الإعدام ليس هو الحل

الإعدام ليس هو الحل
الإثنين 2 مارس 2015 - 04:28

شاركت يوم الجمعة 27 فبراير 2015 في ندوة علمية من تنظيم الائتلاف المغربي لمناهضة عقوبة الإعدام، حيث كانت مناسبة للقاء ثلة من المناضلين الحقوقيين المناهضين لهذه العقوبة اللاإنسانية من مختلف ربوع العالم، وفرصة لتبادل التجارب والخبرات في كيفية المرافعة لإقناع المجتمعات بضرورة نبذ هذه العقوبة، وفي سبل الضغط على الحكومات من أجل التخلي عن الإعدام كوسيلة همجية للقصاص وتحقيق العدالة.

ورغم أن المغرب لم ينفذ عمليا عقوبة الإعدام منذ سنة 1993، حيث أنه لم ينفذها أصلا منذ الاستقلال سوى في 41 حالة كانت 38 منها في أحكام سياسية، فإن المغرب لم يجرؤ بعد على الإلغاء النهائي لهذه العقوبة من قانونه الجنائي، ولازال القضاة يحكمون بها في بعض القضايا، دون أن تقوم السلطات المختصة بالتنفيذ الفعلي لتلك الأحكام، ما يجعل المحكومين والمحكومات بالإعدام يعيشون مأساة إنسانية حقيقية في حي الموت بالسجون التي تحتجزهم، وهم ينتظرون بين الفينة والأخرى فتح أبواب زنازينهم لتنفيذ الحكم في حقهم، وهو الانتظار القاتل الذي يدوم سنوات وسنوات.

وقد صار هذا التردد يطرح أكثر من علامة استفهام حول المسار الذي ستتخذه الدولة في هذا المجال، خصوصا بعد أن امتنع المغرب عن التصويت مرتين متتاليتين نهاية سنة 2014 لصالح مشروع قرار بإعلان وقف اختياري رسمي لعقوبة الإعدام، تم تقديمه في اللجنة الثالثة للجمعية العامة للأمم المتحدة، وهو ما يتعارض تعارضا سافرا مع الفصل العشرين من دستور فاتح يوليوز 2011، والذي ينص صراحة دون أدنى لبس أو قابلية للتأويل على أن الحق في الحياة هو أول الحقوق لكل إنسان، وأن على القانون حماية هذا الحق.

ويبدو أن هناك في أجهزة الدولة من لم يقتنع بعد بعدم جدوى هذه العقوبة في تحقيق الردع المطلوب لمكافحة الجريمة، معتقدين أن الإبقاء على عقوبة الإعدام هو مؤشر على وجود دولة قوية وحاسمة في مواجهة المجرمين، خصوصا في زمن صار فيه الإرهاب يشكل تهديدا كبيرا على سلامة المواطنين وأمن واستقرار الدول. وهذه النظرة المحافظة يبدو أنها تعززت مع ترؤس حزب العدالة والتنمية للحكومة، الذي يستند في دفاعه على الإبقاء على هذه العقوبة على فهم متشدد للدين، لا يختلف في شيء في هذه النقطة بالتحديد عن فهم تنظيم “داعش” لبعض نصوص القرآن وأحاديث النبي (ص)، وهو ما يجعل هذا التنظيم الإرهابي يلجأ إلى إعدام خصومه بدم بارد وكأنهم مجرد حشرات.

والحقيقة أنه لا توجد أية دراسة تؤكد أن عقوبة الإعدام تساهم بشكل فعال في حماية المجتمع من الجريمة، ولا يوجد أي دليل قاطع يبين أن هناك ثمة تأثير رادع لهذه العقوبة على سلوك المجرمين، وهو الشيء الذي يسنده الواقع وتؤكده التجربة. فبلدان مثل جامايكا وأوغندا وولاية لويزيانا في الولايات المتحدة الأمريكية رغم أنها من أكثر أن أنظمة العالم تنفيذا للإعدام، فإنها كذلك من أكثر بلدان العالم في معدلات جرائم القتل. ودول مثل السويد والدنمارك والنرويج حيث لا توجد هذه العقوبة، فإن مواطنيها من أقل المواطنين عبر العالم تعرضا لسادية القتلة والمجرمين. كما أن اعتماد دولة مثل اليمن على هذه العقوبة بشكل كبير، لم يمنع انهيار هذا البلد، وهو ما يدحض تلك الفكرة القائلة بأن عقوبة الإعدام هي مؤشر على وجود دولة قوية وحاسمة.

