان الكثير من عناصره هي من كانت تروج لهذا النوع من السموم وكان اباطرة المخدرات يتجولون ويمارسون تجارتهم بكل حرية في المناطق الخاضعة لتسييرهم والى يومنا هذا مزال هناك بعض التساهل مع كبار الاباطرة بحكم مكانتهم الاقتصادية اذ يلاحض ان الكميات التي يتم حجزها تكون مرقمة وعلى اكياسها بعض الرموز الخاصة بالعصابة ليتم اخبار صاحب البضاعة بان امره قد كشف وعليه ان يتورى او ان يغادر البلاد الى حين ولعلا التكتم عن اسماء اصحاب الاطنان التي يتم حجزها وعدم القاء القبض الا على الوسطاء ليقضوا عقوبات قصيرة تنتهي بعفو لدليل على تورط اجهز امنية في تكوين كل ما له علاقة بالاجرام من ارهابيين ومفيات وجمعات والجهل والفقر وكل ما له صلة بالتخلف .

  • Hard Talk
    الأربعاء 28 يناير 2015 - 13:45

    اوجب واجبات الدولة و بالاخص اعلى سلطة في البلاد هو القضاء على التشيع و تجفيف منابعه تماما لانه اخطر حتى من المخذرات و الا سيصعب القضاء عليهم في المستقبل و يصيرون بمتابة حزب اللاة في لبنان. مع الاسف الدولة لا تتوفر على بعد النظر و ستندمون. والى كاتب المقال اقول, لا وجود لشيء اسمه الاسلام الشيعي, الاسلام هو القران و سنة نبيينا صلى الله عليه و سلم و نحن سنيون لاننا نتبع سنة نبينا عليه الصلاة و السلام. " من رغب عن سنتي فليس مني". حديث شريف.
    و هل من يشتم امنا عائشة و الصحابة مسلم? هذا ما يفعله الشيعة الكفرة.

  • sara
    الأربعاء 28 يناير 2015 - 21:09

    Discours raciste. du n'importe quoi. Qu'en est il de ceux du sud notamment igdiz.et du fes, , Meknèssidi mouman casablanca, berkane,Marrakech. …il s'agit d'un extrémisme qui entache tt le territoire et non pas uniquement le nord . désolé mais vos informations sont injuste et erronées

  • هواجس
    الأربعاء 28 يناير 2015 - 22:36

    لو كان للمخدرات علاقة بالجهاد لكانت كتامة قبلة الجهاديين قندهار او موقاديشو اخرى، هذا اذا اعتبرنا الكيف مخدرا ، فما لا يجب ان تغفلة ، ان الكيف ومشتقاته في كتامة ونواحيها يقوم مقام السجائر في باقي المدن المغربية ، يُستعهلك بشكل يومي ومنتظم على مدار الساعة ، اظف الى ذلك الموقف السلبي للاسلاميين ، على مختلف تلويناتهم ، من التدخين بكل اشكاله وانواعه وبالاحرى المخدرات ، وحسب اخصائيين فان مخدر الكيف او الشيرا تأثيره على حركة وتفكير الانسان محدود ، التطرف الفكري والعنف الجسدي ليس من شيم المخدرين بالمخدرات الطبيعية اوالصناعية ، التخدير معناه فقدان الاحساس والعجز عن الحركة والجنوح الى الاسترخاء والراحة ، في حين ان الجهاد يستوجب يقظة جسدية وشعورية مندفعة ..
    تاريخ المخدرات في الشمال اسبق على ظهور الحركالت الجهادية مما يعني انها دخيلة على المنطقة وليست اصلية …فلا داعي للبحث عن اسباب التطرف في الشمال وانما خارجه وخارج المغرب عموما….وانت تعرف من اين تحديدا

صوت وصورة
المعرض المغاربي للكتاب بوجدة
الخميس 18 أبريل 2024 - 01:29

المعرض المغاربي للكتاب بوجدة

صوت وصورة
بعثة أسترالية تزور مركز "تيبو"
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 21:45

بعثة أسترالية تزور مركز "تيبو"

صوت وصورة
أكاديمية المملكة تنصّب أعضاء جدد
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 18:24

أكاديمية المملكة تنصّب أعضاء جدد

صوت وصورة
احتجاج أرباب محلات لافاج
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 17:32 7

احتجاج أرباب محلات لافاج

صوت وصورة
"كتاب الضبط" يحتجون بالبيضاء
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 15:07

"كتاب الضبط" يحتجون بالبيضاء

صوت وصورة
“أش كاين” تغني للأولمبيين
الأربعاء 17 أبريل 2024 - 13:52 1

“أش كاين” تغني للأولمبيين