المؤسسات الإسلامية بين واقع النشأة وآفة التقليد

المؤسسات الإسلامية بين واقع النشأة وآفة التقليد
الخميس 26 مارس 2015 - 09:25

تعتبر المؤسسات الإسلامية في الغرب القلب النابض للأقليات المسلمة و مقياسا لازدهارها وإشعاعها أو معيارًا لتأخرها و مرضها. فالدور الذي تقوم به هذه المؤسسات من شراء مباني ضخمة لإقامة المساجد و المراكز الإسلامية و المدارس الأسبوعية سواء القرآنية منها أو لتعلم اللغة العربية أصبح دورا روتينيا لم يخرج على نطاق التقليد و يفتقر إلى الإبداع المطلوب سواء في الأداء أو في المهام أو في الدور أو في المهمة الأساسية لتواجد هذه المراكز و التي من المفروض أن تكون مراكز إشعاع يشع منها نور الإسلام بكل أشكاله و على رأسه دعوة غير المسلمين للتعرف عن هذا الدين خصوصا و أن التشويه بدأ يلحق به عبر الكثير من الجهات بل حتى أن هذه المراكز لم ترقى لمستوى الدفاع المطلوب و لم ترقى حتى لمستوى إبداع طرق جديدة وحديثة للتعريف بالإسلام بل لم ترقى حتى لمستوى الحفاظ على رأسمال الجاليات المسلمة و اقصد بها شباب الأجيال الصاعدة والتي تاهت بين التعصب أو الانحراف أو اللامبالاة خصوصا و أننا نسمع في غالب الأوقات أن بعض الأعمال الإجرامية و الإرهابية مصدرها تردد الشباب على هذا المركز الإسلامي أو ذاك أو مصدرها بعض الأحياء المجاورة للمراكز الإسلامية في سياق واضح على أن هذه المراكز لا تقوم بدور يذكر بتأطير الشباب أو احتضانهم بل أن المصيبة هي أن بعض المراكز الإسلامية أصبحت أسماؤها مقرونة بالإرهاب أو بالتحريض على الأعمال الإجرامية و الإرهابية بل وأصبح بعض أئمتها ممن يحرضون على الكراهيةحسب بعض المنابر الاعلامية الغربية و الابتعاد عن مقدسات الإسلام من رحمة و حب للغير ومحبة الجنة للجميع و غير ذلك في صورة واضحة أن هذه المراكز تعيش أزمة حقيقية في معرفة مهمتها داخل المجتمعات الغربية.

ولعل الأسباب وراء هذه الأزمة الأخلاقية و المعرفية التي تعاني منها المراكز الإسلامية في بلاد الغرب مع وجود بعض الاستثناءات هي :

أولا: التقليد الأعمى سواء في النشأة أو في المهام حيث نجد أن الجاليات المسلمة تقوم بشراء المباني الضخمة لإقامة الصلوات الخمس و الجمع و بعض أنشطة تعليم اللغة العربية و القرآن الكريم و لربما بعض المحاضرات أو الندوات بين الفينة و الأخرى و حتى ليست بلغة القوم المفهومة بل باللغة العربية التي لا تفهمها الأجيال الصاعدة و بين هذه الروتينية المتشابهة في أغلب بلدان المهجر ضاعت القيم و الرسائل و التي نحن من أجلها متواجدين في هذه البلدان فالإسلام لم ينتشر بالسيف و إنما انتشر بالأخلاق و هي الحلقة المفقودة في قيمنا.

فالأجيال الصاعدة لا تحتاج إلى الكم و المساحة بقدر ما تحتاج إلى النوعية، نوعية الخدمات المقدمة و التي لا ترقى بالإطلاق لتطلعات الأجيال الصاعدة بل حتى أن بعض المراكز لا تجد فيها أثرا للشباب لا من حيث روادها ولا من حيث إدارييها في تجسيم واضح للقطيعة بين الأجيال .

ثانيا: عدم وجود استراتيجيات واضحة تحمل القيم و الرسائل و الأهداف من هذه المؤسسات و المراكز و تحويل هذه الاستراتيجيات لبرامج و مشاريع قابلة للتنفيذ و حتى لو تواجدت فهناك نقص في الأطر التنفيذية لهذه الاستراتيجيات.

ثالثا: عدم إخضاع هذه المؤسسات للتشخيص الداخلي و الخارجي و أقصد هنا إخضاع المؤسسة أو المركز لتقييم شامل إما سنوي أو مرحلي لمعرفة نجاح أو عدم نجاح هذه المؤسسة في مهمتها. و لما لا أن نخضع المؤسسات لبطاقة الأداء المتوازن كما تفعل كل المؤسسات العالمية سواء التجارية منها أو ذات النفع العام.

رابعا: ضعف مهارات قيادات هذه المؤسسات و المراكز في اتخاذ القرارات و مواجهة التحديات.

خامسا: استشعار الخطر و استهلاله قبل الوقوع في الأزمات لان التعامل مع المشكل ليس هو التعامل مع أزمة.