وإذا كان البعض لا يتورع عن الاستشهاد ببعض النصوص القرآنية أو الأحاديث النبوية، لتبرير تشبثه بالإعدام كعقوبة لبعض الجرائم، فهذا البعض فئتان. فئة أولى تقوم بذلك بنية حسنة مدفوعة بجهل صحيح الدين، حيث تسوق هذه الفئة تلك النصوص خارج سياقها ودون استيعاب سبب نزولها، وتقف عند “ويل للمصلين” لتبرير موقفها الذي يحل قتل الناس وقبض أرواحهم، وهو الفعل الذي تعتبر كل فطرة سليمة أنه يجب أن يكون حكرا على الله سبحانه وتعالى. أما الفئة الثانية فهي فئة تلوي عنق النصوص الدينية، عامدة متعمدة، وهي تفعل ذلك بدوافع سياسية، حيث لا غرض لها من الإبقاء على الإعدام سوى التلويح به في وجه خصومها السياسيين، واستعماله لقطع أعناقهم في الوقت المناسب.

وكم هو رائع أن تلتقي بشخصية مثل السيدة سعاد الخمال رئيسة الجمعية المغربية لضحايا الإرهاب، والتي فقدت زوجها المحامي عبد الواحد الخمال وابنها الطيب الخمال في العمليات الإرهابية التي ضربت مدينة الدار البيضاء بتاريخ 16 ماي 2003، ورغم ذلك فهي رفضت تطبيق عقوبة الإعدام في حق القاتلين، ولم تنسى وهي تناضل من أجل مكافحة الإرهاب، أن تناضل أيضا من أجل الحق في الحياة ومن أجل مناهضة عقوبة الإعدام، وهو الدرس الذي ينبغي أن يصل إلى الكثير من أنصار هذه العقوبة اللاأخلاقية واللاإنسانية، الذين يتعللون بحق أسر الضحايا في القصاص، وكأن قتل القاتل سيعيد القتيل.

-رئيس مركز الحريات والحقوق

‫تعليقات الزوار

9
  • مشاكس
    الإثنين 2 مارس 2015 - 06:36

    شكرًا أستاذ على هذا الموضوع … الإعدام عقوبة قاسية و بشعة و لكن في حالة واحدة هي إذا كان المدان بريئ ( من وجهة نظري فقط ) ، يستند مناهضو عقوبة الإعدام على حقوق الإنسان ، لدى اسمحوا لي أن أعود للتاريخ ، ففرنسا ( مهد حقوق الإنسان ) أعتقد أنها قد حطمت الرقم القياسي في عمليات الإعدام خلال فترة الجمهورية الأولى ( جمهورية روبسبيير الإرهابي )، علما أن تلك الجمهورية أسست بعد ثورة 1789 التي قدمت للعالم ما يعرف بحقوق الإنسان ، طبعا ظهرت أصوات خلال القرن التاسع عشر بفرنسا ترفض تلك العقوبة جسدتها بعض الروايات ، و لكن على أرض الواقع ظلت فكرة إلغاء الإعدام ضربا من الطوباوية ، و استمرت فرنسا في إرسال المدانين إلى المقصلة إلى حدود الستينات على ما أعتقد .
    السؤال ما المغزى من كل هذه المعطيات التاريخية ؟؟ أترك لكم الإجابة .
    آخر شئ أضيفه و عذراً على الإطالة ، هو أني أقطن بحي شعبي و كثيراً ما أسمع التهديدات التي يطلقها المنحرفون : " و الله حتى نقتلك و ناخد شي 20 عام و لا 15 " …

