لماذا؟.. وهل للسؤال جنازة في سوسة؟

لماذا؟.. وهل للسؤال جنازة في سوسة؟
السبت 4 يوليوز 2015 - 17:46

بدت هذه ال “لماذا”؟ وقد كتبها زوج انجليزي على ورقة،في مسرح الجريمة، التي أودت بشريكة حياته بشاطئ سوسة بتونس، وألصقها بباقة ورد جنائزي ،كلل بها جبين الراحلة – ذات عشق لزرقة البحر الأبيض المتوسط ،وزيتون الخضراء ،وعتبات سيدي منصور- بدت وكأنها سلسلة جبلية تجثم على صدر الأمة الإسلامية كلها.

ما أثقلها ،وما أبلغها من إدانة لكل عصورنا التي أوهمت بالحرية في المعتقد،و بالاعتدال والوسطية،وقبول الآخر المختلف ؛وهي تعلم أن بعض ما لديها من متون، سلاح دمار شامل يمكن أن يقتل التاريخ ويطيح بالحضارة الإنسانية في أي منعطف ؛ليحرر الغيلان من أسرها ؛ويُؤَذن في الناس بالجز ،ووضوء الدم ،وصلاة الخوف..

سيدي ،رحم الله زوجتك التي لم نعرف –ونحن نرانا خير أمة أخرجت للناس- كيف نحميها ؛ليس من الغيلان والضواري والسباع والضباع،وإنما من رصاص طالب جامعي شاب ،أوهم الناس أنه يعشق ،مثلهم، البحر ،ويتمنى مثلهم الرقص مع الدلافين والحوريات .

تماما كما أوهمت الأمة ، بعشقها للحرية ،وأهليتها الحضارية ،واستعدادها لتسكن ،إلى الأبد، في المشترك الإنساني والكوني؛مدلية بتاريخ ،أكثر ما تعتز به فيه ،نشوؤه وارتقاؤه صوب الأصلح.

كَذَّبَتْ متونُ الدمار الأمة َ،لأنها بدل ارتكاب فضيلة التعقيم، اقترفت جريمة التخصيب؛ليولد من كل مسخ زوجان ،ويتفرق الشر إلى سبعين فرقة ؛رأيناها ونراها – ولا فرقة ناجية- في النار العراقية،السورية،الليبية ،اليمنية ،المصرية،الجزائرية ،وحتى التونسية.دون أن نغفل النسخ السوداء في القارة السمراء.

وكذَّبَتِ الطالبَ التونسي أنيابُ نصوص ضمآى للدم ؛وهو يرى اللحم البشري طريح الرمل ؛في استرخاء عذب يَنْظُمُه الموجُ الهادئ قصائدَ، من البحر الطويل، مُفعمة بالحياة.

نصوص من فقه الدم، اختزلت شرائع السماء كلها ،وقتلت كل التاريخ البشري.

يشتد الضما ،وما تبقى من دم في الجسد يكاد ينزف بعينين حمراوين ناظرتين إلى “الخليفة” البغدادي ؛هناك في خرائط الشرق؛حيث رسم أبشع لوحات الخراب ،وعرف كيف يستقطب لها كل جينات الإجرام العالمي، التي عاشت،متنكرة في التاريخ ،وبيننا ،مرتدية أجسادا نراها كأجسادنا ؛مفعمة بالحياة،السكينة،الوداعة ،وما شئتم من أقمصة تغرينا ألوانها.

تتعالى الأصوات ،ويصيح الخليفة؛كما صاح عمر في سارية : يارزقي الجنة الجنة.

يراها الشاب رأي العين، يكاد يدفعها بالراح ؛وتتدلى العذارى حتى يصرن قاب قوسين من كَبْته العشريني وركبتيه. يلامس الأصبعُ الزنادَ ويضغط. من له وقت للانتظار.

هو لا يسمع عويلا ولا لغوا ،وهو يلغ في شبق الجنة ،مخبولا خارج كل الأديان . هو لا يرى سوسة ،وإنما العروسة ؛سيدة أبكار الجنة الأربعين. هو لم يَسبَح أصلا في بحر؛حتى وهو يستعد للعرس؛بل في أنهار من لبن وعسل وخمور.

هو لم يفترش رملا بل زرابي مبثوثة. منذ تَلَبَّسَه مَس من بغداد، لم يعد هو هو ؛ذاك الشاب الذي رأيناه يرقص للحياة ،وللجنة التي تعني – من ضمن ما تعنيه ولا نعلمه- ما أودعه الله فينا من حب للخير لاينضب؛ نرتقي فيه مراقي حتى نصيرا قطرة حب في بحر من حب ونور.

سيدي ،ولا أعرف اسمك لأناديك به، هل عرفت الآن لماذا قتل عريسُ الدم عروسك؟

لم يقتلها من أجل خلافة الأرض،أو لسواد مُلك البغدادي، بل من أجل إشباع كبته ،وامتطاء شبقه إلى حد الثمالة القصوى.

ستة أشهر من التأطير الفقهي الايروتيكي؛ على خلفية بكثافة عشرين عاما من الحرمان ،كانت كافية لاقتراف مجزرة سوسة ؛ثم المضي ؛بعد التخلص من الجسد على قارعة الطريق ؛وفي دواوين الشرطة التونسية،وفضائيات العالم. تماما كما تخلص من هاتفه النقال ،بإلقائه في البحر،تخلص من جسده.

ابك ابك أيها الانجليزي الطيب ،واطرح ما شئت من أسئلة، فلن يسمعك لا رزقي ولا أمثاله ،هناك في خرائط البغدادي.