و في غياب شبه تام لهذه المعايير و الاستراتيجيات التي من المفروض أن تقوم عليها المؤسسات و المراكز الإسلامية التي تخدم الجالية المسلمة و أبنائها تبقى المساعدات المالية و الاقتصادية الوافدة على العديد من المؤسسات و المراكز الإسلامية غير كافية دون اقترانها باستراتيجيات واضحة و إخضاع هذه المشاريع و أهدافها التي تصرف عليها الأموال الطائلة لبطاقة الأداء المتوازن أو ما يمكن تسميته ميزان تقييم الأعمال.

-رئيس المنتدى الدانمركي المغربي

‫تعليقات الزوار

3
  • حنون تركي
    الخميس 26 مارس 2015 - 09:49

    نحن لا نفهم تعبيرات مثل "المؤسسات الاسلامية" و "الفكر الاسلامي" و "الشريعة الاسلامية" الخ لان هذا مثل هذه التعبيرات الخاوية تشل الفكر و تفقد اي شيئ معناه الحقيقي الخ- و ما يطلق عليه "صفة اسلامي" هو خاذع و هدفه التعتيم و التلفيق و البهتان و نشر ديماغوجية و البلادة العليا- الحقيقة هي اننا امام بشر عاجزون عن اللحاق بركب الحضارة و العلم الحق و تراهم يحاولون عبثا نسف المجهود البشري الحقيقي و ارجاعه الى الوراء و الى انظمة عثيقة بالية فارغة و الى لغة شغلها الشاغل هو التلفيق و اخفاء الحقيقة اي الكذب و تزوير الحقائق التاريخية و العلمية بصلافة مذهلة -سبب التخلف يعود إلى تغلغل ثقافة دينية, أى أنماط ونهج تفكير وطرق معالجات ذهنية وسلوكيات ومن هنا يتأسس كل العوار والخلل، فلا أمل فى أى تقدم وتطور بدون مواجهة حقيقية للموروث الثقافى الذى يؤصل التخلف فى منهجية حياتنا , فإغفال فعل الثقافة الدينية فى التأثير وإهماله كتناقض رئيسى جدير بالمواجهة هو من الأسباب المساهمة فى حالة التردى ليتم تشويش البوصلة بتصعيد التناقضات والقضايا الثانوية الإجتماعية والسياسية كقضايا رئيسية بديلة

  • saccco
    الخميس 26 مارس 2015 - 10:15

    لشراء مباني ضخمة وبناء مساجد ومراكز إسلامية ومدارس وتمويلها في عمق اروربا وباقي القارات يحتاج الى أموال ضخمة جدا ومن هو القادر على دفع هذه الاموال ؟ طبيعي إنه البترودولار وفقط العربية السعودية وقطر تنفقان الملايير من الدولارات في هذا الميدان، فمن يدفع أكثر يبسط هيمنته أكثر فلا عجب إذن ان تصبح اروربا مرتعا للتطرف الديني ولاغرابة ان تصبح مُصدّرة لشباب متشبع بالفكر الارهابي الى مختلف بقاع التوتر

  • ahmed arawendi
    الخميس 26 مارس 2015 - 17:27

    فاقد الشئ لا يعطيه
    إذاكانت الثقافة و المؤسسات الدينية(اتحفظ هنا على مصطلح مؤسسة) في وطنها الاصلي وعبر14 قرنا صبتا اهتمامهما على:
    خدمة الغيب
    ادخال المجتمع في boucle مغلق يعيد نفسه الى ما نهاية
    تسييج المجتمع حتى لا يصاهر دما مغايرا للدم التراثي
    إخضاع العقل للنقل
    إخضاع الانسان للله
    فلماذا,بسحر ساحر,سوف تغيران حدوهما?
    مهمة االدين هي اعادة انتاج نفسه اي الاحتفاظ بالسلطة داخل الطبقات التي تشتغل و تتدرع بالدين.
    ليست مهمة الدين خدمة البشرية
    و حتى البعثات الدينية في الخارج ما هي الا عملية دركية حتى لا يصبح المسلمون فرنسيين او هولانديين اي ان يهجروا صفة عبد الله مهرولين نحو المواطنة

صوت وصورة
احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية
الجمعة 29 مارس 2024 - 00:30 1

احتجاج تلاميذ ثانوية فرنسية

صوت وصورة
شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر
الخميس 28 مارس 2024 - 23:00 2

شهادات للتاريخ | العثماني بالجزائر

صوت وصورة
فواجع النقل المزدوج
الخميس 28 مارس 2024 - 22:15 3

فواجع النقل المزدوج

صوت وصورة
تقنين التنقل بالتطبيقات
الخميس 28 مارس 2024 - 19:55 11

تقنين التنقل بالتطبيقات

صوت وصورة
الفهم عن الله | إصلاح العيوب
الخميس 28 مارس 2024 - 18:00

الفهم عن الله | إصلاح العيوب

صوت وصورة
وزير النقل وامتحان السياقة
الخميس 28 مارس 2024 - 16:02 6

وزير النقل وامتحان السياقة