  • AntiYa
    الإثنين 2 مارس 2015 - 06:43

    هل يوجد عاقل يمكنه فرز التناقض في كلامك هذا : "ويبدو أن هناك في أجهزة الدولة من لم يقتنع بعد بعدم جدوى هذه العقوبة في تحقيق الردع المطلوب لمكافحة الجريمة، معتقدين أن الإبقاء على عقوبة الإعدام هو مؤشر على وجود دولة قوية وحاسمة في مواجهة المجرمين، خصوصا في زمن صار فيه الإرهاب يشكل تهديدا كبيرا على سلامة المواطنين وأمن واستقرار الدول. وهذه النظرة المحافظة يبدو أنها تعززت مع ترؤس حزب العدالة والتنمية للحكومة، الذي يستند في دفاعه على الإبقاء على هذه العقوبة على فهم متشدد للدين، لا يختلف في شيء في هذه النقطة بالتحديد عن فهم تنظيم الدولة الإسلامية لبعض نصوص القرآن وأحاديث النبي (ص)، وهو ما يجعل هذا التنظيم الإرهابي يلجأ إلى إعدام خصومه بدم بارد وكأنهم مجرد حشرات". إن لم تكن من ضحايا المجرمين الذين أخذوا منك نفسا عزيزة، فلا حق لك في التنظير!!!

  • benben
    الإثنين 2 مارس 2015 - 09:33

    99 في المائة من الشعب هو مع تطبيق عقوبة الاعدام على المجرمين الخطيرين الا بعض تجار العلمانية و الحداثة الذين يتلقون التعليمات من اسيادهم في الخارج …. فهم يناصرون التفكك الاسري و السياحة الجنسية و الشذوذ الجنسي باسم الحريات الفردية ….لكن بالمقابل يعارضون الزواج الشرعي للقاصرات و اصدار احكام قاسية و رادعة علئ المجرمين لكي يعيش المجتمع في حالة من الرعب الدائم بين مكوناته……………
    لم ياخذوا من الحداثة الا سلبياتها …..للاسف ///////////
    المرجو النشر….

  • كلمة
    الإثنين 2 مارس 2015 - 12:30

    الى المسمى benben كيف عرفت ان 99في الماة من المغاربة هم مع حكم الاعدام الا تعرف ان دول شمال افريقيا ومنها المغرب هي البلدان الاسلامية الوحيدة التي لا يوجد بها مفهوم الثار بعكس دول المشرق اذن رجاء لا تتحدث باسم المغاربة فلا احد كلفك باصدار احكام باسمهم اما قولك ان العلمانيين يناصرون التفكك الاسري فهو كلام مردود عليك لان اغلب العلمانيين في المغرب يعيشون حياة هادئة ولهم اسر بها زوجة واحدة وابناء وليس كبعض الاسلاميين الذين يعيشون وسط اربع او ثلاث او زوجتية كانه في زريبة واعتقد لكن لا اجزم ان حياته ومن معه من "زوجات" وابناء هي حياة سوية مادامت تحكمها الغيرة والحقد الدفين بين الزوجات وابنائهن رغم انهم لايعبرون عنه جهرا اما السياحة الجنسية فليس للعلمانيين اي دور فيها لانها مرتبطة بالجشع الراسمالي لمالكي الفنادق واغلبهم متدينون وحكومة الاسلاميين لم تتخذ اي اجراء لمنعها بعض تجار الدين يخافون من العلمانية لانها التي تعري فساد وكساد تجارتهم التي توصلهم الى السلطة والجاه اما الدين فهو آخر ما تفكرون به لان اخلاقكم تبين فعلا انكم لا تصلحون للدنيا ولا للدين وسلاحكم هو الكذب والتكفير ث الارهاب