بل لن يسمعه حتى بعض الشباب الانجليزي ،من التواقين إلى كل هذه الألف جريمة وجريمة، التي تقع في أجواء وسحر الألف ليلة وليلة التي تعشقون.

طبعا لن تستطيع تشييع السؤال إلى مثواه الأخير ؛فهو كل ما بقي لك في الحياة؛وسيظل يذكرك برحلتكما إلى شاطئ سوسة ،حيث أجبرتما على الفراق؛ لأن شابا تونسيا ؛بل عصورا من الانحطاط الفقهي والحضاري لأمة، كانت لها حسابات أخرى.

غدا حين نعبر حروبنا من أجل الجنة ،كما عبرتم، سيلتقي أحفادنا بأحفادكم في شاطئ سوسة من جديد؛لنتحدث عن جنة العمران البشري ،وليس الخراب؛وزمنها لن يقتل الشاب التونسي،مرة أخرى، عروس الانجليزي من أجل سيدة أبكار الجنة.

Ramdane3.ahlablog.com

‫تعليقات الزوار

4
  • مواطن مغربي
    السبت 4 يوليوز 2015 - 20:46

    هناك في خرائط البغدادي ، ثم في زمن ما القريب منا كان هنالك خرائط نابليون وبوش وأوباما وخرائط أخرى لأشر مخلوقات الأرض التي دمرت وأبادت الزرع والدرع في كل شبر من الدنيا التي أزهقت فيها ملايين من أرواح الزنوج والعرب في حروب سالت فيها أودية من الدماء وتشظت فيها الأرواح من الناس حتى بلغت الى دنيا عمي سام.
    من هو ذاك الكائن الحاذق الذي سيفك لغز خرائط البغدادي؟ ليس أنت يا سيدي الكريم. من سيفك لغز خرائط البغدادي هو من صنعها يا سيدي، لأننا في هذا العالم الصغير الذي يتباكى فيه الكبيرالصغير يعجز حتما أن يفهم ما يدور في تونس وفي غيرها من دنيا العرب ودنيا الأغيار الأقوياء.
    اننا العرب المسلمين كويئنات في حجم الميكروبات التي لا ترى لا ندرك البتة ما يدور حولنا ، فكأن أرواح العفاريب الغريبة هي التي تفعل ما تشاء من أفاعيل وتصنع خرائط لنا ولغيرنا حاضرا ومستقبلا، أما نحن الكائنات المستضعفة فلا حول ولا قوة لنا الا أن نتباكى ونصنع المآتم لمن نحرنا وشتت شملنا وهدم ديارنا وحول وجهة نظرنا ، فهو يريد فعلا أن يغير جغرافيتنا وتاريخنا ومسارنا ويزعم من ثم أنه صانع الحضارات والديانات والثقافات، ثم يأمرك بأن تقف عند

  • محمد هكو
    الأحد 5 يوليوز 2015 - 11:04

    " لماذا " كم هي بليغة حقا و كم هي محرجة "لنا" نحن العرب و المسلمين –
    هذه اللماذا التي يستعملها العقلاء لرفع اللبس و اضفاء المعقولية – المعنى –
    على الاشياء و التصرفات – ولكن يبدو ان " العقلية " (وليس العقل) الارهابية
    لا تعرف معنى لذلك

  • منا رشدي
    الأحد 5 يوليوز 2015 - 13:08

    " لماذا " هذه تساوي في وقعها ( لتكونوا شهداء على الناس ) !!! يعني " العربي بازوكا " الذي قضى كل عمره في اللعب يشهد على " ديكارت " و" باسكال " و " نيوتن " و " بيل غيت " و " أمسترونغ " … !
    تونس شعب لم يطرح على نفسه إلى حد الساعة سؤال " من أكون " ! ليعلم أين يتجه !

  • arsad
    الأحد 5 يوليوز 2015 - 17:22

    ولا يازال الذين كفروا تصيبهم بما صنعوا قارعة او تحل قريبا بدارهم .
    الذين كفروا من المسلمين المكرسين للاستبداد والضلم والذين كفروا من اهل الكتاب الذين يبعون ويشترون في الموت السلاح من صنعهم والتنفيد من عندنا لا لوم على القاتل او المقتول فكلهم موتى ولكن اللوم كله على من يبيع الموت ومن يصنعها ومن يسوق لها من هو البغدادي ومن هو بلادن ومن هو بوش ومن هو بيغن كلهم واحد اعداء الانسانية ولهم جنود مثلما لابليس جنوده وهم كلهم من هؤلاء.

صوت وصورة
سكان مدينة مراكش بدون ماء
الثلاثاء 19 مارس 2024 - 01:05 3

سكان مدينة مراكش بدون ماء

صوت وصورة
خارجون عن القانون | عواقب عقوق الوالدين
الإثنين 18 مارس 2024 - 23:30

خارجون عن القانون | عواقب عقوق الوالدين

صوت وصورة
كاريزما | حمزة الفيلالي
الإثنين 18 مارس 2024 - 22:30 1

كاريزما | حمزة الفيلالي

صوت وصورة
خيوط البالون | المقلب الأخير لري تشيكوني
الإثنين 18 مارس 2024 - 22:00

خيوط البالون | المقلب الأخير لري تشيكوني

صوت وصورة
رمضانهم | أجواء رمضان في روسيا
الإثنين 18 مارس 2024 - 21:30

رمضانهم | أجواء رمضان في روسيا

صوت وصورة
ابراهيم دياز يصل إلى المغرب
الإثنين 18 مارس 2024 - 18:09 17

ابراهيم دياز يصل إلى المغرب