  • المغتربة
    الإثنين 2 مارس 2015 - 12:49

    تعطي مثال باليمن الذي يقترب ادا لم نقل من حرب اهلية و لمذا لا تعطي المثال بدول الخليج التي يطبق فيها الاعدام كم مرة نسمع احدهم قتل شخصا نادرا
    لان اولا عدم وجود المخدرات بكافة انواعها وثانيا تطبيق القصاص

    خصوصا في القتل من قتل يقتل و انتهى الامر
    و الاغتصاب في دول الخليج من اغتصب طفلا يقتل الا يريح القلب مثل هذه العقوبات

    ونحن ننسى كل شيء وندافع على حقوق المجرمين
    الاعدام حلا جذريا لمن يريد ان يعيش في امن وامان

  • و محمد
    الإثنين 2 مارس 2015 - 14:47

    ما هو البديل في نظركم .عشنا وعرفنا ما يمكن ان يقوم به اشخاص اعمى الطمع ابصارهم .لو لم يعدم تلة من الخونة في عهد المغفور له الحسن التاني لكنا نعيش الان راكعين تحت ارجل العساكر.ضابط عات فسادا في الارض لم تسلم من جبروته لا قاصر ولا متزوجة وضحاياه كانوا بالعشرات ما الحكم الدي ترونه مناسبا لجرائمه.اتقوا الله .

  • bidaoui
    الإثنين 2 مارس 2015 - 17:42

    قتل القاتل لن يعيد القتيل لكنه سيشفي غليل أسرة ذلك القتيل و سيطفئ نارها و و سيثأر لها في فلذة كبدها . لن تحس بما أقوله لأنك لست معنيا بالأمر.. قتل القاتل عملية رادعة للجريمة و هي الحل الأمثل للقضاء على كل من سولت له نفسه في ارتكاب جريمة ما …بغض النظر عن الدين و أحكامه …ما رأيك با بن ذبح أمه المسكينة فقط لأنها رفضت أن تعطيه ثمن "جوان"??? أين حقها في الحياة ؟؟ شخصيا أتمنى أن يعلق فوق عمود و يظل هنالك حتى تجف دمائه ليكون عبرة للآخرين

  • Nabilov
    الإثنين 2 مارس 2015 - 23:53

    les actes barbares et de torture tels que "enterrer une personne vivante ou l'incendier ne peuvent être réprimés que par la peine de mort, celui ou ceux qui réclament l'abrogation de la peine capitale sous prétexte que le droit à la vie est un droit constitutionnel auquel nulle personne ne doit y déroger je leur dis pensez aux victimes qui ont souffert lors de leur tortures et aux douleurs auxquelles elles on été exposées sans pitié ni clémence ,vous préférez donner la vie aux criminels et la ôter aux citoyens.
    en fin, cessez messieurs votre hypocrisie car pour donner une bonne image du pays aux occidentaux ne passe pas forcément par l'adoption d'un choix qui aurait des conséquences néfastes sur la paix sociale,il faut dés lors appliquer l’exécution capitale car le taux de de la criminalité augment de jour en jour

  • chouf
    الثلاثاء 3 مارس 2015 - 06:52

    السخرية الاعدام يريد لو طبق على الذين يسرقون اموال الشعب بالعلالي.ذوك الذي يجوز فيهم الاعدام.والذين يبنون عمارات مغشوشة ويبيعون الوهم للمغاربة وزيد اوزيد اللائحةطويلة طويلة.يحي الملك اللهم علم جهلنا وبصرنا بعيوبنا امين

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 4

وزير النقل وامتحان السياقة

صوت وصورة
صحتك النفسانية | الزواج
الخميس 28 مارس 2024 - 16:00 3

صحتك النفسانية | الزواج

صوت وصورة
نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء
الخميس 28 مارس 2024 - 15:40 1

نقابة الممرضين تعتصم بالبيضاء

صوت وصورة
ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال
الخميس 28 مارس 2024 - 15:00 3

ما لم يحك | البصري وتبذير الأموال

صوت وصورة
الأمطار تنعش الفلاحة
الخميس 28 مارس 2024 - 13:12 3

الأمطار تنعش الفلاحة